هناك عدم ثقة بالصناعة المحلية.. ونظام مشتريات الدولة لا يعطيها أي ميزة

هناك عدم ثقة بالصناعة المحلية.. ونظام مشتريات الدولة لا يعطيها أي ميزة
هناك عدم ثقة بالصناعة المحلية.. ونظام مشتريات الدولة لا يعطيها أي ميزة

أكد لـ ''الاقتصادية'' سلمان بن محمد الجشي عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية للمنطقة الشرقية، رئيس لجنتها الصناعية، نائب رئيس اللجنة الصناعية في مجلس الغرف السعودية، أن الخيار الاستراتيجي لأي دولة في الوقت الحالي، يكمن في زيادة الاستثمار الصناعي بكل جوانبه، وذلك من خلال توحيد الرؤى بين القطاعين العام والخاص، الذي أثبتته بشكل جلي الأزمة المالية العالمية السابقة.
وأوضح الجشي أنه لتحقيق هذا الخيار لا بد من معالجة عدد من القضايا والمعوقات التي تواجه الصناعة السعودية، التي من أهمها تطوير الأراضي الصناعية، إلى جانب عدم تقديم الدعم الكافي للصناعة كي تقوم بالدور المأمول منها في تنويع مصادر الدخل، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن معالجة هذه المعوقات أو القضايا تكون من خلال عدة جوانب، أهمها نظام المشتريات في الدولة، المدن الصناعية، صندوق التنمية الصناعية، الغرف التجارية الصناعية، إضافة إلى توطين الصناعة، وعمل اتفاقيات للاستفادة من صناديق التمويل ودعم الصادرات المختلفة، التي تصب في تنمية الصناعة وتطورها.
''الاقتصادية'' بدورها طرحت على سلمان الجشي، عديدا من المحاور الخاصة بالصناعة السعودية وتطورها، والمشكلات والصعوبات التي تواجهها، فإلى الحوار التالي:

من وجهة نظركم ما الذي ينقص الصناعة السعودية في الوقت الحالي؟
أود في بادئ الأمر أن أدعو العلي القدير أن يمن على خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الداعم الأول للصناعة، بوافر الصحة والعافية، هذا القائد الذي وجدت منه الصناعة السعودية دعما لا محدود، سواء كان معنويا أو ماليا، كما أقدم شكري وتقديري لولي العهد، والنائب الثاني، لما يوليانه من اهتمام ودعم للاقتصاد الوطني، ولأمير الشرقية ونائبه، لحرصهما الدائم على أن تكون الشرقية عاصمة للصناعات الخليجية، والشكر موصول لوزير التجارة والصناعة، الذي لم يألُ جهدا منذ توليه منصبه، في تذليل وحل المشكلات التي تواجه التجارة والصناعة بشكل عام، وفي تقديري أن الصناعة السعودية ما زالت تفتقد الثقة من الداخل، ولا أقصد الصناعات الكبيرة، وإنما تركيزي على الصناعات الصغيرة والمتوسطة التي تعد هي الركيزة الأساسية لكثير من اقتصادات دول العالم، وخير دليل على عدم الثقة، لجوء الشركات الكبيرة لدينا كـ ''أرامكو''، ''سابك''، ''الكهرباء''، وغيرها من الشركات، إلى شركات أجنبية في تنفيذ مشروعاتها، على الرغم من وجود نظيراتها السعودية، ومن وجهة نظري أن عدم الثقة هذا لن يدعم مشاركة الصناعة في الدخل القومي، وسيبقى الاعتماد على النفط فقط.

إذن في تقديريكم.. ما الأسباب؟
العالم يشهد تطورا هائلا في الصناعة، وهذا يحتم علينا مواكبة هذا التطور جنبا إلى جنب، إذا أردنا أن نعتمد على الصناعة فعلا، وهذا ما دعا إليه خادم الحرمين الشريفين حينما قال ''الصناعة هي خيارنا الأول''، أما الأسباب فمن وجهة نظري، تشمل في هذا الجانب عدة مجالات، منها نظام المشتريات في الدولة، عدم وجود مرجعية موحدة للصناعة، عدم وجود مرجعية موحدة للعمل، آليات العمل في الغرف التجارية الصناعية، وآليات صندوق التنمية الصناعية، إلى جانب عدم الاستفادة من الجهات التمويلية التي تشارك المملكة في حصص كبيرة فيها، وإهمال جانب توطين الصناعة، والأهم من ذلك قلة الإيمان بدور مساهمة الصناعة في تطور ونمو الاقتصاد الوطني.

ذكرتم نظام مشتريات الدولة، نود منكم تسليط الضوء على هذا الجانب بشيء من التفصيل؟
نظام مشتريات الدولة الحالي لا يعطي أي ميزة للصناعة المحلية، ويتعامل معها بالطريقة نفسها التي يتعامل بها مع الموردين من خارج السعودية، لذا وجهنا عددا من التوصيات في هذا الجانب التي تشمل إعطاء أفضلية للمصانع المحلية في مشتريات الدولة حتى بزيادة معينة عن سعر المشتريات المستوردة يتم الاتفاق عليها، وإذا كان هذا الأمر يتعارض مع أنظمة التجارة العالمية، فهناك آليات شبيهة لمعالجة هذا الأمر مثل ضريبة القيمة المضافة، كذلك أن تقوم وزارة المالية في حالة توقيع أي عقد مع المصانع المحلية بصرف 50 في المائة من قيمة العقد مقابل ضمان بنكي، وتخصم كنسبة من كل مستخلص يتم تقديمه للوزارة من قبل المصنع، لكون تكلفة المواد الخام المباشرة في أي صناعة تراوح في الأغلب بين 30 في المائة و70 في المائة، وذلك مقارنة بقطاع المقاولات.

فيما يخص صندوق التنمية الصناعي، ما المقترحات التي تعمل على تفعيل في هذا الجانب؟
أود أن أركز أولا على ضرورة تفعيل دور صندوق التنمية الصناعية بشكل أكبر، من خلال تقديم منتجات تمويلية أخرى للقطاع الصناعي، ومراجعة حزمة الرواتب والحوافز الممنوحة لموظفي الصندوق لتكون منافسة لقطاع البنوك والشركات، وتفعيل أكبر لدور الصندوق في تقديم الاستشارات اللازمة لمساعدة وتوجيه المشاريع الصغيرة والمتوسطة في إدارة أمورها المالية والفنية، والمساهمة مع الجهات ذات الاختصاص، لمراجعة معايير إعداد دراسات الجدوى، والعمل على رفع مستوى المكاتب الاستشارية المحلية، واعتمادها بعد تأهيلها، إضافة إلى زيادة رأسمال صندوق التنمية الصناعية بمبلغ لا يقل عن 15 مليار ريال تضاف إلى رأسماله الحالي، وذلك لتغطية الطلب المتوقع على الصندوق في الأعوام المقبلة، خصوصا أن صندوق التنمية الصناعي يعد من الصناديق الربحية، التي لها مردود مادي عن القروض التي يقدمها.

هذا فيما يخص صندوق التنمية الصناعية، ماذا عن الغرف التجارية الصناعية في هذا الجانب؟
في هذا الجانب من الضروري والمهم تفعيل دور الغرف التجارية الصناعية في نشر ثقافة الاندماج والاستحواذ، إلى جانب حث الشركات الكبيرة، خاصة شركة أرامكو السعودية، شركة سابك، الشركة السعودية للكهرباء، شركة معادن، وغيرها من الشركات العملاقة، على إشراك أكبر للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في مشاريعها، حيث تمثل هذه المؤسسات نسبة 80 في المائة من مشتركي الغرف، كذلك العمل على دعم إنشاء صناعات تحويلية تعمل على توطين الصناعة.

#2#

إذن كيف تقيمون عمل الغرف التجارية الصناعية في السعودية حاليا؟ وما الذي ينقصها؟
الغرف التجارية الصناعية ينقصها الكثير، وفي اعتقادي أنه آن الأوان لإيجاد نظام جديد لها، بدلا من نظامها القديم الذي مضى عليه أكثر من 40 عاما، نظام يتميز بالشفافية، ونظم الحوكمة، وتحديد الأدوار، ويتواكب مع المتغيرات الاقتصادية، سواء على الصعيد المحلي أو الخارجي، حيث إن نظام الغرف السعودية، لا يحاكي الواقع في كثير من جوانبه، ولا نجد فيه مواد شفافة، تحدد مباشرة مسؤوليات وصلاحيات مجالس إدارات الغرف، أو صلاحيات رؤسائها، أو جمعياتها العمومية، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى تخبط القرارات في بعض الأحيان، والدخول على صلاحيات أخرى، وذلك لعدم الاستناد إلى مواد نظامية تخص تلك القرارات أو الصلاحيات، فلا بد من تحديد الأدوار وتقييم العمل، ومن ذلك ضرورة إلزام المرشح لمجالس إدارات الغرف، في أن يعمل في لجانها مدة معينة كي يترشح لهذه المجالس، إضافة إلى مواد تقييم ومحاسبة أعضاء المجالس، كما نطمح إلى إيجاد نظام آخر يحكم التنسيق بين الغرف التجارية والصناعية نفسها، ويحدد أنظمتها الداخلية، من خلال رؤى وأهداف مشتركة تغطي جميع الجوانب في الغرف السعودية.

ماذا عن جهاز هيئة تنمية الصادرات، والاتفاقيات التي تقترحون عقدها؟
تفعيل جهاز تنمية الصادرات، أمر مهم للغاية بالنسبة للصناعة السعودية، من خلال تفعيل قرار مجلس الوزراء القاضي بإنشاء هيئة تنمية الصادرات منذ ثلاثة أعوام، واقترح في هذا الجانب أن يقوم هذا الجهاز بتمويل المبيعات المحلية لفترة ثلاثة أعوام، وإصدار ضمانات للمبيعات المحلية بالنسبة للمصانع الصغيرة والمتوسطة، والمشاركة في المعارض الدولة التي من خلالها تسويق المنتج الوطني، خصوصا للمصانع الصغيرة والمتوسطة، أما فيما يخص الاتفاقيات فتشمل عقد اتفاقيات مع بنوك الصادرات في العالم، إلى جانب الاستفادة من البنك الإسلامي بجميع أذرعه، وصندوق الأوابك، والبنك الدولي في تمويل إنشاء المصانع، وتمويل صادراتها، خصوصا أن السعودية تعتبر من أكبر الداعمين لهذه الصناديق.

