FINANCIAL TIMES

هل يستطيع «مورجان ستانلي» تحقيق خلافة سلمية؟

هل يستطيع «مورجان ستانلي» تحقيق خلافة سلمية؟

يخطط جيمس جورمان، الرئيس التنفيذي لـ"مورجان ستانلي"، للتنحي في غضون 12 شهرا.

خلال عشاء إيطالي في مطعم إليو في الجانب الشرقي العلوي لنيويورك قبل عامين، وعد تيد بيك وآندي سابيرشتاين بعضهما بعضا بألا تتحول معركة الخلافة التي تتشكل في "مورجان ستانلي" إلى طعن من الخلف كما هو شائع في البنوك الأخرى.
فبعد زمالة امتدت لـ15 عاما، تمت ترقيتهما للتو إلى رئيسين مشاركين، ما جعلهما متنافسين رئيسين لتولي واحدة من أكبر الوظائف في وول ستريت من جيمس جورمان الرئيس التنفيذي الذي خدم فيه فترة طويلة.
كانا يعلمان أن العلاقة الجيدة مهمة بالنسبة إلى رئيسهما، فقد حذر جورمان سرا من أن الانخراط في السياسة الداخلية كان أحد الطرق المؤكدة لاستبعاد مرشح من وظيفة الرئيس التنفيذي.
والآن، بعد أن أعلن جورمان الأسبوع الماضي أنه يعتزم التنحي في غضون 12 شهرا، ستوضع مسألة أخوتهما على المحك حيث يحاول مجلس إدارة "مورجان ستانلي" إنجاز أمر نادر الحدوث في وول ستريت، خلافة سلمية.
قال مسؤول تنفيذي سابق في "مورجان ستانلي" "جورمان يذكر طوال الوقت أن وول ستريت كانت مروعة للغاية فيما يتعلق بمسألة الخلافة، وأنه الشخص الذي سيغير ذلك".
قال جورمان "64 عاما"، خلال الاجتماع السنوي لـ"مورجان ستانلي"، "إن مجلس إدارة البنك حدد ثلاثة مرشحين داخليين أقوياء للغاية للنظر فيهم لتولي منصب الرئيس التنفيذي القادم"، في إشارة إلى بيك وسابيرشتاين ودان سيمكوفيتش، وهو مسؤول تنفيذي كبير آخر.
قال كريستيان بولو، المحلل المصرفي في شركة أوتونومس ريسيرتش "فيما يتعلق بمن يتولى المسؤولية، فأنا لا أحسد الشخص الذي يجب عليه أن يتخذ هذا القرار. ما لا تريده هو أن يغادر الشخص الآخر. فذلك سيكون سيئا بالنسبة إلى سهم البنك".
وقد بذل المرشحون الثلاثة جهودا مضنية ليظهروا للعالم أن أي طموحات لتولي منصب الرئيس التنفيذي لن تؤثر في عملهم. وهم يلتقون العملاء معا. كما أجرى بيك وسابيرشتاين وسيمكوفيتش مقابلات مع بعضهم بعضا في مناسبات خاصة بالشركات.
رفض بنك مورجان ستانلي التعليق.
إن تاريخ وول ستريت مليء بمعارك مريرة على الخلافة، ومنها في "جولدمان ساكس" حيث انتصر ديفيد سولومون على هارفي شوارتز الرئيس المشارك ليتولي المنصب من لويد بلانكفين في 2018.
قبل عقدين من الزمن، كان بنك مورجان ستانلي مضطربا بسبب الصراع الداخلي أثناء فترة القيادة المضطربة لفيليب بورسيل. وفي أوائل فترة جورمان كرئيس، غادر بول توبمان البنك بعد علاقة متوترة مع كولم كيليهر منافسه الداخلي. ويدير توبمان حاليا بنكا استثماريا للأثرياء يدعى بي جيه تي بارتنرز، بينما يشغل كيليهر منصب رئيس مجلس الإدارة في بنك يو بي إس السويسري.
ركز جورمان على الانتقال السلس للقيادة منذ حصوله على الوظيفة في 2010. فبعد ثلاثة أسابيع فقط من ولايته، قدم خطة خلافة إلى مجلس الإدارة، وفقا لأشخاص مطلعين على الأمر.
أيا كان الفائز فسيواجه مهمة شاقة تتمثل في تولي المنصب من زعيم يحظى بثناء واسع ومحبوب هو جورمان، الذي لقيت استراتيجيته للنمو في الثروة وإدارة الأصول ترحيبا من قبل المستثمرين. هذا، وتبلغ قيمة بنك مورجان ستانلي الآن أكثر من "جولدمان"، منافسه الدائم في مجال الخدمات المصرفية الاستثمارية والتداول.
قال أحد المديرين التنفيذيين ممن عملوا مع المرشحين الثلاثة جميعا "إن ملء المكان بعد جيمس يعد أمرا صعبا لأنه قام بعل جيد. لقد نجح في الاستراتيجية والتنفيذ".
وفي تصريحاته الأسبوع الماضي، ترك جورمان بعض المساحة لتعديل خططه، حيث أخبر المساهمين بأن خلافته ستتم طالما ظلت الظروف الاقتصادية مستقرة. كما أنه يخطط للبقاء كرئيس تنفيذي لفترة من الوقت بعد تسليم مسؤولياته.
ويتمتع كل من بيك وسابيرشتاين وسيمكوفيتش بفرصة لتولي المنصب، لكن بيك يعد المرشح الأوفر حظا، وفقا لأشخاص مطلعين على عملية الخلافة.
إضافة إلى اسميهما الوظيفيين كرئيسين مشاركين، يشغل بيك منصب رئيس قسم الأوراق المالية المؤسسية في "مورجان ستانلي"، الذي يضم البنك الاستثماري وعمليات التداول، بينما يرأس سابيرشتاين إدارة الثروات. ويدير سيكوفيتش قسم إدارة الاستثمار وهو رئيس مشارك للاستراتيجية مع بيك.
