مراكز تجميع للصناعة السعودية لاختراق الأسواق الواعدة في إفريقيا

مراكز تجميع للصناعة السعودية لاختراق الأسواق الواعدة في إفريقيا

دعا مجلس الغرف السعودية إلى تطوير استراتيجية وطنية لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين المملكة والدول الإفريقية، يتم فيها تحديد المهام والاختصاصات ودور القطاعين الحكومي والخاص في تلك الاستراتيجية، خاصة أن التوجه نحو الاستثمار في القارة الإفريقية يحظى بدعم واهتمام كبيرين من القيادة السعودية. وأشار المجلس في تقرير أعده حول واقع ومستقبل العلاقات الاقتصادية بين المملكة والدول الإفريقية إلى ضعف حجم العلاقات الاقتصادية بين الجانبين، وعزا ذلك لأسباب تتعلق بطبيعة الأسواق الإفريقية وأخرى تتعلق بنظرة المستثمر السعودي لتلك الأسواق. ورصد المجلس عددا من المجالات التي يمكن من خلالها تطوير وتعزيز العلاقات الاقتصادية بين الجانبين خاصة في قطاعات مثل الصناعة ، الزراعة ، الخدمات، والمقاولات . وانتهي تقرير المجلس إلى تحديد عدد من المحاور التي يمكن أن تبنى عليها الاستراتيجية الوطنية التي تستهدف تعزيز الاستثمارات السعودية في دول القارة الإفريقية وتطوير التجارة مع تلك الدول. يؤكد التقرير أن إفريقيا تمثل شريكا اقتصاديا واعدا للمملكة ذلك لكونها تمثل مصدرا مهما لعديد من المواد الأولية التي تحتاج إليها الصناعة الوطنية ، وتعد أسواقها احد المنافذ الواعدة للصادرات السعودية ، وبأنه يجب أن تنطلق جهود تعزيز العلاقات بين الجانبين مما هو قائم من الأطر المؤسسية والتنظيمية على أسس جديدة وذلك من خلال العمل الجماعي على مستوى جامعة الدول العربية والتجمعات الاقتصادية الإفريقية المتعددة أو على المستوى الثنائي بين المملكة وبعض الدول الإفريقية من خلال الاتفاقيات الثنائية واللجان المشتركة ومجالس الأعمال. واقع العلاقات الاقتصادية يشير التقرير إلى أن الإطار التنظيمي الذي ينظم العلاقات الاقتصادية السعودية الإفريقية يتمثل في مجموعة من الاتفاقيات على المستوى الثنائي في النواحي المختلفة، مثل التجارة والاستثمار ومنع الازدواج الضريبي وغيرها ، ويدعم هذا الإطار عضوية المملكة في عديد من المؤسسات المالية التي تهدف إلى تدعيم العلاقات الاقتصادية الإفريقية العربية كالمصرف العربي للتنمية الاقتصادية في إفريقيا والصندوق العربي للمعونة الفنية بين الدول العربية والإفريقية . ويقول التقرير إنه على الرغم من وجود هذا الإطار التنظيمي للعلاقة بين المملكة والدول الإفريقية إلا أنه يلاحظ على الاتفاقيات الاقتصادية بين المملكة وتلك الدول أنها تعتبر نمطية وأحكامها خطوط عامة غير محددة، مثال ذلك اتفاقيات تشجيع وحماية الاستثمار لا تنص على إعطاء الجانب السعودي أي مزايا إضافية ، لا توجد علاقات اقتصادية فعلية بحجم مقبول يمكن أن تنظمها تلك الاتفاقيات ، لم تفعل الاتفاقيات عمل اللجان المشتركة بين المملكة والدول الإفريقية . أما عن حجم العلاقات الاقتصادية بين المملكة والدول الإفريقية فيذكر التقرير أنه على الرغم من وجود عديد من الفرص لعلاقات اقتصادية سعودية افريقية كبيرة إلا أن الواقع يقول عكس ذلك حيث لا تمثل إفريقيا سوى 1.7 في المائة من إجمالي التجارة الخارجية للمملكة وتتركز هذه النسبة في جانب الصادرات أكثر من الواردات ، كما أن هذه العلاقة تتركز مع دول محدودة مثل جنوب إفريقيا وكينيا حيث تمثلان 87 في المائة من إجمالي صادرات المملكة للدول الإفريقية تمثل جنوب إفريقيا وزامبيا 87 في المائة من إجمالي واردات المملكة من الدول الأفريقية .