أخبار اقتصادية- عالمية

بريطانيا تواجه أعلى عبء ضريبي منذ 1948

بريطانيا تواجه أعلى عبء ضريبي منذ 1948

من شبه المؤكد أن الحكومة البريطانية المقبلة ستحتاج إلى زيادة الضرائب واتخاذ خيارات إنفاق غير مرحب بها حتى لو كان تحديث الميزانية هذا الأسبوع من جيريمي هانت وزير المالية يقدم صورة أكثر إشراقا ظاهريا.
وتواجه البلاد رياحا معاكسة طويلة الأجل ناجمة عن شيخوخة السكان، وضعف النمو المزمن، والخدمات العامة المنهكة، التي تفاقمت لارتفاع تكاليف الاقتراض.
وفي حين أن عديد من هذه التحديات مشتركة بين بلدان أوروبية أخرى، فإن توقعات النمو في بريطانيا على المدى القريب ضعيفة بشكل خاص، وقد ارتفعت أسعار الفائدة بشكل أكثر حدة، كما أن جوانب عملية تخطيط الميزانية تجعل من الصعب اتخاذ قرارات طويلة الأجل وتثبط السياسات الأكثر حكمة.
ومع اقتراب موعد الانتخابات في موعد لا يتجاوز كانون الثاني (يناير)  2025، لا يرغب حزب العمال المعارض، الذي يتقدم حاليا بفارق كبير في استطلاعات الرأي، ولا حزب المحافظين بزعامة رئيس الوزراء ريشي سوناك، في الحديث عن زيادة الضرائب.
لكن سيكون من الصعب للغاية تجنب الزيادات الضريبية بالنسبة لأي حزب سيشكل الحكومة المقبلة، كما يقول جيمس سميث، الخبير الاقتصادي السابق في بنك إنجلترا ومدير الأبحاث في مؤسسة القرار، التي تركز على القضايا التي تؤثر في أصحاب الدخل المنخفض والمتوسط.
وقال سميث: "لا يريد أي من الطرفين إجراء هذه المحادثة بشكل علني. لا يريدان أن يكونا الطرف الذي يرفع الضرائب. لكن هذا أمر لا مفر منه إذا كنت تريد معالجة المشكلة الخطيرة التي نواجهها فيما يتعلق بالخدمات العامة".
وقد ارتفع العبء الضريبي في بريطانيا بشكل حاد بالفعل. ومن المتوقع أن تصل الإيرادات الضريبية هذا العام المالي كحصة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 37 في المائة، وفقا لمكتب الميزانية الحكومي، ارتفاعا من نحو 33 في المائة قبل الوباء والأعلى منذ 1948.
ومع ذلك، وفقا للمعايير الأوروبية فإن معدل الضريبة في البلاد منخفض. وأظهرت بيانات 2021 الصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن بريطانيا كانت الأدنى بين الدول الأوروبية الكبرى، أي أقل بكثير من نسبة 45 في المائة في فرنسا أو 40 في المائة في ألمانيا.
وجاءت معظم الزيادة الأخيرة من خلال "السحب المالي"، حيث لم ترتفع عتبات الإعفاء من ضريبة الدخل والضرائب الأخرى بما يتماشى مع الأجور أو التضخم، الذي بلغ أعلى مستوى له منذ 41 عاما في العام الماضي. ومع توقع انخفاض التضخم، فإن الحكومة البريطانية المقبلة ستكسب أقل من هذا الخيار السهل نسبيا.
بالنسبة للحكومات السابقة، كانت الطريقة الرئيسة لزيادة مستويات الضرائب تتلخص في رفع معدل التأمين الوطني ــ ضريبة الرواتب التي يدفعها أصحاب العمل والموظفين ــ وفي حالة المحافظين، زيادة ضريبة القيمة المضافة.
ويقول معهد الدراسات المالية ومؤسسة القرار إن الحكومة المستقبلية يجب أن تنظر في المزيد من الطرق لفرض ضرائب على الثروة إضافة إلى الدخل. فالضرائب على العقارات السكنية، على سبيل المثال، منخفضة مقارنة بعديد من البلدان الأخرى ولا ترتبط إلا بشكل فضفاض بقيم العقارات الحالية.
وارتفعت الضرائب كحصة من الناتج المحلي الإجمالي جزئيا بسبب نمو الاقتصاد البريطاني بشكل أبطأ منذ الأزمة المالية 2008.
ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يكون النمو البريطاني في 2024 الأضعف بين أي اقتصاد متقدم رئيس. وإلى جانب النمو الضعيف، وصل الدين الحكومي إلى أعلى مستوياته منذ أوائل الستينيات، عند 98 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي - 2.6 تريليون جنيه استرليني (3.2 تريليون دولار) - بعد أن كان 36 في المائة عشية الأزمة المالية، وهو المستوى الذي يتركها في منتصف الطاولة مقارنة بالديون الحكومية. وغيرها من الاقتصادات الكبيرة والغنية.
وتتجاوز أسعار الفائدة على الاقتراض الحكومي الجديد لأجل عشرة أعوام 4 في المائة، مقارنة بأقل من 1 في المائة قبل أقل من عامين. ونتيجة لذلك، يتوقع مكتب مسؤولية الميزانية التابع للحكومة أن يصل متوسط مبلغ الناتج المحلي الإجمالي الذي يتم إنفاقه على سداد فوائد الديون إلى أكثر من 3 في المائة في السنوات المقبلة، وهو أعلى مستوى منذ الثمانينيات.
إن شيخوخة السكان هي أكبر مصدر لضغوط الإنفاق في الأعوام المقبلة. لكن مكتب مسؤولية الميزانية أشار إلى ضغوط أخرى أيضا، بما في ذلك الحاجة إلى زيادة الإنفاق الدفاعي في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا وتكلفة التحول إلى اقتصاد أكثر خضرة.
على الرغم من كل هذا، فمن المرجح أن يقدم هانت الأربعاء المقبل صورة أكثر إشراقا إلى حد ما مما كان عليه في ( مارس)، التي قد يستخدمها لخفض بعض الضرائب التجارية أو الشخصية وضريبة الميراث، وهو ما يثير قلق المحافظين.
وكان التضخم الأعلى من المتوقع سببا في تعزيز الإيرادات الضريبية وإجمالي الناتج المحلي الإجمالي من الناحية النقدية، الأمر الذي أعطى مجالا أكبر للتحرك ضد الأهداف المالية حيث إن ميزانيات الإنفاق على معظم الخدمات العامة ثابتة.
ويتطلب الهدف المالي الرئيس للحكومة البريطانية أن ينخفض الدين كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي بين العامين الرابع والخامس من توقعات مكتب مسؤولية الميزانية.
في حين أن خفض الديون يعد فكرة جيدة، إلا أن هذا الهدف يلعب دورا كبيرا و"خاصا جدا" في مناقشات الميزانية البريطانية، مقارنة بالدول الأخرى، وفقا لسميث من مؤسسة القرار.
ومع اقتراب الانتخابات، يشجع هذا الهدف الحكومات على زيادة التخفيضات الضريبية المؤقتة أو الإنفاق في السنة الأولى أو الثانية من التوقعات، ثم التخطيط لتخفيضات غير واقعية في الإنفاق في وقت لاحق، ما يقلل من مجال المناورة للمعارضين.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية