بداية جديدة لشركة إيرباص فهل تتفوق "بوينج"؟
أتاح افتتـاح المعرض الدولي للطيران في مدينة فارنبوروه جنوب غرب العاصمة البريطانية لندن لشركة إيرباص الأوروبية لصناعة الطائرات الأوروبيـة ـ أتاح لها الفرصة للتنفس الصعداء حيث انتهزت الشركة فرصة المعرض لتطرح أخيرا النموذج المعدّل بالكامل ـ تقريبا ـ لطراز
(إيرباص ايه 350 - A350) للمسافات الطويلة. و بهذا المشروع الجديد تسعى "إيرباص" لبذل قصارى جهدها لمجاراة شركة بوينج الأمريكية المنافسة التي تعتبر موديلاتها ( بي 787 - B 787) و( بي 777 B 777) رائدة في سوق صناعة الطائرات وتدر على الشركة أرباحا طائلة. المعرض المتخصص الشهير الذي يقام كل عامين ويشارك فيه نحوي 1500 من كبريات شركات الطيران العالمية المهتمة بالدرجة الأولى باقتناء موديلات جديدة، يلعب فيه قطاع صناعة الطائرات دورا مهما كمؤشر لأجواء السوق. ومن خلال المعرض يحاول كريستيان شترايف الرئيس الجديد للشركة أن يعرّف بالموديل الجديد الذي من المحتمل أن يتغير اسمه إلى (إيه 370 A370). وحل شترايف أخيرا محل الرئيس السابق جوستاف هومبارت الذي استقال على أثر المشاكل التي نجمت بسبب طراز الطائرة (إيه 380).
وأجبر تراجع الطلب الحاد والانتقادات الشديدة من جانب الزبائن شركة إيرباص إلى إجراء تعديلات في الخطة الأصلية الموضوعة لصناعة طراز (إيه 350) في بعض النقاط المهمة. وكما أفادت الأخبار المتداولة من هذا القطاع أنه تضاعفت تكاليف التطوير المخصصة لهذا المشروع من خمسة مليارات دولار إلى عشرة مليارات دولار (أي ما يعادل elhkdm مليارات يورو). الموديل الجديد الذي من المحتمل أن يتم عرضه في الأسواق في عام 2012 سيفوق - كما يقال الموديل المنافس من طراز بوينج بي 787 الذي سيظهر في الأسواق قبله بأربع سنوات سيفوقه من ناحية السرعة ومدى الطيران واستهلاك الوقود. وفي الوقت نفسه يدرس المهندسون في "إيرباص" إمكانية تقديم طائرة المسافات البعيدة في ثلاثة نماذج تراوح ما بين 260 وما يزيد على 300 مقعد، وذلك حتى تستطيع الشركة الصمود أمام عروض "بوينج" المتنوعـة.
التفوق الواضح للشركة الأمريكية ومقرها مدينة سياتل بلغ قمته وأصبح ملموسا بوضوح في بداية هذا العام. فلأول مرة منذ خمسة أعوام ازداد عدد الطلبات الجديدة الواردة لدى الشركة خلال النصف الأول من العام الحالي من 438 إلى 487 طلبا. في المقابل انخفض هذا الرقم لدى "إيرباص" من 276 إلى 117 طلبا . هذا التطور السلبي في مبيعات إيرباص يعود إلى قلة تنوع أصناف المنتجات وإلى الأزمة الإدارية الأخيرة في مجلس إدارة شركة EADS (الشركة الأوروبية لطيران الدفاع والفضاء ومقرها هولندا).
على أثر المشاكل التي وقعت مع إنتاج الموديل (إيه 350) وكذلك بعد الإعلان عن التباطؤ في تطوير الموديل الجديد (إيه 380) وقع مساعد رئيس مجلس إدارة الشركة نول فورجيرد تحت ضغوط كبيرة وقدم رئيس مجلس إدارة الشركة استقالته تحت ضغوط المساهمين، بعدها أعرب الكثير من المديرين عن ارتياحهم. وحتى يتم حفظ التوازن في السلطة التنفيذيـة للمجموعة الألمانية - الفرنسية EADS تم تعيين الفرنسي أيضا لويس جالويس الرئيس السابق لمحطة السكة الحديد الفرنسية رئيسا جديدا لمجلس الإدارة وهو يمتلك كذلك الحنكة والخبرة في التعامل مع أصحاب الطلبات الحكوميين.
وفي كلمة قصيرة قال لويس جالويس إن سمعة "إيرباص" تأثرت كثيرا بعد الخسائر والمشاكل الداخلية، وأضاف أنه وضع مع زميله الألماني اندرس نصب أعينهما هدفـا هو اكتساب ثقة الزبائن والمساهمين من جديد. وفي نظر الزوجي الإداري الجديد تعتبر الاستعدادات والتطورات الجديدة في "إيرباص" من أولى المهام بالدرجة الأولى، حيث تعد "إيرباص" أهم القطاعات في تأمين الأرباح والمبيعات لمجموعة EAD. في الوقت ذاته أشار جالويس إلى تقليص بعض النفقات ضمن إطار المجموعـة قائلا: "إذا ظل الدولار الأمريكي بهذا الضعف، فيجب علينا إذاً دراسة قدرتنا التنافسية في الأسواق وتحسينهـا" - إلا أنه لم يحدد نطاق وإطار برنامج التوفيـر.
وعلى الرغم من النكسات التي تعرضت لها "إيرباص" في إنتاج الموديل (إيه 380) يريد رئيس مجلس الإدارة الألماني توم اندرس التمسك بموعد تسليم الطائرة الضخمة المقرر في العام المقبل، حيث قال :"حتى ذلك الوقت فالأمر معنا مفتوح إذا ما كنا سنسلم أكثر من العدد المحدد وهو تسع طائرات أو أقل من ذلك". التأخير في تسليم الطائرة العملاقة وهي ذات 550 مقعداً يكلف الشركة الأم حتى عام 2010 ما يقارب ملياري يورو.
من جانب آخر تبقى نقطة التساؤلات دائرة حول وقت انفصال الشركة "بي إيه إي سيتيمس BAE Systems". شركة تجهيزات معدات الطيران العسكرية البريطانية والتي تساهم في شركة صناعة الطائرات الأوروبية "إيرباص" بنحو 20 في المائة فيما تساهم المجموعة EADS بالجزء الباقي. نقطة الخلاف التي مازالت قائمة بين الطرفين هي سعر (حزمة الأسهم) للشركة البريطانيـة BAE، ولكن بسبب الشكليات والرسميات المعينـة يقع كلا الطرفي حاليا تحت ضغط عامل الوقت لإنجاز الصفقة بأسرع وقت ممكن. وإذا استطاعت BAE الانفصال عن "إيرباص" حينئذ ستخشى الحكومة البريطانية من فقدان 13 ألف فرصة عمل داخل البلاد. وللتخفيف من وطأة الخطر المحدق طالب وزير الاقتصاد البريطاني اليستير دارلينج مجلس إدارة EADS باحتلال مقعد في مجلس الإدارة. ومع أن اندرس أظهر تفهمه تجاه هذا المطلب إلا أنه لا يرغب في رؤية مدير بريطاني ذي خبرة في القطاع الصناعي في مجلس الإدارة.