يمر رواد ورائدات الأعمال عبر 9 مراحل لتحويل الأفكار الابتكارية إلى مشاريع صناعية حقيقية ودخول الأسواق، في رحلة تكون أخطر مراحلها عند "وادي الموت" وفقا لتعبير المهندس خليل بن سلمه، نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودية لشؤون الصناعة.
تشمل المراحل من الرابعة إلى السادسة "وادي الموت" بسبب احتياج رواد الأعمال إلى تمويل أكبر وتجارب عملية واقعية قبل الوصول إلى الجاهزية الصناعية، وفق ما ذكره بن سلمه لـ"الاقتصادية"، لذلك تعد الأكثر خطورة.
وبينما تعمل الوزارة على بناء منظومة متكاملة لتحويل الأفكار الابتكارية إلى مشاريع صناعية حقيقية، في إطار مستهدف طموح للوصول إلى 36 ألف مصنع خلال السنوات القليلة المقبلة، فإنها تدعم مشروعات بحثية تتجاوز قيمتها 15 مليون ريال عبر مبادرة "منح المصانع الابتكارية" لرفع مستويات النضج التقني لهذه المشروعات.
من الفكرة إلى النضج
يشكل بناء منظومة متكاملة لتحويل الأفكار الابتكارية إلى مشاريع صناعية أحد أهم محاور التحول الصناعي في السعودية، التي تناولها لقاء وزير الصناعةبندر الخريف مع القطاع الخاص في اتحاد الغرف.
بن سلمه أوضح لـ "الاقتصادية" أن بداية الصناعة تكون عادة فكرة في ذهن رائد الأعمال، لكنها لا تتحول إلى مصنع إلا عبر رحلة طويلة من التطوير التقني تمر بعدد من المراحل العالمية المعتمدة.
تبدأ هذه الرحلة من مرحلة الصفر، وتنتهي بالمرحلة التاسعة التي تمثل الجاهزية الكاملة للدخول إلى الأسواق.
عد نائب الوزير المراحل التي تبدأ من صفر إلى 3 تتم عادة في الجامعات ومراكز الأبحاث، حيث يجري خلال هذه الفترة اختبار الفكرة بالاعتماد على نتائج أبحاث سابقة وإجراء تجارب مخبرية أولية للوصول إلى مستوى أولي من النضج التقني.
وقال بن سلمه: إن الوزارة تعمل مع هيئة البحث والتطوير والابتكار على ربط هذه المراحل المبكرة بالتوجهات الصناعية الوطنية، من خلال طرح التحديات الحقيقية التي تواجه المصانع القائمة أمام الباحثين وطلاب الدراسات العليا.
أحد الأمثلة تحدي "الطين الأحمر" الناتج من تنقية الألمونة في صناعة الألمنيوم، والذي يحتوي على معادن ثمينة ويعد أحد الملفات التي تتطلب حلول تقنية قابلة للتطبيق.
تخصص الوزارة 50 مقعدا ضمن مبادرة "منح الثورة الصناعية الرابعة" للمصانع الراغبة في خوض رحلة التحول الصناعي عبر تقييم متوافق مع مؤشر سيري، وبناء خطط التحول الرقمي وتنفيذ التقنيات المتقدمة، وفق ما قاله الوزير بندر الخريف على هامش افتتاح معرض التحول الصناعي في السعودية أمس بالرياض.
"وادي الموت" المرحلة الأخطر في التحول
بحسب بن سلمه، فقد سلم الوزير الخريّف أول دفعة من منح "وادي الموت" إلى 9 مستفيدين.
تصل قيمة المنحة الواحدة إلى مليوني ريال، وتهدف إلى تمكينهم من تحويل أفكارهم إلى نماذج أولية قابلة للتجربة خارج المختبرات، بالتعاون مع جامعات وطنية ومراكز بحثية مثل مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية.
عند الوصول إلى المرحلة السادسة، تكون الفكرة قد اجتازت مرحلة التطوير التقني، وتصبح جاهزة للدخول إلى القطاع الصناعي، لتبدأ المراحل من 7 إلى 9، التي تعد نقطة التحول الفعلية نحو تأسيس المصنع.
وزارة الصناعة تصحب رائد الأعمال في الرحلة
في المرحلة الـ9، يكون المشروع قد وصل إلى مستوى مصنع شبه جاهز، لكنه لا يعمل بإنتاجية تجارية كاملة.
وتهدف مبادرة الوزارة بشكل رئيس إلى مساعدة رائد الأعمال على معرفة التكاليف الفعلية للإنتاج، وتقييم مستوى السعر المناسب للسوق، وتحديد ما إذا كان العميل المستهدف محلياً أم عالميا، إضافة إلى فهم سلسلة الإمداد ومتطلبات الجهات التنظيمية المختلفة، بما في ذلك هيئة الغذاء والدواء والمواصفات والمقاييس واشتراطات الشركات الكبرى.
يساعد هذا على استكمال شروط المطابقة المطلوبة في الدول المستهدفة بالتصدير، بحسب بن سلمه.
الصناعة تعمل بالتوازي على إنشاء شبكة من مراكز التطوير الصناعي في عدة مناطق، حيث حصل بعضها على الموافقات النهائية، تشمل الرياض والدمام وجدة والقصيم ومكة، إضافة إلى مركز في الهفوف قيد التنفيذ.
شبكة واسعة للتطوير الصناعي
يشير بن سلمه إلى أن الوزارة تعمل بالتوازي على إنشاء شبكة من مراكز التطوير الصناعي في عدة مناطق.
بعض هذه المراكز حصلت بالفعل على الموافقات النهائية، وتشمل الرياض والدمام وجدة والقصيم ومكة، إضافة إلى مركز في الهفوف قيد التنفيذ.
توفر هذه المراكز توفر بيئة صناعية تجريبية، تساعد رواد ورائدات الأعمال على الانتقال من النموذج الأولي إلى النماذج التجارية، بما يشمل تشغيل خطوط إنتاج تجريبية، وإجراء تجارب فعلية على المنتجات، ودعم عمليات إدارة سلسلة الإمداد، واستكمال الموافقات التنظيمية.
يكون كل ذلك قبل اتخاذ قرار "الاستثمار الكبير"، بهدف رفع مستوى الجاهزية وتقليل المخاطر، بحسب بن سلمه، الذي أكد أن هذا المسار المتكامل يهدف إلى "تحييد المخاطر" وتوفير بيئة تمكن المستثمرين من دخول القطاع الصناعي بثقة أكبر.
