دور هيئة السوق المالية في حوكمة الشركات

دور هيئة السوق المالية في حوكمة الشركات

تمارس هيئة السوق المالية بتمويلها دراسة ترفع من مستوى الإفصاح لدى الشركات المساهمة دورا فاعلاً نحو فرض المعايير الدولية في المراجعة والإفصاح الفعلي، وهو إحدى أدوات ومبادئ حوكمة الشركات. ومنذ عام 1997م عند انفجار الأزمة المالية الآسيوية، وظهور مصطلح حوكمة الشركات، لم يسع سوى عدد محدود من الشركات السعودية نحو تطبيق آليات الحوكمة، إلى أن تطلب الأمر أزمة في السوق السعودية ليكون هناك نظرة عملية لاستخدام حوكمة الشركات، غير أنها ستفرض بواسطة جهة حكومية. وفي تصوري ما كان ينبغي على الشركات السعودية أن تنتظر فرض معايير حكومية لحوكمتها، بل كان عليها أن تبادر إلى ذلك قبل أن يكون هناك توجه حكومي، خصوصاً أن حوكمة الشركات تساعد على تخفيض تكلفة رأس المال ومكافحة الفساد، والحصول على مصادر تمويل أقل، وتحقق الحصول على عوائد مرتفعة، كما توازن بين حقوق والتزامات أطراف العلاقة "الجهة الرقابية، مؤسسون، أعضاء مجلس إدارة، مستثمرون، مساهمون ..". ورغم أن قواعد حوكمة الشركات لا تمثل نصوصاً قانونية ملزمة، إلا أن التوجه إلى إضفاء الصفة الإلزامية عليها في كثير من الدول أضحى إحدى أساسيات التداول في سوق المال، بل مقياس الكفاءة الاقتصادية، لذا يرى صندوق النقد الدولي أن حوكمة الشركات في أسواق الدول النامية أحد أهم برامج الإصلاح ومتطلبات إعادة الهيكلة والاهتمام بالجودة، كما أقر الكونجرس الأمريكي قانون "ساربينز أوكسلي" في حوكمة الشركات، والأسبوع الماضي أبرمت دولة الإمارات العربية ممثلة بوزارة الاقتصاد مع جهة متخصصة اتفاقية لمشروع تطبيق آليات الحوكمة ابتداء من التدريب. توجه هيئة السوق في تطبيق المعايير الدولية للإفصاح هو إحدى صلاحياتها النظامية، ومعايير الإفصاح هي أحد المبادئ الدولية لحوكمة الشركات كما أقرها صندوق النقد الدولي، يباريها حقوق المساهمين، والمعاملة العادلة للمساهمين، ودور أطراف العلاقة ومصالحهم، ومسؤولية مجالس الإدارة، ولا تنفك مبادئ الحوكمة عن غيرها إذ إن تطبيق أحد مبادئها لا يحقق النتائج والأهداف في غياب بقية المبادئ. مفهوم حوكمة الشركات وهو مصطلح أجنبي مأخوذ من Corporate goveremance يعني مجموعة القواعد القانونية المنظمة للعلاقات القانونية بين الأطراف وأصحاب المصالح والإدارة ونظم الرقابة والإفصاح، وهدفها يرمي إلى الشفافية وتطبيق القانون وسن أنظمة الرقابة والقواعد والإجراءات المتعلقة بسير العمل داخل الشركة. وهي في مجملها تنظيم قانوني، وإن كان نظام الشركات نظم مسؤوليات مجلس الإدارة والمؤسسين بقواعد بعضها آمرة وبعضها جوازيه، إلا أنه وقف عند حدود تفاصيل اللوائح الداخلية للمنشأة التي ظلت بلا تنظيم واضح يعكس مصداقية الشركة ومدى تطبيقها للمبادئ القانونية. لذا فإن دور هيئة السوق مع ما يتيحه لها النظام في تبني مشروع حوكمة الشركات بكافة مبادئه دون الشق المحاسبي منه سيكون له فاعليته في إرساء ضوابط الحوكمة وأثره على كفاءة السوق. مشروع الحوكمة السعودي يجب أن ينطلق من رؤية تتلاقح مع التجربة الدولية في إطار مناخ ملائم للبيئة الاستثمارية في المملكة حتى لا نفرط في الوقت والجهد والمال، فهي سلسلة من المبادئ الاجتماعية والسياسية والمالية والقانونية المتشابكة، وسيكون من المتعذر تطبيق معايير الاقتصاد الحر في ظل استخدام ذات الأدوات القديمة في ظل التحول الاجتماعي والاقتصادي، فالحوكمة أصبحت جزءا من الخطاب السياسي. محام ـ نائب رئيس الاتحاد الدولي للمحامين – السعودية
إنشرها

أضف تعليق