FINANCIAL TIMES

أسعار العقارات المرتفعة في أمريكا .. هل جاءت لتبقى؟

أسعار العقارات المرتفعة في أمريكا .. هل جاءت لتبقى؟

أكثر من 300 ألف دولار السعر المطلوب للحصول على هذا المسكن.

لأعوام، تخيلت أنا وزوجي امتلاك كوخ صغير في الغابة في مكان ما بالقرب من منزلنا في بروكلين. بعيدا عن الأسعار التعجيزية لمناطق الشاطئ، مثل هامبتونز أو المدن النهرية في وادي هدسون، حيث يمتلك عديد من سكان نيويورك الأثرياء منازل ثانية، اعتقدنا أن الجزء الغربي من جبال كاتسكيل، وهي منطقة ريفية تبعد ساعتين عن المدينة، كان المكان المناسب لنا. يوجد فيها تلال متموجة ومسارات للمشي وأماكن للسباحة، لكن يوجد فيها أيضا شبكة نطاق عريض متقطعة ولا توجد وسائل نقل عام، وعدد كبير من ناخبي ترمب الذين يركبون الدراجات النارية، وفي بعض الأحيان أكواخ الميث "نوع من المخدرات"، ذلك يعني أنها منطقة أسعار العقارات التي قد يتحملها الصحافي والروائي.
كان ذلك بالطبع قبل انتشار الوباء. على مدار العامين الماضيين، شاهدت أسعار العقارات التي تبدو كأنها أكواخ ميث تتضاعف، ثم تتضاعف ثلاث مرات، ويتم بيع قوائم جديدة في غضون أيام، أو حتى ساعات، دون أن نراها. "هل حصلت على موافقة مسبقة؟" كان السؤال الأول من أي وكيل عقارات، يليه "هل يمكنك الدفع نقدا؟". انس أن تقتنص عقارا بحاجة إلى ترميم على مساحة 15 فدانا مقابل 159 ألف دولار، كما فعل بعض الأصدقاء قبل خمسة أعوام. كان الناس يشترون المنازل ويرممونها لبيعها وتحقيق أرباح كبيرة، أو يفرضون رسوما على أسعار الفنادق الصغيرة لتأجيرها عبر "إيربنب". المخزون نادر وأعمال البناء الجديدة في انخفاض، وذلك ناتج عن مشكلات سلسلة التوريد. فجأة، سيدفع الناس مليون دولار مقابل حظيرة تم تجديدها في منطقة بورشت بيلت السابقة.
الأمر المذهل هو أن هذا لا يحدث فقط في مناطق مثل نيويورك، لكن في جميع أنحاء واشنطن وأوستن وميامي حتى خارج المدن الأصغر مثل شارلوت في ولاية نورث كارولينا، حيث انتقلت أماكن الإقامة المنزلية الثانية، مثل آشفيل، إلى نطاق أسعار هامبتونز. قال لي ابن عمي الذي يعيش في شارلوت أخيرا، "لا يمكننا أن نقرر ما إذا كنا سنبيع بعد الترميم أو نؤجر"، مشيرا إلى أن شاليها -أستخدم هذه الكلمة قليلا جدا- اشتروه على جبل تزلج على بعد 90 دقيقة من منزلهم تضاعف سعره في أقل من عام. عند النظر من نافذة الغرفة حيث كنا نجلس، لاحظت أن جميع المباني الجديدة تتطلع إلى إيواء الشركات المالية التي تهرب من المدن التي تفرض ضرائب أعلى، إلى نيو ساوث. أجبت سأستأجر "ربما لي، بخصم عائلي؟".
