FINANCIAL TIMES

إدراج الشركات في لندن غاية بريطانيا القصوى

إدراج الشركات في لندن غاية بريطانيا القصوى

يقوم المصرفيون ومسؤولو البورصة في المملكة المتحدة حاليا بالاستفادة من عمليات بيع ضارية حدثت أخيرا في مجموعات تجارية مدرجة في الولايات المتحدة من أجل تعزيز جهودهم في الترويج لإدراج الشركات في لندن وإقناع البارزة منها بعدم طرح أسهمها للاكتتاب العام في الخارج.
تنجذب مجالس إدارة الشركات الأوروبية الخاصة والمساهمون أيضا بشكل متزايد إلى الولايات المتحدة بسبب وعودها بتحقيق تقييمات أعلى وقاعدة مستثمرين أكثر تقديرا للشركات سريعة النمو الخاسرة.
مع ذلك، تظهر البيانات من "ديلوجيك" والتحليلات التي أجرتها "فاينانشيال تايمز" أن الشركات الأوروبية الكبيرة، باستثناء الروسية منها، والمدرجة في الولايات المتحدة كان أداؤها ضعيفا باستمرار، مقارنة بالشركات المحلية الأمريكية المدرجة هناك ونظيراتها التي ما زالت مدرجة في أوروبا، وأنها قد تضررت كثيرا بشكل خاص جراء الانكماش الذي حصل أخيرا في سوق الأسهم.
بالنسبة للشركات الأوروبية التي جمعت أكثر من 100 مليون دولار في الولايات المتحدة منذ بداية 2020 فقد تراجعت بمتوسط 47 في المائة من سعر العرض، مقارنة بانخفاض 29 في المائة بين الشركات المحلية التي أدرجت في الولايات المتحدة، كما انخفضت الصفقات الأوروبية المحلية 19 في المائة.
في حين أن ارتفاع أسعار الفائدة والحرب في أوكرانيا ومخاوف الركود قد أغلقت أسواق الاكتتاب العام على جانبي المحيط الأطلسي، وتم استخدام بيانات المملكة المتحدة، حيث أصبح إقناع مزيد من الشركات عالية النمو بالاكتتاب العام أولوية طويلة المدى من قبل أعلى المستويات في الحكومة إلى أدناها.
قال تشارلي ووكر، رئيس الأسهم وأسواق رأس المال ذات الدخل الثابت في بورصة لندن: "كانت هناك رواية خلال الأعوام الأخيرة مفادها أن الولايات المتحدة قدمت تقييمات متفوقة على أساس المقارنة بالمثل، حتى لو لم تدعم بالأدلة. هذا الرأي آخذ بالتغير الآن بالتأكيد".
يشير المراقبون إلى عدة أسباب محتملة تسببت في ضعف الأداء، منها نقص الدعم من المستثمرين السلبيين لأن الشركات الأجنبية مستبعدة من المؤشرات الكبيرة مثل ستاندرد آند بورز 500، وكذلك بسبب الاعتقاد أن المستثمرين الأمريكيين الذين يركزون على السوق المحلية من المرجح أن يقومون ببيع الأسهم الأجنبية "غير الأساسية" خلال فترات تقلب السوق.
يمكن لحجم السوق الأمريكية أيضا أن يتسبب في صعوبة في تميز هذه الشركات وجذب انتباه المستثمرين والمحللين لها. مثلا، كل من موقع فارفيتش لبيع الأزياء الفاخرة على الإنترنت وشركة ميمبرشيب كوليكتيف جروب المالكة لسلسلة نوادي سوهو هاوس، ستكونان شركتين كبيرتين بما يكفي للانضمام إلى مؤشر فتسي 250 في المملكة المتحدة، لكنهما في تصنيف الولايات المتحدة شركات ذات قيمة سوقية صغيرة.
قال ألوكي جوبتي، الرئيس المشارك لأسواق رأس المال في إيميا "أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا" في بنك جيه بي مورجان تشيس: "هناك سيناريوهات يكون فيها الإدراج في الولايات المتحدة منطقيا تماما (...) لكن أنت بحاجة إلى أكثر من مجرد حجة تعتمد على التقييم وحده وتريد أن تكون واثقا من أنك ستتمتع بعملية إدراج ناجحة هناك على المدى الطويل".
الانكماش في أسواق الأسهم لفت الانتباه منذ بداية العام إلى ضعف أداء إدراجات الشركات الدولية، لكن هذا الاتجاه كان قد بدأ قبل بداية العام. من بين 43 شركة أوروبية استطاعت جمع أكثر من 100 مليون دولار في الولايات المتحدة بين 2012 و2019، ما زالت سبع شركات منها فقط هي المدرجة ويتم تداولها بسعر أعلى من سعر الاكتتاب– ومنها شركة فيراري وشركة بيوأنتك المصنعة للقاحات كوفيد - 19.
مع ذلك، ما زال أمام أنصار لندن معركة شاقة لتصحيح الصورة السيئة، التي استمرت لأعوام عن قاعدة المستثمرين في الدولة وموقفهم.
قال أحد المدراء التنفيذيين في شركة بريطانية خاصة ذات تقييم عال: "إن المحادثات التي أجريناها باستمرار كانت تدفعنا نحو الولايات المتحدة. فليس لدى المملكة المتحدة قاعدة مستثمرين متنامية كي تنافس الولايات المتحدة، ليس بعد على أي حال".
