بعد الجائحة .. هل ما زال الطلب على شبكات التواصل النسائية؟

بعد الجائحة .. هل ما زال الطلب على شبكات التواصل النسائية؟
وجدت استطلاعات أن حاجة رائدات الأعمال إلى النوادي ومجموعات الشبكات النسائية بعد الجائحة في ازدياد حتى الآن.

اعتقدت جوان ويب أن شبكة "ذا جيرلز كلوب" الافتراضية للعلاقات النسائية التي أنشأتها للنساء ذوات المناصب العليا اللواتي يتطلعن إلى التنفيس عن الضغط الذي عانينه أثناء عمليات إغلاق كوفيد ستتلاشى بعد رفع القيود.
قالت المستشارة الإدارية "في الواقع، انطلقت الشبكة (عبر واتساب وزووم ولينكد إن) على مدى الشهرين الماضيين، وانضمت إلينا 200 أو300 امرأة".
أطلقت شارمادين ريد رائدة الأعمال شبكة "ذا ستاك ورلد" في 2021، باستثمار من ماجنوس راوزينج وريث شركة تيترا باك، وتوم بلومفيلد الرئيس السابق لبنك مونزو، استجابة "للنساء اللواتي يشعرن بالإهمال، ومحبوسات في المنزل". نمت عضوية الشبكة المجانية والمميزة المدفوعة إلى 14 ألف امرأة.
إن نوادي العضوية النسائية تشهد توجها مماثلا، فقد شجعت أنماط العمل عن بعد التي دخلت حيز التنفيذ أثناء الجائحة النساء على التواصل خارج المكتب، غالبا كطريقة لزيادة بروزهن.
قالت نيكولا جرانت، مؤسسة "شي 2"، وهي مجموعة تستهدف الشخصيات النسائية البارزة الراغبات في تنمية المهارات والاتصالات للحصول على وظائف الإدارة التنفيذية في الشركات "بينما تبني حياتك المهنية (...) فإنك تحتاج إلى الرؤية وأن تكون استراتيجيا. وهذا يتطلب وجود شبكات التواصل".
وأضافت أن "رغبة النساء في التواصل كانت مدفوعة جزئيا أيضا بالإحباط من مبادرات التنوع غير الفعالة لأصحاب العمل. فقد انتقدت جرانت برامج القيادة النسائية غير الأصيلة أو غير المستدامة الخاصة ببعض الشركات والتي تفشل في تقديم دعم طويل الأجل لهن وإجراء تغييرات حاسمة في ثقافة الشركة".
تقدم مجموعات شبكات العلاقات النسائية عادة لقاءات شخصية أو افتراضية للسيدات المهنيات اللواتي يتطلعن إلى التقدم في حياتهن المهنية. حيث تقدم بعض المجموعات، مثل "ذا جيرلز كلوب"، مناسبات مجانية عبر الإنترنت تغطي موضوعات مثل كيفية أن تصبح مديرة غير تنفيذية، إضافة إلى دروس رئيسة في الخطابة العامة والشؤون البيئية والاجتماعية والحوكمة. أما المجموعات الأخرى كمجموعة أول برايت ومجموعة تشيف، فتتقاضيان رسوم عضوية.
قال عديد من الشخصيات التي أنشأت المجموعات "إن الجائحة أنعشت الطلب عليها، وغيرت الطريقة التي تريد بها النساء استغلال وقتهن".
قالت فيفيان باكسينوز، المديرة التنفيذية لمجموعة أول برايت، "إن نماذج العمل الهجين تعني أن النساء أصبحن يتقن إلى شبكة العلاقات أكثر من أي وقت مضى (...) سواء كان ذلك من أجل تبادل الأفكار أو للتخفيف من عزلتهن".
فيما قالت فلورنس فيليش، الأستاذة المساعدة في كلية كوبنهاجن للأعمال، التي أجرت أبحاثا عن شبكات العلاقات النسائية، "إن بعض النساء شعرن بالحاجة إلى تبرير قضاء وقتهن خارج المنزل، وهو ما لم يشعر به الرجال في كثير من الأحيان".
وأضاف جرانت "إذا كنت ستستغرق وقتا طويلا في الذهاب إلى شيء ما، فأنت بحاجة إلى جعله مؤثرا لفترة ما بعد الجائحة".
من أحدث العلامات على الثقة، كان الافتتاح في بداية العام الحالي لناد جديد في وسط لندن من قبل مجموعة تشيف، وهي مجموعة النساء الأعضاء في الولايات المتحدة يتقاضين ما يصل إلى 7900 دولار "و7900 جنيه استرليني في المملكة المتحدة" وتعد نفسها ناديا لـ"كبار المسؤولات التنفيذيات وكبار المديرات التنفيذيات، ونائبات الرؤساء صاحبات الإنجازات المهمة". قالت مجموعة تشيف "إن عدد أعضائها تضاعف في العام الماضي إلى 20 ألف عضوة، حيث كان أرباب العمل هم من يدفع معظم رسوم العضوية".
كانت أسعارها المرتفعة وتركيزها على الشخصيات النسائية الرفيعة قد أثارت اتهامات لها بالنخبوية، على الرغم من أن مجموعة تشيف قالت "إن هناك مكانا مناسبا لكبار المديرات التنفيذيات اللاتي غمرهن الطلب لتوجيه العاملات المبتدئات وإدارة منازلهن وتوفير الرعاية".
قالت سيلين كروفورد، مديرة العمليات والأفراد في شركة فيرتيفا المتخصصة في مجال صحة المرأة، إن الانضمام إلى نادي تشيف في لندن خفف من عزلتها. في مجال التمويل والتكنولوجيا "غالبا ما تكونين المرأة الوحيدة في فريق القيادة"، وأنت بحاجة إلى الدعم وليس النصيحة فقط.
أما كلير ديفنبورت، الرئيسة التنفيذية السابقة لشركة نت أون ذا هاي ستريت، التي تدير مجموعة "وومن إن تك"، مع ثماني مديرات تنفيذيات فقالت "إن النساء كن منفتحات على استخدام تطبيق زوم أكثر من الماضي. لم تستطع النساء دائما إقامة شبكات للعلاقات بالسهولة نفسها التي يقوم بها الرجال عادة بسبب شؤون رعايتهن للأطفال، وقد وجدنا الآن صيغا تسهل فعلا بناء شبكات العلاقات عن بعد". وعلى الرغم من النوادي، قالت مجموعة تشيف أيضا "إن الجلسات الافتراضية كانت تتمتع بشعبية".
