FINANCIAL TIMES

أسهم القيمة .. درع المستثمرين ضد عاصفة السوق

أسهم القيمة .. درع المستثمرين ضد عاصفة السوق

متداولان داخل مقر شركة كوترو للأوراق المالية في نيويورك.

توفر أسهم القيمة للمستثمرين بعض المأوى من العاصفة التي تجتاح الأسواق، في وقت يبحث فيه مديرو المحافظ عن صفقات تمكنهم من الخروج والتخلص من الشركات البارزة التي ظلت رائجة منذ الاستفاقة التي أعقبت الأزمة المالية.
انخفض مؤشر إم إس سي آي العالمي لأسهم القيمة نحو 7 في المائة في 2022 على أساس العائد الإجمالي، وهو أفضل بكثير من انخفاض مؤشر إم إس سي آي العالمي لأسهم النمو الذي تراجع 25 في المائة.
تعني العائدات النسبية القوية أن استراتيجية الاستثمار التي يشتري فيها المتداولون أسهما في شركات عالمية رخيصة مقارنة بمقاييس مثل القيمة الدفترية والأرباح، والمراهنة ضد مجموعات باهظة الثمن، قد ولدت عوائد بنسبة 30 في المائة تقريبا حتى الآن هذا العام وفقا لبيانات "بلومبيرج".
بدأت النهضة منذ أكثر من عام، لكن الارتفاع القوي لما يسمى عامل القيمة في 2022 عزز الاعتقاد بأن هذا يمثل الآن تحولا دائما في ظروف السوق.
قال يورام لوستج، رئيس الحلول متعددة الأصول لأوروبا وأمريكا اللاتينية في شركة تي رو برايس الأمريكية لإدارة الأصول: "هناك تحول جار في النظام".
سيطر الاستثمار في أسهم النمو مع إطلاق البنوك المركزية العنان لجولات متتالية من التحفيز لدعم الاقتصاد العالمي ضد الأزمة المالية في 2008، ثم أزمة فيروس كورونا في 2020. ساعدت تلك الإجراءات، بما في ذلك تحديد أسعار الفائدة عند مستويات منخفضة تاريخيا، على تضخيم أسعار شركات لا يتوقع لها أن تصل إلى ذروة الأرباح لأعوام مقبلة.
في المقابل، كافح مستثمرو القيمة خلال تلك الفترة وتأخر أداؤهم.
قال روب أرنوت، مؤسس ورئيس "ريسيرش افلييتس" وهي شركة استشارية: "لقد تجاوزنا أسوأ عقد من حيث القيمة في التاريخ، ونحن الآن نستمتع بثمار الانتعاش".
نيك كيراج، الرئيس المشارك لفريق القيمة العالمية في "شرودرز"، شركة إدارة الأصول التي تتخذ من لندن مقرا له، لاحظ أن تقييمات أسهم النمو أصبحت أكثر من طاقتها بحيث أصبح الانعكاس النهائي أمرا لا مفر منه. قال: "التقييم يشبه إلى حد ما الشريط المطاطي الكبير. يمكنك شده حتى حد معين ثم يعود. لا يمكن أن تتوسع التقييمات إلى الأبد، فهي تميل إلى العودة إلى المتوسط بمرور الوقت".
يظهر تحليل أجرته شركة الاستثمار الكمي، أيه كيو آر، أن فارق القيمة - الفرق بين تقييم أسهم النمو وأسهم القيمة - لا يزال ممتدا تقريبا، مقارنة بالمعايير التاريخية، تماما مثلما كان خلال ذروة فقاعة الدوت كوم في 2000.
قال كليف أسنس، مؤسس شركة أيه كيو آر كابيتال مانجمنت: "هذا خطأ كبير في التسعير. أعتقد أن الفروق السخيفة التي نراها تعني أن القيمة ستجني الكثير من المال في الأعوام الثلاثة المقبلة أو أكثر".
أضاف أسنس أن "أيه كيو آر" حذرت العملاء، مع ذلك، من أنه لا يزال من المحتمل عودة نمو أسهم النمو. "التمسك بـ (رهان القيمة) عندما يكون الأمر مؤلما بشكل لا يصدق يكون هو مصدر الأداء المتفوق. لكننا لا نعتقد أنها ستعود إلى الجنون".
تتوقع "فانجارد" أن تحقق أسهم القيمة الأمريكية عوائد سنوية بنسبة 4.1 في المائة على مدى الأعوام العشرة المقبلة المقبلة بـ0.1 في المائة فقط لأسهم النمو.
بدأ ظهور تحول في معنويات المستثمرين الأمريكيين من خلال تدفقات الأموال المتداولة في البورصة. الصناديق المتداولة في البورصة، المدرجة في الولايات المتحدة، التي تركز على النمو سجلت تدفقات خارجة صافية بلغت ملياري دولار في الأشهر الأربعة الأولى من 2022، ما عكس جزئيا التدفقات الإيجابية البالغة 38.2 مليار دولار التي شوهدت على مدار العام الماضي بأكمله، وفقا لبيانات "ستيت ستريت".
في الوقت نفسه، الصناديق المتداولة في البورصة، التي تركز على القيمة، سجلت تدفقات داخلة صافية بلغت 37.6 مليار دولار في الأشهر الأربعة الأولى من العام، بعد صافي تدفقات داخلة وصل إلى 60.3 مليار دولار خلال 2021، حسبما أوردت "ستيت ستريت".
على الرغم من هذا التناوب، الأغلبية العظمى من المستثمرين - وكثير منهم أصبحوا معتادين على "شراء الانخفاض" في الأعوام الأخيرة – لا يزالون يفكرون فيما إذا كانوا سيزيدون تعرضهم لأسهم القيمة، كما قال ريتشارد هال، مدير محفظة في "إم آند جي مانجمنت".
أضاف: "من الصعب عاطفيا اتخاذ إجراء عندما يكون أداء أسهم النمو جيدا لفترة طويلة. كانت الارتفاعات السابقة لأسهم القيمة منذ الأزمة المالية وجيزة واتضح أنها في الواقع إشارة لمضاعفة الرهانات على أسهم النمو".
جاي سبير، الرئيس التنفيذي لشركة أكوامارين كابيتال ـ مقرها زيورخ، أشار إلى أن البيئة التضخمية الحالية تعني أن المستثمرين يفضلون الشركات التي تظهر أرباحا حقيقية اليوم، بدلا من تقييم بعض المقاييس الأكثر إبداعا، التي ينظرون من خلالها إلى شركات النمو، مثل إجمالي السوق المتاح، واقتصادات الوحدة، والأرباح الصافية التي تستبعد تكاليف تعويض الأسهم، أو حتى - في حالة "وي ويرك" - الأرباح المعدلة من قبل المجتمع قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك والإهلاك.
قال: "أصبح المال فجأة باهظ الثمن، ومع ارتفاع معدلات الفائدة يهتم الناس بما تكسبه الشركة. يا له من مفهوم!".
بالنسبة لكثير من المستثمرين المخلصين، شكلت هيمنة النمو على مدى العقد الماضي تحديا وجوديا. قال سباير: "نظر مستثمرو النمو إلى أشخاص مثلي وخطر في بالهم يا للمسكين، أيها الأحمق، أنت لا تفهم كيف تغير العالم".
الآن، مع وجود علامات على حدوث تحول واسع في الأسواق، قال سباير: "أشعر بقدر معين من الشماتة - مثل، كيف كنتم تفكرون؟". أضاف: "أود أن أضع الكثير من الأموال في السوق، لكن بدلا من ذلك يشعر المستثمرون بالتوتر أيضا، ويريد المستثمرون معي جذب الأموال".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES