ليتنا كلنا سامية !...

[email protected]

كنت قد تعرفت على الدكتورة الفاضلة سامية العمودي في عدة مناسبات مختلفة، وأسعدني الحظ أن تحدثنا قليلا في إحدى المناسبات قبل إعلانها المباشر عن إصابتها للأسف بمرض السرطان وقبل إجرائها العملية حدثتني حديثا من القلب عن هذا المرض وكيف أنها كانت تنصح السيدات ونسيت نفسها، كان حديثا ذا شجون وأيقظني وحفزني كي أقوم بما لم أقم به من قبل، وهو إجراء الفحوص الذاتية والطبية للكشف على وجود المرض حسب إرشادات الأطباء.
والحمد لله على السلامة من كل بأس لكل امرأة، وقمت بمشاركة هذه التجربة لكل سيدة وفتاة تنطبق عليها مواصفات احتمال ظهور المرض وإرشادها كي تقوم بهذه الفحوصات التي دلتنا عليها الدكتورة سامية، جزاها الله خيراً، واكتشفت لاحقاً أنه لابد على كل النساء أن يقمن بهذه الفحوصات بدون استثناء.
والدكتورة سامية كشخصية عامة لأنها طبيبة وكاتبة، وبعرض تجربتها مع المرض أصبحت قدوة شجاعة وجميلة تستحق الدراسة كمبادرة لعمل حضاري غير معروف وغير معترف به في مجتمعاتنا العربية عامة ومجتمع السعودية خاصة.
فالاعتراف أساساً بأي شيء هو ثقافة غير موجودة في مجتمعنا، فكيف عندما يكون الاعتراف بوجود مرض خطير، وقد يعتبر البعض أن هذه أمور شخصية لا تهم المجتمع، ولكن في الواقع أثبتت الدراسات الاجتماعية أن الشخصيات الاجتماعية المعروفة عندما تقوم بأي عمل يرغب باقي أفراد المجتمع في تقليدها ويهتمون بنتائج أعمالهم، على سبيل المثال وليس الحصر: تقليد أزياء وأشكال الممثلين، وأسلوب حديث السياسيين، بل قد يصل الأمر إلى اقتباس وتطبيق آراء المفكرين وطريقة حياتهم.
ولست متخصصة في علم النفس أو الاجتماع، ولكن الظواهر الاجتماعية يستطيع الفرد العادي ملاحظتها بالعين المجردة والتفكير المنطقي العادي، وهذا ما لوحظ في المجتمعات الغربية وهو مدى تأثير الشخصيات المشهورة في سلوكيات أفراد المجتمع (سواء جيد أو سيئ). ويتم استخدامهم كثيراُ لنشر فكرة أو دعاية لمنتج أو حتى لافتتاح معرض ما يعني إقبال باقي فئات المجتمع.
إن مبادرة الدكتورة سامية سنت بفضل من الله سنة حسنة في مجتمعنا، وهي تهدف إلى تشجيع جميع النساء على الوقاية من المرض أو العلاج منه بدون خوف أو تردد.
وكان الأولى بنا نحن المسلمين مجتمعا ونساء أن نكرمها وندعمها في مسيرتها، لكن بسبب حداثة ثقافة الاعتراف والمشاركة في التجارب، وحداثة ثقافة دعوة الآخرين والتحدث علانية وسط تجمعات مدنية لم نقدر أهمية هذه المبادرة ولم نعرف كيفية التعامل معها.
لذا أدعو جميع الجهات الصحية وغير الصحية إلى تكريم الدكتورة سامية، خاصة أنه سيعقد الشهر المقبل وبمناسبة اليوم العالمي لصحة المرأة، مؤتمر في مستشفى الملك فيصل التخصصي في مدينة جدة.
فنحن أولى بها من الدول الأخرى كمسلمين وسعوديين وكمجتمع نساءً ورجالاًً.
ليتنا كلنا سامية نساءً ورجالا، نعترف بأخطائنا وليس بالضرورة أمراضنا، ونشارك الآخرين تجاربنا وننشر ثقافة المشاركة والدعم والمساعدة وتقديم العون وتكريم المبادرين وإهداء المميزين (خلال حياتهم)، كيف لا؟ وهذا ما يحثنا عليه ديننا الإسلامي، فهذا نوع من أنواع التكافل الاجتماعي ولكننا تهنا عن الطريق.
كم تأثرت إيجابا عندما قرأت في مختلف الجرائد مقالات لكتاب سعوديين يشيدون بما فعلته الدكتورة سامية، وتأكدت حينها من أن نجاح المرأة السعودية فعلاً بسبب الرجل السعودي الذي في قلبه محبة لأمه وأخته وابنته وجميع نساء أهله، أما مَن لا يحمل هذه المحبة في قلبه فسيكون سببا لانحدار المجتمع وأد المرأة السعودية.
ليتنا كلنا سامية ونعترف بمشكلات مجتمعنا، سوقنا، اقتصادنا، تعليمنا، قضائنا، أداء دوائرنا الحكومية، شوارعنا، بيوتنا، قلوبنا، عقولنا، وأيضاً أحلامنا.
ليتنا كلنا سامية ونعترف أن هذه الأخطاء لن تستمر، بل سنحولها لتجارب مفيدة لا نكررها ونبني نظام وقاية يحافظ على صحتنا، أبنائنا، وأخلاقنا، هويتنا، مستقبلنا، هوائنا وبالطبع ديننا.
ليتنا كلنا سامية ونعترف أن ما يحدث في مجتمعنا الآن بعيد عن أخلاق الإسلام التي نطالب بها لا بد من أن نعترف بالفساد الإداري، المحسوبية، النصب، الكذب، والظلم بكل سهولة وبدون أي إحساس بالخوف من الخالق سبحانه وتعالى.
عندما زار السيد جمال الدين الحسيني الأفغاني العلامة الكبير مدينة باريس في القرن التاسع عشر قال: وجدت أناسا بأخلاق المسلمين، وعندما عاد لديرة العرب قال: وجدت مسلمين بدون أخلاق.
وهذا أصبح حالنا للأسف!!
ولكن أقول الحمد لله على نعمة الإسلام.
و الحمد لله الذي أعطانا نعمة الصحة وإذا امتحننا فيها فلقد أعطانا نعمة العقل والتفكير والتدبير كي نتقي مثل هذه الأمراض البدنية والأخلاقية، لهذا أناشد كل امرأة تقرأ هذا المقال أن تهتم بنفسها صحياً وتكشف على نفسها طبياً وذاتياً، كما أناشد كل رجل يقرأ هذا المقال أن يطلب من أهله من النساء أن يقمن بهذا الكشف ويساعدهن على ذلك للوقاية من المرض الخبيث وكل الأمراض إن شاء الله. وأتمنى أن يثتثمر الجميع في النفس علميا وثقافياً وأخلاقياً ويا ريت دينياً.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي