الطاقة- النفط

محللون: «الانضباط الرأسمالي» يثير مخاوف من أزمة إمدادات نفط مستقبلية

محللون: «الانضباط الرأسمالي» يثير مخاوف من أزمة إمدادات نفط مستقبلية

توقع محللون نفطيون استمرار المكاسب السعرية للنفط الخام خلال الأسبوع الجاري، بعد تسجيل صعود متوال على مدار أسبوعين ماضيين بفعل انتعاش الطلب في الصين وتخفيف قيود الإغلاق السابقة وأيضا العدول عن سياسة "صفر كوفيد"، ويتزامن ذلك مع تقلص المعروض النفطي العالمي نتيجة قيود إنتاج "أوبك +" وحذر المنتجين الأمريكيين.
وأوضح المحللون، أنه يحد من المكاسب حدوث زيادة مفاجئة في المخزونات النفطية الأمريكية بما يفوق التوقعات والتقديرات السابقة وأيضا استمرار مخاوف التباطؤ الاقتصادي العالمي في ظل تضارب التوقعات عن مصير الزيادات المتوالية في أسعار الفائدة الأمريكية لمكافحة التضخم العالمي.
وذكر المحللون، أن تنامي مستويات رفع الكفاءة في صناعة النفط الخام أدى إلى خفض كثافة رأس المال، لافتين إلى أنه على الرغم من ذلك تعافى الإنفاق العالمي على مشاريع المنبع بقوة في العام الماضي، لكنه ظل دون مستويات ما قبل الوباء.
وأشار المحللون إلى بيانات صادرة عن وكالة "بلاتس" تؤكد أنه مع التزام بعض المنتجين بالانضباط الرأسمالي -على الرغم من ارتفاع أسعار النفط والغاز- أدى ذلك إلى إثارة المخاوف من أزمة إمدادات النفط في المستقبل.
ولفتوا إلى توقعات بارتفاع الإنفاق على مشاريع المنبع النفطية إلى 485 مليار دولار في العام الجاري، مشيرين إلى قيام معظم شركات النفط بتعديل ميزانيات مشاريع المنبع بشكل نسبي، لافتين إلى أن شركة "إنتل" للطاقة ترجح أن ترتفع النفقات الرأسمالية العالمية 12 في المائة على أساس سنوي، على أن يكون النمو من دول ومناطق خارج "أوبك" في الأغلب، تحديدا في جيانا والبرازيل وخليج المكسيك وبحر الشمال وغرب إفريقيا.
ويقول لـ"الاقتصادية" روس كيندي العضو المنتدب لشركة "كيو إتش إيه" لخدمات الطاقة "إن موجة المكاسب السعرية الحالية للنفط الخام مرشحة للاستمرار في الأسبوع الجاري بفعل موسم السفر والسياحة في الصين المرتبط بعطلة رأس العام القمري، الذي تسبب في ارتفاع الواردات من الوقود"، معتبرا تعافي الطلب الصيني سيمثل الدفعة الكبرى للطلب العالمي خلال الربع الأول من العام الجاري.
وأشار إلى الاجتماع المرتقب لوزراء تحالف "أوبك +" في إطار مجموعة مراقبة الإنتاج في مطلع الشهر المقبل الذي من المرجح أن يبقي على مستويات خفض الإنتاج نفسها دون أي توصية بزيادة الإنتاج مع مراجعة مستوى المطابقة لحصص المنتجين وتأثير العقوبات الغربية والسقف السعري الذي فرضته مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي، وعلى الأرجح سيؤدي إلى تقلص الإمدادات من إنتاج النفط الروسي.
من جانبه، يقول دامير تسبرات مدير تنمية الأعمال في شركة تكنيك جروب الدولية "إن السوق النفطية تتطلع إلى مزيد من الاستثمارات في مشاريع المنبع لتعويض النضوب الطبيعي في الحقول، إلى جانب تنامي الطلب العالمي"، لكن حتى الآن تشير التقارير الدولية إلى حالة من انتعاش الإنفاق الخافت في العام الماضي، على الرغم من الارتفاع الحاد في أسعار النفط التي ارتبطت تقليديا ارتباطا وثيقا بزيادة الاستثمار في المنبع.
ولفت إلى أن تكاليف الإنتاج والصناعة اتسمت بأنها سريعة الارتفاع، وهو ما قلل من تأثير ارتفاع أسعار النفط الخام في زيادة الاستثمار، إضافة إلى ذلك هناك حالة من حذر المنتجين من تخفيف قيود الإنفاق الاستثماري في أعقاب جائحة فيروس كورونا.
من ناحيته، يقول بيتر باخر المحلل الاقتصادي ومختص الشؤون القانونية "إن أغلب التوجهات الدولية في المرحلة الراهنة تنصب على سبل تسريع سياسة الحد من استخدام الوقود التقليدي، وخفض استهلاك النفط والغاز"، مشيرا إلى أن الاندفاع في هذا الاتجاه ليس صائبا لأن العالم سيحتاج إلى كل موارد الطاقة معا لفترة غير قصيرة"، لافتا إلى تنامي المخاوف من أن العالم سيواجه أزمة في إمدادات النفط في العقد المقبل قبل توافر مصادر طاقة متجددة كافية.
