المصافي الآسيوية تستقبل مزيدا من براميل النفط وسط منافسة لخامات الشرق الأوسط

المصافي الآسيوية تستقبل مزيدا من براميل النفط وسط منافسة لخامات الشرق الأوسط
لا تزال السوق النفطية تظهر علامات القوة رغم التداعيات التي يشهدها الاقتصاد العالمي. "رويترز"

استمرت تقلبات أسعار النفط الخام بعدما سيطرت المخاوف بشأن الصين إلى حد كبير إلى جانب تشديد ديناميكيات العرض، إضافة إلى ترقب السوق لمعرفة ما إذا كانت الصادرات العراقية عبر ميناء جيهان التركي ستستأنف، ما قد يخفف شح المعروض.
وأظهر عدد منصات الحفر من شركة بيكر هيوز في الولايات المتحدة للأسبوع المنتهي في 18 أغسطس انخفاضا في إشارة إلى أن الإنتاج قد يتباطأ في الولايات المتحدة.
ويقول لـ"الاقتصادية" محللون نفطيون: قد يكون للتباطؤ في الصين عواقب بعيدة المدى على الأسواق العالمية في النصف الثاني من 2023 حيث شهد النصف الأول من العام تدهور الاقتصاد الصيني إلى حد كبير، ومع ذلك وصلت مشترياتها من النفط إلى مستويات تاريخية، حيث تتطلع إلى تحسين قدرات التخزين.
ولفتوا إلى أن التباطؤ قد يؤدي إلى تراجع المشتريات الحكومية الصينية، ما قد يؤدي إلى زيادة العرض والاستمرار في إبقاء أسعار النفط منخفضة نسبيا، منوهين– بحسب إحصائيات دولية – أنه في 2022 قادت الولايات المتحدة استهلاك النفط العالمي بـ19 مليون برميل يوميا تليها الصين بـ14 مليون برميل ومن 2012 إلى 2022، أظهرت الصين والهند أكبر نمو في استهلاك النفط، حيث زادت بنسبة 42 في المائة، و41 في المائة، على التوالي.
وفي هذا الإطار، يقول سيفين شيمل مدير شركة "في جي إندستري" الألمانية: إن أسعار النفط الخام شهدت تقلبات متلاحقة وسط إشارات إلى أن الإمدادات النفطية قد تنتعش، لافتا إلى اتساع المخاوف من أن النمو الاقتصادي في الصين يتجه نحو التباطؤ.
وأوضح أن أسعار النفط تفاعلت مع أنباء عن أن وزير النفط العراقي يعتزم مناقشة استئناف صادرات النفط عبر محطة جيهان في تركيا، موضحا أنه مما يزيد من المعنويات الهبوطية في السوق هو ارتفاع صادرات النفط الشهرية من إيران، ما يؤدي إلى تضخم التدفقات العالمية في وقت يقوم فيه المنتجون الآخرون بتخفيض إنتاجهم.
أما روبين نوبل مدير شركة "أوكسيرا" الدولية للاستشارات، فيرى أن التجار يراقبون الضائقة الاقتصادية في الصين التي أسهمت في الانخفاضات الأخيرة، حيث قامت البنوك الصينية بتخفيض أقل من المتوقع لسعر الإقراض القياسي، على الرغم من قيام البنك المركزي بالضغط على المقرضين لتعزيز القروض، لافتا إلى تطلع السوق إلى تحفيز أكثر قوة من الصين.
ونوه إلى أنه لا تزال السوق تظهر علامات القوة، حيث يشير منحنى العقود الآجلة للنفط إلى أن الإمدادات تتقلص وسط تخفيضات الإنتاج من أوبك + بقيادة السعودية، كما ارتفعت العقود الآجلة للبنزين بنحو 13 في المائة، هذا العام متجاوزة سعر النفط الخام.
ويشير ماركوس كروج كبير محللي شركة "أيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز إلى أنه ربما يكون سعر النفط الرئيس في روسيا قد قفز فوق الحد الأقصى الذي فرضته مجموعة السبع الذي يبلغ 60 دولارا للبرميل، ولكن ذلك لم يفعل الكثير لعرقلة تقديم الخدمات الغربية لتجارة النفط الخام الروسية.
ونوه إلى أنه في المقابل ترى وزارة الخزانة الأمريكية أن الحد الأقصى ناجح وأنه تسبب في انخفاض عائدات النفط الروسية بنسبة 50 في المائة تقريبا عن العام السابق، مشيرا إلى أن الإدارة الأمريكية تراقب السوق عن كثب بحثا عن أي انتهاكات محتملة للحد الأقصى للسعر ولا تزال نسبة كبيرة من تداولات النفط الروسية تستخدم مقدمي خدمات التحالف.
