السيناريو المخيف عند تجاهل متطلبات سوق السيارات

السيناريو المخيف عند تجاهل متطلبات سوق السيارات

يقدم معرض باريس للسيارات لزواره هذا العام - كما هي العادة - مزيجا من الموديلات الجديدة والتصميمات المبتكرة لكبار منتجي السيارات في العالم . وكواحد من أهم المعارض المتخصصة في مجاله، فإن هذا العرض يصلح لأن يكون مختبرا للأمزجة السائدة بين كبار المنتجين . أما النتيجة فواضحة: إن صناعة السيارات تنظر إلى المستقبل بارتجاف أكثر من كونها نظرة حذر ، فعدد الشركات و المصانع التي تجتاز مرحلة حرجة ليس بالقليل .
وتنطبق هذه المقولة بشكل كبير على المنتجين الأميركيين الذين اعتاد الناس منذ زمن على تسميتهم الثلاثة الكبار مع أنه تعاد تسميتهم حاليا، بسبب مشكلاتها المزمنة، المرضى الثلاثة . ولم يتقبل الأميركيون بعد وعلى عكس اليابانيين حقيقة أن السيارات الشرهة في استهلاك الوقود لا مستقبل لها في عصر ارتفاع أسعار النفط . أما المحاولة الأخيرة لبيع الموديلات التي لا تلقى رواجا عن طريق منح خصومات هائلة، فقد أدت كما هو متوقع إلى تردي الإيرادات وارتفاع الأصوات بالشكوى و الأنين .

وفي شركة فورد، اضطر بل فورد إلى التخلي عن منصبه كمدير تنفيذي للشركة ليحل محله ألن مولالي أحد مديري صناعة الطيران ، الذي سيعمل حتى عام 2008 على إلغاء ما لا يقل عن 30 ألف وظيفة حتى يكون من الممكن العودة إلى تحقيق الأرباح في عام 2009 ، وهو الأمر الذي سيتطلب خطة إنعاش غاية في التعقيد .

وفي شركة جنرال موتورز، لا تبدو الأوضاع أحسن حالا رغم أنها الشركة الأولى في سوق السيارات التي يجد رئيس مجلس إدارتها ريك واجنر نفسه مضطرا و تحت إلحاح أحد المساهمين الرئيسيين لإجراء محادثات مع شركة رينو – نيسان لإقامة تحالف لا يثير عمليا لدى واجنر أي اهتمام.
وقبل بضعة أيام اضطرت شركة كرايزلر وهي الصغرى بين " الثلاث الكبار " ، إلى خفض مستوى توقعاتها وهي الآن بصدد اتخاذ سلسلة من الإجراءات التقشفية . ومع ذلك فلا أحد يستطيع أن يشطب صناعة السيارات الأميركية ، ولكنها في حالتها الراهنة لم تعد تخيف أحدا – إلا نفسها في أحسن الحالات .

إن نقاط ضعف الأميركيين لا ينبغي أن تكون سببا لابتهاج الأوروبيين ، بل يجب أن تكون بمثابة سيناريو مخيف لما يمكن أن يحدث للأوروبيين أيضا إذا تجاهلوا متطلبات السوق . ومن المعروف أيضا أنه ليس جميع الشركات في القارة العتيقة تتدفق صحة وعافية . إذ لا تزال شركة فيات هي " الرجل المريض " ذات المستقبل الذي يصعب التكهن به . وفي شركة بيجو – ستروين حل محل جان مارتن فولتس المستقيل رجل جديد سيكون مطالبا باتخاذ إجراءات حاسمة ، لتجديد تشكيلة الموديلات ولزيادة ربحية الشركة مالكة العلامتين التجاريتين.

و لم تسلم حتى مملكة الرجل المعجزة كارلوس غصن حيث بدأت تظهر بوضوح بعض الخدوش على الطلاء إذ لم تعد لا رينو ولا نيسان في قمة لياقتيهما , أما المنتجون الألمان فأوضاعهم جيدة بشكل عام . إلا أن فولكس فاجن بشكل خاص مطالبة بالسيطرة على تكاليفها . وكذلك فإن شركة ( بي إم دبليو BMW ) تسبح منذ فترة من الزمن على غيمة يعتقد بعض المراقبين أنها لن تبقى طويلا قادرة على حمل الشركة. وتحاول شركة مرسيدس أن تلمع صورتها التي شابها أخيراً بعض الخدوش ، وإن كانت ، شأنها شأن منافستها ذات العلامة البيضاء والزرقاء ، تكسب كميات كبيرة من الأموال .
ولعل من الطبيعي أن تنتشر التكهنات حول قرب قيام ائتلافات وتحالفات وربما اندماجات هذا القطاع الذي يعاني من بلاء تضخم الطاقات الإنتاجية ذلك لأنه لا وجود لمنافسة ذات معنى من قبل البلدان الصاعدة . وفي النهاية قد ينشأ اتحاد ضخم يستطيع أن يفرض على مورديه أسعارا أقل.وتقدم شركتا رينو ونيسان خير مثال على التحالف القابل للنمو والتطور . أما تويوتا فتنتهج استراتيجية معاكسة تعتمد على السير منفردا وقد حقق لها ذلك نتائج جيدة جدا . ومهما يكن الأمر، فإن ثمة ما يشير إلى أن صناعة السيارات تقف على عتبة تطورات مهمة في المستقبل.

الأكثر قراءة