ماذا يحدث هنا؟ هل عدنا إلى 2007؟ نعم ولا. يمكن للمرء أن يجادل بأن عقودا من أسعار الفائدة المنخفضة وضخ أموال البنك المركزي غير المسبوق، اصطدمت مع جائحة تركت سكان المدن في أمس الحاجة إلى مساحة أكبر، ما مهد الطريق لفقاعة مضاربة كلاسيكية في العقارات. ثلثا صافي الثروة العالمية الآن في العقارات. في الولايات المتحدة، مؤشر إس آند بي كورلوجيك كيس-شيلر لأسعار العقارات ارتفع 19.8 في المائة في العام المنتهي في شباط (فبراير)، حتى مع وصول معدلات الرهن العقاري في نيسان (أبريل) إلى أعلى مستوى لها منذ 2010. بالتأكيد، مع تأثير التضخم والركود الذي يلوح في الأفق، سيكون هناك تصحيح في الأسواق الأقل رسوخا، وربما يكون تصحيحا مهما.
مع ذلك، فإن الأوبئة تغير الأشياء، في الأغلب بشكل أساسي. هناك تفاوتات مشروعة في العرض والطلب في سوق العقارات الأمريكية، حيث يكافح البناؤون للحصول على الإمدادات والتكيف مع تكلفة المواد الخام التي ترتفع بشكل كبير. هذا يمكن أن يبقي الأسعار مرتفعة لبعض الوقت. الأهم من ذلك، أن هناك تحولا جوهريا في جغرافية العمل والحياة في الولايات المتحدة وعديد من الدول الأخرى، وهو تحول قد يكون له تأثير دائم في أسواق العقارات.
في نيويورك، مثلا، أصبح من الواضح تماما أن الناس لن يعودوا إلى وظائفهم لمدة خمسة أيام في الأسبوع في مباني المكاتب المكتظة في وسط المدينة. على أقل تقدير، يطالب العاملون بجداول زمنية هجينة، حتى الآن يحصلون عليها، ما يجعل الانتقال لمدة ساعتين إلى منزل ريفي أكثر قابلية للتنفيذ بطريقة لم تكن متاحة من قبل.
في الوقت نفسه، دفعت الأسعار المرتفعة للغاية في المدن الكبرى المشترين لأول مرة إلى حلقة مدتها ساعتان إلى ثلاث ساعات من المدن والقرى الصغيرة الأقل تكلفة حولهم، أو إلى مدن من الدرجة الثانية حتى الثالثة في الجنوب أو الغرب. فجأة، أوستن تبدو مثل نيويورك. شارلوت "أو بولدر، كولورادو، أو رابيد سيتي، ساوث داكوتا" تبدو مثل أوستن. وكاتسكيلز تبدو مثل هامبتونز.
هل ستستمر التغييرات؟ أراهن أنه عندما يأتي الانكماش التالي ويبدأ دومينو الديون في التساقط، سنرى تراجعا كبيرا في بعض مدن الازدهار الأحدث والأكثر فقرا. لا أعتقد أن المشتريات النقدية المكونة من سبعة أرقام في المناطق الريفية النائية مع عدم وجود شبكة نطاق عريض ستستمر. لكني أعتقد أيضا أن بعض عناصر سوق العقارات اليوم تعكس طفرات أكثر ديمومة من الماضي، مثلما يحدث في لوس أنجلوس، نتيجة السباق لبناء خط سكة حديد إلى الغرب. كانت هناك تكهنات، نعم، لكن كان هناك أيضا تحول أساسي في عدد سكان المدينة باتجاه الغرب، تم تمكينه من خلال التغييرات التكنولوجية والسياسية والاقتصادية الكبيرة.
نحن نمر بهذا النوع من النقلة النوعية اليوم. سأل وزير الخارجية الأمريكي السابق دانيال ويبستر عن وايومنغ عندما طرحت فكرة خط سكة حديد عابر للقارات في 1843، "ماذا تريد من تلك المنطقة الشاسعة التي لا قيمة لها. تلك المنطقة من الوحوش البرية والصحاري، والرمال المتحركة والرياح الدوارة أو الغبار أو الصبار أو الكلاب البرية؟". يمكن أن يجيب عنه مليارديرات جاكسون هول، الذين يمتلكون حاليا أعلى ثروة من الأصول للفرد في الدولة.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES