أخبار اقتصادية- عالمية

تحليل: الحرب التجارية بين أمريكا والصين خطر على الكون .. الحمائية ما زالت قوية

تحليل: الحرب التجارية بين أمريكا والصين خطر على الكون ..  الحمائية ما زالت قوية

الإدارة الأمريكية متثاقلة الخطوات عندما يتعلق الأمر بالتحول نحو الطاقة الأقل تلويثا للبيئة.

لا تتوقف تداعيات الحرب التجارية الدائرة منذ أعوام بين الولايات المتحدة والصين عند حدود الدولتين، وإنما تؤثر في الاقتصاد العالمي ككل، وكذلك على جهود حماية البيئة ومكافحة التغير المناخي.
وفي هذا السياق يقول الكاتب الأمريكي مارك جونجلوف في تحليل نشرته وكالة بلومبيرج للأنباء إن فرض رسوم جمركية باهظة على واردات معدات الطاقة الشمسية في الوقت الذي يسعى فيه العالم لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري ومكافحة تضخم أسعار المستهلك وتجنب الركود الاقتصادي، أشبه بمن يخوض سباق العدو في دورة الألعاب الأولمبية، ويربط في قدميه ثقلا يزن 20 رطلا. وفي أفضل الأحوال يمكن القول إن هذه الرسوم غير مثمرة.
ويقول جونجلوف مدير التحرير السابق لمجلة فورتشن الأمريكية إن الإدارة الأمريكية تبدو مستسلمة للدعوة لتثاقل خطواتها عندما يتعلق الأمر بالتحول نحو الطاقة المتجددة. وفي أحدث خطوة في هذا السياق وافق مجلس النواب الأمريكي بأغلبية ضئيلة على قانون يعيد فرض رسوم جمركية على أنواع من ألواح الطاقة الشمسية تفضلها شركات الكهرباء.
وحتى إذا مرر مجلس الشيوخ القانون وهو أمر غير مؤكد، فإن الرئيس الأمريكي جو بايدن يهدد باستخدام حق النقض (الفيتو) لإلغائه. وهذا نبأ جيد هنا. لكن بغض النظر عما يفعله الرئيس فجاذبية الإجراءات الحمائية في قطاع الطاقة الشمسية لدى الولايات المتحدة ما زالت قوية.
يفرض مشروع القانون الذي أقره مجلس النواب رسوما تراوح بين 35 و254 في المائة على نحو 80 في المائة من ألواح الطاقة الشمسية التي تباع في الولايات المتحدة وهو ما يفرض أعباء على قطاع إنتاج الطاقة الشمسية بأكثر من مليار دولار.
كما يمكن أن تؤدي هذه الرسوم إلى شطب نحو 34 ألف وظيفة نتيجة تأجيل أو إلغاء مشاريع لتركيب ألواح الطاقة الشمسية بحسب تقديرات اتحاد صناعات الطاقة الشمسية الأمريكي.
في الوقت نفسه فإن القانون الجديد سيبطئ وتيرة التحول إلى الطاقة النظيفة ويعرقل هدف قانون خفض التضخم الأمريكي أحد أهم إنجازات إدارة الرئيس بايدن.
وبالطبع حتى إذا استخدم بايدن حق النقض على القانون، فالمقرر انتهاء الحظر على مثل هذه الرسوم في حزيران (يونيو) 2024. كما أنه ما زالت هناك رسوم أخرى موجودة، ما يجعل تكلفة الطاقة الشمسية في الولايات المتحدة من بين الأعلى على مستوى العالم.
كل هذه الإجراءات تهدف بشكل أساسي إلى مواجهة ما يعده كثيرون دعما صينيا غير عادل لصناعتها الخاصة بمستلزمات الطاقة الشمسية الرائدة على مستوى العالم، بينما يتم فقط تنشئة الصناعة الأمريكية في هذا المجال.
وتعد قضية الرسوم على معدات الطاقة الشمسية الصينية متفق عليها بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري. فالرئيس الأمريكي الديمقراطي باراك أوباما فرض رسوما من هذا النوع في 2012، ثم جاء خليفته الجمهوري دونالد ترمب وفرض رسوما أخرى 2018، ومدد الرئيس الديمقراطي بايدن الرسوم لمدة أربعة أعوام أخرى، مع بعض الاستثناءات المهمة، بما في ذلك إعفاء الألواح ذات الوجهين التي تسيطر على مشاريع الطاقة الشمسية في الولايات المتحدة ومنحتها في البداية إدارة ترمب. وهلل دعاة حماية البيئة وشركات الطاقة الشمسية الأمريكية التي يمثلها اتحاد صناعات الطاقة الشمسية الأمريكي لهذه الخطوة، حيث قالوا إن إلغاء هذه الرسوم سيفتح الباب أمام مزيد من مشاريع الطاقة الشمسية الكبرى.
في المقابل اعترض قطاع تصنيع معدات الطاقة الشمسية الأمريكي على القرار. وبعد وقت قصير أقنعت شركة أوكسين سولار الصغيرة لتصنيع المعدات، مدينة سان خوسيه، وزارة التجارة الأمريكية بالتحقيق فيما إذا كانت الإمدادات الصينية من الألواح ذات الوجهين مجرد واجهة للشركات الصينية لتجنب الرسوم.
وأدى الغموض المحيط بنتيجة هذا التحقيق إلى تعليق العمل في عدد من مشاريع الطاقة الشمسية الكبيرة. ودخل بايدن في المعركة في يونيو الماضي عندما فرض حظرا على أي رسوم جديدة لمدة عامين. لكن وزارة التجارة انحازت إلى جانب شركة أوكسين سولار في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، ثم جاء مشروع القانون المدعوم من الحزبين لإنهاء حظر بايدن على الرسوم. ويختتم جونجلوف تحليله بالقول إنه على الولايات المتحدة دعم صناعة ألواح الطاقة الشمسية المحلية بكل إمكاناتها، لكن دون أن يؤدي ذلك إلى إهدار أعوام عديدة مهمة من تركيب الألواح الشمسية في البلاد التي يتم استيراد أغلبها من الصين. فالولايات المتحدة والعالم لا يمتلكان رفاهية التقدم البطيء في مشاريع الطاقة الشمسية الكبيرة التي تواجه عقبات كبيرة في الولايات المتحدة. لذلك يجب عدم السماح للحرب التجارية بين واشنطن وبكين بشكل عام بأن تعرقل جهود حماية مناخ كوكب الأرض.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية