منوعات

هل يصبح الرئيس الصيني مسؤول تخطيط التوظيف لمواجهة بطالة الخريجين ؟

هل يصبح الرئيس الصيني مسؤول تخطيط التوظيف لمواجهة بطالة الخريجين ؟

تشهد الصين خلال الأسابيع القليلة المقبلة تخريج 10.8 مليون طالب من الجامعات والمدارس العليا، وهو رقم قياسي بالنسبة للصين، وسيكون توفير وظائف لهؤلاء الملايين من الخريجين صداعا غير متوقع للرئيس الصيني شي جين بينج وحكومته في الوقت الذي يكافحان فيه لاحتواء الجائحة بفرض إجراءات إغلاق على مدن بأكملها.

وتقول شولي رين الكاتبة والمحللة الاقتصادية في تحقيق نشرته "بلومبيرج"، إن الأفاق بالنسبة لبطالة الشباب الصيني تبدو مخيفة، حيث دعت بعض الجامعات طلاب السنة النهائية، لتأخير تخرجهم بسبب ظروف سوق العمل غير المواتية، وشكا بعض الطلاب من عدم السماح لهم بتسجيل  مشروع التخرج قبل الحصول على وظيفة، وهو ما دفع الكثيرين منهم للقول إنهم سيؤسسون مشروعاتهم الخاصة، لمجرد الحصول على شهادة تخرجهم.

وبحسب موقع تشاوبين للتوظيف فإنه حتى أبريل الماضي، لم يحصل على عروض توظيف سوى أقل من نصف طلاب السنة النهائية في الجامعات والمدارس العليا في الصين، وتواجه الجامعات الممولة من الدولة ضغوطا سياسية قوية.

وفي مايو الماضي وصل معدل البطالة بين الشباب في المناطق الحضرية إلى 18.4 %، ومن المحتمل وصول النسبة إلى 23 % خلال يوليو المقبل الذي يشهد ذروة موسم التخرج من الجامعات والمدارس العليا، بحسب تقديرات بنك أوف أمريكا ميرل لينش، وعلى الجامعات القيام بدورها حتى لا يرتفع معدل بطالة الشباب من خلال تأخير تخريج طلاب السنة النهائية.

في الوقت نفسه فإن احتواء الجائحة، مقابل ارتفاع معدل البطالة بين الشباب لا يبدو أمرا جيدا بالنسبة للرئيس شي جين بينج المنتظر فوزه بولاية ثالثة غير معتادة في الصين في وقت لاحق من 2022، وبحسب أحدث استقصاء لموقع تشاوبين فإن عدد الخريجين الراغبين في العمل في مؤسسات الحكومة وشركات الدولة يتزايد باستمرار، حيث أعرب 17.4 % فقط من طلاب السنة النهائية في الجامعات عن رغبتهم في العمل بالقطاع الخاص.

وتقول شولي رين التي عملت لسنوات في بنوك الاستثمار متخصصة في الأسواق الآسيوية، إن الصين غير مستعدة لتلبية تطلعات ملايين الخريجين، ومنذ أواخر تسعينيات القرن الماضي تضع الشركات التابعة للدولة قيودا على التوظيف، حيث انخفض عدد العاملين لديها في المناطق الحضرية إلى النصف تقريبا مسجلا 55 مليون عامل. كما أن الوظائف الحكومية المرغوبة بشدة، محدودة أيضا، حيث لا توظف أجهزة الدولة في الصين أكثر من 170 ألف موظف سنويا.

في المقابل شهد العقد الماضي زيادة كبير في عدد وظائف القطاع الخاص، الذي أصبح أكبر صاحب عمل في البلاد، ويضم 150 ألف عامل في المناطق الحضرية، وتضم المدن الصينية 110 ملايين شخص يعملون في مشروعاتهم الخاصة، أويعملون بعقود دوام جزئي أو في وظائف فردية أو مؤقتة.

ومن الأدلة على ندرة الوظائف داخل المدن، أعلنت حكومة إقليم يونان جنوب غرب الصين عن تقديم دعم سنوي بقيمة تصل إلى 7.5 ألف دولار لكل شاب يقبل بالعمل في وظيفة بقرى الريف، وسخر البعض من هذه الخطة وقالوا إنها عودة إلى "حركة السفر إلى الريف" في إطار "الثورة الثقافية" للزعيم الصيني الراحل ماو تسي تونج الذي ألزم شباب المدن بالسفر والإقامة في الريف لفترة زمنية حتى يتعلموا من الفلاحين، والحقيقة أن العرض الذي تقدمه حكومة إقليم يونان لتشجيع الشباب على العمل في الريف مغر، فهو يعادل راتب 5 أشهر لخريجي جامعة تسينجهوا المرموقة.

وكانت سوق العمل الصينية قد تعافت بسرعة من الجائحة قبل عامين تقريبا، ولم يكن هناك أزمة اقتصادية كبيرة ذلك الوقت، واقتصرت الأضرار الاقتصادية على مناطق صغيرة حول ووهان التي شهدت ظهور الفيروس لأول مرة على مستوى العالم. فخلال 3 أشهر فقط عادت الحياة في الصين إلى طبيعتها. لكن سوق العمل ليس مرنا الآن.

فالحملة الحكومية المستمرة منذ عام على شركات التكنولوجيا والإنترنت في الصين أدت لتراجع كبير في الطلب على العمالة الشابة. كما أن شنغهاي وبكين تكافحان منذ أبريل الماضي لمنع انتشار فيروس كورونا مجددا، في حين أن المدينتين تضمان 18 من بين أعلى 20 جامعة ومدرسة عليا من حيث أجور خريجيها على مستوى الصين.

في الوقت نفسه فإن الزيادة الكبيرة في الالتحاق بالجامعات خلال العقد الماضي، أدى إلى زيادة كبيرة في أعداد الخريجين الذين لا يتوافقون مع احتياجات الاقتصاد، وبحسب تقديرات بنك إتش إس بي سي هولدنجز البريطاني، فإن خريجي الجامعات يمثلون الآن أكثر من نصف حجم العمالة الجديدة الموجودة في السوق، وتعتبر تخصصات الآداب والفنون الأكثر انتشارا بين الخريجين.

وخلال سنوات حكمه العشر عظم شي جين بينج المكانة الاقتصادية للشركات المملوكة للدولة، وشن حملة على "التوسع غير المنضبط" لرأس المال الخاص،  وقد حقق نجاحا أكثر مما يتنمى وأصبحت الشركات والمؤسسات الحكومية ذات المكانة المرموقة والأمان المالي، نقطة الجذب للشباب الذين يحلمون بالحصول على وظيفة حكومية، لذلك وبصرف النظر عن أنه سيكون رئيسا مدى الحياة، قد يصبح شي جين بينج أيضا رئيسا لتخطيط التوظيف في الصين.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من منوعات