إمام الحرم المكي: النهوض بالأمة واجب على أفرادها بتحسين الصلة بالله والعمل
أكد الشيح صالح آل طالب إمام وخطيب المسجد الحرام، أن ''النهوض بهذه الأمة واجب على أفرادها ولا نستطيع ذلك حتى نحسن صلتنا بالله أولا ثم نعمل مخلصين جادين وأن تتكامل القدرات بين الشعوب المسلمة''.
وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها في المسجد الحرام أمس - نقلتها وكالة الأنباء السعودية (واس): ''أيها المسلم لن ينعم الله عليك نعمة هي أسبغ من كونك مسلما لله مع المسلمين، فانعم بإيمانك فقد هداك الله يوم ضل غيرك وأرشدك حين تاه سواك''، داعيا المسلمين إلى التزود بالطاعات ولزوم السنة والاكتفاء بها وناهيهم عن البدعة والتشريع في الدين بما لم يأذن به الله، مبينا أن خطر الابتداع في الدين يتمثل في تغير وجه الإسلام الذي جاء به محمد، صلى الله عليه وسلم، حتى يتحول على مر الزمان كأديان أهل الكتاب التي بدلوها فنسخت فيتغير وجه الدين يوما بعد يوم ويتدين الناس بدين لم يأت به محمد، صلى الله عليه وسلم.
وشدد على التمسك بأصل الدين ورأسه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ومعرفة معناها ومحبتها ومحبة أهلها وجعلهم إخوانا ولو كانوا بعيدين، كما طالب باتحاد المسلمين على التوحيد والسنة لأنها الوحدة التي تغلب الشيطان وتهزم خطط أوليائه من الإنس والجان.
وأوضح أن وحدة الشعور بين المسلمين ومشاركته أملا وألما وفي السراء والضراء هي من أهم معالم الوحدة قائلا: إن الشعوب المسلمة تتفاوت غنى وفقرا وقدرة وتعلما وجهلا فلا يكونن هذا الفرق مدعاة لبطر القوي ولا جالبا لحسد الضعيف وليكون إحسان الظن مقدما عند الجميع ويعطف القوي على الضعيف، (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض)، وليكن التكامل بين الشعوب المسلمة والتعاون في سبيل الرفعة هاجس حكمائها والتصافي بين النفوس دأب عقلائها.
وختم خطبته بالقول: ''إنه بمغيب شمس هذا اليوم تطوى صفحة أيام التشريق وينقضي وقت نحر الأضاحي، وإذا أراد الحاج أن يرجع إلى بلاده فيجب عليه أن يطوف بهذا البيت طواف الوداع ولا يلزمه سعي له ولا حلق''، مشيراً إلى أن معيار القبول هو إخلاص العمل لله ومتابعته لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، ومن علامة قبول الحسنة الحسنة بعدها، وعلامة الحج المبرور أن تعود خيرا مما كنت، ومن طهرت صحيفة عمله بالغفران فليحذر العودة إلى دنس الآثام.
وفي المدينة المنورة أكد الشيخ علي الحذيفي إمام وخطيب المسجد النبوي، في خطبة الجمعة أمس أن السرور والفرح بنيل المطالب وإدراك المحبوبات والمآرب من صفات النفوس ومما جبلت عليه القلوب ومما يسعى إليه الخلق، محذرا من أن الرغائب الدنيوية والمنافع العاجلة متاع زائل وظل متحول ينتهي بعمر الإنسان.
وقال إن ''خير الفرح والسرور وأعظم الفوز وأفضل الظفر هو الفرح والسرور بما يكتسبه الإنسان من طاعات الله تعالى والعافية من المعاصي والذنوب، قال الله تعالى: ''قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون''.
وقال إمام وخطيب المسجد النبوي، إنه ''بعد أداء الحجاج مناسك حجهم وقيامهم بعبادة ربهم وتيسر تنقلهم في المشاعر المقدسة وتوفر حاجاتهم وخدماتهم واستظلالهم بظل الأمن الظليل الممدود الوارف الذي بسطه الله على هذه البلاد وبعد شروعهم في العودة إلى أوطانهم سالمين غانمين فرحين بمغفرة الله تعالى، بعد ذلك كله فرح المسلمون بتيسر الحج وسهولته وتمامه على خير وعافية وفرحوا باستتباب الأمن الذي جعله الله من شروط الحج وتهيئة الأسباب التي تساعد الحاج على أداء مناسكه بطمأنينة وراحة وسعادة، مشيرا إلى أن وجه فرح المسلمين بنجاح الحج أن من أدى فريضة الحج فرح بمعونة الله تعالى له وفرح بما نال من خيري الدنيا والآخرة وأدى زكاة عمره، ومن سلم له حجه فقد سلم له عمره''.
وأوضح أن ''من خواص الحج أنه يضعف تسلط الشيطان على المسلم ويمحو الذنوب، داعيا من وفقه الله للحج أن يستقبل حياته بخير الأعمال وقد محا الله تعالى عنه الأوزار إن هو أصاب السنة في حجه، وألا يفسد حجه بالمبطلات''.
وأوصى المسلمين بالعناية بتوحيد الله تعالى وإخلاص العبادة لله فلا يشرك مع الله أحدا في الدعاء والاستغاثة والذبح والنذر وطلب الحاجات ودفع الكربات، فقال إن ''التوحيد لله تبارك وتعالى هو أصل الدين ثم العناية بالصلاة بالطمأنينة فيها وإقامتها وفق صلاة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ما استطعنا فالصلاة لها شأن عظيم في صلاح الأحوال وفي الأمور كلها، فمن صلحت صلاته صلحت أعماله وصلحت له دنياه وأخراه ثم العناية بأخوة الإسلام بالتعاون والتناصر والتراحم والتعاطف فليس أخطر على قضايا المسلمين من الفرقة والاختلاف''.
وقال: ''الحمد لله الذي جعل ولاة أمرنا أمناء على الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة ويعدون أنفسهم ويعدون الرجال والمال لرعاية هذه المقدسات وخدمتها وتهيئتها للحجاج والمعتمرين حتى صارت أحاديث تلذها الأسماع في المجالس والآفاق وسيجدون هذه الحسنات في صحائف الأعمال يوم يجزي الله العاملين على حسن عملهم، فجزاهم الله أحسن الجزاء ووجب علينا شكر الله جميعا بالتمسك بطاعته والبعد عن معصيته ليحفظ الله لنا نعمه ويدفع عنا نقمه''.
من جهة أخرى، شهد المسجد النبوي الشريف والطرقات المؤدية إليه منذ الصباح الباكر من أمس توافد وفود ضيوف الرحمن زوار مسجد نبيه، صلى الله عليه وسلم، وبأعداد كبيرة قدرت بمئات الآلاف من المصلين لأداء صلاة الجمعة والسلام على الرسول المصطفى، صلى الله عليه وسلم، وصاحبيه، رضوان الله عليهما، بعد أن من الله عليهم بأداء فريضة الحج، حيث امتلأ المسجد وأروقته وساحاته وسطح المسجد بالمصلين الذين دعوا الله عز وجل أن يتقبل منهم حجهم وأداء نسكهم بكل يسر وسهولة، داعين الله عز وجل أن يحفظ لهذه البلاد قادتها ومقدساتها وشعبها لما وفر لهم من خدمات متطورة وكبيرة أمنت للحاج والزائر الطمأنينة لأداء الصلوات وأداء النسك والزيارات بكل راحة ويسر.
وبدأ وفود ضيوف الرحمن وفي جو مفعم بالطمأنينة والأمان وهم يودعون المدينة المنورة في طريق عودتهم إلى بلدانهم بأن يحقق الله أمانيهم بالعودة مرات عديدة لهذه الديار المقدسة التي حباها الله نعمة الأمن والأمان. وأثنى عدد من الحجاج على النجاحات المتواصلة التي حققها حج هذا العام مرجعين ذلك للصدق في العمل والإخلاص في خدمة ضيوف الرحمن، وأكد أحد الحجاج من الجمهورية السودانية والذي حج قبل عشر سنوات أن ما لاقاه في حج هذا العام صدقه القلب قبل العين للهمة التي وجدها من العاملين في مختلف القطاعات من وصوله ورفاقه إلى أرض الحرمين وحتى انتهاء موسم الحج، مشيدا بالمشروعات الجبارة التي قامت بها حكومة المملكة العربية السعودية سواء في مكة المكرمة أو المدينة المنورة والمشاعر المقدسة التي تحقق فيها مشروعان عظيمان؛ مشروع جسر الجمرات ومشروع قطار المشاعر واللذان حققا الراحة التامة لضيوف الرحمن في رجمهم وتنقلاتهم بين المشاعر، ودعا الله أن يجزي قائد المسيرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - خير الجزاء وإخوانه وشعبه لما قدموه لحجاج بيت الله الحرام زوار مسجد رسوله، صلى الله عليه وسلم، من راحة وطمأنينة.
وعد أحد الحجاج من الجمهورية اليمنية والذي قدم للحج للمرة الأولى المشروعات التي نفذت وتنفذ في الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة تأكيدا على تواصل حكومة هذه البلاد بالعناية والرعاية لضيوف الرحمن وتبذل غاية جهودها لجعل هذه الأماكن كما أراد الله لها أن تكون آمنة يقصدها المسلمون من أنحاء المعمورة للحج والعمرة والزيارة، وأثنى على التنظيم الدقيق في صعود الحجيج للمشاعر المقدسة والتي حققت الراحة والأمان لضيوف الرحمن الذين أدوا مناسكهم ولله الحمد بكل يسر وسهولة، وهنأ الحاج اليمني حكومة وشعب المملكة للنجاح الذي تحقق وتوقع أن يكون حج الأعوام القادمة حجا متطورا بكل المقاييس لما لاحظه من عزيمة وإصرار في إنشاء المشروعات الحيوية التي تحقق راحة الحاج والزائر.
وبدأ وفد من دولة باكستان عقب صلاة الجمعة تكسو وجوههم الفرحة والغبطة والسرور وهم يسلمون على بعض ويباركون بعضهم بعضا لما حقق الله لهم من أداء الركن الخامس من أركان الإسلام وزيارة مسجد نبيه، صلى الله عليه وسلم، وعن سؤالهم عما لاقوه خلال رحلتهم للحج هذا العام أكدوا ومن خلال أحد الحجاج الذي يجيد اللغة العربية لوكالة الأنباء السعودية أن الحجاج يهنئون حكومة المملكة العربية السعودية لما حققوه من عناية ورعاية لضيف الرحمن وقال نحن في دولة باكستان لن ننسى مواقف قادة وشعب هذا البلد الكريم بالوقوف إلى جانب إخوانهم المسلمين في مختلف أنحاء العالم وبخاصة لباكستان لما قدم لهم إبان الفيضانات التي حصدت الكثير من الأرواح والممتلكات، وكانت حكومة المملكة العربية السعودية السباقة بقيادة خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - سبقت كل دول العالم في الوقوف إلى جانبنا مما خفف مصابنا، وكانت المساعدات البشرية والمادية تتواصل لعدة شهور، وهذا ليس بمستغرب من أناس وهبوا أنفسهم لخدمة الإسلام والمسلمين، مستشهدا بمواقف المملكة في تقديم يد العون لمختلف المسلمين في أرجاء المعمورة.
إلى ذلك، بمتابعة من الأمير عبد العزيز بن ماجد بن عبد العزيز أمير منطقة المدينة المنورة رئيس لجنة الحج بالمدينة المنورة رحبت مختلف الإدارات الحكومية والأهلية بضيوف الرحمن زوار المسجد النبوي لأداء مناسك الحج وسلامتهم وزيارتهم لطيبة الطيبة، داعين لهم أن يعودوا إلى بلدانهم بحج مبرور وسعي مشكور؛ حيث أنهت الإدارات استعداداتها لتوفير مختلف الخدمات ومرافقة ضيوف الرحمن وهم يودعون أرض الحرمين.