قيادات جديدة للاقتصاد السعودي....مطلب ضروري وليس خيارا
<p><a href="mailto:[email protected]">smmohanna@yahoo.com</a></p>
في سؤال لأحد المسؤولين الماليين في المملكة من أحد الصحافيين عن عودة بعض رؤوس الأموال إلى المملكة بعد أحداث 11 من أيلول (سبتمبر) أجاب نعم عادت بعض رؤوس الأموال (تقدر بنحو 100 مليار دولار أمريكي أو أكثر) ولكن تم استثمارها في سوق الأسهم والعقار هذا التصريح كان في النصف الأول من عام 2002م تقريبا.
القراءة المستقبلية FORECASTING للمؤشرات الاقتصادية والنقدية بالذات في المملكة خاصة بعد أحداث 11 من أيلول (سبتمبر) ومخاوف بعض رؤوس الأموال في الخارج وعودتها وتزايد الطلب على النفط مع توقعات بوصول سعر البرميل إلى مستويات قياسية تشير إلى تضخم في كمية السيولة النقدية في المملكة بشكل كبير جدا من جهة ثانية قلة القنوات الاستثمارية لاستيعاب هذه الأموال قد تؤدي إلى تضخم في أسعار الأسهم والعقار لدول غير صناعية والثقافة الاستثمارية محدودة مثل المملكة.
التضخم في سوق الأسهم حدث لعدة أسباب منها رؤوس الأموال الضخمة التي عادت من الخارج والتسهيلات المالية والقروض الشخصية المغرية جدا من حيث الكمية والمدة ( القروض الشخصية في 2005م وصلت إلى أكثر من 180 مليار ريال بعد أن كانت في حدود 30 مليارا في 2003م) وهذا يعد سبباً رئيساً فيما حدث, كلها كانت تصب في سوق عدد الشركات وكمية الأسهم قليلة جدا مقارنة بعشرات المليارات المتدفقة عليه إضافة إلى ذلك المكاسب الضخمة في سوق الأسهم أدت بالكثيرين إلى استثمار مدخراتهم المالية في سوق الأسهم, أيضا أحد أسباب تضخم السوق هو أصحاب ما يسمون بموظفي الأموال والمساهمات العقارية عن طريق ضخ أموال المستثمرين معهم في سوق الأسهم لتحقيق نسبة أكثر من الأرباح لهم بعيدا عن أعين المساهمين, باختصار سوق الأسهم السعودي لم يكن قادرا على استيعاب كمية السيولة النقديـة الهائلة سواء من ناحية عدد الشركات المدرجة في السوق أو عدد الأسهم المملوكـة لغير المؤسسين وهي نسبة ضئيلة في حدود 30 في المائة لأكثر الشركات وهناك سبب آخر فني يتعلق بهيئة سوق المال التي تعد 1 - حديثة التأسيس والتجربة خاصة أن مهمة الهيئة كانت رقابية أكثر منها تنفيذية، ثانيا: تزايد عدد الشركات الراغبة في التحول إلى شركات مساهمة والإدراج في سوق الأسهم في أسرع وقت للاستفادة من تضخم الأسعار، ثالثا: زيادة التعاملات في سوق الأسهم السعودي من حيث عمليات البيع والشراء (وصلت في بعض الأحيان إلى أكثر من 50 مليار ريال يوميا)، رابعا: قيام بعض المستثمرين بالمضاربة على أسهم معينة بغرض زيادة أو خفض الأسعار. تلك العوامل إضافة إلى غياب آلية العقوبات أو على الأقل عدم تطبيقها زادت من حدة الضغوط ووضعت القائمين على إدارة الهيئة والعاملين في حالة من الارتباك انعكس بشكل سلبي على قراراتها لذا أرى أن السبب الفني الذي يتعلق بالهيئة تسبب بشكل غير مباشر فيما حدث لسوق الأسهم لضخامة المسؤولية المنوطة بها (فنية إعلامية رقابية تثقيفية تعليمية...) ومحدودية الصلاحيات الممنوحة له.
عودة إلى تصريح المسؤول الاقتصادي بالنسبة إلى عودة رؤوس الأموال المتعارف عليه أهم عامل لتحديد سعر الفائدة هو كمية السيولة النقدية المتوافرة فكلما زادت يتم رفع سعر الفائدة وتقليل مدة القرض والعكس صحيح في أغلب الأحوال, وكما ذكرت سابقا جميع المؤشرات الاقتصادية والمالية تشير إلى تزايد كمية السيولة النقدية وكان من المفترض رفع سعر الفائدة وتقليل مدة القرض مع وضع قيود شديدة للتسهيلات المالية مع بداية عام 2003 لتقليل التدفق النقدي ولكن التأخر في اتخاذ تلك الخطوات ساعد كثيرا على تضخم سوقي الأسهم والعقار إضافة إلى التأخر في زيادة سعر الفائدة سوق الأسهم فقد مصداقية كبيرة بعد السماح لشركات وبنوك غير عاملة في السابق ودون قوائم مالية وتحتاج إلى سنوات لتحقيق أرباح للأدراج في السوق كان الهدف منها استيعاب كمية السيولة الموجودة لدى المضاربين والمستثمرين في سوق الأسهم وتقليل الضغط على أسعار الأسهم المدرجة وكان من المفروض من أربع سنوات على الأقل تسهيل إجراءات إدراج الشركات في سوق الأسهم ليس ذلك فحسب بل وتوجيه دعوة لشركات ناجحة في المملكة وهي كثيرة جدا لطرحها كمساهمة عامة.
مقولة إن الحكومة لا تتدخل في سوق الأسهم غير صحيحة فالحكومـة معنية بشكل مباشر وغير مباشر عن طريق امتلاكها نسبة 70 في المائة من أسهم الشركات القياديـة وغير القياديـة مثل "سابك" و"الكهرباء" وبشكل غير مباشر عن طريق صنـدوق المعاشات والتقاعد ومؤسسة التأمينات الاجتماعية بنسبة أيضا. إضافة إلى ذلك البنوك العامل المشترك في سوق الأسهم في البيع والشراء وإنشاء صناديق للاستثمار في الأسهم ومنح القروض والتسهيلات للمضاربين تعمل تحت أنظمـة ولوائح ورقابة مؤسسة النقد السعودي, لذلك الحكومـة تعد ركيزة أساسية لسوق الأسهم وهي مطالبة بالتدخل عند الحاجة إلى إعادة الثقة لسوق الأسهم وكمثال على ذلك الولايات المتحدة وهي زعيمة الاقتصاد الحر هناك مجموعـة تسمى Plunging Protection team (PPT) أنشئت بقرار رئاسي من الرئيس ريجـان عام 1988م بعد انهيار 1987, هذه المجموعة تحت تصرفهـا جميع الموجودات المالية للحكومة الفيدرالية عملها الأساسي المحافظـة على سوق الأسهم من الانهيـار وعمل نوع من التوازن للحفـاظ على المؤشر من التدهـور بشراء ما يسمى بالأوبشـن OPTION، وليس السهم نفسه لإعادة الثقـة للمستثمرين في سوق الأسهم وقد كان دور تلك المجموعـة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وحتى الآن كبيرا جدا في المحافظـة على استقرار سوق الأسهم الأمريكي.
للأسف ما حصل في سوق الأسهم أخيرا انهيار وليس تصحيحا, ففقدان المؤشر لنحو 55 في المائة بشكل متواصل تقريبا على مدى شهرين أو أكثر قلل من مصداقية السوق وزعزع ثقة المستثمرين فيه وتسببت بخروج سيولة ضخمة قد لا تعود مرة أخرى ولولا التدخلات المباشرة من ولي الأمر لوصل سوق الأسهم ربما لمستوى سيئ جدا قد يحتاج إلى عدة سنوات لإعادة بنائه.
نحن في المملكة لسنا بحاجة إلى 300 أو 3000 خبير أجنبي لكي نتعرف على العقبات التي تعوق مسيرة اقتصادنا خاصة في سوق المال لكن هذا لا يعنى عدم الاستعانة بعناصر أجنبية ولكن الاستعانة تكون بشكل محدد ولأهداف معينة لتكون الاستفادة أشمل, ما نحن بحاجة إليه حقيقة هو الأخذ برأي محللين اقتصاديين وماليين سعوديين غير حكوميين كانوا ولا يزالون ينادون لسنوات طويلة بمضاعفة عدد البنوك الموجودة في المملكة والترخيص لمكاتب وساطة ومكاتب استشارات مالية وتسهيل إجرءات إدراج الشركات في سوق الأسهم لزيادة عمق السوق ولكن للأسف لا حياة لمن تنادى حتى حصل الانهيار في سوق الأسهم، الكثيرون الآن يجمعون على أن الأجهزة المعنية بالاقتصـاد والمال والتجارة لا تتناسب مع مكانة المملكة الاقتصادية والمالية خليجيا، عربيا، آسيويا، أو دوليا وتحتاج إلى عمليـة تجديد وإصلاح مثلها مثل أي جهاز حكومي آخر فقيادات ما قبل الإصلاح لا يمكن أن تكون أداة للتطوير والإصلاح للمستقبل أيضا والفترة المقبلة تحتاج إلى رجال اقتصاد ومال يقرأون المؤشرات الاقتصادية المستقبلية وعدم الاكتفاء بتقديم قوائم حسابية عن الدخل والمصروفات فقط.