FINANCIAL TIMES

فيل العولمة خرج من الغرفة

فيل العولمة خرج من الغرفة

قبل عقد تقريبا، دخل فيل العولمة إلى الغرفة. في وقت كانت فيه الاقتصادات الغربية المتقدمة لا تزال تعاني أزمة 2008 المالية، احتوت ورقة عمل أصدرها البنك الدولي في 2013 على رسم بياني بدا كأنه يقدم شرحا لكل شيء.
كان ذلك الرسم البياني، الذي أعده الباحثان كريستوف لاكنر وبرانكو ميلانوفيتش، يشبه الفيل. أظهر الرسم نموا في مستويات المعيشة في أجزاء مختلفة من توزيع الدخل العالمي خلال الـ20 عاما من ذروة العولمة التي انقضت في 2008. تضمن ذلك سقوط الاتحاد السوفياتي وانضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية.
كانت أكثر الطرق الشائعة لتفسير الرسم البياني هي اعتبار أن ذيل الفيل يمثل فقراء العالم - حيث يوجد معظمهم في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، التي جنت فائدة ضئيلة ثمينة من التكامل التجاري. في أعلى توزيع الدخل، أظهر الجزء الرئيس للفيل نموا هائلا في الدخل الحقيقي يبلغ أكثر من 5 في المائة سنويا يذهب إلى الأسر الصينية والطبقات الوسطى الجديدة في آسيا إلى حد كبير.
بالانزلاق إلى أسفل خرطوم الفيل توجد الطبقات الوسطى في الدول الغنية التي تعاني انعدام النمو تماما في دخلها. لكن ما نسبته 1 في المائة من الأغنى في العالم في مأمن من الركود، الذين يمثلهم طرف الخرطوم الذي يشير إلى الأعلى. كانت هذه النخبة هي المسؤولة عن العالم الذي تسوده العولمة وهي التي حصدت عوائده.
لم يكن هذا التفسير للرسم البياني صحيحا أبدا لأنه لم يأخذ في الحسبان كيف حرك الناس توزيع الدخل العالمي لأعلى ولأسفل مع الزمن. إلا أنه منذ ذلك الحين، شوه الخطاب حول آثار العولمة. لكن الخبر السار هو أن بحث ميلانوفيتش الجديد، وبتحديث نتائجه حتى 2018، قد أخرج الفيل من الغرفة.
منذ الأزمة المالية في 2008، ارتفعت مداخيل أفقر الأسر بوتيرة تعد هي الأسرع، حيث بلغ نمو الدخل الحقيقي السنوي لأفقر عشر سكان العالم نحو 7 في المائة. ينخفض ذلك إلى 6 في المائة للأسر ذات الدخل المتوسط وأقل من 2 في المائة سنويا لنخبة العالم.
ليس هناك شك أن هذه البيانات تظهر انخفاضا كبيرا في انعدام المساواة عالميا خلال العقد الماضي. لكنه مع ذلك يتطلب مرة أخرى تفسيرا دقيقا لأنه، كما يقول ميلانوفيتش، كان هناك "أكبر عملية تغيير، خلال 30 عاما الماضية، في مراكز دخل الأفراد منذ الثورة الصناعية". كما أن الأسر الصينية الحضرية ذات الدخل المنخفض، التي تقترب من قاع التوزيع العالمي في 1988، تتمتع الآن بمستويات معيشية أعلى من المتوسط العالمي.
مع خروج الصين من كثير من الخانات الموجودة في قاع التوزيع، تشغلها في الغالب الأسر الهندية الأكثر فقرا التي لديها الآن مستويات معيشية أقل من نظيراتها في الصين.
كما أن التغيير في مستويات المعيشة بدأ يحدث على مستوى أكبر. كانت أفقر العائلات الإيطالية في قمة الـ30 في المائة من توزيع الدخل في العالم في 1988، غير أنها الآن تتمركز في النصف العلوي فقط. لكن الأهم من ذلك، أن الطبقات الوسطى في جميع الدول الغنية لم تتراجع في التصنيف العالمي. أظهرت قمة التصنيفات استقرارا كبيرا، حيث تمثل الأسر في مجموعة دول السبع ما يقارب ثلثي أغنى 5 في المائة على مستوى العالم في 2008 و2018.
إن هذا البحث الجديد يتطلب منا تغيير طريقة تفكيرنا حول العولمة. مع وجود مداخيل الصين وشرق آسيا الآن فوق المتوسط العالمي، فإن مزيدا من التحسينات في متوسط مستويات المعيشة ستزيد من عدم المساواة العالمية وليس الحد منها ما لم تكن هناك أيضا زيادات في الدخل في المناطق الريفية في الهند وإفريقيا - وهو متطلب أصعب بكثير بالنظر إلى الأداء السابق لاقتصاد هذه المناطق.
لذلك، قد لا تنجح العولمة في الحد من التفاوتات العالمية خلال العقود القليلة المقبلة كما فعلت على مدى الأعوام العشرة الماضية. لكن يجب أن نبتهج لحقيقة أن فيل العولمة قد خرج من الغرفة. الحقيقة هي أن الفيل لم يكن فيها أصلا.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES