كمبيوتر لتقييم أسهم الشركات الرابحة وإعطاء قرارات استثمار ناجحة

كمبيوتر لتقييم أسهم الشركات الرابحة وإعطاء قرارات استثمار ناجحة

يسبح المستثمر في بورصات هذا العالم في بحر من الأسهم، فعشرات الآلاف من الشركات تعرض أسهما للبيع وتنشر الملايين من نتائج الأعمال. ولا يمتلك النظرة الشاملة حول هذه الأعداد الكبيرة إلا من يستخلص البيانات المناسبة، ويقيمها ويعطي من خلالها الاستنتاجات الصائبة لأفضل قرار استثماري ممكن، وهذا ما لا يستطيع أي إنسان فعلـه. ولكن الكمبيوتر بلا شك يستطيع ذلك شريطة أن يكون مدعوما بالبرنامج المناسب. وتقوم مؤسسات الدعم المالي التي تدار من الناحية الكمية، على أساس هذا المبدأ. فبدلا من أسطول كبير من المحللين يراقب كل واحد منهم 15 شركة على الأقل، تعمل مثل مؤسسات الدعم هذه على تطوير نماذج عمل يستطيع من خلالها جهاز الكمبيوتر أن يستقبل المعلومات المتوافرة في الأسواق المالية ويقيمهـا.

ويقول كلاوس اسفاين المتحدث باسم إدارة مؤسسة الدعم المالي ستيت ستريت جلوبال ادفايسورز State Street Global Advisors في ألمانيا أن الكمبيوتر يستطيع أن يعالج بسرعة رهيبة كمية ضخمة من البيانات ويستخلص منها نصائح للتعاملات والسلوك التجاري. ويضيف اسفاين :" وأما قرارات الاستثمار فهي تتخذ بعد ذلك تبعا لنموذج العمل المعطى". ومن ميزة هذا أن مشاعر محللي الأسهم لم تعد تلعب دورا على الإطلاق. ويقول اسفاين: "على مر السنين تنمو لدى هؤلاء المحللين الذي يرعون الشركات، إما نوعا من العاطفة تجاه بعض الشركات أو نوعا من الكراهية". وهذا لا يمكن أن يحدث مع جهاز الكمبيوتر فهو يقيم بصورة راسخة للحقيبة المالية العالمية نتائج ثلاثة آلاف سهم. وفي النهاية يعطي الجهاز سلسلة متتابعة من المراتب: القيم التي تحتل المرتبة الأولى، تكون جذابة وتمنحها مؤسسات الدعم اهتماما أكبر، فيما تتفادى المؤسسات بأقصى صورة ممكنة، القيم التي تكون أسفل الترتيب.

المشكلة الصعبة في هذا المبدأ هي استنباط برنامج كمبيوتر مناسب لهذه الأعمال. ويقول اسفاين: "لقد قمنا في بداية التسعينيات بتطوير نماذج العمل الأولى لسوق الولايات المتحدة، وبناء على هذه النماذج يمكن إقرار استراتيجيات إقليمية". وبهذا يوجد مبدأ واحد للعالم كله، فيما قد تختلف العوامل التي تدخل في عمليات الحساب حسب المنطقة وقد يختلف كذلك تقييمها ووزنهـا. ومن الوحدات القياسية المثالية التي تدخل في عمليات الحساب أرباح كل سهم أو التدفق المالي الحر للشركة.

ويقول اسفاين: "لدينا في بوسطن فريق مؤلف من 25 موظفا – منهم فيزيائيون ورياضيون ومبرمجون – يبذلون قصارى جهدهم لتحسين هذه النماذج إلى أبعد حد ممكن". وما يجب على مديري صناديق الدعم هو فقط تطبيق ما يعطيهم الكمبيوتر، ولكنهم لا يفعلون ذلك من تلقاء أنفسهم طبعا، بل يدرسون منطقية كل قرار، والتعليمات والقواعد اللازمة لذلك موجودة ولكن بمحدودية واضحة". ولكن هذا النموذج لا يعمل بالصورة المثالية إلا إذا توافرت بيانات حديثة للشركة بسرعة كافية وبجودة عالية. ويقول اسفاين: "على سبيل المثال ليس لدينا لأوروبا الشرقية أي استراتيجية لغاية الآن، وذلك لأن وضع البيانات غير جيد بالدرجة المطلوبة". وتستخدم ستيت ستريت لعمليات التقييم التحليلات المنشورة لشركات استثمار أخرى، ويقول اسفاين: "نحن نرى أن 300 تحليل للشركة يعتبر عددا كافيـا"، ولهذا السبب تعتمد شركته في الأغلب على المبادئ القائمة على أساس الكمبيوتر.

ويقول اسفاين :"ولكن نحن نوجه أنفسنا بصورة قوية على أساس المقياس النموذجي لكل شركة". وهو يقصد بهذا: إذا كان لدى أسهم شركات السيارات في منطقة اليورو وزن قيمته 15 في المائة، فسيكون نصيب أسهم شركات السيارات في صندوق دعم ستيت ستريت في أوروبا ما بين 12 إلى 18 في المائة، وحينها يعطي تحليل الشركة ضمن هذا الإطار خيار الأسهم الفرديـة".

الظن بأن وضعية البيانات في هذا النموذج والتي تتغير بصورة مستمرة قد تؤدي إلى تراكيب في صناديق الدعم تتغير تبعا لنفسها باستمرار، ظن خاطئ. ويقول اسفاين "حقائبنا المالية راسخة جدا. لدينا حجم تعامل تجاري يبلغ في العام نحو 60 في المائة من القيمة، وفي العادة تزيد النسبة عن 100 في المائة". إضافة إلى ذلك تركز ستيت ستريت على انتشار متسع للاستثمار. حيث تشمل مؤسسة الدعم الأوروبية أكثر من 250 سند ملكية، وفي نطاق صناديق الدعم الكلاسيكية تشمل 100 فقط. ويرى اسفاين أن توسع الانتشار يقلص من المخاطر.

ويقول اسفاين الذي تدير شركته على مستوى العالم أموال استثمار بقيمة 1.3 مليار يورو - الجزء الأكبر منها في منتجات المؤشرات - "وعلى الرغم من ذلك تستطيع صناديق الدعم التابعة لنا أن تحقق أرباحا عائدة تفوق دائما بنسبة مئوية واحدة أو اثنتين، المقياس النموذجي للشركة". وهنا لا يستلزم الأمر إدارة نشيطة لصندوق الدعم ولا برنامج كمبيوتر عبقري: المستثمر يستنسخ مع استثماره، المؤشر بكل دقة وسهولة.

الأكثر قراءة