الاستثمار في المصافي الرهان الجديد للمنتجين

الاستثمار في المصافي الرهان الجديد للمنتجين

الاستثمارات النفطية والمصافي بشكل خاص من أكثر القطاعات التي تضررت من تراجع الأسعار ولكن الآمال معقودة أن يشهد العام الجديد تعافيا للأسعار وتحسن الربحية الاستثمارية مما ينعكس بالنمو في قطاع المصافي النفطية . وتسعى معظم الدول المنتجة للنفط للمشاركة في المصافي العالمية ومنها السعودية التي تمتلك أربعة ملايين و500 ألف حصة في المصافي العالمية التي تركزت في أمريكا واليابان والصين وكوريا الجنوبية، إضافة إلى الكويت التي تمتلك شركة كيو ايت للتصفية والتوزيع التي تنافس فيها شركات عالمية كبيرة مثل شركتي شل الهولندية وبي بي البريطانية. وتلعب قوانين الاستثمار الخاص بتصفية النفط الخام دورا مهما في تنمية الاستثمارات ..والكثير من الدول المنتجة قامت بتعديلات على هذه القوانين من أجل أن تشكل حالة مثالية وجديدة للمستثمر الراغب في الاستثمار في مجال القطاع النفطي . والاستثمار في إنشاء المصافي يكون إما عن طريق الاستثمار المباشر أو بمشاركة وزارات النفط على أساس المشاركة بين القطاعين العام والخاص وهو النموذج الأكثر نجاحا في عديد من الدول المنتجة ومنها العراق على سبيل المثال. وتعتبر الشراكة بين العام والخاص النموذج الأكثر نجاحا في العالم في الفترة الراهنة لأنه يجمع بين قدرات القطاع العام الكبيرة وديناميكية القطاع الخاص وقدرته على تطوير العمل وتسريع خطى النجاح الاستثماري. ويقول مختصون نفطيون إن الاستثمارات النفطية يجب أن نحميها بكل قوة فهي تتميز عن تصدير النفط الخام، حيث إنها تسعى للمساهمة في امتصاص جزء من البطالة من خلال تشغيل الأيدي العاملة المدربة وغير المدربة لأن هذه المصافي تحقق نهضة كبيرة في مجال تصفية النفط مما ينعكس إيجابا على اقتصاديات المناطق التي ستنشأ فيها . ويشدد المختصون على أن الاستثمارات في مجال المصافي النفطية من المشروعات المهمة والكثيفة العمالة كما أنها تمثل قيمة مضافة مقارنة بتصدير النفط الخام وتساهم في تحفيز النمو وتنشط الأداء الاقتصادي بشكل عام . ويقول الباحث الاقتصادي مجدي العشري إن جذب الاستثمارات الأجنبية في القطاعات كافة للبلاد ومنها قطاع النفط أصبح ضرورة ملحة في ظل أوضاع الاقتصاد الدولي الراهنة إضافة إلى ضرورة إيجاد شراكات استثمارية حقيقية بين القطاع الخاص و العام والقطاع الخاص الأجنبي. وقال إن إنشاء المصافي هو نشاط اقتصادي مهم وناجح وضروري لكل الدول المنتجة ومن المتوقع أن يتنامى في العام المقبل مع اتجاه كثير من الدول المنتجة إلى الاهتمام بالصناعات النفطية وعدم الاعتماد على الخام بالشكل الأكبر حتى يمكن تجنب اضطرابات الأسعار الحادثة حاليا وأضرت الكثير من اقتصاديات الدول المنتجة. ونبه إلى ضرورة تشجيع الشركات العالمية على الاستثمار في المصافي في المنطقة العربية والاستعانة بالشركات العالمية المتخصصة لوضع الخطط والدراسات والتصاميم لإنشاء المصافي الجديدة وتطوير الحقول وإنشاء مصافي وفق أحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا. وأشار إلى أن صناعة المصافي النفطية تحتاج إلى الاستفادة من الخبرات الدولية للشركات العالمية إلى جانب الاستفادة من التطورات التكنولوجية الواسعة الحادثة في هذا المجال وهو استثمار مهم وطويل الأجل ويحتاج إلى إنفاق جيد في البداية ولكنها صناعة مربحة وسريعة لدوران رأس المال . وركز على ضرورة توفير بيئة استثمارية سليمة للمستثمرين وتسهيل الحصول على الأراضي، مشيرا إلى ضرورة أن تسد المصافي الحاجة المحلية وتوفر فائضا يمكن تصديره مستقبلا. وذكر أن عملية إنشاء المصافي عادة ما تأخذ وقتا طويلا يصل من ثلاث إلى خمس سنوات للإنشاء،موضحا أهمية تشجيع شركات القطاع الخاص والشركات الأجنبية للاستثمار في قطاع تصفية النفط الخام. وقال إن تراجع أسعار النفط الخام سيؤثر كثيرا في الصناعات المرتبطة بهذا المجال وستؤدي إلى تشجيع النمو في مجال مثل البتروكيماويات الذي يحقق إرباحا طائلة تفوق إرباح بيع النفط الخام . وأشار إلى أهمية السماح للشركة المستثمرة باستخدام المرافق العامة كالمستودعات وموانئ التصدير والأنابيب بموجب عقد موقع بينها وبين وزارة النفط والوزارات والشركات ذات العلاقة. وأوضح أن هناك حاجة إلى تطوير تشريعات الاستثمار والتأكيد خلالها على دور القطاع الخاص في إنشاء مصاف لتكرير النفط الخام وامتلاك منشآت وتشغيلها وإدارتها وتسويق منتجاتها. ويقول المختص الاقتصادي عامر البياتي إن الاستثمار في مجال المصافي النفطية سيشهد ارتفاعا في العام الجاري مع اهتمام الدول المنتجة بزيادة الأنشطة والمنتجات النفطية وعدم التركيز فقط على تصدير الخام . وأشار إلى أن أبرز المشكلات التي يواجهها قطاع الاستثمار في المصافي النفطية هي تنامي الاعتماد على الطاقة البديلة إلى جانب الضغوط التي يمارسها المجتمع الدولي على جميع الدول وخاصة الدول المنتجة للحد من الصناعات التي تسبب أضرارا للبيئة خاصة صناعة تكرير البترول . وأضاف أن ربحية المصافي النفطية تراجعت كثيرا بسبب الشروط البيئية الصارمة التي يفرضها القانون الدولي للحد من الانبعاثات الضارة بالبيئة، مشيرا إلى أن الطلب العالمي على منتجات النفط يتزايد ولكنه يضغط في طريق رفع مستوى الجودة للمنتجات والمشتقات النفطية والزيوت وهو ما يصعب تحقيقه دون انبعاثات مرتفعة قد تضر بالبيئة . وأشار إلى ضرورة أن ندرك أن الاقتصاد الدولي يواجه تحديات كبيرة في هذا المجال خاصة منذ وقوع الأزمة الاقتصادية العالمية في عام 2008 موضحا أن نسبة كبيرة من طاقة التكرير في أوروبا وهو من أهم أسواق الاستهلاك قد تعطلت بسبب ضغوط الأحزاب الخضراء التي تتولى الدفاع عن البيئة وأصبح لها ثقل سياسي واسع في كل دول أوروبا . وأضاف أن أوروبا قطعت أيضا خطوات واسعة نحو التحول إلى الطاقة البديلة والنظيفة خاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وهو الأمر الذي أضعف الطلب العالمي بشكل كبير على النفط وأدخلنا منذ (يونيو) الماضي في دوامة التراجع الحاد للأسعار . وقال إن التراجع في الطلب على النفط ومشتقاته أصبح اتجاها عالميا ويجب أن تحتاط الدول المنتجة لهذه الظروف وتتواءم مع العمل في ظل أسعار نفط منخفضة ولكن ذلك لا يمنع أن نشهد تحسنا نسبيا في الأسعار من وقت لآخر . وأوضح أنه من المعروف أن عديداً من الشركات العالمية مثل إكسون و بي بي وشل قامت بإغلاق المصافي غير المربحة في دول الاتحاد الأوروبي كما أنها لجأت إلى تطوير وتنمية المصافي ذات الوحدات والقدرات التحويلية العالية. وأضاف أن شركات أخرى تعاملت مع الموقف بأسلوب مختلف وربما أكثر حدة، حيث نجد مثلا شركة شيفرون قررت الخروج من قطاع التكرير في أوروبا من سنوات مضت، وما زالت شركه أيني الإيطالية التي تمتلك30 في المائة من طاقه التكرير في إيطاليا تعاني من بعض الصعوبات ومنها الضغوط التي تمارسها النقابات العمالية ومن التشريعات البيئية التي تتطلب استثمارات تصل إلى سبعة مليارات يورو خلال 20 عاما القادمة من قطاع التكرير . ومن جانبه يقول المختص الاقتصادي حسين الوائلي إن هناك حاجة إلى زيادة التعاون والتنسيق بين الدول المنتجة للنفط ليس فقط على مستوى إنتاج الخام والسياسات المتعلقة به بل أيضا على مستوى الصناعات المرتبطة به ومنها التكرير. وأوضح أن العراق على سبيل المثال تتبنى خطة للاستثمار والمشاركة في المصافي العالمية، مبينا أن العراق ما زال يفتقر لمثل هذه الوسائل التسويقية لنفطه، مشيرا إلى أهمية الاستثمار والمشاركة في المصافي العالمية من خلال شراء حصص فيها كإحدى الوسائل التسويقية للنفط العراقي. ونبه إلى أن مشاركة الدول المنتجة للنفط في المصافي العالمية تدعم التعاون والتنسيق بين المنتجين وتسهل نقل التكنولوجيات والخبرات المتميزة في هذا المجال إلى الكثير من الدول المنتجة التي تنتمي إلى العالم النامي. وأضاف أن مشاركة المصافي العالمية ستمنح الدول المنتجة فوائد اقتصادية كثيرة منها القدرة على تصريف النفط إضافة إلى تقليص الاستيراد من المشتقات النفطية فضلا عن العوائد المالية التي يمكن أن يجنيها المنتجون من وراء ذلك. وقال إن الأزمة الحالية والتراجع الحاد في الأسعار الأمر الذي أرهق ميزانيات الدول المنتجة خاصة في دول مثل روسيا وإيران وفنزويلا والجزائر يتطلب التفكير في أنماط غير تقليدية للتعامل مع الأزمة خاصة تنويع الموارد الاقتصادية التي تجيء في مقدمة الأولويات وزيادة التوسع في الاعتماد على صناعة المشتقات النفطية ومنها التكرير والبتروكيماويات باعتبار أن هذه المجالات يدخل فيها النفط الرخيص كأحد مدخلات الإنتاج الأساسية أما المنتج النهائي فانه يحتفظ بأسعار بيعية مرتفعة .
إنشرها

أضف تعليق