يشرف بيك "54 عاما"، وسابرشتاين "56 عاما"، على العمليات التي حققت العام الماضي 90 في المائة من إيرادات "مورجان ستانلي" البالغة 53.7 مليار دولار.
بعد تخرجه في كلية ميدلبري وحصوله على ماجستير إدارة الأعمال من كلية هارفارد للأعمال، بدأ بيك في "مورجان ستانلي" في 1990 كمصرفي استثماري في أسواق المال. ثم انتقل بعدها إلى الأعمال التجارية لـ"مورجان ستانلي"، حيث صمم عملية التحول في قسم الدخل الثابت.
قال أحد الأشخاص المطلعين على التخطيط للخلافة "إن قرار خفض التكاليف وخفض العاملين في قسم الدخل الثابت (...) ثم رؤيته مزدهرا بعد ذلك هو إنجاز يستحق التقدير".
يستفيد بيك من خبرته في إدارة عمليات التداول والخدمات المصرفية الاستثمارية، وهو أخطر قسم في البنك، يمكن أن يولد خسائر فادحة في حال تمت إدارته بشكل سيئ. وينظر إليه على أنه قام بعمل قوي، لكن سجله لا يخلو من العيوب، حيث خسر بنك مورجان ستانلي 911 مليون دولار أثناء انهيار "أركيجوس"، وهو مكتب عائلي.
في مجال الخدمات المصرفية الاستثمارية، كافح بنك مورجان ستانلي لكسر قبضة "جيه بي مورجان تشيس" و"جولدمان" باعتبارهما أكبر الشركات كسبا للأتعاب والرسوم. كما وضع فريق بيك القديم لأسواق رأس المال كذلك في صميم تحقيق تقوم به الحكومة الأمريكية حول أعمال البنك لعمليات التداول بكميات كبيرة. وقال البنك هذا الشهر "إنه يجري محادثات من أجل تسوية القضية".
أما سابيرشتاين، الذي لا يزال يتحدث باللهجة المميزة لبلدة جزيرة ستاتن في مدينة نيويورك، فلديه خلفية تشبه إلى حد كبير خلفية جورمان.
وبعد تخرجهما بشهادات من كلية الحقوق في جامعة هارفارد وكلية وارتون في جامعة بنسلفانيا، عمل جورمان وسابيرشتاين معا في شركة ماكينزي الاستشارية.
تبع سابرشتاين جورمان أولا إلى بنك ميريل لينش ومرة أخرى إلى بنك مورجان ستانلي في 2006، حيث أصبح رئيسا لإدارة الثروات الأمريكية في 2009.
في حين إنه لا تزال لديه خبرة محدودة فقط في أعمال التداول لدى "مورجان ستانلي"، إلا أن إدارته الواثقة لقسم الثروات دفعته إلى المنافسة. حيث ترأس قسم إدارة الثروات بشكل عام منذ 2019 وأصبح القسم محركا مهما لأسهم "مورجان ستانلي"، مسؤولا عن نحو 45 في المائة من الإيرادات مع 4.5 تريليون دولار من أصول العملاء.
على الرغم من أن سابرشتاين كان "أقرب كثيرا إلى جيمس"، إلا أن بيك بنى علاقته مع جورمان في الأعوام الأخيرة، وفقا لمدير تنفيذي آخر عمل مع الرجال الثلاثة.
بدأ سيمكوفيتش "58 عاما"، في "مورجان ستانلي" في 1990، وهو العام نفسه الذي بدأ فيه بيك، وينظر إليه البعض على أنه المرشح الأكثر مهارة من بين الثلاثة.
بينما قال شخص آخر عمل مع الرجال الثلاثة "إنه شخص يمكنني رؤيته ماثلا في جلسة استماع في الكونجرس".
التحق بالبنك بعد تخرجه من جامعة هارفارد وحصوله على ماجستير إدارة الأعمال من جامعة كولومبيا. ومثل بيك، فإن لديه خلفية عن أسواق المال كما عمل أيضا مع الخزانة الأمريكية و"الاحتياطي الفيدرالي" عقب الأزمة المالية 2008. كما أنه قضى فترة في آسيا قبل عودته إلى نيويورك.
قال أحد زملائه السابقين "من الواضح أن جيمس يقيم ذكاءه بدرجة عالية جدا، لقد كان مصرفيا ممتازا في أسواق المال".
يدير سيمكوفيتش أصغر أعمال بنك مورجان ستانلي الثلاثة -حيث تشكل إدارة الاستثمار نحو 10 في المائة من إيرادات البنك- لكن شراء البنك أخيرا شركة إيتون فانز منحه فرصة أخرى لإثارة الإعجاب.
بغض النظر عمن سيحصل على الوظيفة من الثلاثة، ستبقى مشكلة واحدة واضحة في عملية الخلافة المنظمة لـ"مورجان ستانلي"، وهي تشكيلة الذكور بالكامل.
إذ كانت القائمة الأولية لأربعة مرشحين بارزين، من بينهم المخضرم جوناثان بروزان من بنك مورجان ستانلي قبل مغادرته في وقت سابق من هذا العام، قد أُشير إليها داخليا باسم "الفرسان الأربعة".
مع وجود مديرات تنفيذيات صاعدات مثل شارون يشايا المديرة المالية وكلير وودمان رئيسة منطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، سيكون الأمر متروكا لمن يتولى المنصب خلفا لجورمان، لضمان أن يكون سباق الخلافة المقبل أكثر تنوعا.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES