FINANCIAL TIMES

أعمال المعرفة جعلت المكافآت شيئا من الماضي

أعمال المعرفة جعلت المكافآت شيئا من الماضي

إذا طلبت منك أن تخمن، فكم تعتقد أن متوسط المكافآت في وول ستريت قد ارتفع في العام الماضي. أهو 5 في المائة؟ أم 10 في المائة؟
ماذا لو بلغت الزيادة 20 في المائة، إلى 257500 دولار، وهي زيادة أكبر بكثير من معدل التضخم السنوي البالغ 7 في المائة الذي يؤثر في مكاسب أجور العاملين العاديين، وهي أعلى زيادة منذ الانهيار المالي في 2008.
الأمر لا يختلف كثيرا عنه في أي مكان آخر. في المملكة المتحدة تستعد مجموعة كبيرة من الشركات للاحتجاج ضد المكافآت التي أزعجت المستثمرين في مختلف المجالات، بدءا من مجموعة أوكادو للبقالة عبر الإنترنت إلى بنك ستاندرد تشارترد.
من السهل فهم سبب هذا الغضب. فهي مجرد مكافآت، تدفع إضافة إلى الرواتب الباهظة، لأسباب في الأغلب ما تترك المستثمرين في حيرة من أمرهم.
من الصعب تخيل أن أيا من ذلك سيتغير. لأن جذور فكرة الدفع مقابل الأداء متأصلة في الأذهان. لكن ماذا لو كان هذا المفهوم خاطئا؟
تشير دراستان جديدتان عن الأجر مقابل الأداء في العالم الحقيقي إلى عيوب في هذا المفهوم، ويرجع السبب في ذلك جزئيا إلى أن عصر أعمال المعرفة جعل كثيرا من أنظمة المكافآت غير مواكبة وعفا عليها الزمن.
في كثير من دول العالم، ظهرت المكافآت لأول مرة في المصانع خلال القرن الماضي من أجل تحفيز الناس على أداء مهام بسيطة ومتكررة حتى يؤدوا عملهم بشكل أسرع وجد أكثر. كان من السهل نسبيا تحديد عدد القطع التي ينتجها العامل في اليوم الواحد، وبالتالي دفع مكافأة له وفقا لذلك.
اليوم، كثير من موظفي المكاتب يعملون في شكل فرق على مهام معقدة تتطلب التعاون والإبداع. وهذا يجعل من الصعب الحكم على من يتسبب في ضعف الأداء بالضبط أو من يعززه، ومع ذلك استمر دفع المكافآت. يقول البروفيسور كلاوس مولر، من جامعة سانت غالين السويسرية، "من الصعوبة بمكان تغيير هذا التقليد المتبع. الأمر يحتاج إلى ضربة حظ لأن نتيجته غير مضمونة".
شارك مولر في إعداد دراسة حول مندوبي المبيعات في مجموعة هيلتي ـ مقرها ليختنشتاين ـ وهي شركة تملكها عائلة تبيع منتجات وخدمات البناء في 120 دولة طلبت المشورة بشأن إصلاح مخططاتها المبنية على الدفع مقابل الأداء.
في أوائل 2019، تم تحويل 190 من مندوبي المبيعات في مجموعة هيلتي في أوروبا الشرقية من راتب ثابت 65 في المائة، بينما تعتمد الـ35 في المائة الأخرى على تحقيق أهداف الأداء، إلى راتب ثابت بالكامل تقريبا. "تم إعطاء مكافآت صغيرة غير نقدية مثل قسائم لوجبات العشاء العائلية للفرق التي فازت في الأداء خلال مسابقات الشركة الداخلية".
كانت النتائج مدهشة، تفوقت "هيلتي ليختنشتاين" على مستوى السوق بعامل 1.4 في 2019، أي ضعف المعدل في 2018. وانخفض معدل دوران الموظفين أكثر من 4 في المائة، بينما ارتفع الشعور بالرضا عن الأجور 19 في المائة. والمهم في ذلك كله أن جهود فرق المبيعات لم تتراجع.
كان النظام الجديد يتمتع بمزايا واضحة مقارنة بالنظام الأقدم منه، الذي كان معقدا لدرجة كان من الصعب معها فهم الكيفية التي يعمل بها بالضبط، ولأنه تسبب في نشوء عادات غير مفيدة، كان الموظفون مندفعين إلى إبرام صفقات المبيعات في سبيل تحقيق أهدافهم الشهرية، عوضا عن تنميتهم لعلاقات أكثر قيمة وطويلة الأجل مع العملاء. وقد اعتمدت فرق هيلتي في الدول الأخرى أنظمة دفع مشابهة.
لكن لن يحدث الأمر نفسه في سلسلة تجزئة ألمانية كبيرة طلبت أيضا من الباحثين تقييم الدفع مقابل الأداء. في هذه الحالة، أرادت الشركة معرفة ما إذا كانت مكافأة الحضور للعمل ستقلل من غياب العاملين.
تم إجراء الدراسة في 232 متجرا على موظفين متدربين عرض عليهم إما الحصول على أموال إضافية وإما أخذ عدد أيام إجازة أكثر في حال حضروا للعمل كما هو مخطط لهم في كل شهر.
لمع الأسف، لم يكن لمكافأة الإجازة أي تأثير في التغيب عن العمل، فيما زاد الحافز النقدي الأمر سوءا، ارتفع التغيب عن العمل نحو 45 في المائة، ما يعادل أكثر من خمسة أيام إضافية من التغيب في العام لكل عامل.
يقول المؤلف المشارك في الدراسة، تيمو فوغيلسانغ، من مدرسة فرانكفورت للتمويل والإدارة، "لم يكن هذا ما كنا نتوقع حدوثه".
اتضح أن الدفع للناس مقابل الحضور إلى العمل أرسل إشارات غير مقصودة. اعتقد بعض الموظفين أن ذلك يعني أن يصبح التغيب دون إذن أمرا رائجا - وإلا فلماذا تدفع الشركة مقابل حضورهم إلى العمل؟ لذلك شعروا بذنب أقل عند تغيبهم عن العمل. واعتقد بعض آخر أن المهام التي كان يطلب منهم أداؤها مزعجة وأجرها زهيد، لذلك فضلوا البقاء في المنزل.
يتفق البروفيسور فوغيلسانغ مع القول بأن النتائج العكسية لمكافأة الحضور للعمل تضيف تأكيدا على أبحاث أخرى تظهر أن المكافآت المالية ليس لها تأثير واضح في أداء العاملين، أو أنها قد تفشل في إحداث التأثير المقصود.
لا يزال من الممكن أن ينجح تأثير المكافآت في بعض الوظائف، كما يقول فوغيلسانغ. "لكن بالنسبة إلى العاملين في مجال المعرفة، فمن غير الواضح أنهم يستحقونها ومن الصعب تحديد الأداء".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES