"رحلة الشتاء والصيف" من الشام إلى اليمن والعكس، مرورا بالجزيرة العربية، كانت رحلة اقتصادية بامتياز قبل 2000 عام، تعود إلى واجهة الأحداث في القرن الحادي والعشرين مع تحولات المنطقة وعودة دمشق إلى محيطها العربي بعد أكثر من عقد ونصف من الحروب والدمار والقطيعة، لإنعاش الاقتصاد السوري باستثمارات مليارية تنطلق من السعودية - قلب الجزيرة العربية.
هذا الاستحضار للزمان والتاريخ وأشهر رحلة اقتصادية وردت في القرآن الكريم، كانت حاضرة في حديث أحد الحاضرين لاجتماع الطاولة المستديرة السعودي - السوري أمس. وكانت ضمن جملة من التصريحات المدشنة لمرحلة التعاون الاقتصادي الإستراتيجي بين البلدين أبرزها جاء على لسان وزير الاقتصاد والصناعة السوري محمد نضال: "من يدخل سورية اليوم لا يعود إلى الماضي بل يشارك في صناعة مستقبل عربي مشترك".
الشعار الذي شدد على هامش جتماع الطاولة المستديرة السعودي - السوري أمس، أن الاستثمار في سورية اليوم يعني المساهمة في وطن يصنع غدا ويبني ما يستحقه، وليس مجرد سوق تبحث عن ماض ضائع.
الاجتماع الذي رأسه من الجانب السعودي خالد الفالح وزير الاستثمار والوزير السوري الشعار بحضور وفد سوري كبير كلا من وزراء الاقتصاد والصناعة والمالية والطاقة والاتصالات وتقنية المعلومات ونحو 200 رجل أعمال سعودي وسوري في مقر وزارة الاستثمار أمس.
وبات مجالات الاستثمار في سورية اليوم واسعة ومتنوعة، تشمل قطاعات النفط والغاز والطاقة المتجددة، إضافة إلى الصناعات الزراعية والغذائية التي تعزز القيمة المضافة للإنتاج المحلي، بحسب الشعار.
وأوضح أن سورية أصبحت اليوم أرض خصبة للفرص بفضل مواردها الطبيعية المتنوعة وموقعها الإستراتيجي الذي يربط بين الخليج العربي والبحر المتوسط وآسيا، ما يجعلها جسرا طبيعيا للتجارة والاستثمار بين الشرق والغرب.
وزير الاستثمار خالد الفالح خلال كلمته يؤكد أيضا، أن نهضة سورية قد بدأت بالفعل، وأن السعودية بكل مؤسساتها وقطاعها الخاص ستكون السند والشريك الرئيسي في مسيرتها نحو التنمية المستدامة، مبديا ثقته بأن المسيرة بدأت ولن تتوقف، والسعودية ستكون مع سورية في كل خطوة، مضيفا في قوله: "سترون قريبا ثمار هذا التعاون في مشروعات ملموسة على الأرض، وصولا إلى مرحلة تصبح فيها سورية دولة مزدهرة ومنافسة اقتصادياً تعتمد على مواردها وكفاءاتها الوطنية".
إلا أن الوزير السوري أوضح قد تم وضع خطة وطنية شاملة لإعادة بناء الاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية المستدامة ترتكز على 5 أولويات أساسية تتمثل في إعمار ما يجب أن يعمر من خلال تطوير مدن صناعية حديثة ومناطق اقتصادية خاصة ومشروعات كبرى في الطاقة والبنية التحتية، وجذب الاستثمارات العربية والدولية من خلال تحديث التشريعات الاستثمارية وضمان الشفافية والحماية القانونية ومنح حوافز طويلة الأمد، وتعزيز الابتكار التمويلي والشمول المالي عبر تطوير منظومة متكاملة من الأدوات المالية التي تضمن وصول التمويل إلى مختلف فئات المجتمع، والسعي إلى جعل سورية مركزا إقليميا للتكنولوجيا والابتكار الصناعي، ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال باعتبارها العمود الفقري للاقتصاد ومصدراً رئيسياً لفرص العمل.
ويتواجد في الرياض اليوم وفد سوري رفيع المستوى من وزراء الاقتصاد والصناعة والمالية والطاقة والاتصالات ورئيسي هيئتي الاستثمار والطيران وعدد من كبار رجال الأعمال السوريين بهدف جذب الاستثمارات إلى السوق السورية، ولمشاركة في مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار"، الذي سيحضره عدد من الرؤساء والشخصيات السياسية والاقتصادية وشركات عالمية.
رفع العقوبات عن سورية في مايو الماضي يعد نقطة تحول مهمة في العلاقات الاقتصادية، وفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الشراكات الإستراتيجية وعودة التعاون الاستثماري بين البلدين.
وقال الفالح: إن تنظيم هذه الفعالية جاء بتوجيه مباشر من ولي العهد السعودي، مشيرا إلى حضور واسع من قادة الأعمال في البلدين، حيث امتلأت القاعات بالمستثمرين الراغبين في الدخول في شراكات مستدامة داخل سورية، وأن العلاقات السعودية - السورية حاليا تمثل مرحلة جديدة من الشراكة الاقتصادية والاستثمارية يقودها نهج منفتح ورؤية طموحة لدى قيادتي البلدين، وهي امتداد لمسيرة طويلة من التعاون.