ذكرتم سابقا أن هناك إهمالا لتوطين الصناعة، ماذا تقصدون من ذلك؟
مع الأسف أن هناك جهات لم تقدر جهود ولاة الأمر، في أن تكون الصناعة خيارنا الأول، فعندما نسمع عن توقيع الشركات الكبيرة عقودا بالمليارات مع شركات أجنبية، نجد أن هذه العقود تكاد تخلو من توطين الصناعة أو الخدمات المتعلقة بها، وعلى العكس تقوم جميع الشركات الأجنبية المتعاقدة بجلب احتياجاتها من الخارج كافة، على الرغم من وجود الكثير من هذه المشتريات والخدمات المساندة داخل السعودية، حيث إن هناك عددا كبيرا جدا من السلع الصناعية التي يوجد تشابه كبير بين القدرة الإنتاجية للمملكة منها وحجم الطلب الاستيرادي المرتفع، وبالتالي توجد أهمية لتوجيه الطلب على الإنتاج المحلي منها، لخلق قيمة مضافة محلية، وتنمية هذه الصناعات، إذ إنه من المعروف لدى الجميع، أن المملكة تنفق مبالغ كبيرة سنويا في العديد من مشاريع الشركات الكبيرة، أي أن نسبة كبيرة من الاستفادة يتم دفعها إلى الشركات الأجنبية مقابل خدمات التصنيع، والإنشاءات، والتصميمات الهندسية، والدراسات الفنية، والآلات، والمعدات، وبالتالي يتم تحويل جزء لا يستهان به من العائد الاقتصادي إلى خارج البلاد من دون الاستفادة منه في تنمية الاقتصاد المحلي، حيث يكمن هنا هدف توطين الصناعة ومشترياتها، وللأسف هناك عديد من الصناعات التي تحتاج إليها المشاريع السعودية بمختلف أنواعها، داخل السعودية ولا نحتاج إليها من الخارج، ولكن نصطدم بواقع مرير عندما نجدها تأتي من الخارج وهي متوافرة لدينا، وحتى إن لم تكن متوافرة لدينا، لمَ لا نعمل على توطين صناعتها؟ ونحقق قيما مضافة إلى الاقتصاد الوطني، ومن ثم تحقيق أمن اقتصادي على المستوى المحلي والمستقبلي، أي أنه في حال وجود طارئ، فإننا لا نحتاج إلى غيرنا، ولا تتوقف صناعاتنا، وهنا يأتي دور المرجعية الواحدة للصناعة التي ستكون لها الكلمة الفيصل في إلزام تلك الشركات بالعمل على توطين الصناعة والمشتريات، من خلال العقود التي تبرمها، خصوصا أن الحكومة هي من تملك أو تشارك بحصص رئيسة في تلك الشركات الكبيرة، كما تعمل على متابعة وتطبيق القرارات الملزمة على أرض الواقع، كذلك يجب إلزام الجهات المقرضة مثل صندوق الاستثمارات العامة وصدوق التنمية الصناعي، أن تشترط ذلك عند إقراضها، والعمل على تحقيق هذا الهدف، وأن يكون شرطا إلزاميا عليها، وهنا لا بد على الشركات الكبيرة أن تغير من سياساتها، ومنها ''أرامكو'' التي تستورد من الخارج نحو 80 في المائة من مستلزمات إنتاج البترول.

ذكرتم عدم وجود مرجعية للصناعة، هل نفهم من ذلك أنكم تطالبون بفصل الصناعة عن وزارة التجارة؟
هنا ليس المهم الفصل، المهم أن تكون هناك مرجعية مستقلة للصناعة خاصة بها، أي أننا نريد أي قرار يتعلق بالصناعة يكون له مرجعية واحدة، فالاستراتيجية الصناعية مرتبطة بأهداف معينة، لا يمكن أن تتحقق إذا لم يكن هناك مرجعية لها، وذلك لتشعب الجهات التي تصدر قرارات فيما يخص الصناعة، كوزارة البترول، الهيئة الملكية للجبيل وينبع، وشركة أرامكو السعودية، ومصلحة الجمارك، وغيرها من الجهات، فنحن نريد كصناعيين ألا تضيع الصناعة بين تلك الجهات.

يتعذر عدد من الجهات الحكومية عند طرح مشاريع كبيرة لديها للمنافسة في عدم وجود مقاولين سعوديين للتنفيذ ما تعليقكم على ذلك؟
هذا الكلام صحيح، ولكن لحل هذه المشكلة، لم لا يتم العمل على إيجاد شركات لإدارة المشاريع؟ تعمل على تقسيم المشروع المطروح على الشركات، بداية من التصميم وانتهاء بالتنفيذ، وبالتالي لا يوجد تأخير في تسليم المشاريع، ضمن خطة معينة، تعتبر شركة الإدارة هي المسؤولة عن الالتزام بها أمام الجهات الأخرى، كما سيعطي ذلك فرصة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة للدخول والمشاركة في المشاريع العملاقة، وهنا أود أن أركز على نقطة مهمة، تتمثل في ضرورة تغيير عملية الصرف للمشاريع المتبعة حاليا في نظام وزارة المالية، ويتم اتباع آلية الصرف المتبعة في شركة أرامكو السعودية مع مقاوليها.

هل يعني ذلك أنكم تنتقدون نظام الصرف المتبع حاليا في وزارة المالية؟
وزارة المالية تقوم بدور كبير وجهد ملحوظ، ولكن كبر المساحة الجغرافية للمملكة، وزيادة عدد السكان، يتطلبان تطورا أكثر في هذا الدور، بحث يتطور دور وزارة المالية من جهة اعتماد وتمويل وصرف، إلى جهة تمويل وصرف فقط، وألا يكون لها أي قرار في نفعية المشروع من عدمه، إذ تعود هذه المسألة للجهات المعتمدة للمشروع من الوزارات، أو الجهات الحكومية الأخرى.

ما توقعكم لدور هيئة المدن الصناعية خلال الفترة المقبلة؟
في الفترة السابقة لهيئة المدن الصناعية لم نلحظ أي تقدم يذكر، أو جهود تبذل في تطوير الأراضي الصناعية، أما في الوقت الحالي فتبذل هيئة المدن الصناعية جهودا كبيرة في تطورها وإنشاء المزيد من المدن الصناعية، ولكن ما زالت تحتاج إلى دعم كبير، كي تتواكب مع النمو الصناعي الهائل الذي تشهده البلاد حاليا، ومن وجهة نظري أنه مع الوفر المالي الكبير للدخل في السعودية، لا بد من أن يكون لهذه الهيئة دور نشط ومميز في حل مشكلة الأراضي الصناعية وتطويرها، كما أنه لا بد من توفير دعم أكبر للهيئة لتوفير المواقع الصناعية لاستثمارها بمتابعتها، وذلك من خلال تقديم دعم مالي كبير، تستثمر الهيئة من خلاله المواقع الصناعية وتعمل على تطويرها، وإيجاد أراض صناعية جديدة ومطورة، ومن ثم سنرى مدى العائد المادي الكبير الذي سيتحقق من وراء هذا الاستثمار، وخير مثال على ذلك ما تم استثماره في المدن الصناعية الحالية قبل 37 عاما، وسنرى كيف يعود هذا الاستثمار سواء على الاقتصاد الوطني، أو توفيره للفرص الوظيفية للشباب السعودي.

في رأيكم، ما عوائق الاستثمار الصناعي في السعودية؟ وما المطلوب لجذب الاستثمارات الأجنبية للبلاد؟
الهيئة العام للاستثمار كانت تتمتع في السابق بأسلوب سلس وسهل، استطاعت من خلاله جذب العديد من المستثمرين، أما في الوقت الحالي، فكثرت فيها الاشتراطات غير اللازمة، فمن وجهة نظري أن عوائق الاستثمار الصناعي في السعودية تعود لعدة أسباب تشمل الروتين، إضافة إلى شح وتطوير الأراضي الصناعية، أما المطلوب لجذب الاستثمارات الأجنبية، يتمثل في سياسة واضح تركز على الصناعة وتدعم المدن الصناعية، وتطوير مدن صناعية في مختلف مناطق السعودية تخفف العبء عن المدن الرئيسية، إلى جانب الابتعاد عن القرارات السريعة غير المدروسة التي لا تعالج التطور المستقبلي للاقتصاد والصناعة، وأود أن أركز هنا على أنه من الضروري أن يعطى المستثمر الوطني أو الأجنبي في المناطق غير الرئيسة امتيازات خاصة، لكونه يعمل على توفير وظائف للشباب السعودي، وبالتالي بقاء هؤلاء الشباب بجانب عائلاتهم في تلك المحافظات، وعدم هجرتهم للمدن الرئيسة طلبا للتوظيف، فمن وجهة نظر خاصة أنه كلما زاد الاهتمام في الصناعة وزيادة عدد المصانع، إلى جانب الاهتمام في مخرجات التعليم التي تلائمها، زادت عملية التوظيف المستدام لأبناء هذه البلاد، أما بالنسبة للمطلوب كي تزيد الاستثمارات الأجنبية في البلاد هو تسهيل الإجراءات والبعد عن الروتين، والأهم تفعيل دور المرجعية الموحدة للصناعة.

من وجهة نظركم.. ما الأسباب التي أدت إلى عدم زيادة الاستثمارات الصناعية في البلاد؟
من أهم الأسباب مشكلة الأراضي الصناعية المطورة، والدعم المالي، إلى جانب عدم وجود مرجعية خاصة بالصناعة، وهنا أدعو الجميع للتكاتف لنحقق هدف النمو الاقتصادي، من خلال التوافق بين وزارة التجارة والصناعة، وزارة العمل، وزارة المالية، وزارة التخطيط، مخرجات التعليم، وجميع الجهات ذات العلاقة.

ما أهم القطاعات الاستثمارية التي يمكن أن تراهن عليها السعودية مستقبلا لتكون مصدر جذب للاستثمارات الأجنبية؟
الصناعة ثم الصناعة، وفي اعتقادي أن التركيز بشكل أكبر على الصناعات التحويلية، أو المنحدرة من الصناعات الأساسية هو ما يجب الاهتمام به، وسيكون بالفعل هو مستقبل الصناعة في السعودية، حيث سيتم من خلال ذلك تنويع مصادر الدخل، وعدم الاعتماد على النفط فقط.

ما مطالب الصناعيين على مستوى المنطقة الشرقية؟
المنطقة الشرقية جزء مهم من السعودية مثلها كباقي مناطق هذا الوطن العزيز، وإطلاق الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز أمير المنطقة الشرقية عليها عاصمة الصناعات الخليجية، يضع على الجميع مسؤولية كبيرة، نطمح من خلالها أن تكون عاصمة الصناعات العالمية، ولكن بسبب قلة الأراضي الصناعية في المنطقة، نأمل من وزير الشؤون البلدية والقروية اعتماد عدد من الأراضي الصناعية في محافظات المنطقة، تشمل محافظة حفر الباطن لقربها من الحدود العراقية والكويتية، ومحافظة الخفجي لقربها من المنطقة المحايدة بين السعودية والكويت، ومحافظة النعيرية لقربها من منطقة رأس الزور التي ستكون مركزا لصناعة الألمنيوم والفوسفات، ولعلك تدرك الأهمية الكبيرة للصناعة في جميع دول العالم وليس السعودية فقط، لذا تطرقت اللجنة الصناعية في غرفة الشرقية، لمطالب عديدة من الصناعيين في المنطقة، ولكن أبرزها في الوقت الحالي مطلب عدد من الصناعيين في تلك المحافظات لإنشاء مدن صناعية تخدم الميزة النسبية للمحافظات التي تطرقت إليها آنفا، ولو استطعنا تنفيذ هذا المطلب لوفرنا أيضا فرصا وظيفية لأبناء هذه المحافظات واستقرارهم بالقرب من ذويهم، ونحن في اللجنة الصناعية تبنينا هذا المطلب، وسنعمل على تحقيقه، كذلك سنعمل خلال الفترة المقبلة على التركيز على صغار المستثمرين الصناعيين، خصوصا الذين هم خارج المدن الصناعية، واحتوائهم ومناقشة همومهم.

