FINANCIAL TIMES

التسعير الخوارزمي فعال وغير معقول في آن معا

التسعير الخوارزمي فعال وغير معقول في آن معا

بعد ردعه بسبب تكلفة تذكرة العودة إلى لندن البالغة 260 جنيها استرلينيا، وجد أحد مشجعي فريق سندرلاند لكرة القدم طريقة أرخص لتشجيع فريقه في ويمبلي في نهاية الأسبوع الماضي: السفر عبر ميوركا. إن رحلة طيران شركة ريان أير إلى الجزيرة الإسبانية، والمبيت لليلة في فندق المطار، ورحلة العودة إلى لندن، والركوب من طرف الطريق مع أحد أصحاب السيارات للعودة إلى المنزل كلها أرخص من التكلفة الباهظة لتذكرة القطار.
تلخص تجربة مشجع فريق القطط السوداء التكاليف والفوائد، والعبثية العرضية للتسعير الخوارزمي، الذي تستخدمه الآن معظم شركات القطارات والطيران لتعظيم العائد. يمكن للشركات أن ترفع الأسعار بسرعة لاستغلال الطلب المتزايد من مشجعي كرة القدم، مثلا. لكن يمكنها أيضا خفض الأسعار تلقائيا لجذب العملاء في ظروف السوق الأضعف، كما هي الحال مع شركات الطيران منخفضة التكلفة.
في وقت يركز فيه المستهلكون على التضخم المتزايد بسرعة، ينبغي أن تخضع آليات تحديد الأسعار لمزيد من التدقيق. لكن الأسواق الرقمية تمثل تحديا خاصا بالنظر إلى أن كثيرا من الأسعار يتم تحديدها بواسطة الخوارزميات الآلية بدلا من البشر بطيئي الحركة. إضافة إلى ذلك، يمكن أن تثبت سرعة ومرونة الخدمة في كثير من الأحيان أن محددات المشتريات عبر الإنترنت أكثر أهمية من السعر.
الناحية الجيدة للتسعير الديناميكي هو أنه يلائم العرض والطلب بشكل أفضل، ما ينتج عنه كفاءات اقتصادية أفضل، لكن من المؤكد أنه يجب أن يجتذب اهتماما من الجهات التنظيمية أكثر من الانتباه الحالي. توجد أدلة متراكمة على أن التسعير الخوارزمي يمكن أن يؤدي أيضا إلى تمييز غير عادل بين المستهلكين ويشجع على التواطؤ الضمني بين الشركات، ما يرفع الأسعار بشكل عام.
يتم تقديم الحالة الإيجابية للتسعير الديناميكي بشكل مقنع من قبل يوسي كوهين، الذي يبيع هذه الخدمات. يشرح المؤسس المشارك لشركة كويكليزارد Quicklizard كيف أن الشركة تجمع بين البيانات التاريخية، وقوائم جرد المنتجات وبنية التكلفة بمتغيرات خارجية، مثل الأسعار المنافسة، والمؤشرات الاقتصادية، والطقس، لأتمتة قرارات التسعير. يقول: "نساعد الشركات في العثور على البقعة الأفضل في منحنى الطلب".
يتمثل مقياس الصناعة في أن التسعير الديناميكي يمكن أن يزيد من صافي أرباح بائع التجزئة 7 إلى 10 في المائة، ما يحدث فرقا حاسما في قطاع يشتهر بهوامش ضئيلة. لكنه يجادل بأن وفرة وجود مواقع مقارنة الأسعار تمكن المستهلكين أيضا من الحصول على أفضل الصفقات. يقول كوهين: "لقد غيرت التجارة عبر الإنترنت التوازن لمصلحة المستهلك".
قد يشير الحدس إلى أن قدرة بائع التجزئة عبر الإنترنت على تتبع تخفيضات أسعار المنافسين والاستجابة لها تلقائيا ينبغي أن تزيد من المنافسة، لكن ورقتين بحثيتين، شارك في تأليفهما ألكسندر ماكاي، الأستاذ المساعد في كلية إدارة الأعمال في جامعة هارفارد، خلصتا إلى عكس ذلك.
ففي معرض دراسة كيفية عمل التسعير الديناميكي في العالم الحقيقي، وجد ماكاي أنه عندما طابقت شركة تستخدم التسعير الخوارزمي المتطور تخفيضات أسعار منافسيها على الفور، ارتفعت أسعار المنتجات بمرور الوقت. المنافس الذي يستخدم تكنولوجيا أقل تطورا لن يكون لديه حافز لخفض الأسعار. يقول ماكاي: "هذا يزيل المنافسة السعرية عن الطاولة".
حتى إذا لم يكن هناك تواطؤ صريح في الأسعار لإثارة اهتمام سلطات مكافحة الاحتكار، فإن التسعير الديناميكي يمكن أن يضعف المنافسة. قد يكون المستهلكون الأذكياء، الذين لديهم الكثير من الوقت المتاح، قادرين على التسوق والاستفادة من العروض المحددة بوقت معين والعروض الترويجية، لكن لا يمكن للآخرين فعل ذلك. يقول ماكاي: "الشيء الجميل في المنافسة هو أنه عندما يكون هناك الكثير منها لا يتعين على المستهلكين حينها أن يكونوا متمرسين بشكل خاص للاستفادة منها".
في الماضي، تدخلت الجهات التنظيمية لتصحيح إساءة استخدام ابتكارات التسعير وقوة السوق. ولذلك، مثلا، يحظر على تجار التجزئة في كثير من البلدان بيع البضائع بسعر أقل من التكلفة لإيقاف أعمال المنافسين.
لكن تحدي تنظيم الأسواق عبر الإنترنت معقد بشكل مذهل بالنظر إلى سرعتها وشفافيتها، يمكن للشركات أيضا تخصيص العروض، ما يعني أنه لا يوجد بالضرورة عميلان يشاهدان العرض نفسه. عملاقة التجارة الإلكترونية أمازون تغير الأسعار 2.5 مليون مرة في اليوم عبر جميع خطوط الإنتاج الخاصة بها.
يشير التاريخ إلى أن ضوابط الأسعار الشاملة فكرة سيئة. يقدم ماكاي وزملاؤه علاجين أكثر ابتكارا. يتمثل أحدها في الحد من عدد المرات التي يمكن للشركات عبر الإنترنت تغيير الأسعار فيها. الآخر، منع الشركات من تضمين أسعار المنافسين في نماذجها الخوارزمية الخاصة. ومن شأن كلا الإجراءين أن يشجع على مزيد من المنافسة العمياء ويثبط التواطؤ الضمني.
في غياب مثل هذا التدخل التنظيمي، سيتعين على المستهلكين الاعتماد على ذكائهم للتنقل في الأسواق الرقمية. المشكلة هي أننا لا نملك جميعا براعة مشجعي فريق سندرلاند لكرة القدم.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES