الصغار ضحايا الهوامير أم الجهل؟
قال لي صديق: " أنا لاأمانع في أن أكون أحد ضحايا سوق الأسهم وغيري كثير!! فقد غدونا كذلك ، "مجبرأخاك لابطل". ولكن ما يقض مضجعي – يقول الزميل - ومضاجع آخرين حتى هذه اللحظة، أننا لم نعد نعرف ،هل نحن ضحايا (هوامير) السوق وكبار المستثمرين ؟ أم نحن ضحايا الإشاعات والجهل وعدم الدراية بسوق الأسهم ودهاليزها المضيئة حينا والمعتمة في أكثر الآحايين ؟ أم نحن ضحايا شركات الأسهم ؟ أم أننا ضحايا هيئة سوق المال؟؟.
نظرت إليه باستغراب يشوبه الحذر وقلت: طالما أنك تفكرهكذا، فلم ترق بعد إلى مرتبة الضحية. وحتى أصدقكم القول، فقد بدأ سؤاله محير:
قال: إذا كنت وأمثالي من ضحايا (هوامير) السوق وكبار المضاربين، فمن ينصفنا منهم الآن؟ بل أين كانت هيئة سوق المال حينذاك، ولم تقل لنا اسمعوا وعوا....؟ وأين هي الشفافية التي يتحدثون عنها؟ قلت له: إن القانون لايحمي المغفلين. قال لا تكن علي جائرا، فلولا المغفلون لما وجد القانون، وما وجد القانون إلا ليحميني وأمثالي ويسترد لنا نحن المغفلين حقوقنا، فغير المغفلين أكثر قوة وحيلة ودراية بأخذ حقوقهم بأنفسهم ولا يحتاجون إلى قانون لاسترداد حقوقهم. قلت له: لقد اتخذت هيئة سوق المال كل الإجرات الصارمة حيال كل هؤلاء المخالفين وعاقبتهم. قال: لقد عاقبتهم بمنعهم من الشراء في السوق ولم تمنعهم من طرح أسهمهم فيها، مما زادها إغراقا وجعل العرض أكثر من الطلب. قلت له: ربما أنك كنت ضحية للإشاعات ولبعض المنجمين والمتحذلقين على شاشات التلفزة. قال: وليكن، لكنني لم أر أحدا من هيئة سوق المال على شاشات التلفزة يحذرنا من هذه الفئة التي أشرت اليها. أين هي الشفافية التي يتحدثون عنها؟ قلت له : إذا أنت ضحية لشركات الأسهم ! ولكن كيف؟ قال : هل تصدق أنني حتى الآن لم أجد أي تفسير منطقي بأن تكون العوائد الربحية لشركة "ما" بالملايين في الربع الأول من هذه السنة وأسهمها تقطر دما !. وأيضا لم أجد أي تفسير منطقي في أن تكون علاوات الإصدار لأسهم الشركات الجديدة عشرة أضعاف ثمن السهم الدفتري، علما بأن هذه الشركات لم تعلن عن خطط وتوسعات مستقبلية لتستثمر علاوات الإصدار من خلالها ولن تضيفها إلى رأس مال الشركة بل ستذهب إلى جيوب المؤسسين. هل تصدق ياعزيزي أن مجموع مبالغ علاوات الإصدار يساوي أحيانا أوقد يفوق رأس مال الشركة ؟ قلت له لا! قال: هل تعلم ياعزيزي أن المبالغة في علاوات الإصدار تزيد من تضخم سعر السهم ، الأمر الذي أدى بنا إلى مانحن فيه الآن. فمثلا لوقررت شركة "مواطن" التى يبلغ رأسمالها 300 مليون أن تطرح 30 في المائة للاكتتاب العام، بسعر السهم 10ريالات وعلاوة إصدار 100 ريال فسيصبح سعر السهم بعد الإكتتاب 110 ريالات بينما قيمته الدفترية تساوي 10ريالات . ولو أفترضنا أن عدد الأسهم المطروحة للإكتتاب تسعة ملايين سهم( 30 في المائة من رأس المال) فإن مجمل مبالغ علاوة الإصدار فقط سوف تكون 900 مليون ريال!! وكلها تصب في جيوب المؤسسين . بينما السعرالحقيقي للأسهم يساوي تسعين مليون ريال فقط . وهذا ما جعل سوق الأسهم متخمة والناس تتهافت عليها مثل "الجنك فوود". حتى أصبحنا ضحاياها!!
قلت له: لم يعد هناك إلا هيئة سوق المال! فهل أنت تحمل الهيئة كل هذه الأوزار!؟ قال: اسأل هيئة سوق المال".