العمل في السجن يعطي السجناء بريق أمل

العمل في السجن يعطي السجناء بريق أمل

لم يكن لدى ديف عمل على الإطلاق قبل دخوله السجن، ولكن بعد ثلاثة أشهر من العمل داخل سجن إتش إن بي ألتكورس في فازاكرلي، ميرسيسايد، فإنه في شوق للانضمام إلى مراتب العاملين. وبينما كان يمكن أن يعود إلى تجارة المخدرات بعد إطلاق سراحه، فإن ذهنه الآن يتركز على سيرة عمل في مجال اللحام.

هذا الشاب واحد من 30 سجيناً تمت مكافأتهم بإعطائهم دوراً في ورشة تصنيع المعادن في الشركة التي أنشأتها شركة نوربرو، قبل ستة أشهر، وهي شركة أنشئت لإدارة إنتاج السجن، وربطه مع موزع محلي.

كان هذا هو المشروع الذي تبناه وزير العدل البريطاني، كين كلارك، حين قال إنه يريد إنشاء شركة تقدم فرص عمل في كل سجن. وفي ظل كون أكثر من نصف البالغين من ذوي فترات السجن القصيرة، يعودون إلى المخالفة خلال عام من إطلاق سراحهم، فإن كلارك يأمل أن زيادة وظائف الدوام الكامل في عمل السجون من تسعة آلاف إلى 20 ألف وظيفة، في نهاية هذا العقد، سوف يساعد بصورة أفضل على إعادة تأهيل السجناء، مثل ديف. سجن ألتكورس واحد من خمسة سجون في المملكة المتحدة تديرها شركة الأمن G4S التي أطلقت أخيراً حملة لتشجيع الشركات على فتح أعمال تجارية لها في السجون. وداخل ورشة عمل سجن ألتكورس، يعمل السجناء الذين يرتدون ملابس عمل برتقالية اللون، ما مجموعه 40 ساعة أسبوعياً، حيث يصنعون أثاث المكاتب مقابل أجر يبلغ 28 جنيهاً استرلينياً، حيث يتم تخصيص 20 في المائة منه لمشروع ادخار إلزامي تستخدم أمواله لدى إطلاق السجين، كما يخصص جنيه واحد لمؤسسة خيرية تعمل لصالح الضحايا. ويمكن إنفاق الباقي على الطعام، والشراب، وعلى الصابون، والمعطرات.

كان أندي الذي لديه خبرة أعلى من بقية السجناء، يصرخ بصوت مرتفع وهو يتحدث لـ ''فاينانشال تايمز''، متجاوزاً ضجيج آلات الجلخ، حيث قال إن العمل يفترض أن يمنعه من العودة إلى السجن. ''تعرضت إلى بعض الصعوبات المالية لأنني لم أستطع الحصول على عمل في مجال البناء، وبذلك ارتكبت المخالفة. وكانت هنالك وظيفتان تتطلبان مهارة اللحام، ولكن لم تكن لدي أي خبرة، غير أنني أمتلكها الآن''.

مدير هذا السجن، جون مكلافلن، دقيق للغاية إزاء حصول السجناء على عمل. يقول مكلافلن ''طبيعي أنني لن أجعل قاتلاً باستخدام فأس يعمل في ورشة هندسية فيها كل المعدات الموجودة هنا، ولكنني لن أستثني أي شخص (آخر) بسبب مخالفته''.
شأنه في ذلك شأن وزير العدل، فإن مكلافلن على قناعة بأن هذه الورشة لن تؤثر سلباً على عمل الشركات المحلية. وبدلاً من ذلك، فإن شركة نوربرو تستعيد النشاط العملي إلى المملكة المتحدة بعد أن كانت شركات هندية تتولاه.
ويقول كذلك: ''لا نرغب في إغلاق الورشات الهندسية في نوزلي، أو كيركبي، أو أي مكان آخر. وإن نقطة انطلاقنا هي استعادة النشاط العملي الذي كان يخرج من البلاد، وتقديم فرصة لمخالفينا كي يطوروا مهاراتهم''.

إنه يشارك كلارك تصميمه على أن تكون أي ورشة عمل في السجن مشروعاً تجارياً، وأن العقد مع شركة نوربرو جرى التفاوض عليه بعناية. وإنني لا أعمل في نزف الأموال لمجرد الإبقاء على الورشة مفتوحة''.

لدى دافيد نوربيرن، مدير شركة نوربرو، أيضا تركيز أقوى على النقطة الجوهرية. ويقول في هذا الصدد: ''نظرت إلى فرصة العمل مع سجن ألتكورس في مشروعه كأمر مجد اقتصادياً، وليس مجرد إعادة تأهيل للسجناء، فأنا، قبل كل شيء، رجل أعمال''.

بينما لم تبلغ المملكة المتحدة ما بلغته فرنسا، وألمانيا – حيث يكسب بعض السجناء أجوراً قريبة من الحد الأدنى للأجور، برواتب تبلغ نحو 400 يورو (034 جنيهاً استرلينياً)، فإن شركة مثل شركة إصلاح الأحذية، ''تيمبسون''، تدير ورشات عمل في السجون، وتسمح للسجناء من ذوي الخطورة الأدنى بالعمل في متاجرهم ضمن فترات إطلاق سراح يومية.
إن جيمس تمبسون، الرئيس التنفيذي للشركة، حساس من تهمة أن عمال السجون يمكن أن يأخذوا فرص عمل المواطنين الملتزمين بالقوانين. ويقول إن بعض الصناعات، مثل إعادة التدوير، متخلفة لأن تكاليف العمل مرتفعة للغاية. ''أما في السجون، حيث يراوح أجر العامل الأسبوعي بين 15 و20 جنيهاً استرلينياً، فإن في برامج إعادة التدوير مكسباً للجميع، لأنه بدون ذلك، لن ينجزها أحد''.

إن شركة G4S متحمسة للتعاقد مع شركة كبرى لإعادة التدوير لإدارة فروع لها في عدد من المؤسسات التي تديرها. غير أن من المحتمل أن يكون من الأصعب إشراك الشركات المحلية الأصغر حجماً. ووجدت دراسة شملت أكثر من 500 من المشروعات الصغيرة والمتوسطة، قامت بها شركة يوغوف بتكليف من شركة G4S، أن 61 في المائة منها لم تكن على علم بالمبادرة الحكومية لجعل السجون أمكنة للعمل، وأن 51 في المائة منها لم تستطع أن تلمس أي منفعة من تشغيل السجناء.

إن أندي في ورشة ألتكورس واضح بخصوص الجانب الإيجابي لدى السجناء، حيث يقول: ''يريد الناس التقدم بحياتهم إلى الأمام. وإن العمل هنا جزء من ذلك، حيث لا تعني إعادة التأهيل الجلوس في زنزانة لفترة 23 ساعة في اليوم''.

الأكثر قراءة