قد يستغرق إلغاء الولايات المتحدة إعفاءات رسوم استيراد شحنات التجارة الإلكترونية عاما كاملًا حتى يظهر التأثير الكامل للقرار ويشعر به المستهلكون، وفقا لما يراه الرئيس التنفيذي لشركة "دي إتش إل إكسبرس" (DHL) جون بيرسون.
يشبه هذا الجدول الزمني ما حدث بعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، بحسب أكبر مسؤول في شركة شحن الطرود العالمية.
بيرسون أوضح في مقابلة نشرتها صحيفة "واشنطن بوست": أن المستهلكين لم يدركوا بعد التكاليف الإضافية التي سيتحملونها نتيجة هذه التغييرات، مشيرًا إلى أن البعض في بريطانيا استغرقوا عامًا بعد "بريكست" ليلاحظوا أثر الرسوم الجديدة المفروضة على مشترياتهم.
وقال: "بعد بريكست، كنت أتلقى مكالمات من العملاء، حتى بعد مرور عام، يقولون فيها إن الرسوم المفروضة على طلباتهم خاطئة. بدأ العملاء يدركون أن الهدايا الصغيرة التي اشتروها فرضت عليها رسوم معينة بسبب محتواها من المعادن مثلا".
انخفاض حاد في شحنات المنصات الصينية
في الثاني من مايو الماضي، ألغت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الإعفاء الجمركي للمنتجات الصينية التي تبلغ قيمتها 800 دولار أو أقل، والذي تم توسيعه ليشمل كل الدول اعتبارا من 29 أغسطس الماضي.
أدى هذا إلى تقلص شحنات منصات التسوق الإلكتروني الصينية إلى الولايات المتحدة نحو 80%، خاصةً موردي الأزياء السريعة منخفضة التكلفة مثل "تيمو" و"شي إن"، بحسب بيرسون.
كانت "DHL"، الشريك اللوجستي الرئيسي للشركتين، تنقل ما يقارب 400 طن من منتجات هذه المنصتين يوميًا من الصين إلى الولايات المتحدة باستخدام أسطولها من الطائرات الكبيرة.
رغم ذلك، فإن التأثير في "DHL" حتى الآن "محدود نسبيًا"، لأن حجم أعمالها في السوق الأمريكية أقل من منافسيها الأمريكيين، وفقا لتعبير الرئيس التنفيذي للشركة، التي تشكل التجارة الإلكترونية نحو 20% من إيراداتها.
البحث عن أسواق بديلة للصين
بدأ تجار التجارة الإلكترونية الصينيون، إلى جانب علامات تجارية بريطانية مثل "بوهو" و"بريتي ليتل ثينق"، البحث عن أسواق بديلة في أوروبا وآسيا، لتعويض تراجع الشحنات إلى الولايات المتحدة، بحسب بيرسون.
وقال: "نرى أن التجارة تسير في اتجاهات مختلفة، أبرزها من الصين إلى أنحاء أخرى من منطقة آسيا والمحيط الهادئ، ما يثير بدوره مخاوف بشأن إغراق الأسعار".
لكن مستقبل التجارة الصينية قد يتأثر بمراجعة بريطانيا لإعفاء الواردات، التي تبلغ 135 جنيها إسترلينيًا فأقل، والمتوقع إلغاؤه في ميزانية نوفمبر.
كما يخطط الاتحاد الأوروبي لإنهاء الإعفاء الجمركي للطرود التي تقل قيمتها عن 150 يورو بحلول 2028، وتدرس دول مثل هولندا ورومانيا وفرنسا فرض رسوم على معالجة الجمارك للشحنات الصغيرة خلال السنوات القليلة المقبلة.
فيما يتعلق بالتجارة الإلكترونية بين الشركات، قال بيرسون إن "دي إتش إل" "لم تتأثر كثيرا" بالرسوم الجمركية الأمريكية.
وأضاف أنه لتعزيز الكفاءة، وظفت الشركة ألف عامل للتعامل التخليص الجمركي، وأطلقت خدمة إلكترونية تتيح للعملاء دفع الرسوم، مشيرا إلى أن "ما كان يستغرق دقيقة واحدة في السابق أصبحت الآن تستغرق 10 دقائق".
إفريقيا قد تسهم في تحقيق أهداف "DHL"
كانت "دي إتش إل" قد وضعت هدفا لزيادة إيراداتها 50% بحلول 2030، أي بمعدل نمو سنوي يبلغ 6%، ومن المتوقع أن تسهم إفريقيا في تحقيق هذا الهدف.
في هذا السياق، أعلنت الشركة يوم الأربعاء عن استثمار يفوق 300 مليون يورو بحلول 2030 لتوسيع عملياتها في خدمات البريد السريع، والشحن، وسلاسل الإمداد في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
وأوضح هيني هايمانز، الرئيس التنفيذي لـ"دي إتش إل إكسبرس" (DHL Express) في إفريقيا، أن هذا الاستثمار يهدف إلى الاستفادة من ارتفاع الطلب على خدمات الشحن، في ظل النمو المتسارع للتجارة بين إفريقيا والصين، خصوصا في قطاعات مثل الأزياء السريعة والزراعة والمركبات الكهربائية والطاقة المتجددة.
هايمانز قال: "لقد شهدت التجارة الإلكترونية، وخاصة واردات الأزياء السريعة إلى إفريقيا من الصين، زيادة بعد الرسوم الجمركية الأمريكية، لأن الصين تتجه نحو أسواق جديدة".
وفقا للبيانات الرسمية، فقد قفز إجمالي تجارة الصين مع القارة 19.5% على أساس سنوي في الأشهر التسعة الأولى من العام.
أمادو ديالو، الرئيس التنفيذي لشركة "دي إتش إل جلوبال فوروادنج" في الشرق الأوسط وجنوب أفريقيا قال بدوره: إن الشركة جلبت نحو 50 موظفا من عملياتها في الصين للعمل في وحداتها الإفريقية.
وقال: "تزور إدارتنا العليا الصين كل 3 أشهر للقاء العملاء والتواصل مع المسؤولين الحكوميين. ونهدف إلى مساعدة الشركات الصينية على توسيع أسواقها عالميًا في قطاعات رئيسية مثل التجارة الإلكترونية، والطاقة الجديدة، وعلوم الحياة، والرعاية الصحية".