الطاقة- النفط

مخاوف شح الإمدادات تدعم أسعار النفط .. والإنتاج الأمريكي لم يتجاوز تداعيات «إيدا»

مخاوف شح الإمدادات تدعم أسعار النفط .. والإنتاج الأمريكي لم يتجاوز تداعيات «إيدا»

منتجو النفط الصخري يواصلون الالتزام بالانضباط في الإنفاق وسط ارتفاع الأسعار.

واصلت أسعار النفط الخام مكاسبها السعرية الواسعة مع حدوث بعض التقلبات المحدودة، لكنها بقيت حول أعلى مستوياتها منذ 2014، وذلك بتأثير مخاوف من شح الإمدادات العالمية في ضوء أزمة الغاز العالمية، التي رفعت الطلب على النفط الخام، إضافة إلى إبقاء مجموعة "أوبك +" على مستوى الزيادات الشهرية المحدودة في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، بواقع 400 ألف برميل يوميا.
ويراهن كثير من المراقبين على احتمالية تحرك المنتجين من جديد في حال استمرار صعود الطلب القوي مع شح الإمدادات النفطية، خاصة أن الإنتاج الأمريكي لم يعد بالفعل إلى المستويات الطبيعية قبل اندلاع الإعصار منذ أكثر من شهر.
ويقول لـ «الاقتصادية» مختصون ومحللون نفطيون، إن الاجتماع الوزاري لتحالف "أوبك +" الإثنين الماضي، لم يشكل أي مفاجأة للأسواق في قراراته، التي جاءت في إطارها الطبيعي، حيث اتفقت جميع الدول الأعضاء في التحالف على التمسك بالمسار المتفق عليه مسبقا بزيادة شهرية تدريجية محدودة، عادين أن هذا القرار يصب في مصلحة المنتجين ويسهم في توازن السوق النفطية.
وأشاروا إلى أن النقص المستمر في الغاز العالمي أشعل أسعار الغاز الطبيعي المسال، خاصة في الأسواق الآسيوية، وأدى إلى التحول إلى النفط الخام كبديل في توليد الكهرباء، خاصة في الدول النامية، وسط ارتفاع معاناة المستهلكين وزيادة الضغوط التضخمية في معظم دول العالم.
وفي هذا الإطار، يقول أندريه جروس مدير شركة إم إم أيه سي الألمانية للطاقة، إن تشديد المعروض النفطي هو السمة الغالبة على السوق، التي حفزت نمو الأسعار إلى مستويات قياسية، خاصة مع التزام "أوبك +" بقيود الإنتاج، وفي ظل اختناقات الإمدادات الأمريكية، حيث إنه على عكس الأعوام السابقة، فإن في الولايات المتحدة لن يكون للرقعة الصخرية دور كبير في صياغة اتجاه أسعار النفط، وهو الأمر المتوقع استمراره في الأشهر المقبلة.
وذكر أن منتجي النفط الصخري الأمريكي يواصلون الالتزام بالانضباط في الإنفاق، بينما آلت القدرة على إدارة المعروض من النفط الخام بالكامل إلى تحالف "أوبك +"، الذي يرى ضرورة التمهل في إقرار زيادات جديدة لحين تعافي الإنتاج في كل الدول الأعضاء حتى يخرج قرار المجموعة بتوافق كامل من الدول الـ 23 الأعضاء في التحالف.
من ناحيته، يضيف أندريه يانييف؛ المحلل البلغاري والباحث في شؤون الطاقة، أن الإنتاج الأمريكي لم يتجاوز بشكل كامل تداعيات إعصار "إيدا"، وهو الأصعب على مدار عدة عقود، ويضاف إلى ذلك محافظة منتجي النفط الخام الأمريكيين على انضباط لم يسبق له مثيل في الإنفاق على المشاريع والإمدادات النفطية الجديدة، ويفضلون بدلا من ذلك مكافأة المساهمين وجذب المستثمرين بأرباح أعلى وميزانيات أفضل.
وأشار إلى أن الإنتاج الأمريكي قد ينمو وسط أجواء حذرة للغاية، خاصة في ظل بقاء خام غرب تكساس الوسيط باستمرار فوق 60 دولارا للبرميل لما يقرب من ستة أشهر حتى الآن، ورغما عن ذلك لم يلجأ منتجو النفط الصخري الأمريكي مجددا إلى زيادة الإنتاج المتسرعة كما كان يحدث في أعوام سابقة.
ويشير سيفين شيميل؛ مدير شركة "في جي إندستري" الألمانية، إلى أن الطلب العالمي على النفط الخام في نمو متلاحق وسط مؤشرات على تجاوز أزمة الوباء. وعلى الرغم من إغراءات الأسعار، التي يتوقع كثير أن تتجاوز مائة دولار للبرميل خلال شهور قليلة، نجد أن منتجي النفط الصخري الأمريكي يصرون على عدم العودة إلى معدل نمو الإنتاج السنوي القياسي البالغ 1.5 مليون برميل يوميا، الذي تم تسجيله في عامي 2018 و2019 قبل الوباء مباشرة.
ولفت إلى أن إمدادات النفط العالمية تعد حاليا، وبحسب تقييم عديد من الشركات الدولية تحت سيطرة "أوبك +" بمفردها دون اتخاذ أي اتجاهات مضادة من جانب منتجي الولايات المتحدة، حيث يؤكد كبار التجار في العالم أنه على المدى القصير ليس من المتوقع أن يضيف المنتجون الأمريكيون أحجاما ذات مغزى للإمدادات العالمية، وبالتالي سيبقى اتجاه أسعار النفط يمثل انعكاسات لقرارات مجموعة "أوبك +" بمفردها.
بدورها، تقول جولميرا رازيفا؛ كبير محللي المركز الاستراتيجي للطاقة في أذربيجان، إن الأسعار المرتفعة قد تعزز الاستثمارات، خاصة إذا استمرت على الوتيرة نفسها لفترة طويلة، مشيرة إلى أن عدد الحفارات الأمريكية آخذ في الارتفاع بالفعل، لكنها لا تعني زيادة في الإمدادات، حيث إن نشاط الحفر المتنامي حاليا يعوض انخفاض الإنتاج في الحقول القائمة بالفعل.
وذكرت أن أسعار النفط تسجل بالفعل ضعف ما كانت عليه قبل عام تقريبا، نتيجة تراجع المخاوف من أزمة الوباء والانتشار الناجح للقاحات وانتعاش حركة السفر والطيران مجددا. وعلى الرغم من ذلك، لا نشهد زيادة كبيرة في عمليات وأنشطة الحفر، مرجحة أن يتم جذب المستثمرين مرة أخرى إلى مجال الاستكشاف والإنتاج إذا استمر انتعاش الصناعة على مدى عام أو عامين على الأقل.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، واصلت أسعار الخام الأمريكي مكاسبها للجلسة الخامسة على التوالي؛ لتبلغ أعلى مستوياتها منذ 2014 وسط مخاوف عالمية بشأن إمدادات الطاقة على خلفية مؤشرات على شح أسواق الخام والغاز الطبيعي والفحم.
وارتفعت أسعار خام برنت أيضا لليوم الرابع على التوالي، في ظل مخاوف بشأن الإمدادات، ولا سيما بعد أن قررت منظمة البلدان المصدرة للبترول، "أوبك" وحلفاؤها، في إطار مجموعة "أوبك +"، الإثنين، الاستمرار في زيادة الإنتاج وفق المخطط له بدلا من رفعه بأكثر من ذلك.
وصعد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي في وقت سابق إلى 79.47 دولار للبرميل، وهو أعلى مستوى منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2014. وكان مرتفعا 0.53 في المائة، بما يعادل 42 سنتا إلى 79.35 دولار للبرميل مع افتتاح الأسواق الأوروبية.
وصعد خام برنت 0.8 في المائة، أو 66 سنتا إلى 83.22 دولار للبرميل، ليكون قرب أعلى مستوياته في ثلاثة أعوام، الذي سجله في الجلسة الماضية. واتفقت "أوبك +"، الإثنين، على الالتزام باتفاق تموز (يوليو) لزيادة الإنتاج 400 ألف برميل يوميا كل شهر حتى نيسان (أبريل) 2022 على الأقل، لتتخلى تدريجيا عن تخفيضات تبلغ حاليا 5.8 مليون برميل يوميا.
وقالت "أيه. إن. زد" في مذكرة "النفط الخام واصل مكاسبه مع تخوف المستثمرين من شح في السوق، حيث ترفع أزمة الطاقة الطلب. وأضافت "كانت زيادة (أوبك +) أقل بكثير مما كانت تتوقعه السوق، وذلك بالنظر إلى مأزق الطاقة في أنحاء العالم. وليس من المفاجئ أن تكون هناك تكهنات بأن (أوبك) ستضطر إلى التحرك قبل الاجتماع المقرر المقبل إذا استمر الطلب في الارتفاع".
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 80.43 دولار للبرميل، الثلاثاء، مقابل 78.25 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة، حقق ثاني ارتفاع له على التوالي، وإن السلة كسبت نحو ثلاثة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 77.13 دولار للبرميل.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط