FINANCIAL TIMES

الذكاء الاصطناعي يهيمن على أجندة عمالقة التكنولوجيا

الذكاء الاصطناعي يهيمن على أجندة عمالقة التكنولوجيا

هل يمكن لعمالقة التكنولوجيا اليوم أن يتكيفوا بسرعة كافية مع عصر الذكاء الاصطناعي؟
مثل جميع التكنولوجيات الثورية، يتمتع الذكاء الاصطناعي بالقدرة على قلب العمليات والمنتجات ونماذج الأعمال التي تأسست عليها أكثر الشركات نجاحا اليوم. عادة ما تتسبب تحولات منصات الحوسبة مثل تلك في إقصاء بعض رواد الصناعة على الأقل: تتسابق جميع الشركات القائمة اليوم للتأكد من ألا يشملها ذلك.
يظهر حدثان الأسبوع الماضي الطرق المختلفة التي سيهيمن بها الذكاء الاصطناعي على أجندة شركات التكنولوجيا الكبرى.
أولا، أعلنت شركة ميتا جولة ثانية من خفض الوظائف، حيث سرحت عشرة آلاف موظف إضافة إلى 11 ألف موظف، قالت "إنها ستتخلى عنهم في أواخر العام الماضي". إلى جانب إلغاء خمسة آلاف وظيفة شاغرة إضافية، فقد أسهم ذلك في تهدئة غضب وول ستريت بسبب رفض الشركة سابقا التراجع عن إنفاقها الضخم في مواجهة التباطؤ في الإعلانات.
لكن، أوضح مارك زوكربيرج الرئيس التنفيذي أن هذا الإصلاح الأخير كان أكثر من مجرد خفض التكاليف. من وجهة نظره، فإنه يتعين على "ميتا" أن تخفف من حجمها وأن تخفف من طبقات الإدارة وتتحرك بشكل أسرع للاستفادة من التغييرات الكبيرة التي تجتاح صناعة التكنولوجيا، مع اعتبار الذكاء الاصطناعي الأكثر أهمية.
لقد مر أقل من 18 شهرا على إعادة تسمية زوكربيرج شركته لتعكس الدور المركزي الذي لعبته العوالم الافتراضية في رؤيته المستقبلية، لكن أولوياته تغيرت بوضوح منذ ذلك الحين.
قال زوكربيرج الأسبوع الماضي "إن الذكاء الاصطناعي يمثل بالفعل أكبر استثمار تكنولوجي منفرد لـ(ميتا)". كما أشار إليه بشكل واضح قبل "ميتافيرس" عند مناقشة التكنولوجيات ذات الأهمية القصوى لأعمال "ميتا".
إن الذكاء الاصطناعي يلعب دورا رئيسا في الخدمات الأساسية للشركة عبر تحسين الطريقة التي "يعبر بها الأشخاص بشكل خلاق" عن أنفسهم والعثور على المحتوى، كما قال، إضافة إلى تعزيز إنتاجية وسرعة مهندسي الشركة. أصبح الذكاء الاصطناعي الآن أيضا محركا مهما لإعلانات "ميتا،" إذ يساعد على التغلب على بعض الأضرار التي لحقت بقدرات توجيه الإعلانات بسبب تغييرات الخصوصية التي فرضتها شركة أبل، كما ذكرت "فاينانشيال تايمز" أواخر الشهر الماضي.
يعد الذكاء الاصطناعي، بالطبع، تكنولوجيا مهمة وراء "ميتافيرس" أيضا، ولا يبدو أن زوكربيرج يتراجع عن رؤيته بعيدة المدى للواقع الافتراضي. لكن فيما يتعلق بالمشكلات التي لها تأثير فوري في القدرة التنافسية لشركته -مواجهة صعود تطبيق تيك توك، وتعزيز التفاعل، وزيادة الإيرادات، وصقل فعالية فرق ميتا الهندسية- أصبح الذكاء الاصطناعي الآن عنصرا أساسيا.
في الوقت نفسه، تواجه "مايكروسوفت" تحديا مختلفا تماما للذكاء الاصطناعي. في حين يحاول زوكربيرج إعادة تهيئة شركته مع قيامه في الوقت نفسه بإدارة خفض كبير للإنفاق، فإن "مايكروسوفت" لها الأسبقية. لقد أدت العلاقات الوثيقة التي أقامتها مع شركة أوبن أيه آي قبل ثلاثة أعوام إلى وضعها في موقع متميز، ما أسهم في طرح الذكاء الاصطناعي التوليدي للجماهير. والمسألة الآن هي تغيير الطريقة التي يستخدم بها مئات الملايين من الناس برمجياتها.
وضحت "مايكروسوفت" الأسبوع الماضي كيف تخطط لدفع ميزات الذكاء الاصطناعي الجديدة إلى تطبيقات البرامج المستخدمة على نطاق واسع مثل ورد وإكسل. هذا يعني وضع أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي في أيدي العاملين لجعلهم أكثر إبداعا، والسماح للأشخاص بالتحكم في تطبيقاتهم باستخدام أوامر اللغة الطبيعية، وتقديم برمجيات تستخدم الذكاء الاصطناعي يمكنها البحث في عمل المستخدم للعثور على المواد المهمة وإبرازها.
يبدو كل هذا حسنا وجيدا من الناحية النظرية، لكن هل "العاملون في مجال المعلومات" في العالم مستعدون للتغييرات الكبيرة في ممارسات العمل التي ستحققها هذه التكنولوجيا؟ وهل ستجعلهم بالفعل أكثر إنتاجية؟
سرعان ما أصبح الذكاء الاصطناعي التوليدي شيئا لا تريد أي شركة تكنولوجية أن تترك بدونه. وهناك سباق على دمجه في البرمجيات وخدمات الإنترنت المستخدمة على نطاق واسع. سيتطلب ذلك المحاولة والإخفاق لمعرفة أي من الوعود التي قطعت سينجح، وأيها ضجيج فارغ.
يدعي متفائلون أن الذكاء الاصطناعي مناسب للتبني الجماعي بشكل أفضل من التكنولوجيات الأخرى. يظهر النجاح الرائد لبرنامج تشات جي بي تي جاذبية استخدام اللغة الطبيعية للتحكم في أجهزة الحاسوب. قد يكون لهذا أهمية خاصة لعملاء "مايكروسوفت"، نظرا لأن الشركة أضافت مزيدا من الميزات إلى تطبيقاتها، ما زاد من تعقيدها، فقد كافح العمال لمواكبة ذلك. استجابة جميع البرامج لأوامر اللغة الطبيعية البسيطة قد تسهل علينا الكثير.
لكن "مايكروسوفت" راهنت على ما يفترض أنه واجهات حوسبة تحويلية جديدة من قبل، واكتشفت أنها تفتقر إلى ما هو مطلوب، من إعادة تصميم برنامج ويندوز ليعمل بنظام اللمس أولا "الذي كرهه مستخدمو الحاسوب الشخصي" إلى الوعد بأن المساعدين الصوتيين السابقين مثل كورتانا سيغيرون الحوسبة بالكامل. هل ستكون هذه المرة مختلفة؟ بينما تسارع "مايكروسوفت" وبقية شركات التكنولوجيا الكبرى لإظهار أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يجعل خدماتهم مهمة مجددا، نحن على وشك معرفة ذلك.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES