FINANCIAL TIMES

الجائحة وصحة المراهقين والأطفال النفسية .. قنبلة موقوتة تواجهنا

الجائحة وصحة المراهقين والأطفال النفسية .. قنبلة موقوتة تواجهنا

سيحتاج 1.5 مليون شخص إضافي دون الـ 18 إلى مساعدة جديدة أو إضافية للصحة النفسية بسبب الجائحة. "بي. إيه"

الجائحة وصحة المراهقين والأطفال النفسية .. قنبلة موقوتة تواجهنا

تسوء صحة الأطفال النفسية بعد أن يطلب منهم الانتظار للحصول على المساعدة. "جيتي"

كانت نيكولا في متجر محلي مع أصدقائها عندما تلقت مكالمة هاتفية من إخصائي صحي، يطلب منها وصف أصعب تجارب حياتها.
بعد أعوام من تدمير القلق والاكتئاب نفسيتها، كانت المراهقة البالغة من العمر 17 عاما على قائمة انتظار لأشهر طويلة للحصول على المساعدة من خدمات الصحة العقلية للأطفال والمراهقين "سي إيه إم إتش إس" التابعة لهيئة خدمة الصحة الوطنية. بعد معاناتها للتعامل مع هذه الأزمة، اتصلت بخط الأزمات للحصول على استشارة طارئة.
كانت تصف، وهي غارقة في دموعها، غمس يدها في الماء المثلج للتعامل مع رغبتها في إيذاء نفسها، تقول "إنها عانت أفكار، الانتحار لكنها لم تتخذ أي خطوة لفعل ذلك".
تقول نيكولا، التي طلبت عدم ذكر اسمها الحقيقي "من تلك النقطة، أعتقد أنهم قرروا أنني كنت أتعامل مع الأمر. قالت خدمات الصحة العقلية للأطفال والمراهقين لي إنها لن تتمكن من فعل أي شيء. شعرت بالصدمة، لا ينبغي أن أقف على الحافة للحصول على المساعدة".
في حين زاد الإنفاق على الصحة النفسية في المملكة المتحدة من خلال هيئة خدمة الصحة الوطنية على مدى الأعوام الخمسة الماضية، كان هناك انخفاض في الخدمات العامة الأخرى التي تدعم المراهقين وصحتهم النفسية، التي كان كثير منها يركز على الوقاية.
نقص تمويل هذه الخدمات خلال فترة التقشف يتعارض الآن مع الطلب المكبوت من جائحة كوفيد والمشكلات النفسية المنتشرة على نحو متزايد. النتيجة هي أن الأشخاص اليافعين الذين يمرون بأزمة ينتظرون أحيانا أشهرا للحصول على المساعدة، أو يفشلون في بلوغ الحد الأدنى المطلوب للحصول على الدعم أصلا.
يقول أولي باركر، رئيس الشؤون الخارجية في مؤسسة يونج مايندز الخيرية "لقد أصبحت معايير الوصول إلى دعم خدمات الصحة العقلية للأطفال والمراهقين مرتفعة للغاية. كان هناك التزام حكومي بزيادة السعة، لكن التفشي تجاوزها كثيرا".
"محاولة الانتحار هي كلمة مثيرة، يشعر الناس أنه يتعين عليهم استخدامها للحصول على المساعدة. في بعض أجزاء البلاد حتى هذه الكلمة لا تكفي".
في صميم هذه الأزمة، يوجد ارتفاع في طلب المساعدة في الصحة النفسية، الذي يفوق المساعدة المعروضة بشكل كبير.
الأرقام الحكومية في أواخر 2021 أظهرت أن واحدا من بين ستة شباب تراوح أعمارهم بين 6 و16 عاما يعاني احتمال تعرضه لأزمة صحة نفسية، وذلك ارتفاعا من شاب واحد من بين تسعة شباب في 2017. في الوقت نفسه، يتم توزيع الإنفاق بشكل غير متساو: في العام الماضي، فقط نصف سلطات هيئة خدمة الصحة الوطنية المحلية حققت هدف الحكومة المتمثل في إنفاق 1 في المائة من ميزانيتها على الصحة النفسية للأطفال والشباب.
المشكلات التي تسببت فيها الجائحة تعد حادة بشكل خاص بين فئة الشباب. في حين إن معدلات اعتلال الصحة النفسية لدى البالغين والأطفال متماثلة إلى حد ما، فإن الأرقام الصادرة عن جمعية الحكومات المحلية تشير إلى أن مجموعات خدمة الصحة الوطنية المحلية بإمكانها أن تنفق ما يصل إلى 14 ضعفا على خدمات الصحة النفسية للبالغين مقارنة بالأطفال.
"هناك حاجة متزايدة. لقد سمعنا من الآباء والأطفال في جميع أنحاء البلاد أن هذا الوضع صعب للغاية، وأن الطلب يفوق العرض بكثير"، كما تقول رايتشيل دي سوزا، مفوضة شؤون الأطفال.

الحياة بعد الإغلاق

الارتفاع المتسارع لهذه الحاجة في المملكة المتحدة قد سبق انتشار الجائحة، لكنه تفاقم - وأصبح أكثر تعقيدا - بسبب الإغلاقات. شوهد هذا الاتجاه في معظم الدول النامية.
بين 2017 و2020، ارتفع عدد الشباب الذين أحيلوا إلى خدمات الصحة النفسية 60 في المائة تقريبا، ليصل إلى 539 ألفا. لكن عدد الاحالات انخفض في العام التالي إلى ما يقل قليلا عن 500 ألف إحالة.
لكن الانخفاض لم يكن نتيجة لتناقص الحاجة إلى تلك الخدمات: وفقا لـ"مركز الصحة النفسية"، سيحتاج 1.5 مليون شخص إضافي دون سن 18 عاما إلى مساعدة لأول مرة أو مساعدة إضافية نتيجة للجائحة. بدلا من ذلك، فإن الافتقار إلى التواصل مع ممارسي الصحة العامين والمدرسين والخدمات الأساسية الأخرى يعني أن المشكلات ببساطة أصبحت خارجة عن السيطرة.
لكن السلطات الآن تواجه ما يصفه باركر بأنه "انفجار" في الأعداد حيث بدأ الآن الأطفال الذين لم يتمكنوا من الحصول على المساعدة أثناء الإغلاقات في التواصل. يعتقد باركر أن هذا الارتفاع هو "مؤشر متأخر. لم نر ذروة تلك الموجة حقا".
سواء كانوا يطالبون بالحصول على المساعدة قبل عمليات الإغلاق أو بعدها، فإن العواقب المترتبة على الخدمات المستنزفة تعد مضاعفة بالنسبة إلى الشباب.
ما زالت قوائم انتظار المساعدة من خدمة الصحة الوطنية طويلة بشكل مستعص: في آذار (مارس)، أفادت مفوضة شؤون الأطفال بأن أكثر من ثلث الأطفال الذين تم قبولهم في قوائم الانتظار لتلقي العلاج في الصحة النفسية ما زالوا ينتظرون بدء علاجهم. كان متوسط وقت الانتظار عبر البلاد بين الإحالة وبين الاتصال الثاني بالمختصين في خدمات الصحة العقلية للأطفال والمراهقين العام الماضي 32 يوما، لكن كان متوسط أوقات الانتظار في المناطق ذات الأداء الأسوأ يزيد على 80 يوما، بينما امتدت أقصى فترات الانتظار إلى أشهر كثيرة.
كثير من هؤلاء الأطفال لا يصلون إلى قوائم الانتظار أصلا. يجادل كثير من العاملين في الخطوط الأمامية بأن عتبة الإحالة الناجحة إلى خدمات الصحة العقلية للأطفال والمراهقين آخذة في الارتفاع إلى مستويات أعلى، لذلك كثيرا ما يقال للشباب - مثل نيكولا - "إنهم غير مؤهلين للحصول على الدعم حتى عندما يتعرضون لأزمة".
تقول آن لونجفيلد، مفوضة شؤون الأطفال سابقا التي ترأس حاليا لجنة مستقلة معنية بالشباب المعرضين للخطر "لقد تحدثنا خلال جميع أعمالنا العام الماضي إلى الممارسين الصحيين، حيث أصبحت الحالات التي يشاهدونها أكثر تكرارا وأكثر شدة".
هذا يعني، من الناحية العملية، أن صحة الأطفال النفسية تزداد سوءا بعد أن يطلب منهم الانتظار للحصول على المساعدة.
في استطلاع للرأي أجرته مؤسسة ستيم 4 الخيرية الشهر الماضي شمل ألف ممارس عام، قال 95 في المائة منهم "إنهم يعتقدون أن خدمات الصحة النفسية للأطفال والشباب كانت تخفق بشكل خطير وإن ذلك قد تفاقم في الأعوام الستة الماضية"، ووصف كثير منهم الخدمات "بالخطيرة" أو "غير الآمنة".
وقال الثلث "إنهم يخشون أن يتضرر مرضاهم الشباب نتيجة عدم معالجتهم"، فيما قال 5 في المائة من الممارسين العامين "إنهم توقفوا عن إحالة المرضى الشباب نهائيا".
من جانبه، قال أحد الممارسين العامين الذين شاركوا في الاستطلاع "إنه تم العثور على حبل في غرفة مريض يبلغ من العمر 12 عاما، لكن قيل له إنه لم يستوف الحد الأدنى المطلوب لإحالته لتلقي العلاج بسبب عدم وجود آثار للحبل في رقبته"، وقال آخر "إن الطفل الذي تم منعه من القفز من أعلى أحد المباني قد تم رفضه من الحصول على تقييم نفسي في اليوم نفسه، ما اضطر الطبيب إلى توجيهه إلى قسم الحوادث والطوارئ".
"يتم تحديد الحد الأدنى للإحالات بحيث إذا كان أي شخص سيستفيد من الدعم المقدم من خدمات الصحة العقلية للأطفال والمراهقين، فإنه تجب إحالته إليها"، حسبما يقول سيباستيان ريس، مؤلف أحد التقارير لمركز ريفورم للأبحاث الذي يدعو المدارس إلى تعليم الصحة النفسية وأن تتحلى بالمرونة من أجل مكافحة هذه المشكلة، وأضاف "لكن من الواضح أنهم لا يفعلون ذلك".
يقول إريك هينز، المدير المعني في لندن والجنوب في مؤسسة بلايس تو بي الخيرية للصحة النفسية، "إن خدمات الصحة العقلية للأطفال والمراهقين المحلية جيدة جدا في الاستجابة للأزمات"، حيث يكون الأطفال في "خطر محدق". لكنه يقول "إن هناك فروقا بين أداء السلطات المحلية المختلفة، وإنه خارج حالات الطوارئ الشديدة، تصل أوقات الانتظار إلى 15 أسبوعا في كثير من الأحيان".
من جهتها، تقول دي سوزا، التي كانت تدير صندوقا مسؤولا عن عدد من الأكاديميات حتى 2021، "إنها كانت ترى الأطفال الذين يعانون تحديات بالغة يكافحون من أجل الحصول على الدعم"، "في واقع الأمر بصفتك مديرة مدرسة، يوجد أطفال في المدرسة أقدموا على الانتحار مرة أو مرتين لكنهم ما زالوا بدون الدعم الذي يحتاجون إليه"، وأضافت "ليس هناك أي إهمال في قبول الحالات التي يُنظر إليها على أنها ربما تعاني ضغوطا مالية خطيرة".
يقول باركر "إن قضاء الآباء الليل خلف أبواب غرف أبنائهم - قلقين كيف سيقضون الليلة - ليس بالأمر الغريب، وذلك بعد وضعهم على قوائم الانتظار على الرغم من تعرض الشباب لخطر محاولة الانتحار".
ويضيف باركر "تخيل أنك تعيش في هذه الحالة لمدة عامين، ومن ثم عليك الاستيقاظ في الصباح مضطرا للذهاب إلى عملك، وأحيانا يجب عليك الاعتناء بالناس بنفسك. بعد ذلك ستبدأ الصحة النفسية للوالدين في التضرر أيضا".

الدعم المقدم من المدارس

العدد الكبير للأطفال العالقين في قوائم الانتظار أو الذين لم يصلوا إلى الحد الأدنى المطلوب للحصول على المساعدة له تأثير في الخدمات الأخرى. إن المدارس هي الأولى في الخط الأمامي هذا.
تقول نيكولا "إنه من الشائع أن ينتظر بعض الشباب في طوابير عند مكتب مسؤول العام الدراسي، وهو موظف كبير لديه صلاحيات غير رسمية مسؤول عن صحة التلاميذ، إضافة إلى المواعيد مع مستشار في المدرسة، تواصل نيكولا اعتمادها على الدعم المخصص من هذه الاجتماعات، التي تشير إليها على أنها إضافات".
تقول "هذه الاجتماعات هي ما تجعلني أتابع حياتي وأنا على وشك الانهيار. عدد الأشخاص الذين رأيتهم ينتظرون خارج مكتبه يثير الرعب. إنه ببساطة يفرز بدون خلفية تدريبية في مجال الصحة النفسية".
تقول كلوي لوري، معلمة سابقة وتعمل الآن باحثة في معهد التعليم في جامعة كلية لندن، "إن المعلمين دائما ما كانوا المصدر الأكثر شيوعا في تقديم الدعم للأطفال الذين يعانون الاضطرابات النفسية".
لكن مزيدا من المعلمين باتوا يجدون أنفسهم يقدمون الدعم العاطفي والاجتماعي لمزيد من الأطفال الذين يعانون مشكلات أكثر خطورة، ذلك بسبب زيادة احتياجات الشباب وعدم تلبيتها في أي مكان آخر". أصبح بعض هؤلاء المعلمين يعانون صحتهم النفسية نتيجة لذلك.
تقول لوري "هناك أزمة منتشرة بين المعلمين تتعلق بالصحة النفسية. ما أشك فيه هو أنهم عالقون في حلقة مفرغة. نعلم أن هناك صلة بين الصحة النفسية للطلاب ومعلميهم".
يقول المستشارون الذين عينتهم المدارس بشكل مباشر والجمعيات الخيرية بشكل مستقل "إنهم يتعاملون مع مشكلات أكثر خطورة في الصحة النفسية حيث يتم دفع هؤلاء الأطفال، الذين لو كانوا في نظام يعمل بشكل صحيح فستتم إحالتهم بسرعة، إلى أقسام أقل إلحاحا في النظام".
"الاحتياجات الفعلية التي يأتي بها الشباب هي أعلى من مستوى التدخل الذي نقدمه"، حسبما قالت رايتشيل وارد، ممارسة صحية مختصة في الصحة النفسية تعمل في مؤسسة أكشن فور تشيلدرين الخيرية شمال غرب إنجلترا، وأضافت "هذا لأن الخدمات غير موجودة أصلا، لا يوجد أحد يوليها عنايته لذلك تعود الحالة إلينا".

نقص في التمويل

يقول خبراء "إن المشكلات المتفاقمة التي تواجه العاملين المختصين في شؤون الأطفال مثل وارد هي جزء من حلقة مفرغة أكبر من نقص الإنفاق على التدابير الوقائية والفشل في وقف تصاعد المشكلات، ما يؤدي إلى طلب الأطفال المساعدة عندما تصبح الأمور أسوأ بكثير".
أدت التخفيضات في خدمات التدخل المبكر مثل مراكز الشباب لأكثر من عقد إلى جعل الشباب يكافحون للحصول على المساعدة في مشكلات بسيطة، الأمر الذي يؤدي إلى تدهور صحتهم النفسية حتى يضطروا إلى الحصول على المساعدة في وقت غالبا ما يكون تدخلا في الأزمات.
تقول لونجفيلد "إن النظام فشل لأعوام في تقديم دعم مبكر كان يمكن أن يمنع الزيادة الحالية في الطلب". "ينتهي الأمر بكثير من الأطفال بمستوى من احتياجات الصحة النفسية التي تتطلب تدخلا سريريا، لكن لو كان بإمكانهم الحصول على المساعدة قبل ذلك، ربما لم يكونوا ليصلوا إلى هذه المرحلة"، حسبما تقول.
وتضيف أنه "مع تزايد معدلات اعتلال الصحة النفسية التي تتطلب رعاية الأزمات، يبدو من غير المرجح أن تتوسع الرعاية الحادة لتلبية الاحتياجات. ما نراه هو نظام كان يئن على أي حال لكنه الآن تحت الضغط مع وجود أمل ضئيل في المواكبة".
وفقا لتقرير صادر عن مؤسسة برو بونو إيكونومكس الفكرية، كان الإنفاق السنوي على خدمات الأطفال أقل بمقدار 325 مليون جنيه استرليني بالقيمة الحقيقية في 2019 - 2020 مما كان عليه في 2010. مع تزايد عدد الشباب، أدى هذا إلى نقص الإنفاق على كل شاب 7 في المائة تقريبا في العقد السابق للجائحة.
مع ذلك، التخفيضات في الإنفاق كانت حصرا على التدخلات المبكرة مثل مراكز الأطفال ونوادي الشباب والاستشارات غير الرسمية. انخفض الإنفاق على هذه الخدمات الوقائية 48 في المائة في ذلك العقد. فيما يتعلق بالتدخلات المتأخرة مثل خدمات عدالة الشباب والاعتناء بالأطفال والحماية، فقد زادت 34 في المائة.
يقول باركر "إن أزمات الصحة النفسية بعد الجائحة تسبب الآن مزيدا من عدم التوازن تجاه خدمات الطوارئ. عندما تضع الأموال في نظام ما، فإنها تميل إلى التدفق إلى الأماكن التي توجد فيها مبان محترقة، وفي الوقت الحالي، المبنى المحترق هو تراكم الأشخاص بعد الجائحة الذين تمت إحالتهم إلى خدمات الصحة النفسية للأطفال والشباب".
لكن بينما تدرك المؤسسات الخيرية أن مزيدا من التمويل لخدمات الطوارئ سيخفف الضغط على خدماتها، فإنها تعلم أيضا أن هناك حاجة إلى دعم إضافي لوقف وصول الأوضاع إلى مرحلة الأزمة هذه.
تقول وارد، من مؤسسة أكشن فور تشيلدرين "يجب تقديم التدخل الواعي الحقيقي والدعم المبكر لشبابنا الآن. هذه ليست إجابة فورية، لكن إذا اتخذنا إجراء لمنح الأشخاص المهارات في وقت مبكر الآن، فلن يكون لديك الأشخاص أنفسهم في تلك القائمة في غضون خمسة أعوام".
تعمل مؤسسة أكشن فور تشيلدرين على توسيع الدورات لتزويد الشباب بالمهارات اللازمة لإدارة صحتهم النفسية. يدعى المراهقون إلى حضور الدورة إذا حصلوا على درجات أعلى من خط الأساس لمخاطر الصحة النفسية في التقييم: منذ الجائحة، ارتفعت النسبة التي تعد مؤهلة من 34 في المائة إلى 45 في المائة. في إحدى المدارس، كان ما يقارب 70 في المائة من التلاميذ مؤهلين.
للبدء في تخفيف الضغط على خدمات الصحة العقلية للأطفال والمراهقين، هناك حاجة إلى مزيد من الاستثمارات في المساعدة المبكرة مثل فرق الصحة النفسية في المدارس، كما تقول لونجفيلد. "لا يمكن أن تكون مجرد خدمة لامعة للغاية لتوفير العلاج السريري، يجب أن تعمل بشكل أكثر قوة ومع شركاء آخرين".
قال متحدث باسم خدمة الصحة الوطنية "الصحة النفسية للأطفال والشباب هي أولوية قصوى لنا، مع أكثر من 649 ألف طفل وشاب مدعومين من الخدمات الممولة من خدمة الصحة الوطنية في العام المنتهي في كانون الثاني (يناير)، ارتفاعا من 534238 قبل الجائحة. زادت القوى العاملة في مجال الصحة النفسية 40 في المائة على مدى الأعوام الثلاثة الماضية".
قالت وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية "إننا ندرك التأثير العميق للجائحة في الصحة النفسية للأطفال ومن المهم جدا أن يكونوا قادرين على الوصول إلى الدعم المناسب في وقت مبكر". استثمرت الوزارة 79 مليون جنيه استرليني في خدمات الصحة النفسية للأطفال العام الماضي، ما وفر إمكانية الوصول إلى خدمات الصحة المجتمعية لنحو 22500 طفل وشاب وتعزيز تغطية فرق دعم الصحة النفسية في المدارس والكليات.

قنبلة موقوتة

بعد أكثر من نصف عام من الانتظار، أصبحت نيكولا الآن في طريقها لحضور جلسة استشارية مع خدمات الصحة العقلية للأطفال والمراهقين. لكن مع اقترابها من عيد ميلادها الـ18، تشعر بالقلق من الانتقال إلى خدمات البالغين.
أيضا أصيبت بصدمة عندما قيل لها "إنها ليست على ما يرام بما يكفي لتلقي المساعدة حتى عندما وصلت إلى نقطة الأزمة"، ما جعلها تشعر بأن إدارة صحتها النفسية تعني أنها "ليست سيئة بما يكفي" للحصول على المساعدة.
تقول "كانت أكثر الأوقات رعبا في حياتي يومين، عندما كنت في مرحلة أزمة، وفكرة أن الناس لن يساعدوني إلا إذا وصلت إلى تلك المرحلة مرة أخرى. وهذا أمر مخيف حقا".
"حقيقة أنه يمكنك الحصول على المساعدة لكن الأمر بعيد عن متناول يدك إلى الأبد يجعل الأمر أكثر صعوبة. تفعل كل ما في وسعك وهذا لا يكفي (...) الأمر يجعلني أعتقد أنه لا فائدة من المحاولة. لا يوجد أحد يساعد ولا أحد يهتم".
يعتقد العاملون في الخطوط الأمامية الذين قابلتهم "فاينانشيال تايمز" أن وضع الشباب من المرجح أن يزداد سوءا قبل أن يتحسن. الافتقار إلى المجتمع والاختلاط بالناس والدعم أثناء الجائحة قد أفسح المجال لضغوط أكبر في المدرسة، حيث يستعد المراهقون للامتحانات في ظل ضغط حكومي للحاق بالركب.
تشمل جهود الحكومة لمعالجة العجز في التدخل المبكر فرق دعم الصحة النفسية المخصصة التي تقدم المساعدة لمشكلات الصحة النفسية الخفيفة إلى المتوسطة عبر المدارس. لكن ريس يشك فيما إذا كانت الجهود ستكفي.
يقول ريس "إنها قنبلة موقوتة من حيث الآثار طويلة المدى. إنه فشل اقتصادي ألا نتغلب على هذا الوضع، لكن من الصعب دائما التركيز على الوقاية".
يعتقد باركر أن المشكلات أعمق من كيف وأين يمكن للشباب الحصول على الاستشارة. "يرى الشباب سيرا ناقلا للحياة. إنهم اللاحقون الذين سيحصلون على عمل ووظيفة ومنزل، ويرون الجيل القادم يكافح من أجل الحصول على هذه الأشياء، ويبدو أن الأمر يزداد صعوبة"، حسبما يقول باركر. "هناك إحساس بمستقبل لم يبن لهم حقا".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES