مرضى ونازحون تتقطع بهم السبل .. المستشفيات في مرمى القصف الإسرائيلي

مرضى ونازحون تتقطع بهم السبل .. المستشفيات في مرمى القصف الإسرائيلي
مرضى ونازحون تتقطع بهم السبل .. المستشفيات في مرمى القصف الإسرائيلي

تواصل القوات الإسرائيلية عدوانها على قطاع غزة، لليوم الـ 12 على التوالي، حيث استشهد 53 فلسطينيا، وأصيب العشرات، أمس، في قصف استهدف منازل وبنايات في مخيم جباليا، وفي مناطق متفرقة في قطاع غزة.
وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية، بأن أطقمها انتشلت الجثامين من ركام منازل في جباليا، حيث تعرضت لقصف إسرائيلي مكثف، ومن بين الشهداء طبيب وأسرته. ومع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بات الجميع في خطر، حيث لم يستثن القصف النازحين الذين لجأوا إلى المستشفيات، التي جددت مناشداتها للمجتمع الدولي، خاصة مع قرب نفاد معظم ما يتعلق بعملها من أدوية ومستلزمات طبية، مما يشكل خطورة كبيرة على حياة الجرحى والمرضى.
وفي ساحة المستشفى الأهلي العربي في وسط غزة، يعمل سامر ترزي وأحمد طافش مع عشرات من الفلسطينيين منذ صباح أمس، على جمع أشلاء القتلى المتناثرة بعد القصف الذي استهدفه، أمس، وتسبب في مقتل 471 شخصا، وفق وزارة الصحة. وضع سامر (50 عاما) قفازات وحمل كيسا بلاستيكيا أسود اللون جمع فيه يدا وجدها تحت شجرة، ويشير إلى بقايا أرز وبعض قطع الدجاج المسلوق التي اختلطت بالدم، قبل أن يقول "كانوا هنا يأكلون. كلهم ماتوا، مجزرة". ويضيف "ما عسانا نفعل؟ نجمع الأشلاء وقطع اللحم المتفحمة. وجدنا قطعا من رأس شهيد، وأجزاء من أيد وأرجل وبقايا أمعاء... مشهد لا يطاق".
وسقط المئات من الشهداء والجرحى في قصف استهدف مساء الثلاثاء المستشفى، حيث كان قد لجأ إليه المئات الذين افترشوا اروقته وحدائقه، هربا من القصف.
وأثار قصف المستشفى سلسلة إدانات دولية وتظاهرات في شوارع الضفة الغربية وطهران وعمان وإسطنبول وتونس وبيروت وغيرها. ولا تزال سحب الدخان تتصاعد في الموقع، وكذلك صرخات الألم والبكاء من أشخاص يبحثون عن أقاربهم أو ما تبقى منهم. ودانت الكنيسة الأسقفية في القدس التي تدير المستشفى الأهلي العربي الذي يعرف كذلك باسم المستشفى المعمداني، الهجوم "الوحشي" الذي وقع "أثناء غارات إسرائيلية"، ووصفته بأنه "جريمة ضد الإنسانية".
وبدا المشي صعبا في حديقة المستشفى، حيث اختلطت الرمال بالدماء والأشلاء. ويقول أحمد طافش "هذه مجزرة. لم أر مثلها في حياتي. كل الساحة شهداء وأشلاء وقطع. قمنا بجمع أعين ورؤوس وأيد وأرجل".
ويضيف "انتشلت من تحت الشجرة المحاذية لمبنى الإدارة امرأة شابة كان بجانبها طفل وطفلتان تفحمت أجزاء من أجسادهم". ويشير إلى جثتين تحت أنقاض مكتبة تبعد نحو 50 مترا من البوابة الرئيسة للمستشفى.
وتقول الناجية فاطمة سعيد، وهي تبكي وترتجف مستذكرة لحظة القصف "شعرنا بلهب من النار وراحت الأشياء تتساقط علينا.. بعدها بدأنا ننادي بحثا عن بعضنا، وفجأة انقطعت الكهرباء.. لساني عاجز عن وصف ما حدث. لا أعرف كيف خرجنا". ويروي عدنان الناقة البالغ من العمر 37 عاما "كنت هنا عندما وقعت المجزرة. خرجت لأشتري بعض الطعام للأولاد وأخذتهم معي. ما إن دخلت المستشفى حتى سمعت صوت انفجار". ويتابع "شاهدت كتلة نار هائلة، كل الساحة اشتعلت بالنار، ورأيت الجثث تتطاير في كل مكان، أطفال ونساء وكبار في السن، لا استطيع أن أصدق أنني ما زلت على قيد الحياة مع أولادي الخمسة.. لكن ما ذنب هؤلاء الأبرياء؟".
ويقول الناقة "نزح نحو ألفي شخص من أحياء الزيتون والشجاعية والدرج في غزة واختبأوا هنا. كنت أظن أن كون إدارة المستشفى تتولاها بعثة مسيحية، فلن يكون هدفا.. لكن المأوى تحول إلى جهنم".
وفي مستشفى الشفاء في مدينة غزة، جاء كثيرون إلى ثلاجة الموتى علهم يجدون جثث أقربائهم أو يتعرفون عليها من أجل دفنها.
لم تعد الثلاجات تتسع ووضعت عشرات الجثث على الأرض، بعضها ملفوف بأكفان بيضاء وأخرى بأكياس بيضاء أو سوداء، وأخرى ببطانيات. ولم يكن في الإمكان التعرف على عديد منها بسبب تفحمها. ويقول يحيى كريم (70 عاما) الذي جاء للبحث عن قريب له إنه وجد أنه قتل. "كان مع زوجته وعدد من أولاده وأحفاده. لا أعرف كم منهم مات وكم منهم بقي على قيد الحياة".
ويضيف أنه فكر في التوجه مع عائلته المؤلفة من 40 شخصا إلى المستشفى للجوء، مضيفا "الحمد لله أنني تأخرت". وتقول أم أمجد إنها كانت "قبل المغرب الثلاثاء معهم في المعمداني. جلسوا تحت الشجرة عند الباب.. لم أجدهم". وتتابع "أخبروني أنهم أصيبوا. كذبوا علي. كلهم ماتوا.. ماتوا. هذا قدرهم من الله، فلا تحرموني من وداعهم".

الأكثر قراءة