مباحثات برلمانية حول توزيع مساعدات الاتحاد الأوروبي على الدول الأعضاء
أقر البرلمان الأوروبي بأغلبية ساحقة إلغاء جميع خصومات الدفع (الخصم بواقع الجملة) الممنوحة لدول الاتحاد الأوروبي على أقساط المساهمة في الاتحاد الأوروبي وعلى مشاركة الاتحاد الأوروبي في الضرائب الوطنية. فقد أصدر النواب يوم الخميس الماضي في المقر الرئيسي للاتحاد في العاصمة البلجيكية بروكسل "تقرير مبادرة" ينص على تعديل تمويل الاتحاد الأوروبي خلال فترته المالية من 2014 وحتى 2020. ويقضي البرلمان الأوروبي في هذا التقرير باعتماد خطة تتكون من مرحلتين. في المرحلة الأولى، سيتم إلغاء خصومات الدفع، منها على سبيل المثال المسماة بـ "خصومات الدفع للبريطانيين" والتي مُنحت على ميزانية دولة تشمل في الوقت الحالي ما يقارب 115 مليار يورو. وفي هذه المرحلة ينبغي أن يأتي تمويل الاتحاد الأوروبي مباشرة من ميزانية الدول، كل على حسب قوتها الاقتصادية. وأما في المرحلة الثانية فسيحصل الاتحاد الأوروبي عوضا عن ذلك على نصيب من ضريبة موجودة مسبقا في الدولة. وبهذا الخطوة يضمن الاتحاد الأوروبي بناء علاقة مباشرة بينه وبين دافعي الضرائب. وكقاعدة انطلاق لتطبيق الخطة الجديدة يمكن، حسب التقرير، أن تخدم ضريبة التبغ (السجائر) والضرائب على أرباح الشركات أو ضريبة القيمة المضافة VAT. هذا ولا يطالب النواب بـ "ضريبة اتحاد أوروبي" مباشرة.
ويمول الاتحاد الأوروبي نفسه حاليا بما يزيد على الثلثين من خلال مدفوعات مباشرة من ميزانيات الدول الأعضاء التي تعتمد على قيمة إجمالي الدخل القومي للدولة. وما يقارب ربعا آخر تدفعه الدول الأعضاء على أساس إيرادات ضريبة القيمة المضافة. وأما باقي التمويل فيأتي من إيرادات الجمارك وما شابه من المدفوعات. وقد كان العديد من الدول الأعضاء قد فاوضت على مر السنين للحصول على خصومات دفع. بريطانيا على سبيل المثال استطاعت في عام 1984 أن تحصل على خصم كبير على المدفوعات الملزمة بها نحو الاتحاد الأوروبي، لأنها أقل دولة من الدول الأعضاء التي تستفيد من معونات القطاع الزراعي التي يقدمها الاتحاد الأوروبي. وفي الفترة المالية الجارية 2007 حتى 2013 حصلت أيضا ألمانيا، السويد، وهولندا على تخفيضات. ومن المقرر أن يخدم تقرير البرلمان الأوروبي كقاعدة أساسية للمباحثات المقررة للفترة الزمنية 2008/2009 بين الدول الأعضاء حول مستقبل ميزانية الاتحاد الأوروبي. صحيح أن الاتحاد الأوروبي يستطيع أن يطرح اقتراحات، ولكن القرار الأخير في يد الدول الأعضاء. وما يستطيع النواب عمله هو الضغط على الدول، لأنه يحق لهم أن يقرروا أيضا حول عملية توزيع المصروفات.
في هذه الأثناء أعلنت المفوضية في العاصمة الألمانية برلين عن نيتها في طرح قائمة بالمنتفعين الفعليين من معونات الدعم والذين لهم تاريخ سيء مع السلطات. وأفادت المفوضية الأوروبية أخيرا أنه من شأن هذه القائمة أن تحد من حصول المنتفعين الذين وقعوا في دائرة الشبهات لدى قسم من أقسام السلطة بسبب الغش والخداع، أو غسيل الأموال أو بأي جنح إجرامي آخر، من أن يحصلوا على أموال من أقسام أخرى. ومن المقرر أن لا يتم عرض القائمة علنيا. بيد أن السلطة تقع تحت ضغط الشارع العام، من أجل إجبار المنتفعين الذين حُكم عليهم بدفع الأموال التي حصلوا عليها بطرق غير مشروعة، ولا يستطيعون حاليا دفعها، إجبار هؤلاء على دفع تلك الأموال. ويأمل الشارع الأوروبي أن تكون هذه القائمة قصيرة، لأن المعنيين سيدفعون بلا شك، من أجل أن لا يظهروا على سلم القائمة. والجدير بالذكر أنه يوجد في الوقت الحالي حالات عديدة في كل عام.
إضافة إلى ذلك يجب على الدول الأعضاء اعتبارا من عام 2009 كأقصى حد أن يعلنوا عن هوية المنتفعين، والمبلغ والمشروع، الذين تم دفع معونات زراعية وبنيوية لهم. وحسب ما ذكرت السلطة، لم يكن من المستطاع الالتزام بالموعد المحدد سابقا وهو عام 2008، لأن بعض الدول لم تستطع أن تسلم البيانات المطلوبة في الوقت المناسب. وبالأخص فرنسـا التي امتنعت عن الإعلان عن أرقام معونات الدعم الزراعي اعتبارا من العام المقبل. وتأمل المفوضية من وراء الإشهار بالمنتفعين بمباحثات جديدة حول توزيع معونات ومساعدات الاتحاد الأوروبي للمزارعين الأوروبيين. فحينها سيُوضح لكل شخص في الاتحاد الأوروبي، أن الجزء الأكبر من الأموال يذهب إلى مزارعين كبار ومصانع زراعية وليس إلى مزارعين صغـار.