غريب الطعام في العالم .. وللناس فيما يعشقون مذاهب

غريب الطعام في العالم .. وللناس فيما يعشقون مذاهب
الجراد طبق مشهور ذاع صيته في أصقاع العالم.
غريب الطعام في العالم .. وللناس فيما يعشقون مذاهب
وجبة العناكب المقلية منتشرة على جنبات الطرق في كامبوديا.

تعد مائدة الطعام مجالا للتنافس بين المجتمعات في رمضان، فكل شعب يحاول التفنن والإبداع في الأطعمة والأشربة المقدمة خلال الشهر الفضيل، لدرجة أن الأطباق تحولت إلى ما يشبه علامة تميز بلدا عن آخر. أكثر من ذلك، عملت دول على الرقي بأكلات معينة، حد حفظ حقوق ملكيتها، باعتبارها ضمن التراث الإنساني المسجلة باسم هذا القطر أو ذاك.
يبقى الأمر طبيعيا، فالطعام في النهاية يمثل جزءا من ثقافة الشعوب، على غرار بقية الفنون التي أبدعها الإنسان، على مر التاريخ، ما جعل حضارات تؤسس فنون المطبخ، فالطهي فن يتوارث مع تعاقب الأجيال التي تعمل جاهدة على تطويره، حتى صار مجالا للتباهي والتفاخر بين الأمم. وارتقى موضوع الأكل في عديد من الدول إلى مستوى إدماج وجبات وأطباق بعينها في أدبيات البروتوكول الدبلوماسي في البلد.
تحتوي موائد الطعام حول العالم على التقليدي والتراثي، مما لا يفوت الإنسان فرصة تذوقه متى أتيح له ذلك، إما عند قيامه برحلة إلى تلك الدولة أو فقط بالتردد على مطعم في موطنه مشهور بالتخصص في أكلات دولة ما، ليس هذا فحسب، بل تضم كذلك غريب الأطباق وعجيب الأطعمة، ما يجد المرء صعوبة في التفكير بها وجبة، فبالأحرى أن يمتلك الشجاعة والجرأة الكافيتين للإقبال على تناولها.
بدءا وجب التنبيه إلى أن مسألة الطعام فعل ثقافي اجتماعي بامتياز، فما يبدو مألوفا لدى شعب هو غير ذلك عند آخر، وما تعد أمة شيئا طريفا ونادرا تنظر أخرى إلى حدوثه بين أبنائها بعين الاعتياد والقبول. فضلا عن الحضور القوي لعوامل أخرى، قد تكون تاريخية أو جغرافية أو حتى سياسية، أسهمت وفق سياقات معينة في ابتكار أغذية واختراع أطبخة في مناطق مختلفة من العالم.
تعد وجبة العناكب المقلية المنتشرة على جنبات الطرق في كامبوديا، وتلقى إقبالا من المسافرين والعابرين عبر الحدود كوجبة خفيفة مثالا على ذلك. ارتبط تناول الكمبوديين للعناكب المقلية بزمن الحكم الوحشي للحزب الشيوعي "الخمير الحمر"، فكانت مصدرا للبروتين، وبديلا عن الطعام النادر بسبب المجاعة المنتشرة في البلاد. خضعت بعد ذلك للتطوير والتحسينات بإدخال الملح والسكر والثوم عليها، فصارت بمرور الوقت أكلة شعبية مشهورة، نسجت حولها عدة أساطير.
الحكاية نفسها بالنسبة إلى أكل الجراد، فالمجاعات التي تخلفها أسرابه في المناطق التي يغزوها، حولته إلى أكلة بسيطة يمكن اعتمادها لمواجهة الجوع وقلة الطعام بسبب الكوارث الطبيعية والمناخية. ثم ما لبث أن تحول إلى طبق مشهور ذاع صيته في أصقاع العالم، لدرجة أن مطعما مكسيكيا في بريطانيا أضافه إلى قائمة الوجبات المقدمة مع الليمون في فرعه في لندن.
الجوع والحاجة ليسا دوما السبب وراء ظهور غريب الطعام، فحب التجريب والاكتشاف وحتى المغامرة، قد تكون وراء الأمر، على غرار تناول وجبة سمكة الفوجو باهظة الثمن في أفخم المطاعم اليابانية، التي يمكنها أن تقتلك خلال دقائق فقط. إنه طبق برائحة الموت، لاحتواء السمك على سم قاتل، تتطلب إزالته طباخين بدرجة عالية من المهارة والاحترافية، فخطأ بسيط من شأن أن يؤدي بحياة متناول الطعام.
قد تكون لذة الطعم سببا للمغامرة من أجل تناول وجبة خطيرة، لكن الإقبال على طعام سيئ ومقزز أمر غير مفهوم، كما هو الحال مع طبق سمك الهاكارل في آيسلندا. تحضر أكلة القرش المملح - السمك من أنواع القرش - بدفن السمكة تحت الرمال حتى يتعفن، ثم تعلق قصد التجفيف لمدة شهرين، قبل تقطيعها إلى شرائح وتقديمها. في الآونة الأخيرة، تشهد مناطق في البلد تنظيم مسابقات محورها هذا الطعام، برفع تحدي من يستطيع تناوله.
هذه الظاهرة ليست بالشيء الجديد، فكتب التاريخ تتحدث عن وجبات الفئران المحشية لدى الرومان، فبعد عملية الصيد، تترك الفئران في أماكن تسمى الزغبة من أجل التسمين، استعدادا لحشوها بالمكسرات قبل شوائها على نار هادئة، ثم تقديمها كمقبلات لاستهلال الطعام؛ لكونها تساعد على فتح الشهية. تعرضت هذه الوجبة للحظر لاحقا، إلا أن مناطق في أوروبا، وتحديدا في سلوفينيا وكرواتيا، لا تزال تقدم أطباق الفئران البرية.
لأن المسألة ثقافية بامتياز، يحتفظ كل شعب أو قومية بنصيبه من غرائب المأكولات، ففي الهند وجبة "كوتي باي" حيث تذبح الماعز الحامل، قبل ولادتها مباشرة، وتطبخ بمعية جنينها، وتقدم في وجبة "شهية"! وينتشر في أجزاء من الصين واليابان طبق "عيون التونة" مسلوقا أو مبخرا مع الثوم والقليل من البهارات. ويتفنن الفرنسيون في طرق تحضير وجبات سيقان الضفادع. ويبقى حساء بيض النمل من أغرب الشوربات في العالم، لاحتوائه على خليط من بيض وأجنة النمل الأبيض، وحتى القليل من صغار النمل.
وتنشر في الأسواق الشعبية في عدد من دول شرق آسيا "الفلبين والفيتنام وملايو..." وجبة قد تثير اشمئزاز كثيرين، تدعى البالوت التي يتم إعدادها بطبخ بيض البط الوشيك على التفقيس، وبعد تقشيرها يتم تناولها مع ما في داخلها، بما في ذلك الجنين بريشه وعظامه وكل شيء. حساء السلاحف المنتشر في سنغافورة والولايات المتحدة لا يقل غرابة، ويحضر باستخدام اللحم والجلد والأجزاء الداخلية للسلاحف ذات القشرة الناعمة في هذه المناطق.
قد يغريك اسم البانيكي متى ما وجدته في قائمة الطعام، ما يدفعك إلى اكتشاف هذا الحساء المصنوع من أعشاش طائر السويفتليت، نوع من أنواع الخفاش، الذي يصنعه بلعابه الذي يتجمد مع مرور الوقت. تذويب هذه الأعشاش ممزوجة ببعض التوابل، يعطي واحدا من أغلى أطباق الحساء في الصين، بسعر يصل إلى نحو ألفي دولار.
ما سبق من أطعمة يجعل من تناول شربة الحلزون أو رأس وأرجل البقر أو الغنم أو حتى أرجل الدجاج مقبولا إلى حد بعيد، فمكوناته وطعمه مستساغ قياسا إلى بعض مما تم ذكره من أطعمة ومأكولات. لأن القائمة طويلة تم إفرادها في متحف خاص بالطعام المقرف في مدينة مالمو في السويد.

سمات

الأكثر قراءة