من حضر صلاة الجمعة والإمام يخطب ثوابه ناقص ولا إثم عليه
سائل يقول: بعض الناس يقولون: إن أجر وثواب الجمعة يفوت القادم بعد صعود الإمام. إذا كان ذلك صحيحاً، فهل يكون كمن تخلَّف عن الجمعة، وبالتالي لا داعي للذهاب إلى الصلاة بعد صعود الإمام؟
أجاب عن السؤال الشيخ نزار بن صالح الشعيبي القاضي في المحكمة العامة في مكة المكرمة بقوله: قبل الإجابة عن سؤالك أود أن أبين لك، ولكل من قرأ هذه الإجابة أهمية هذه الشعيرة الإسلامية العظيمة، وذلك من خلال النصوص التالية:
أولاً: النصوص الدالة على وجوب هذه الشعيرة:
1 ـ قال الله تعالى: ''يأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون'' الجمعة: الآية: 9.
2 ـ عن أبي هريرة وابن عمر ـ رضي الله عنهم- أنهما سمعا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم - يقول على أعواد منبره: ''لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين'' أخرجه مسلم (865)، باب التغليظ في ترك الجمعة.
3 ـ عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه - أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم- قال لقوم يتخلفون عن الجمعة: ''لقد هممت أن آمر رجلاً يصلي بالناس، ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم'' أخرجه مسلم (652)، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل الجماعة.
4 ـ عن سلمان الفارسي ـ رضي الله عنه - قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: ''من اغتسل يوم الجمعة وتطهر بما استطاع من طهر، ثم أدهن أو مس من طيب، ثم راح فلم يفرق بين اثنين فصلى ما كتب لـه، ثم إذا خرج الإمام أنصت غفر لـه ما بينه وبين الجمعة الأخرى'' أخرجه البخاري (910) باب الدهن للجمعة.
ونعود للإجابة عن سؤالك:
في الواقع أني لم أقف على دليل يدل على أن أجر وثواب الجمعة يفوت القادم بعد صعود الإمام، ولم أقف أيضاً على من نص بذلك من أهل العلم المعتبرين، ولعلهم فهموا من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه - الذي أوردناه في النصوص المرغبة لصلاة الجمعة والتبكير إليها، الذي فيه أن الملائكة يكتبون الأول فالأول، فإذا جلس الإمام طووا الصحف، ألا ثواب للداخل بعد دخول الإمام مطلقاً، وفي هذا نظر؛ لأنه لا يلزم من فوات هذا الثواب عليه فوات ثواب صلاة الجمعة والاستماع لخطبتها مطلقاً، بدليل أن من يدخل للمسجد والإمام يخطب تصح صلاته جمعة، وسقط عنه الوجوب، ولا يطالب بأن يصليها ظهراً، لما أخرجه البخاري (1166) ومسلم (875) أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: ''إذا جاء أحدكم يوم الجمعة وقد خرج الإمام فليصل ركعتين''.
ووجه الإشهاد أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم- أمر فقط بأن يصلي ركعتين، ولم يقل إن صلاته باطلة، وعليه أن يصليها ظهراً، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة. بل إن صلاة الجمعة تدرك بإدراك ركعة واحدة منها، لعموم قوله عليه الصلاة والسلام: ''من أدرك ركعة من الصلاة مع الإمام فقد أدرك الصلاة '' أخرجه البخاري (607) ومسلم (580).
فالخلاصة - أخي السائل - أن من دخل والإمام يخطب أو الإمام يصلي الجمعة ولو لم يدرك من الصلاة إلا ركعة أو أقل ليس كمن تخلف عن هذه الشعيرة مطلقاً، فهذا الأخير آثم، أما الأول فلا إثم عليه، وإن كان ثوابه ناقصا. والله تعالى أعلم.