ونقل عن بيانات صادرة عن شركة "فيتول" لتجارة النفط، ترجح أن يكون أحد الموضوعات المهمة لعام 2023، هو موضوع نقص الاستثمار، مشيرا إلى أهمية تركيز الدول النفطية الكبرى على دعم وتنشيط مشاريع المنبع، ومنوها بتحذير وكالة الطاقة الدولية من أن نمو المعروض بشكل واسع في السابق -الذي حدث من خارج "أوبك" كرد فعل على ارتفاع الأسعار الذي حفز الاستثمار- قد يكون من الصعب تكراره في الوقت الراهن.
بدورها، تقول ارفي ناهار مختص شؤون النفط والغاز في شركة أفريكان ليدرشيب الدولية "إن تعزيز الاستثمارات النفطية أصبح ضرورة لا غنى عنها لتأمين إمدادات الطاقة في العالم"، موضحة أنه وفقا لمنظمة أوبك تحتاج صناعة النفط العالمية إلى إضافة خمسة ملايين برميل يوميا من الطاقة الإنتاجية الجديدة كل عام لتعويض الانخفاضات الطبيعية في الحقول بإجمالي استثمار 12.1 تريليون دولار من الإنفاق المطلوب حتى عام 2045.
وسلطت الضوء على تأكيد وكالة الطاقة الدولية أن منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة على وجه الخصوص يكافحون مع قيود سلسلة التوريد وتضخم التكلفة وانضباط رأس المال، معتبرة حالة الشكوك وعدم اليقين تسيطر على صناعة النفط في المرحلة الراهنة خاصة مع إخفاق الأسعار المرتفعة في توفير مزيد من المعروض النفطي الإضافي، ما يعرقل السبل أمام تحقيق التوازن في السوق النفطية.
من ناحية أخرى، وفيما يخص أسعار النفط الخام في ختام الأسبوع الماضي، ارتفعت أسعار النفط عند تسوية تعاملات الجمعة، مسجلة المكاسب الأسبوعية الثانية على التوالي.
وعند التسوية، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بنحو 1.7 في المائة إلى 87.63 دولار للبرميل، مسجلة مكاسب أسبوعية بنحو 2.8 في المائة.
وصعدت عقود الخام الأمريكي 1.2 في المائة إلى 81.31 دولار للبرميل، مسجلة مكاسب أسبوعية بنسبة 1.8 في المائة.
وكانت بيانات المخزونات الأمريكية أظهرت زيادة المخزونات بصورة مفاجئة بنحو 8.4 مليون برميل خلال الأسبوع المنتهي في 13 كانون الثاني (يناير).
وكشفت بيانات من الإدارة العامة للجمارك في الصين أن واردات بكين من النفط الخام الروسي قفزت 8 في المائة في عام 2022 مقارنة بالعام السابق إلى 86.25 مليون طن، بما يعادل 1.72 مليون برميل يوميا.
من جانب آخر، ذكر تقرير "بيكر هيوز" الأمريكي الأسبوعي، أن إجمالي عدد منصات الحفر النشطة في الولايات المتحدة انخفض بمقدار أربع هذا الأسبوع، حيث هبط إجمالي عدد الحفارات إلى 771 هذا الأسبوع و167 منصة أعلى من عدد الحفارات هذه المرة في عام 2022 و304 منصات أقل من عدد الحفارات في بداية عام 2019 قبل انتشار الوباء.
وأشار التقرير إلى انخفاض حفارات النفط في الولايات المتحدة بمقدار عشرة هذا الأسبوع إلى 613 وهو أكبر انخفاض في أسبوع واحد في عدد حفارات النفط منذ سبتمبر 2021، كما ارتفعت منصات الغاز بمقدار ست إلى 156، فيما بقيت الحفارات المتنوعة على حالها عند اثنين.
ولفت التقرير إلى انخفاض عدد الحفارات في حوض بيرميان بمقدار اثنين، بينما انخفض عدد الحفارات في "إيجل فورد" بمقدار واحد.
ونوه التقرير ببقاء إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة على حاله عند مستوى 12.2 مليون برميل يوميا في الأسبوع الماضي -وفقا لآخر تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأسبوعية- حيث ارتفعت مستويات الإنتاج في الولايات المتحدة بمقدار 500 ألف برميل يوميا مقارنة بالعام الماضي.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط