صرف الرواتب إلكترونيا يواكب تقدم التقنية المصرفية
استوقفتني العديد من النقاط، التي أثارها الزميل الكاتب بصحيفة ''الاقتصادية'' الدكتور سعيد بن علي العضاضي في مقاله المنشور في العدد 6815 بعنوان: ''تحويل الرواتب إلكترونيا .. والتورط في القروض''.
من بين النقاط التي، استوقفتني في المقال المذكور، أن تحويل رواتب الموظفين إلكترونياً لحساباتهم في المصارف، تسبب في تورط الكثير من المواطنين في قروض بفوائد مركبة والتزامات مالية ضخمة تلحقهم حتى بعد تقاعدهم، وما إن يتخلص الموظف من قرض، حتى يدخل في قرض آخر. ومن بين النقاط أيضاً التي استوقفتني في المقال نفسه، شعور الكاتب بالغبن عندما يرى طريقة المصارف في التعامل مع أموال الناس واستثمار حاجتهم إلى المال وجهلهم بطريقة التعامل معه، وأخيراً استوقفني في المقال، مطالبة الكاتب المؤسسات والمنظمات الحكومية، التي تحول رواتب موظفيها إلكترونيا أن تدرس مثل هذا الموضوع جيداً وتأخذ في الحسبان ما يمر به الناس من كوارث مالية.
إن توجه معظم الأجهزة الحكومية، بما في ذلك الشركات العاملة في القطاع الخاص، بإيداع رواتب العاملين لديها في حساباتهم المصرفية لدى المصارف التجارية العاملة في المملكة، يعد أسلوباً حضارياً وتكنولوجيا سليماً، وبالذات في ظل ما تشهده السعودية من تطور مذهل في مجال تقنية المعلومات بشكل عام، وما يشهده القطاع المصرفي من تقدم وتطور غير مسبوق في مجال التقنية المصرفية بشكل خاص، بالشكل الذي هيأ البيئة التقنية والمعلوماتية المواتية للأجهزة الحكومية وغيرها من إيداع رواتب العاملين لديها في حساباتهم المصرفية لدى المصارف، ولا سيما أن مثل هذا الأسلوب يوفر على تلك الجهات الكثير الوقت ويجنبها الجهد والعناء، نتيجة لاتباع الأسلوب التقليدي في صرف رواتب الموظفين. إضافة إلى ذلك فقد أسهم صرف رواتب الموظفين في استخدام التقنيات الحديثة، في تحقيق العديد من الفوائد والمزايا للجهات الحكومية وغيرها، التي تصرف رواتب موظفيها إلكترونياً، والتي من بينها على سبيل المثال لا الحصر، أنها أصبحت طريقة مناسبة وآمنة ومريحة للغاية، وبالذات أن الأسلوب القديم الذي كان يتبع في صرف الرواتب، كان يعرض أمين الصندوق وعهدة الرواتب للعديد من المخاطر والمشكلات، التي من بينها، هدر وضياع الأموال، نتيجة للعجز المالي، الذي كان يحدث في الماضي، أو نتيجة لتعرض العهدة للسرقة أو للاعتداء من قبل الغير. كما أن الأسلوب الحديث في صرف الرواتب، أسهم بشكل كبير في توفير التكاليف الإدارية على الأجهزة الحكومية وغيرها من الجهات، التي كانت تتحمل تكاليف ومصاريف إدارية باهظة تتمثل في نقل الأموال ودفع مصاريف الانتدابات لأمناء الصناديق وإلى غير ذلك من التكاليف، كما أن أسلوب دفع الرواتب الحديث مكن من توفير سلسلة من الحلول المالية والمصرفية المتكاملة للجهات الحكومية، إضافة إلى توفير المعلومات لها عن الرواتب بشكل آلي وآنٍ، يمكنها من إجراء المطابقات المالية والمحاسبية اللازمة بسهولة ويسر، وفي الشهر نفسه.
بالنسبة للموظفين، فقد وفر لهم نظام صرف الرواتب إلكترونياً أيضاً العديد من المزايا والفوائد التي من بينها، ضمان وسرعة الحصول على الراتب، وإمكانية الاستعلام عن الراتب على مدى الـ24 ساعة يوميا بواسطة استخدام أجهزة الصرف الآلي المرتبطة بالشبكة السعودية للمدفوعات الآلية (سبان)، المنتشرة في جميع أنحاء المملكة دون التقيد بساعات العمل الرسمي للمصارف. كما مكن نظام صرف الرواتب الحديث الموظف من صرف الراتب من خارج المملكة عن طريق بطاقات الشبكة السعودية، دون الحاجة للحضور إلى فروع المصارف والوقوف والانتظار في الطوابير، ما هيأ ووفر للموظفين بيئة مناسبة ومواتية لاستلام الرواتب تتسم بالسهولة والراحة والمرونة.
وحرصاً من مؤسسة النقد العربي السعودي ''ساما'' على تسهيل عملية صرف الرواتب إلكترونياً، تم تشغيل النظام السعودي للتحويلات المالية السريعة والمعروف اختصاراً بـ''سريع'' في آذار (مايو) 1997، متوجاً بذلك عقداً من الإنجازات الكبيرة التي شهدتها السعودية في مجال الأعمال المصرفية (الإلكترونية)، الذي من بين أحد أهدافه الرئيسة، إجراء التحويلات المالية آلياً وضمان وصولها إلى المستفيد فوراً، وتقليل المخاطر المالية والاستغناء عن حمل النقد بغرض التحويل من مصرف إلى آخر. كما يمكن استخدام النظام في تحويل دفعات مجمعة أو مفردة خاصة بالرواتب، إضافة إلى استخدامه في إتمام عمليات التحويل للمستحقات الأخرى للموظف، مثل بدل الانتداب، أو مكافآت العمل الإضافي .. إلخ.
وبالنسبة لما أثاره الكاتب بخصوص أن تحويل رواتب الموظفين إلكترونياً لحساباتهم في المصارف، تسبب في تورط الكثير من المواطنين في قروض بفوائد مركبة والتزامات مالية ضخمة تلحقهم حتى بعد تقاعدهم، وما إن يتخلص الموظف من قرض.. فهذا الاستنتاج والافتراض غير صحيح، لكون المصارف التجارية العاملة في المملكة، تعمل تحت مظلة وبيئة قانونية وتشريعية مصرفية محكمة ونزيهة للغاية، وتحكم جميع تعاملاتها نظام مراقبة المصارف الصادر عن مؤسسة النقد العربي السعودي، إضافة إلى أن هناك ضوابط ومعايير دقيقة وصارمة، صادرة عن البنك المركزي، تضبط آلية منح التمويل الاستهلاكي بأنواعه المختلفة، حيث لا يتسبب ذلك في إثقال كاهل المقترض من جهة، ولا يحدث اختلال في حساب المخاطر المرتبطة بمنح التمويل من جهة أخرى، الأمر الذي يؤكده أنه على الرغم من توجه المصارف التجارية منذ عام 1999 إلى التوسع نسبياً في منح القروض الاستهلاكية للأفراد لترتفع من نحو 38.4 مليار في نهاية عام 2001، إلى نحو 248.9 مليار ريال بنهاية الربع الأول من العام الجاري، إلا أن نسب التعثر في السداد لا تزال في حدودها الدنيا والمقبولة مهنياً وعملياًً، والتي تتراوح ما بين 1.5 و2 في المائة.