«إنترنت الجوال».. ثورة تكنولوجية تكتمل في الشرق الأوسط بحلول عام 2015
تتفاوت مستويات استخدام الاتصالات وانتشار الإنترنت واستيعاب التكنولوجيا تفاوتا هائلا في منطقة الشرق الأوسط، حيث تعتبر الإمارات السوق الأكثر تقدما، ولكن في ظل التطور الذي تشهده اقتصادات هذه المنطقة، سيأخذ ذلك التفاوت في التلاشي على مدى العقد المقبل.
تراوح معدلات الانتشار في قطاع اتصالات الجوال بين 200 في المائة في الإمارات و30 في المائة فقط في اليمن، كما يشهد استخدام الإنترنت في عموم المنطقة تفاوتا بالقدر نفسه، حيث يراوح بين 90 في المائة من عدد السكان في البحرين وأقل من 5 في المائة من عدد السكان في اليمن والعراق. ووفقا للأرقام الصادرة عن الاتحاد الدولي للاتصالات الذي يتخذ من جنيف مقرا له، يقل معدل الاشتراكات في الإنترنت عريضة النطاق عن طريق الخط الثابت في عموم العالم العربي عن خمسة اشتراكات لكل 100 شخص في المتوسط، وإفريقيا هي المنطقة الوحيدة التي تحتل ترتيبا متأخرا.
إنترنت الجوال
مع اقتراب وصول الجيل الرابع من تكنولوجيا الجوال، ستكون إنترنت الجوال مجال نمو رئيسيا في السنوات المقبلة، حيث يتميز هذا الجيل الجديد المسمى بالتطور طويل الأمد بسرعة تنزيل نظرية تبلغ 150 ميجابت في الثانية، أي أسرع 20 مرة من سرعات الجيل الثالث اليوم التي تصل إلى 7.2 ميجابت في الثانية. وقد أجرت البحرين والإمارات والسعودية تجارب على هذه التكنولوجيا، ولكن تطبيقها في عموم المنطقة لن يتم قبل عامين من الآن، كما أنها لن تشهد انتشارا قبل الجزء الأخير من العقد الحالي. وحتى ذلك الحين ستستمر الهيمنة على هذا القطاع في يد مختلف إصدارات الجيل الثالث.
وما زالت بلدان مثل لبنان واليمن والعراق تفتقر إلى شبكات الجيل الثالث، إذْ يستمر عدم الاستقرار السياسي في الحيلولة دون استثمار شركات الاتصالات في البنية التحتية المطلوبة، وفي حين أنه من المقرر أن يتطور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في العراق بمعدلات سريعة في السنوات القليلة المقبلة بفضل الاستثمارات الأجنبية التي يجتذبها البلد، فمن غير المحتمل أن يشهد الوضع في اليمن ولبنان تغيرا على المدى القريب. غير أنه من المتوقع بحلول عام 2015 أن تمتلك بلدان الشرق الأوسط كافة تغطية جوال كاملة للمناطق الريفية، سوف تواصل سرعات النطاق العريض عن طريق الخطوط الثابتة ارتفاعها، ولا سيما في البلدان التي تستخدم كوابل الألياف البصرية مثل الإمارات، وفي بريطانيا نجد أنه من المقرر إجراء تجارب على سرعة 1 جيجابت في الثانية عبر الألياف البصرية، وينبغي أن تصل هذه التكنولوجيا في النهاية إلى الشرق الأوسط.
أما على جبهة تكنولوجيا المعلومات فنجد السنوات الماضية قد شهدت صعود نجم التعهيد الخارجي وخبو بريقه، ولكن دواعيه التجارية هي الآن أقوى منها في أي وقت مضى، حيث ستكون مراكز البيانات منطقة النمو الرئيسية للتعهيد الخارجي، ومن التوقع أن تشهد هذه المراكز نموا كبيرا في السنوات العشر المقبلة في ضوء نموذجيتها وازدياد كفاءتها، وهذا بدوره سيدفع تكاليف تشغيلها إلى الانخفاض.
وعلى الرغم من أن استخدام مراكز بيانات مملوكة للغير ما زال في طور النشأة في المنطقة، يتوقع المحللون إقبال مزيد من الشركات على تعهيد إدارة معلوماتها إلى جهات خارجية خلال السنوات العشر المقبلة، كما يُقدّر عملاق الكمبيوتر الأمريكي ''آي بي إم'' أن تزيد تكاليف تشغيل مراكز البيانات على مدى 20 عاما بمقدار خمس مرات عن تكلفة إنشائها. وفي أعقاب الأزمة المالية التي عصفت بالعالم، بدأت بعض الشركات في النظر في التعهيد الخارجي كبديل أرخص لتشغيل مركز بيانات داخلي.
ما يقدم دعما إضافيا لهذا التحرك نحو التعهيد الخارجي لمراكز البيانات هو بروز اهتمام متنامٍ بالحوسبة الغيمية أو السحابية، وهي فكرة قوامها معاملة خدمات الكمبيوتر كخدمة للدفع عند الاستخدام عبر الإنترنت.
وتتوقع شركة جارتنر الأمريكية لتحليل وأبحاث تكنولوجيا المعلومات أن تصبح الحوسبة الغيمية نشاط أعمال عالميا قيمته 184.8 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2016، وإن كان استيعاب هذه التكنولوجيا في منطقة الشرق الأوسط سيكون أبطأ كثيرا. ومن غير المرجح حتى أن نرى استخداما متوسط المستوى في المنطقة خلال السنوات الثلاث المقبلة، ولكن من المتوقع أن تشهد انتشارا سريعا فيما بعد ذلك، وستكون الريادة في هذا الشأن للشركات التي تتخذ من دول مجلس التعاون الخليجي مقرا لها. أما المنفعة الكبرى التي تعود على الشركات التي تتبنى خدمات الحوسبة الغيمية فهي أنها لم تعد مضطرة إلى دفع نفقات رأسمالية مقدما للحصول على نظم تكنولوجيا المعلومات؛ لأن مزود الخدمة هو سيتحمل هذه النفقات.
كما أنه من المتوقع أن يزداد انتشار التمثيل الافتراضي (virtualization) لأنظمة الكمبيوتر، حيث تُقدّر شركة الأبحاث الأمريكية ''آي دي سي'' أن نحو 10 في المائة من الخوادم في الشرق الأوسط وإفريقيا تُمثّل افتراضيا في الوقت الحالي، وترتفع هذه النسبة إلى 13 في المائة في منطقة مجلس التعاون الخليجي. أما في المناطق الأكثر تقدما فتبلغ هذه النسبة 20 في المائة أو أكثر.
تكنولوجيا التمثيل الافتراضي
هناك كثير من المؤسسات التي تشتري حزم خوادم وتطبيقات، ولكن التمثيل الافتراضي يتيح استخدام النظام لأكثر من تطبيق واحد. ويقول المحللون في هذه الصناعة إن استغلال الخادم يمكن أن يتدنى في بعض الشركات إلى 20 في المائة فحسب من طاقته الإنتاجية، ومع استخدام تكنولوجيا التمثيل الافتراضي، يمكن أن تستفيد الشركات من الطاقة الإنتاجية الفائضة مما يمكّنها من تشغيل عدد أقل من الخوادم وإدارة نظمها بمزيد من السهولة، فضلا عن تخفيض تكاليف التبريد والطاقة الكهربائية.ثمة اتجاه صاعد آخر تقوده المواقف المتغيرة تجاه التكنولوجيا بين الموظفين، حيث يتوقع الجيل المسمى جيل ''الفيس بوك'' أن تعمل التكنولوجيا لصالحه، وتتنبأ شركة جارتنر بأن 80 في المائة من المؤسسات سوف تدعم بحلول عام 2013 قوة عاملة تستخدم أجهزة كمبيوتر لوحيّة، ولا سيما الشاشات اللمسية. وتتوقع ''جارتنر'' أن تدعم 90 في المائة من الشركات بحلول عام 2014 تطبيقات شركاتية على أجهزة مملوكة لموظفيها، مثل الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة، كما تتوقع بأنه سيكون هناك ما يزيد على 200 مليار جهاز ذكي قيد التشغيل حول العالم بحلول عام 2020.
تقول شركة إنتربرايز استراتيجي جروب الأمريكية المختصة باستراتيجيات الأعمال وتحليل تكنولوجيا المعلومات إن الموظفين فيما يصل إلى 40 في المائة من المؤسسات التي شملتها مسوحها يقومون بالفعل حاليا بتخزين بيانات سرية خاصة بشركاتهم على أجهزتهم النقالة، وسيستمر هذا الاتجاه في ظل ما يتوقعه الجيل الأصغر سنا من الموظفين من استخدام أجهزتهم النقالة على شبكات شركاتهم، وسوف تتطلب مثل هذه التطورات مزيدا من المراعاة لاعتبارات الأمن وسرية بيانات الشركات.