واصلت أسعار الذهب والفضة تراجعها اليوم الأربعاء، بعد أكبر موجة بيع تشهدها سوق المعادن الثمينة منذ أكثر من 10 سنوات، إذ عمد المستثمرون إلى جني الأرباح وسط مخاوف من أن الارتفاعات الأخيرة جعلت الأسعار مبالغا فيها.
الذهب الفوري تراجع 3% ليتداول قرب مستوى 4 آلاف دولار للأونصة، قبل أن يقلص خسائره لاحقا، وجاء ذلك بعد هبوطه 6.3% أمس الثلاثاء، في أكبر انخفاض يومي له منذ أكثر من 12 عاما.
كما واصلت الفضة خسائرها بتراجعها 8.7% الجلسة السابقة، وجاءت هذه الانخفاضات بعد إظهار المؤشرات الفنية، أن موجة الصعود القوية للمعادن الثمينة كانت في منطقة مبالغ فيها فنيا.
تصحيح حاد بعد صعود قياسي
أوقف هذا التراجع المفاجئ مسار الصعود المستمر منذ أشهر، والذي دفع الذهب والفضة إلى تسجيل مستويات قياسية جديدة خلال الأيام الماضية.
الذهب أنهى 9 أسابيع متتالية من المكاسب، فيما لا تزال الأسعار مرتفعة 55% منذ بداية العام، مدعومة بمشتريات البنوك المركزية، وتدفقات قوية إلى صناديق المؤشرات المتداولة، إضافة إلى الطلب المتزايد على الملاذات الآمنة في ظل التوترات التجارية والجيوسياسية.
رئيس الأسواق المؤسسية العالمية في "إيه بي سي ريفاينري" نيكولاس فرابيل قال "ربما فكر الناس ببساطة : ما الذي يمنعنا؟ معظمنا في مراكز شراء بمستويات ممتازة، لذا الوقت مناسب لجني الأرباح".
رهانات خفض الفائدة دعمت أسعار الذهب والفضة
ارتفع الذهب في الأساس بدعم من الرهانات على أن الفيدرالي سيقدم على خفض كبير في أسعار الفائدة قبل نهاية العام، فضلا عن ما يعرف بـ "تجارة تخفيض القيمة"، حيث يتجه بعض المستثمرين بعيدا عن الديون السيادية والعملات للتحوّط من العجز المالي المتصاعد.
بعد هبوط أمس الثلاثاء، خفضت "سيتي جروب" توصيتها بالوزن الزائد على الذهب، محذرة من تركز المراكز الشرائية بشكل مفرط.
قال فريق أبحاث السلع في البنك بقيادة تشارلي ماسي كوليير، إنهم يتوقعون فترة تجميع وتماسك حول مستوى 4 آلاف دولار للأونصة خلال الأسابيع المقبلة.
أضافوا "قد تعود لاحقا العوامل القديمة الداعمة للذهب، مثل استمرار مشتريات البنوك المركزية وتنويعها بعيدا عن الدولار، لكن في المستويات الحالية لا يوجد ما يستدعي التسرع بالشراء، إذ إن الأسعار تجاوزت الأساس المنطقي لقصة ’تخفيض القيمة‘".
محللون: التصحيح ضخم لكنه طبيعي
فنيا يعد هذا التحرك وإن كان كبيرا، بمثابة تصحيح للأسعار، وفقا لما قاله كبير محللي الأسواق في "إيه تي جلوبال ماركيتس" نك تويدال، الذي أضاف "تفسيري أن السوق شهدت تدفقات ضخمة لإعادة توزيع الاستثمارات، وقام بعض الكبار بجني الأرباح، ما أدى إلى تفعيل أوامر وقف الخسائر أثناء الهبوط، وإذا انخفض السعر دون 4 آلاف دولار، فقد نشهد موجة بيع أكبر".
ضغوط من إشارات التقدم في المحادثات التجارية
جاءت هذه التراجعات أيضا مع تقييم المستثمرين لاحتمال تحقيق تقدم في المحادثات التجارية بين أمريكا والصين، بعد فترة من تجدد التوترات التي كانت قد عززت الطلب على الملاذات الآمنة.
الرئيس الأمريكي دونالد ترمب توقع أمس الثلاثاء، أن تسفر اجتماعاته المرتقبة مع نظيره الصيني شي جين بينج عن صفقة جيدة للتجارة، لكنه أقر أيضا بإمكانية عدم انعقاد المحادثات قريبا.
بالنسبة للفضة، فقد شهدت السوق الأسبوع الماضي تقلصا تاريخيا في السيولة في لندن، ما دفع الأسعار لتجاوز أعلى مستوى سجل عام 1980 خلال محاولة الأخوين هنت احتكار السوق آنذاك.
تداولت الأسعار المرجعية في لندن فوق أسعار العقود الآجلة في نيويورك، ما دفع المتداولين إلى شحن المعدن إلى لندن لتخفيف شح المعروض.
كما شهدت المخازن المرتبطة بـ"بورصة شنغهاي للعقود الآجلة" أكبر سحب يومي للفضة منذ فبراير، فيما انخفضت أيضا المخزونات في نيويورك.
تراجع جماعي للمعادن النفيسة
عند الساعة 09:00 صباحا بتوقيت سنغافورة، كان الذهب الفوري منخفضا 1.2% عند 4,074 دولار للأونصة بعد إغلاق الجلسة السابقة على تراجع 5.3%، وانخفضت الفضة 1.3% إلى 48.08 دولار، فيما تراجعت أيضا أسعار البلاتين والبلاديوم بعد خسائر تجاوزت 5% لكل منهما في جلسة الثلاثاء.