بدورها، تقول جولميرا رازيفا كبير محللي المركز الاستراتيجي للطاقة في أذربيجان: إن توقعات تعافي الطلب جيدة، مع علامات الانتعاش التي أظهرتها واردات الصين من النفط الخام من السعودية وروسيا في أغسطس بعد انخفاضات في يوليو الماضي.
وعلى الرغم من أن أسعار البيع الرسمية في السعودية للتحميل في أغسطس كانت مرتفعة، إلا أن خامات الشرق الأوسط ظلت قادرة على المنافسة – بحسب تقارير دولية – أكدت استقبال المصافي الآسيوية، ولا سيما الصينية الحكومية والخاصة مزيدا من البراميل.
ونوهت إلى أن بعض المصافي الصينية تقلص نشاطها أخيرا بسبب موسم الصيانة والقيود المفروضة على الحصص، موضحة أن بعض قدرات الإنتاج التي كانت في حالة صيانة تعود هذا الشهر، وبالتالي من المتوقع زيادة التشغيل في أغسطس الجاري.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، انخفضت أسعار النفط الثلاثاء 22 أغسطس مع ترقب السوق لمعرفة ما إذا كانت الصادرات العراقية عبر ميناء جيهان التركي ستستأنف، ما قد يخفف من شح المعروض الناجم عن تخفيضات تحالف أوبك +، في حين لا يزال الاقتصاد الصيني المتعثر يلقي بظلاله على توقعات الطلب العالمي.
وبحلول الساعة 02:41 بتوقيت جرينتش، تراجع خام برنت 8 سنتات إلى 84.38 دولار للبرميل، ونزل خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 7 سنتات إلى 80.65 دولار للبرميل.
وأبلغ مصدر بمكتب حيان عبدالغني وزير النفط العراقي "رويترز" أمس الأول، بأن الوزير وصل إلى العاصمة التركية أنقرة لبحث قضايا عدة، منها: استئناف صادرات النفط عبر ميناء جيهان.
وأوقفت تركيا صادرات العراق البالغة 450 ألف برميل يوميا عبر خط أنابيب يمتد من شمال العراق إلى تركيا في 25 مارس بعد حكم في قضية تحكيم صادر عن غرفة التجارة الدولية.
ويساعد دخول مزيد من النفط الخام العراقي إلى السوق على التخفيف من أزمة المعروض من الخام عالي الكبريت الناجمة عن إطالة تحالف أوبك +، الذي يضم منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" وحلفاءها، أمد تخفيضات الإنتاج وزيادة حجمها.
في غضون ذلك، أدى التشاؤم حيال آفاق الاقتصاد في الصين، ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم، إلى الضغط على الأسعار وزيادة المخاوف بشأن الطلب على الوقود.
وقالت أوراسيا جروب في مذكرة: "الضعف الاقتصادي الصيني يلقي بثقله على أسعار النفط وسيضع سقفا لها هذا العام، خاصة أن بكين تبدو ملتزمة بتجنب التحفيز المالي واسع النطاق".
وأظهر استطلاع أولي أجرته "رويترز"، أن من المتوقع أن تكون مخزونات النفط الخام والبنزين في الولايات المتحدة قد انخفضت الأسبوع الماضي، ما كبح تراجع أسعار النفط.
وجاء في مذكرة من أيه.إن.زد للأبحاث: أن السوق تركز أيضا على البيانات الأولية لمؤشر مديري المشتريات في الولايات المتحدة لأغسطس والندوة الاقتصادية السنوية لمجلس الفيدرالي في جاكسون هول، المقرر عقدها في وقت لاحق من الأسبوع.
ودعمت البيانات الاقتصادية الأمريكية خلال الأسابيع القليلة الماضية توقعات أن يبقي البنك المركزي أسعار الفائدة مرتفعة فترة أطول، ما يضعف آفاق الطلب على النفط ومجموعة واسعة من السلع الاستهلاكية.
وارتفعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 87.58 دولار للبرميل الإثنين مقابل 86.46 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول أوبك أمس: إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة حقق ثاني ارتفاع عقب عدة تراجعات سابقة، وإن السلة خسرت نحو دولار واحد مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 88.66 دولار للبرميل.

سمات