قال مسؤول تنفيذي في شركة لرأس المال المخاطر في لندن إنه سيشجع مزيدا من شركات المحافظ على الإدراج في الولايات المتحدة بعد الاستقبال السيئ للشركات البارزة مثل ديليفرو، التي قيل إنها "أسوأ اكتتاب عام في تاريخ لندن" العام الماضي.
ضم رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون في وقت سابق من هذا العام جهوده إلى الوزراء في الضغط شخصيا على مجموعة سوفت بانك اليابانية كي تدرج شركة آرم لصناعة الرقائق في المملكة المتحدة بدلا من الولايات المتحدة، لكن الاضطرابات السياسية الأخيرة في بريطانيا أضرت بهذه الجهود.
قال أحد المستشارين المقيمين في لندن، الذي عمل في عديد من الاكتتابات العامة الدولية: "يبدو أن الكثير من المدافعين عن لندن هم أكثر اهتماما بالوطنية. إذا كان الجدال ينطوي على: تعال إلى لندن، لأن التقلب أقل والتقييمات أفضل وهي منصة جيدة لبناء الأعمال التجارية، فسيكون الأمر مختلفا، لكننا بذلك لا نساعد أنفسنا".
شركة إندافا، وهي مجموعة مقرها لندن تقدم الاستشارات في التكنولوجيا وتطور البرمجيات، كانت مستثناة من اتجاه الأداءات الضعيفة التي تعرضت لها معظم الإدراجات الدولية. على الرغم من شدة تضررها من عمليات البيع العامة لأسهم التكنولوجيا هذا العام، إلا أن أسهم الشركة ما زالت أعلى 400 في المائة من سعر الاكتتاب العام في بورصة نيويورك للأوراق المالية في 2018.
قال مارك ثورستون، كبير الإداريين الماليين في "إندافا"، إن قرار الإدراج لم يكن مدفوعا بالتقييمات، ولكن بالاعتقاد أن لدى المستثمرين الأمريكيين فهما أفضل لأعمال الشركة، وأنهم سيكونون أكثر دعما لهيكلية الأسهم من الفئة المزدوجة التي منحت مؤسسها مزيدا من قوة التصويت. فيما قام المنظمون البريطانيون أخيرا بتخفيف القوانين على الأسهم ذات الفئة المزدوجة، لكن العديد من صناديق الاستثمار الكبيرة في المملكة المتحدة لا تزال متشككة في الشركات التي تستخدم الأسهم من الفئة المزدوجة.
قال ثورستون: "كان جون كوتيريل الرئيس التنفيذي لشركة إندافا خائفاً من أننا إذا لم نتحكم في الشركة من خلال حقوق التصويت الكبيرة، فسيتم الاستحواذ علينا - هناك موروث قديم أن شركات التكنولوجيا المدرجة في المملكة المتحدة تختفي عندما تتراءى لها الشركات الضخمة العالمية في الأفق".
كانت شركة آرم مدرجة في لندن إلى أن قام "سوفت بانك" بشرائها في 2016، حيث تطورت الشركة مع مجموعة أخرى من شركات التكنولوجيا في مدينة كامبريدج التي كان من ضمنها شركة أوتونومي وشركة دومينو وسي إس آر. بحلول 2017، تم الاستحواذ على الشركات الأربع كلها أو كانت تحت سيطرة الشركات الأجنبية.
قال المستشار، الذي تحدث عن "وطنية" الحكومة أنه "إذا كنت تريد للمملكة المتحدة أن يكون لديها شركات عالمية، فعليك أن تسمح لها بالخروج لتصبح عالمية" بدلا من إجبار الشركات على الإدراج في المملكة المتحدة. قال ووكر من بورصة لندن للأسهم: "عندما تدرج شركة ما في الولايات المتحدة، عادة ما تكون تلك هي الخطوة الأولى لتصبح شركة أمريكية".
أضاف: "يمكن للمقر الرئيس للشركة والإدماج أن ينتقلا مع مرور الوقت من أجل الحصول على إدراج في المؤشرات الأمريكية ثم ينتقل بعدها عقل الإدارة معهما"، الأمر الذي يتسبب في خسارة المملكة المتحدة للإيرادات الضريبية والوظائف والتطور في مجال الملكية الفكرية في المدى الطويل.
قال ثورستون "جاذبية" أن تصبح الشركة أمريكية محلية كانت حقيقية. قال ليس لدى "إندافا" خطط قصيرة الأجل لتغيير هيكلها، ولكن حدوث ذلك في مرحلة ما هو أمر محتمل مع استمرارها في النمو وتحركاتها نحو توليد القسم الأكبر من الإيرادات في أمريكا الشمالية.
أضاف: "إن سوق التكنولوجيا في الولايات المتحدة كبيرة جدا، فهي مكان أكثر إثارة للاهتمام فيما يتعلق بالمساهمين الذين يمكنك اجتذابهم، والأسئلة المتنوعة التي تتلقاها منهم، لأن لديهم سلسلة كاملة من الشركات التي يمكنهم الاطلاع عليها. نحن إنجليز بشكل تقليدي - غرور منخفض للغاية ونبخس تقديرنا للأشياء (...) لكن لدينا طموحات كبيرة جدا".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES