في وجود ثورة رقمية تجتاح العالم حاليا وتؤثر في الدول والشركات والأفراد على حد سواء، ستكون التفاعلات والمعاملات الرقمية هي الوضع الطبيعي الجديد التي ستتوسع بشكل كبير خلال الأعوام المقبلة، فقد شهد العالم زيادة هائلة في التفاعلات والمعاملات عبر الإنترنت في الأشهر الأخيرة، ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه، حيث تقدر الأبحاث التي أجرتها "مجموعة بوسطن الاستشارية" وشركة ميتا، أن سوق التجارة الإلكترونية في المملكة سيصل إلى 13.3 مليار دولار بحلول 2025، وفي 2021، أفاد البنك المركزي السعودي أن المدفوعات الإلكترونية في قطاع التجزئة شكلت أكثر من 57 في المائة من المعاملات.
وبينما يستمر التوجه نحو الإنترنت في المعاملات كافة، كذلك يفعل المحتالون مما يزيد من مخاطر الاحتيال على المستهلكين والمؤسسات، وهو التهديد الذي يواجه مفهوم الثقة الرقمية، وفي حديث خاص بـ"الاقتصادية" قال سعيد أحمد، المدير العام في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى "كولساين"، "يستخدم المحتالون مجموعة متنوعة من نواقل الهجوم ويستهدفون العملاء في نقاط مختلفة في رحلتهم عبر الإنترنت ومن خلال قنوات متعددة مثل وسائل التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني والرسائل النصية القصيرة والمكالمات الهاتفية، حيث يستخدم المهاجمون طرقا متعددة للوصول إلى البيانات المصرفية للأفراد وبيانات الاعتماد الشخصية، تتضمن هذه التكتيكات انتحال شخصية مسؤولي البنوك وإنشاء مواقع ويب احتيالية باستخدام أسماء الوكالات الحكومية أو صناديق الاستثمار أو المشاهير لجذب الضحايا بهدف تقديم مزيد من التفاصيل، ومع ذلك، يتوقع المستخدمون من المنظمات التي يتفاعلون معها بأن تقوم بحمايتهم وهذا يشمل بياناتهم وأموالهم.
وتابع "الثقة الرقمية هي الاعتقاد بأننا نتفاعل مع أفراد حقيقيين بدلا من الروبوتات أو الأشخاص الذين يدعون أنهم ليسوا كذلك، إن الثقة في أن التكنولوجيا آمنة وموثوقة، وتحمي خصوصية المستخدم ولا تقتصر فقط على جمع بياناته، مع ضمان عدم المساس بها، كما يتعلق الأمر أيضا بالأخلاق، وضمان أن الأساليب والتكنولوجيا المستخدمة عادلة وشاملة، لذا تعد الثقة بأنها جوهر لاتصالات المستهلكين، ويجب على الشركات تعزيز الثقة الرقمية مع عملائها.
ووفقا لبيانات البنك الدولي، يمثل الاقتصاد الرقمي 15.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وقد نما بمعدل أسرع مرتين ونصف المرة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي على مدار الـ15 عاما الماضية. في حين أشارت أحدث دراسات "كولساين"، من أن دمج الثقة الرقمية في اقتصادنا الرقمي العالمي يؤدي إلى إطلاق تريليونات الدولارات من الفرص، في حين تؤدي زيادة الثقة الرقمية بمقدار خمس نقاط مئوية إلى زيادة متوسط الناتج المحلي الإجمالي للفرد بمقدار 3000 دولار.
إلى جانب ذلك أشارت دراسة أخرى أعدتها "كولساين" بأن نحو 60 في المائة من المستهلكين في المملكة يمكنهم الوثوق بالإنترنت والخدمات الرقمية، فلا تزال المملكة تواصل إعطاء الأولوية للتحول الرقمي واعتماد التكنولوجيا لتحقيق رؤية المملكة 2030. وقد أتاحت التحسينات التكنولوجية عددا كبيرا من الخيارات في متناول اليد، يبدو أن الابتكار والشركات التي تغير قواعد اللعبة والتحولات في النموذج التكنولوجي تلوح في الأفق في جميع الأوقات، من الذكاء الاصطناعي إلى البيانات الضخمة والعملات المشفرة إلى تقنية "البلوك تشين"، ومع ذلك، يجب تحديد قيمة مشتركة واحدة قبل أن تتمكن الشركات من جني فوائد التقنيات الرقمية، في المملكة، ترتكز الثقة في الخدمات الرقمية على ركائز مثل الخصوصية والبيانات وإمكانية الوصول والتكنولوجيا.
وقال سعيد إن مواقف المستهلكين تجاه الخصوصية الرقمية واستخدام الشركات الرقمية لبياناتهم تعد من العوامل الأساسية التي تؤثر في الثقة الرقمية، يتضمن ذلك فهم كيفية استخدام بياناتهم الرقمية، والثقة في الأعمال التجارية عبر الإنترنت التي تخزن البيانات الشخصية، وتصورات الخصوصية عبر الإنترنت، والثقة في التقنيات الرقمية الناشئة، حيث ذكر 57 في المائة من المستهلكين في المملكة أنهم يفهمون كيفية استخدام بياناتهم الرقمية، في حين يثق 70 في المائة من المستهلكين المحليين في البنوك والمؤسسات المالية لحماية وتأمين بياناتهم، و52 في المائة آخرون يثقون في شركات التجارة الإلكترونية / التجزئة للقيام بالمثل.
وستحدد درجة الأمان وسهولة الاستخدام التي يجدها المستهلكون في الخدمات والمنتجات الرقمية في المقام الأول مقدار الثقة التي يضعونها فيها. يعد الوصول إلى الخدمات عبر الإنترنت وتسجيل الدخول إليها أمرا بسيطا بالنسبة لـ71 في المائة من المستهلكين في المملكة. علاوة على ذلك، عند استخدام التقنيات الجديدة، يثق 46 في المائة من المستخدمين في أنها تعمل بشكل جيد.
وأشار سعيد إلى أن مستويات الثقة الرقمية لدى المستهلكين تتأثر بشكل كبير بتجاربهم مع الاحتيال وإساءة استخدام بياناتهم، حيث يعتقد 49 في المائة من المستهلكين أنهم على دراية بعمليات الاحتيال عبر الإنترنت، في حين وقع 28 في المائة فقط من المجيبين في المملكة ضحية للاحتيال و22 في المائة فقط تعرضت معلوماتهم الشخصية عبر الشبكة للاختراق.
ولا تقع مسؤولية الخصوصية على عاتق الجهات فحسب، بل حتى الأفراد الذين يجب عليهم تأمين بياناتهم واتخاذ التدابير اللازمة، مثل استخدام كلمات مرور جديدة وقوية، والاشتراك في خدمة الإشعارات حول تسرب بيانات الحسابات وحلول إدارة كلمات المرور المتقدمة هذه الميزة، إذ تصدر إشعارات فورية للمستخدمين إذا عثرت على أي من بيانات تسجيل الدخول وكلمات المرور المحفوظة فيها، موجودة في تسريبات البيانات الأخيرة، ونقل المستندات إلى أماكن آمنة وتفعيل النسخ الاحتياطية.
أضف تعليق