default Author

حرب المعجنات

|
منذ أوجد الإنسان على هذه الأرض، والصراع قائم بينه وبين أخيه الإنسان، وأول صراع وحرب، هو ماكان بين قابيل وهابيل نتيجة الغيرة، ما كشف عن سلوك البشر وطبيعتهم العدائية، ومن بعدها توالت الحروب التي خطت تاريخ البشر على هذه الأرض، ونشأت بسببها دول، واستقلت أخرى ورسمت الحدود، وساد بعض الأقوام على بعض، وصعد أناس إلى الحكم ونالوا الجاه والسلطان، ونفي البعض وشردوا، ما يدفعك إلى الظن أن هناك أسبابا قوية لحدوث مثل هذه الوقائع التي خلفت الدمار والفقر والمرض، ولكن إن تمعنت؛ وجدت أن أشرسها وقعت لأسباب تافهة تنافي العقل والمنطق.
ولعل من أشهر هذه الحروب، حرب البسوس التي قامت من أجل "ناقة" رعت في مرعى قبيلة أخرى، ما تسبب في مقتلها ومقتل زعيم القبيلة الذي أطلق سهمه عليها، لتدور رحى حرب طاحنة استمرت 40 عاما بين قبيلتين من نجد قبل الإسلام دون هوادة، تقاتل فيها أبناء العم، وسلبت الأراضي ونهبت الممتلكات وكادت تفنى القبيلتان.
وعلى بعد آلاف الكيلومترات، وعلى أراضي جزر سان خوان شمال غرب الولايات المتحدة في بحر ساليش صيف 1859، تسبب خنزير ـ أجلكم الله ـ في حرب بين بريطانيا وأمريكا، حين تجرأ وعبر الخط الحدودي المتفق عليه بين المستوطنات البريطانية والأراضي الأمريكية، ليقتله المزارع الأمريكي وتقوم حرب لم يرق فيها دم سوى دم الخنزير، ولكن حشد العشرات من الجنود واستدعيت السفن الحربية ودام الصراع 13 عاما، إلى أن قام قيصر ألمانيا فيلهلم الأول بحل الخلاف ومنح الجزر كاملة لأمريكا.
في 1821 قامت حرب حقيقية بين المكسيك وفرنسا، دامت لأشهر عدة، وراح ضحيتها 300 شخص بسبب فاتورة غير مدفوعة كتعويض لخباز فرنسي، دمر المتمردون محله في المكسيك وطالب بتعويض قدره 60 ألف بيزو، رغم أن محله مقدر بألف بيزو فقط، لترفض الحكومة المكسيكية تعويضه ويرفع شكواه إلى باريس لتشتعل أسخف حرب في تاريخ النزاعات البشرية وتؤدي إلى تأخر تطور دولة المكسيك الفتية آنذاك.
ولعل خطأ دبلوماسيا فادحا ارتكبه السير فريدريك هودجسون في 1900، حين طالب بالجلوس على كرسي إمبراطور آشانتي "دولة غانا الحالية"، الذي كان رمزا مقدسا يمثل شعبهم، ويتوسط علمهم، ويمنحهم الأمل لاستعادة أراضيهم من المحتل البريطاني، ولم يكتف بذلك، بل طلب نقله للملكة فيكتوريا في لندن، ما أدى إلى قيام حرب المقعد الذهبي، التي نتج عنها مقتل ثلاثة آلاف شخص.
إنشرها