سوق النفط توازن بين شح الإمدادات الأمريكية وأثر البيانات الاقتصادية في الطلب

سوق النفط توازن بين شح الإمدادات الأمريكية وأثر البيانات الاقتصادية في الطلب
أسعار النفط حققت مكاسب قياسية متتالية بفعل المخاطر الجيوسياسية المحيطة بالسوق.

تتعرض أسعار النفط لقدر متزايد من الضغوط الهبوطية، لكن المخاطر الجيوسياسية ساعدت على منع حدوث تراجعات كبيرة.
وتوازن السوق حاليا بين العلامات على تقلص الإمدادات الأمريكية وأثر البيانات الاقتصادية في الطلب.
وقال لـ"الاقتصادية"، محللون نفطيون "إن الاقتصاد العالمي يواجه تحديات قوية خاصة على المدى القريب وأهمها السياسات النقدية المتشددة والتوترات في الشرق الأوسط والانتخابات الأمريكية المقبلة التي تلقي بظلالها بكثافة على آفاق الاقتصاد العالمي".
وأفادوا بأن وكالة الطاقة الدولية لم تبدأ أي مناقشات بشأن إطلاق مخزونات النفط، لكن الدول الأعضاء طلبت من أمانتها أن تكون يقظة وتواصل مراقبة الوضع في الشرق الأوسط والتهديدات التي تتعرض لها البنية التحتية للطاقة في أوروبا. وأوضحوا أن أسعار النفط والغاز ارتفعت بقوة في الأسابيع الأخيرة، حيث تم تسعير الأسواق بعلاوة المخاطر الجيوسياسية وسط تقارير صدرت أخيرا عن وكالة الطاقة الدولية تتوقع أن تكون السوق شحيحة خلال النصف الثاني من العام الجاري، خاصة الربع الرابع، بسبب النمو المتوقع في الطلب والتخفيضات الطوعية من قبل دول "أوبك +".
ولفت المحللون إلى أن السوق أصبحت متوترة منذ اتساع رقعة الحرب في الشرق الأوسط رغم أن الأسواق لم تشهد أي انقطاع فعلي في الإمدادات حتى الآن وقد لا تتم مناقشة أي إجراءات فعلية للإفراج عن المخزونات، لكن الدول الأعضاء في وكالة الطاقة الدولية تطالب باليقظة وتحديث المعلومات المتعلقة بالنفط والغاز من أجل بلورة واتخاذ أي إجراء محدد.
وفي هذا الإطار، يقول مارتن جراف مدير شركة إنرجي شتايرمارك النمساوية للطاقة "إن التوتر والمعنويات السلبية يسيطران على السوق ويدعمان التقلبات السعرية"، مشيرا إلى أن اتساع نطاق النزاع في الشرق الأوسط قد يكون له تأثير واسع في السوق.
وأوضح أن "أوبك" ووكالة الطاقة الدولية والأطراف المعنية كافة في السوق النفطية تراقب تطورات الوضع حاليا من كثب وتقف على أهبة الاستعداد لأي خيار قد يحتاج إليه السوق وفي المقدمة تحالف منتجي "أوبك +" الذي يستعد لاجتماع وزاري موسع في 26 نوفمبر المقبل سيحدد فيه سياسات الإنتاج في الشهور الأولى من العام المقبل. ويرى سلطان كورالي المحلل الألباني ومختص شؤون الطاقة والمصارف أن السعودية تلعب دورا رئيسا في استقرار سوق النفط الخام وقد نجحت من خلال التخفيضات الطوعية الإضافية في ضبط التوازن بين العرض والطلب.
من ناحيته، يقول جوران جيراس مساعد مدير بنك زد إيه إف في كرواتيا "إن أسعار النفط الخام حققت مكاسب قياسية متتالية بفعل المخاطر الجيوسياسية المحيطة بالسوق علاوة على تعافي الطلب وتقييد الإنتاج، ما دفع الأسعار إلى ما يقرب من 100 دولار للبرميل في الشهر الماضي وهو ما أدى بدوره إلى تضخم أرباح المنتجين وإيجاد ثقة متزايدة عززت موجة من الصفقات الضخمة وعمليات الاندماج والاستحواذ في مجال النفط خاصة في قطاع النفط الصخري الأمريكي وأهمها صفقة إكسون موبيل".
ونوه بتأكيد "أوبك" بقيادة السعودية أن الهيدروكربونات موجودة لتبقى وذلك بالتوازي مع خطط انتقال الطاقة وخفض الانبعاثات الضارة ضمن الأهداف الطموحة لرؤية السعودية 2030.
وتقول ليندا تسيلينا مدير المركز المالي العالمي المستدام "إن تعزيز الاستثمارات النفطية الجديدة يجب أن يحتل أهمية عاجلة"، مشيرة إلى تأكيد شركة توتال الفرنسية العملاقة أن الاستثمار في النفط لا يزال ضروريا لتلبية الطلب المتزايد وتجنب القفزة في الأسعار وأنه من الخطأ انتقاد الاستثمارات في إمدادات الطاقة التقليدية من النفط والغاز.
كما أبرزت تأكيد شركة أرامكو السعودية العملاقة أن النفط سيستمر في رؤية نمو كبير في الطلب مع تعافي الاقتصادات وعودة كبار المستهلكين مثل الصين إلى نمو أسرع، مشيرة إلى تأكيد الشركة السعودية على لسان أمين الناصر رئيسها التنفيذي أن استهلاك الطاقة مستمر في النمو حتى مع مواجهة الاقتصادات رياح معاكسة.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، استقرت أسعار النفط تقريبا في بداية التعاملات أمس إذ وازنت علامات على تقلص الإمدادات الأمريكية أثر بيانات اقتصادية أضعفت توقعات الطلب.
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت سنتين إلى 88.09 دولار للبرميل بحلول الساعة 00:03 بتوقيت جرينتش، في حين تراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي خمسة سنتات إلى 83.69 دولار للبرميل. وانخفضت الأسعار القياسية في كل من الجلسات الثلاث السابقة.
وأفادت مصادر السوق نقلا عن أرقام معهد البترول الأمريكي الثلاثاء بانخفاض إمدادات الخام الأمريكي بنحو 2.7 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 20 أكتوبر. ويتعارض ذلك مع متوسط آراء ثمانية محللين استطلعت آراؤهم الذين قدروا أن مخزونات الخام زادت بنحو 200 ألف برميل في الأسبوع.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 91.29 دولار للبرميل الثلاثاء مقابل 94.29 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول أوبك الأربعاء "إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثاني انخفاض على التوالي، وإن السلة خسرت نحو دولار واحد مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 92.65 دولار للبرميل".

سمات