عانت بعض شبكات العلاقات نفسها ادعاءات اتهمتها بالحصرية.
في آذار (مارس)، سلطت إحدى العضوات الضوء على هذه المسألة عندما تخلت عن عضويتها في مجموعة تشيف بعد ثلاثة أعوام. وقد نشرت دينيس كونروي أسبابها على منصة "لينكد إن"، التي قالت "إنها تشمل عدم استجابة مجموعة تشيف للمرشحات من النساء ذوات البشرة الملونة، وندرة المساعدة للمجموعات ذات التمثيل المنخفض، واتخاذ المواقف بدلا من القيام بحملات سياسية حول القضايا التي تؤثر في النساء. أنا أستقيل لأني كانت لدي آمال أكبر في هذه المنظمة. إن التوليف بين 20 ألفا من النساء اللاتي حققن إنجازات له القدرة على تغيير العالم. ومع ذلك، لا يبدو أن الحشد يتبع الأجندة (...) هذه هي النسوية البيضاء في جوهرها".
رددت انتقاداتها تلك الانتقادات التي وجهت في الماضي إلى مجموعات "لين إن" التي ترأسها شيريل ساندبيرج التنفيذية السابقة في شركة ميتا، التي عملت على تشجيع النساء على الاندماج في هياكل الشركات، بدلا من الاعتراض عليها.
فيما أشارت إحدى المسؤولات التنفيذيات في وسائل الإعلام التي قررت عدم الانضمام إلى مجموعة تشيف، إلى وجود توتر متأصل في الشبكات الراقية التي تتبنى الشمولية. "كيف توفق بين النخبة والتنوع؟" كما قالت فرينشي فيرينزي، المديرة السابقة للمجتمع في "ذا وينج"، وهي مساحة مخصصة للعمل المشترك للنساء واجهت دعاوى بالتمييز قبل إغلاقها في 2022: "الصعوبة تكمن في أن يقول الناس إن الرسالة هي الشمولية، لكن الحقيقة ليست كذلك".
وأشارت مجموعة تشيف إلى البيانات التي تظهر أن 33 في المائة من عضواتها في الولايات المتحدة عرفن أنفسهن بأنهن "أشخاص ملونون"، وقالت "إنها قدمت منحا بقيمة خمسة ملايين دولار العام الماضي للعضوات اللاتي احتجن إلى مساعدة مالية".
سلطت المؤيدات الضوء على أن نوادي النساء الخاصة تخضع لمعايير مختلفة عن نوادي الرجال، حيث كانت هناك توقعات بأن نوادي النساء يجب أن تكون أكثر شمولا في حين إن نظيراتها من نوادي الرجال لم تواجه مثل هذا الضغط.
حذرت ربيكا بوستان، مديرة الأبحاث والعمليات في "إنس تك"، وهي مجتمع للمبتكرين في تكنولوجيا التأمين، من وجود خطر "التفكير الجماعي. من السهولة حقا تعزيز آرائك، لأن النساء (الأعضاء) ربما مررن بتجارب مماثلة".
وأضافت فيلزيش "إن الوجود مع نساء أخريات قد يساعد العضوات على فهم أن الحواجز ليست شخصية بالضرورة لكنها منهجية بشكل أكبر".
تعتقد بوستان أن شبكات العلاقات ذات التنوع يمكن أن تكون أكثر إنتاجية. "إذا كنت تشغل منصبا رفيعا، فأنت مسؤول عن إدارة الأشخاص. وكلما زاد عدد الأشخاص المختلفين الذين يمكنك مقابلتهم، كان بإمكانك إدارتهم بشكل أفضل. وذلك يشبه إلى حد ما التوجيه العكسي. نحن نقدم للمديرين قليلا من الدعم والهيكل. إن جعل شخص ما يتحدث عن تجربته يعني أنه يمكنني الاستفادة من شيء منه وتطبيق ذلك على فريقي".
في حين إن الجائحة ربما أدت إلى زيادة الطلب على شبكات العلاقات النسائية، إلا أن بعضهن ما زلن يفشلن في جني الفوائد المالية.
مثلا، ارتفع عدد عضوات نادي أول برايت بأكثر من الضعف من نحو 1400 في كانون الأول (ديسمبر) من 2020 إلى أكثر من ثلاثة آلاف في العام الماضي، لكنه لم يحقق أرباحا لغاية الآن. إذ أجبرته الجائحة على إغلاق مؤقت لنواديه ولاحقا أغلق موقعه في لوس أنجلوس بشكل دائم. وبلغت خسائر العام المالي الماضي ستة ملايين جنيه استرليني، بانخفاض من 13.7 مليون جنيه استرليني في العام السابق المنتهي في آذار (مارس) 2021. منذ أن أصبحت باكسينوز الرئيسة التنفيذية في آب (أغسطس) الماضي، وجهت تركيزها على استقرار الشركة، التي يتم تداولها الآن عند مستويات ما قبل كوفيد.
قالت فيرينزي "إن المجتمعات لا تنمو وفقا للجدول الزمني لرأس المال المغامر". في حين تعتقد الموظفة السابقة في "وينج" أنه لا توجد "مشكلة أصلا في مسألة الدفع" من أجل الانضمام إلى مجتمع ما، فعلى سبيل المثال، قد يوفر نادي اللياقة البدنية حياة اجتماعية مزدهرة لكن مسألة القيمة هي أكثر وضوحا. إذا كنت تدفع فقط مقابل المجتمع فهذا يوجد توقعات مختلفة".
كما قالت ريد "إذا كنت ترغب في بناء شيء له ديمومة، فقد يكون ذلك أبطأ مما كنت تتوقع. وإذا كنت ترغب في بناء الثقة والمجتمع، فعليك أن تكون متأنيا".
فيما لا يزال البعض متشككا في الوعود التي أعطتها شبكات العلاقات التجارية الرسمية. حيث قالت بوستان "لدي شكوك في ذلك. إذ لم أر كثيرين يحدثون فرقا جوهريا".

هل هناك حاجة أكبر إلى الشبكات النسائية الآن؟
قامت شبكة نساء في الأعمال التابعة لـ"فاينانشيال تايمز" بسؤال الأعضاء: عما إذا كانت هناك حاجة أكبر إلى مجموعات شبكات العلاقات النسائية بعد الجائحة؟ وإليكم ما قلنه:
"أنا شخصيا أجد أنه من المفيد أن أشعر بأنني جزء من شيء أكبر مني وأن أسمع من نساء أخريات وكيف يتعاملن مع تحدياتهن اللاتي يواجهنها يوميا. من الملهم أو المريح أن نعرف أننا لسنا الوحيدات اللاتي يعانين جوانب معينة من حياتنا".
"بالنسبة إلي أقوم بـ99 في المائة منها عبر الإنترنت الآن (...) لست متأكدة إذا كان ذلك بسبب مجريات الحياة التي حدثت أثناء الجائحة أو لأن الأمور قد تغيرت بشكل عام، لكن كوني متاحة قد تقلص في الأعوام الثلاثة الماضية، لذلك يتعين علي تحديد الأولويات واختيار المكان الذي أكرس فيه وقتي".
"أجل، أكثر من أي وقت مضى لأن تأثير الجائحة كان أشد في النساء، حيث ما زلن يقمن بمعظم الأعمال المنزلية، حتى لو كن محظوظات لوجود شركاء حياة تقدميين لديهن".
"كان للجائحة آثار ضارة في الرفاهية، وبالتالي فإن توافر الوصول إلى شبكات العلاقات مع الأشخاص الذين يواجهون التحديات نفسها يعد أمرا مفيدا للغاية".

سمات

الأكثر قراءة