في عالم البثّ الرقمي، تتواصل يوميًا سرقة بمليارات الدولارات، يشارك فيها ملايين المشاهدين حول العالم دون أن يدرك كثيرون حجم الكارثة الاقتصادية خلف كل نقرة. ففي 2024، سُجلت أكثر من 230 مليار زيارة لمواقع البثّ غير القانوني، ما جعل من القرصنة ظاهرة عالمية لا تعرف حدودًا.
تتصدر الولايات المتحدة قائمة الدول الأكثر تورطًا في هذا النوع من الجرائم الرقمية بـ 17.4 مليار زيارة، تليها روسيا بـ14.5 مليار، ثم الهند بـ9.6 مليار، فيما تجاوزت كل من فرنسا وتركيا حاجز 7.3 مليار زيارة لكل منهما. أما بريطانيا، وعلى الرغم من القيود الصارمة، فقد سجلت نحو 5.7 مليار زيارة. وحدها الصين، بفضل قبضتها الرقمية المحكمة، تمكنت من تقليص الأرقام إلى 4.6 مليار زيارة فقط.
وراء الأرقام اقتصاد ينزف بصمت؛ إذ تُقدّر الخسائر السنوية بنحو 229 مليار دولار، منها 71 مليارًا من قطاع السينما، و158 مليارًا من البث الرياضي المسروق. وفي الولايات المتحدة وحدها، تتبخر 29.2 مليار دولار سنويًا، وتُمحى معها نحو 70 ألف وظيفة، بينما يحقق القراصنة أرباحًا تُقدر بـ 1.34 مليار دولار من إعلانات قانونية تُعرض على مواقع غير قانونية.
لكن القصة ليست جديدة. فمنذ 1999 حين أشعل برنامج نابستار (Napster) شرارة تبادل الملفات الموسيقية مجانًا، تتابعت موجات القرصنة عبر ليميواير (LimeWire) وبت تورنت (BitTorrent)، لتبدأ مرحلة "السرقة المفتوحة" التي ما زالت مستمرة حتى اليوم.
وبعد ربع قرن من انطلاق تلك الموجة، يرى البعض أن القرصنة لم تعد مجرد سرقة، بل تحولت إلى رسالة تمرد واحتجاج على نظام بثٍّ يفرض على المشاهدين اشتراكات متعددة ومحتوى متشظيًا، ما أفقدهم الثقة في الضوء الأزرق الذي يملأ شاشاتهم.
ويبقى السؤال مطروحًا: هل يحق للعالم أن يسرق... ليشاهد؟