ويشير ذلك إلى أن الأسواق الإفريقية لم توضع بعد على خريطة الصادرات السعودية . كما يعتبر نصيب إفريقيا من الاستثمار الأجنبي المباشر بالمملكة ضعيفا جداً ويمثل فقط 1.2 في المائة من إجمالي الاستثمارات الأجنبية في المملكة ويبلغ عدد المشاريع المشتركة بين الجانبين نحو 31 مشروعا بإجمالي تمويل يزيد على ملياري دولار وذلك حسب تقديرات عام 2007. ضعف العلاقة الاقتصادية يعزو التقرير ضعف العلاقة الاقتصادية بين المملكة والدول الإفريقية لأسباب عديدة، منها ما يعود لطبيعة الأسواق الإفريقية كوجود ارتباطات لتلك الأسواق مع التكتلات الاقتصادية والتجمعات الدولية غير الإفريقية، مثل علاقات مجموعتي الفرانكفونية والأنجلوفونية مع هذه التكتلات، إضافة إلى سيطرة بعض الدول الإفريقية على عديد من أسواق القارة كجنوب إفريقيا بسبب تقدمها الاقتصادي والتكنولوجي بجانب الوجود المكثف للصين ودول جنوب شرق آسيا والهند في تلك الأسواق وهو ما يعقد من مهمة المملكة في تعزيز وجودها في تلك الأسواق . يضاف إلى ذلك تدهور الحالة الاقتصادية في عديد من الدول الإفريقية، مما يضعف من القوة الشرائية، ارتفاع الرسوم الجمركية ومعدلات الحماية ، التقلب في أسعار العملات، سيطرة البيروقراطية والتعقيدات الإدارية على تلك الأسواق ، نقص رؤوس الأموال المحلية وارتفاع معدلات الضرائب ، ضعف قدرة المصارف الإفريقية على فتح الاعتمادات اللازمة لتمويل عمليات الاستيراد وتفضيل الأسواق الإفريقية للتعامل من خلال البضاعة الحاضرة التي تكون في الغالب موجودة في الموانئ والمناطق الحرة في تلك الدول وهو ما لا يتوافر للسلع السعودية . السعوديون مسؤولون يحمل التقرير الجانب السعودي بعضاً من أسباب ضعف العلاقة الاقتصادية بين الطرفين وذلك بسبب النظرة غير الواقعية للمصدر والمستثمر السعودي للأسواق الإفريقية التي لا تؤمن بأنها أسواق واعدة ، عدم اهتمام الجهات المعنية بالتجارة الخارجية للمملكة بالحصول على معلومات تفصيلية عن تلك الأسواق واحتياجاتها لتكون قاعدة للإنتاج والتسويق لهذه الأسواق ، مشاكل النقل للأسواق الإفريقية، عدم وجود فروع للبنوك السعودية في إفريقيا، عدم توافر شركات سعودية لضمان الصادرات أو التأمين عليها ضد المخاطر المرتفعة في تلك الأسواق، يضاف إلى ذلك ضعف الدعاية والإعلان للمنتجات السعودية في الأسواق الإفريقية وعدم المشاركة الكافية في المعارض التجارية الإفريقية . الفرص المتاحة يشير التقرير إلى أن توجه المملكة نحو الأسواق الإفريقية يعد أمراً بالغ الأهمية خاصة في ظل الوضع الاقتصادي الراهن وما تشهده الأسواق التقليدية من منافسة وتشدد عديد من الأسواق في فرض المواصفات والمقاييس على السلع المصدرة إليها مما يجعل الأسواق الإفريقية أحد أهم الخيارات المتاحة أمام المملكة. ويعدد التقرير كم الفرص المتاحة للمملكة في الأسواق الإفريقية، ففي قطاع الزراعة يمكن لرأس المال السعودي أن يزيد استثماراته في القطاع الزراعي في الدول الإفريقية ويحدث طفرة في هذا القطاع وتتحول المملكة لاستيراد السلع الزراعية والحبوب والمواد الغذائية من مشاريعها هناك وكذلك يمكن للمملكة تسويق واستخدام خبراتها ومنتجاتها المتطورة في نظام الري الحديث الذي بدأت كثير من الدول الإفريقية تنفيذ خطط لتطويره. وفى مجال المقاولات يمكن لشركات المقاولات السعودية تنفيذ عديد من المشاريع في الدول الإفريقية وبخاصة مشروعات البنية التحتية التي يقوم كثير من الدول بتطويرها حالياً، يضاف لذلك حاجة بعض تلك الدول لمشروعات تطوير معامل تكرير النفط والمحطات المزدوجة لتحلية المياه وتوليد الكهرباء والتي تتمتع فيها الشركات السعودية بخبرات واسعة . فرص للصناعة السعودية أما في مجال الصناعة، فهناك فرصة كبيرة أمام الصناعة السعودية لتغزو أسواق الدول الإفريقية خاصة إذا ما وقعت المملكة اتفاقيات تجارية مع أهم التكتلات الاقتصادية الإفريقية مثل الكوميسا، حيث ستحصل السلع السعودية علي تخفيضات جمركية في أسواق الدول الأعضاء في المجموعة، كما سيمكن للمستثمرين السعوديين إنشاء شركات وفقا لميثاق الكوميسا وهو ما سيشجعهم على فتح فروع لشركات وغزو تلك الأسواق من داخلها. وفي مجال الخدمات تعتبر سوق الخدمات من الأسواق الواعدة لشركات الخدمات السعودية خاصة للمصارف والشركات العاملة في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، حيث تشير البيانات إلي تنامي قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات بشكل كبير في الآونة الأخيرة وهو ما دفع كثيرا من الشركات الخليجية للاتجاه نحو الاستثمار في ذلك القطاع. التحرك في الأسواق الإفريقية يخلص التقرير إلى الدعوة إلي إيجاد استراتيجية واضحة المعالم يحدد فيها دور القطاعين العام والخاص وحزمة الحوافز التي ستقدم لرجال الأعمال للتفاعل مع هذه الاستراتيجية ويحدد التقرير المحاور التي يجب أن تقوم الاستراتيجية الوطنية عليها :المحور الأول : يتعلق بالتعرف على استراتيجيات القوى المتنافسة في الأسواق الإفريقية حيث ظهر جلياً بأن ثمة منافسة دولية على تلك الأسواق ويأتي في مقدمة الدول المتنافسة في إفريقيا فرنسا والولايات المتحدة ودول أخرى كالصين والهند وباكستان وإسرائيل ولكل من هذه الدول استراتيجيتها ولكن الهدف النهائي هو زيادة الوجود الاستثماري والتجاري في إفريقيا. لذلك لا بد من التعرف على تلك السياسات التنافسية وتأثيرها والاستفادة من ذلك في رسم سياسة استراتيجية سعودية لتعزيز وجود المملكة في أسواق الدول الإفريقية. المحور الثاني : الوقوف على المعوقات التي تواجه تدفقات التجارة والاستثمار مع إفريقيا ويمكن تحقيق ذلك من خلال تجارب رجال الأعمال السعوديين والزيارات المباشرة للوفود من رجال الأعمال والمسؤولين الحكوميين للدول الإفريقية. المحور الثالث: اختيار عدد من الدول الإفريقية لتكون مناطق ارتكاز للتحرك السعودي وذلك يتم عبر دراسة متأنية ومن أهم الدول المرشحة لذلك أوغندا وكينيا وأنجولا وتنزانيا وجنوب إفريقيا وذلك بسبب توافر المواد الخام فيها كما أنها حققت درجات مناسبة من التقدم الاقتصادي ويقترح أن تركز المملكة على إنشاء مشروعات مشتركة في هذه الدول لتكون مركز انطلاق للمنتجات الوطنية لكافة أسواق القارة . المحور الرابع : تحديد الآليات ودور كل من القطاعين العام والخاص في الاستراتيجية . مهام القطاع الحكومي يرى التقرير أن المهام التي يجب أن يضطلع بها القطاع الحكومي في الاستراتيجية الوطنية للتحرك نحو الأسواق الإفريقية تتمثل في قيامه بالتالي: توقيع اتفاقيات لتسهيل التجارة مع أهم التجمعات الإفريقية، تنشيط دور السفارات السعودية في إفريقيا لدعم جهود القطاع الخاص، تقديم الدعم لتأجير مسطحات لتخزين وعرض المنتجات الصناعية السعودية في أهم الدول الإفريقية، وضع آلية للتصدير لأهم الأسواق الإفريقية وتقديم الدعم لها، إنشاء شبكة اتصالات بين المملكة والدول الإفريقية ، تعزيز الوجود السعودي في المجال الإعلامي والثقافي واستخدام المساعدات والمنح التي تقدمها المملكة للدول الإفريقية لتمويل صادرات سعودية لتلك الدول . مهام القطاع الخاص يرى التقرير أن المهام التي يجب أن يضطلع بها القطاع الخاص في الإستراتيجية الوطنية للتحرك نحو الأسواق الإفريقية تتمثل في قيامه بالتالي: وضع وتنفيذ خطة مفصلة لدراسة أسواق الدول الإفريقية والتعرف على أنماط استهلاكها ، إقامة معارض دائمة ومتنقلة للمنتجات السعودية لخلق نمط استهلاكي لها ، تبني فكرة غزو الأسواق الإفريقية من داخلها بإنشاء مراكز تجميع للسلع الصناعية السعودية في دول الارتكاز تشمل بعض الصناعات التي تعتمد على خامات هذه الدول نفسها ، التحرك نحو اكتشاف أسواق الخدمات وخاصة فى مجال المقاولات والاستشارات والتأمين والخدمات المصرفية والاتصالات، تكوين تحالف بين رجال الأعمال لإقامة شركات استثمار زراعي تلبي احتياج المملكة من المنتجات الزراعية، وتنشيط دور البنوك الوطنية في الأسواق الإفريقية.
إنشرها

أضف تعليق