بالنسبة لتدريب الشباب السعوديين وتأهيلهم، ما موقفكم كصناعيين من هذا المجال؟ وما وجهة نظركم فيه؟
السؤال لماذا يوجد لدينا شباب غير مدرب ويحمل مؤهلات لا تتوافق مع سوق العمل السعودي؟ ومن وجهة نظري.. أن هناك خللا في مخرجات التعليم في السعودية، لذلك لا تتوافق هذه المخرجات مع سوق العمل، وبالتالي يبحث القطاع الخاص عما يستطيع الاستفادة منه في أعماله، عن طريق استقدام العمالة المدربة من خارج السعودية، ونحن في السعودية لم نراع هذا الموضوع بالنسبة للمناهج الدراسية، من خلال تطويرها لكي يستفيد منها الشباب السعوديين في حياتهم العملية، وأشير هنا إلى أنه حتى الآن لم تركز مناهجنا التعليمية على غرس حب العمل وقيمه في الشباب السعودي، نحن في القطاع الخاص لا نقول إننا نريد الشباب السعوديي كلهم حرفيين، ولكن نريد أيضا منهم من ينخرط في سوق العمل من خلال قيادته مؤسسات صغيرة تواكب النمو الذي تعيشه البلاد في وقتنا الحاضر، لتصبح مستقبلا مؤسسات كبيرة تضيف لهذا الاقتصاد الضخم، وأود أن أبين لكم أن القطاع الخاص من جهته نظم المنتديات والندوات التي تنادي بتطوير الشباب السعوديين وتعليمهم، ولكن المحير أن التعليم يبقى كما هو عليه وكأنه يعيش منعزلا عما تحتاج إليه سوق العمل من مخرجات، وعلى سبيل المثال القطاع الخاص استثمر الكثير في التعليم الأهلي، هل تم إعطاؤه الفرصة لكي يطور مناهج تتوافق مع سوق العمل؟ نحن نؤمن بأن الحل بالنسبة لهذا الموضوع لن يأتي بين عشية وضحاها، ولكن نريد من الجهات المعنية أن تتحرك بالفعل، وتعمل على تخطيط سليم واستراتيجيات مدروسة، ومن ثم التنفيذ، وسنقف جمعيا يدا واحدة، لكي نصل إلى الأصلح بالنسبة لمناهجنا التي تؤهل لنا شبابا يقدس العمل وملائما لما يكلف به، وأود أن أركز هنا على أهمية استنساخ التجارب الناجحة والمفيدة التي أسهمت في توفير شباب سعوديين مؤهلين لسوق العمل، وأذكر منها على سبيل المثال: جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، كلية الجبيل الصناعية، معهد الجبيل التقني، ومعهد الإدارة العامة، ومعاهد التدريب المهني، حيت عملت جميعا على تخريج شباب سعوديين مؤهلين لسوق العمل.

هل تقصد أن هذا سيقود إلى خفض نسبة البطالة وارتفاع نسبة السعودة في القطاع الخاص؟
بالتأكيد نعم، ولكن بالنسبة لعملية السعودة، من المهم أن نبدأ حاليا في إيجاد المعلومة الصحيحة والدقيقة، من خلال ترابط الجهات المعنية في مشروع السعودة، كوزارة العمل، وصندوق الموارد البشرية، والتأمينات الاجتماعية، ومركز المعلومات الوطني، وأي جهة لها علاقة بذلك، أي أن تعمل هذه الجهات مجتمعة كجهة واحدة لإيجاد الأرقام الفعلية للعاطلين عن العمل، وأسمائهم، ومؤهلاتهم، ومقار سكنهم، ومن ثم العمل مع القطاع الخاص لحل مشكلاتهم، وتوفير الأعمال التي تناسبهم، خلال فترة زمنية محددة، ومعايير قياسية محددة، ولتكن أيضا هذه سياسة الغرف التجارية الصناعية في السعودية، للمشاركة وبذل الجهد في إيجاد الحل، الذي في نهاية المطاف هو لمصلحة أبنائنا وليس غيرهم، كذلك من الضروري أن تكون هناك اتفاقية بين جميع الجهات المعنية للوصول إلى تعريف محدد لرقم البطالة، كما من المهم إلى جانب إعطاء المعلومة الصحيحة وإتاحتها للجميع، أن يكون هناك سجل وظيفي لدى وزارة العمل للمواطنين والمقيمين، يستطيع من خلاله صاحب العمل، أو غيره الحصول على معلومة صحيحة ودقيقة وظيفيا، وأود أن أركز هنا على أهمية تكاتف الجهات في هذا المجال، فمثلا نظام مشتريات الدولة يجب أن يشترط عند توقيع عقود الصيانة والتشغيل مع الشركات، أن تكون هناك نسبة معينة للسعودة، وتتم متابعتها على أرض الواقع، والأهم أن يكون لوزارة العمل مرجعية موحدة لكل القرارات، والاستراتيجيات، والآليات الخاصة بالعمل.

الأكثر قراءة