FINANCIAL TIMES

حذار من برامج السلفة على الراتب

حذار من برامج السلفة على الراتب

يعد ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء خبرا سيئا بشكل خاص للذين يعيشون معتمدين على الراتب من شهر إلى آخر. في المملكة المتحدة يمتلك نحو 22 في المائة من البالغين مدخرات تقل قيمتها عن 100 جنيه استرليني، وفقا لمسح مدعوم من الحكومة. وفي الولايات المتحدة يقول 20 في المائة من الأسر إنها لا تستطيع تغطية نفقاتها إلا لمدة أسبوعين أو أقل في حال خسرت مصدر دخلها، وذلك وفقا للهيئة التنظيمية لحماية المستهلك.
في سياق هذه المعطيات بات كثير من أرباب العمل حريصين على فعل ما يوفر المساعدة لموظفيهم لكي يصبحوا "أكثر مرونة من الناحية المالية". من الأفكار الشائعة بشكل متزايد الشراكة مع الشركات التي توفر منتجات "الوصول إلى الأجور المكتسبة" أو "برامج منح سلف مبكرة على الراتب". يتم ربط هذه الشركات بكشوف رواتب الشركة الموظفة لكي تسمح للموظفين بسحب جزء من رواتبهم التالية مقدما.
عادة ما تتقاضى الشركات رسوما عن كل عملية سحب "في المملكة المتحدة تراوح عموما بين جنيه واحد وجنيهين" يدفعها الموظف أو صاحب العمل. هذه المنتجات غير منظمة بشكل كبير لأنها لا تعد قروضا. وهي منتشرة في المملكة المتحدة والولايات المتحدة وعدد من الدول في آسيا مثل سنغافورة وإندونيسيا.
التطبيق المصرفي، ريفولت ـ مقره المملكة المتحدة ـ دخل في هذه السوق أيضا، عادا نفسه وسيلة "لتمكين الموظفين من الوصول إلى الرفاهية المالية، دون أي تكلفة يتحملونها". البيانات في هذا الصدد شحيحة، لكن شركة الأبحاث، آيت نوفاريكا، تقدر أن 9.5 مليار دولار من الرواتب تم الوصول إليها في وقت مبكر في الولايات المتحدة في 2020، مقارنة بـ3.2 مليار دولار في 2018.
في عالم لم يعد فيه كثير من أصحاب العمل يقدمون سلفا خاصة للموظفين، أصبح بإمكان هذه المنتجات أن تساعد الموظفين على التعامل مع حالات الطوارئ المالية غير المتوقعة دون الحاجة إلى اللجوء إلى أخذ قروض باهظة التكلفة على رواتبهم. بعض التطبيقات مثل ويج ستريم Wagestream ـ مقره المملكة المتحدة ـ الذي يشمل داعموه الماليون بعض المؤسسات الخيرية، يجمع بين الإقراض ومجموعة أخرى من الخدمات مثل التدريب المالي والادخار. هناك أيضا قيمة في المعلومات الواضحة التي توفرها بعض هذه التطبيقات للعاملين حول المقدار الذي يكسبونه من عملهم، خاصة للعاملين بنظام الورديات.
لكن بالنسبة إلى الشركات التي لا تقدم مثل هذه الخدمات الواسعة، يبرز السؤال حول ما إذا كان الاستلاف على يوم الرواتب يعزز بالفعل المرونة المالية للعاملين. إذا كان يقتطع من شيك الراتب المقبل، هناك خطر أن تواجه عجزا مرة أخرى في الشهر التالي.
تشير بيانات واردة من هيئة السلوك المالي، وهي جهة تنظيمية في المملكة المتحدة، إلى أن المستخدمين يأخذون سلفا يراوح عددها في المتوسط بين مرة إلى ثلاث مرات شهريا. بينما تظهر بيانات يشاركها تطبيق ويج ستريم أن 62 في المائة من مستخدميه لا يستخدمون خيار السلفة على الراتب إطلاقا، فيما يستخدمه 20 في المائة بين مرة ومرتين شهريا، و9 في المائة يستخدمونه بين أربع وست مرات، و9 في المائة سبع مرات أو أكثر شهريا.
إضافة إلى خطر الوقوع في شرك دائرة لا تنتهي، إذا كنت تدفع رسوما ثابتة لكل عملية سحب، فإن ذلك يمكن أن يراكم التكلفة عليك بسرعة. حذرت هيئة السلوك المالي من وجود "مخاطر تتمثل في أن الموظفين قد لا يكونون على دراية بالتكلفة الحقيقية" مقارنة بمنتجات الائتمان الخاضعة لمعدلات الفائدة.
في المقابل، أخبرني مسؤولون في تطبيق ويج ستريم أن المستخدمين المتكررين للتطبيق ليسوا بالضرورة في ضائقة مالية. فبعض المستخدمين، مثلا، هم من عمال المناوبات بدوام جزئي ويريدون ببساطة أن يتقاضوا رواتبهم بعد انتهاء كل وردية. ويبدو أن آخرين يرغبون في إنشاء دورة دفع أسبوعية لأنفسهم من خلال التطبيق.
وفي المتوسط يحول مستخدمو تطبيق ويج ستريم، بعد عام، مبالغ أقل في عدد مرات أقل. ويتمثل "الهدف النهائي" للشركة في أن يتولى أصحاب العمل تغطية جميع الرسوم وليس العاملين. بعض أصحاب العمل يفعلون ذلك الآن، وآخرون يخططون إلى فعل ذلك بسبب ارتفاع تكلفة المعيشة.
لاحظ المنظمون ما يجري في السوق لكنهم لم يتخذوا أي خطوات حتى الآن. في المملكة المتحدة، حددت مراجعة أجرتها هيئة السلوك المالي العام الماضي "عددا من المحاذير المرتبطة باستخدام مثل هذه المنتجات"، لكنها لم تجد دليلا على "إضرار واسع النطاق بالمستهلك". وفي الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، من المتوقع أن ينظر مكتب الحماية المالية للمستهلك في الولايات المتحدة مرة أخرى في مسألة ما إذا كان ينبغي التعامل مع أي من هذه المنتجات باعتبارها قروضا.
قد يكون جمع بيانات أفضل حول حجم المنتجات في السوق والطرق التي يستخدمها بها الناس نقطة جيدة يمكن للمنظمين البدء منها.
في غضون ذلك، يجب على أصحاب العمل أن يكونوا حذرين من فكرة أنهم قادرون على تقديم "الرفاهية المالية" للعاملين بثمن بخس. يجب على الشركات التي تؤمن بقيمة هذه المنتجات أن تغطي تكلفة الرسوم وأن تراقب طريقة استخدام الموظفين للأموال. وبإمكانها أيضا تقديم خطط لادخار شيء من الرواتب من أجل مساعدة العاملين على إنشاء وسادة مالية في المستقبل.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES