FINANCIAL TIMES

باستثناء أغنى شركات التكنولوجيا .. يصعب على الجميع تجاهل المخاوف

باستثناء أغنى شركات التكنولوجيا .. يصعب على الجميع تجاهل المخاوف

حظي تخصيص شركة مايكروسوفت 60 مليار دولار هذا الأسبوع لإعادة شراء أسهمها، بالقليل من الذكر في وسائل الإعلام المالية. يبدو أن مبلغا هائلا مثل هذا أصبح أمرا روتينيا تقريبا هذه الأيام.
لقد ساعدت عمليات إعادة الشراء الأخيرة لشركة البرمجيات بالفعل على تسريع استنفاد الأموال في أكثر من عامين بقليل.
ومع ذلك، فإن طفرة عمليات إعادة الشراء في شركات التكنولوجيا تتطلب اهتماما أكبر في وقت تنفتح فيه أسواق التكنولوجيا الجديدة الكبيرة. إذ يتعرض كثير من الشركات الأمريكية لانتقادات بسبب تحويل أموالها الفائضة إلى عمليات إعادة شراء للأسهم، بدلا من زيادة الاستثمار والمخاطرة. بالنسبة إلى الجميع باستثناء أغنى شركات التكنولوجيا، يصعب تجاهل المخاوف نفسها.
لطالما تم استنكار مثل هذه الهندسة المالية في وادي السيليكون باعتبارها انحرافا عن الهدف الحقيقي لشركات التكنولوجيا، المخاطرة بكل شيء في محاولة واحدة للفوز الكبير في الأسواق الكبيرة التالية.
مع نضوج الصناعة، أصبحت شركات التكنولوجيا من أكبر الدعاة لعمليات إعادة الشراء. انخفض عدد أسهم شركة مايكروسوفت بمقدار الثلث تقريبا منذ فقاعة التكنولوجيا قبل عقدين من الزمن - حتى بعد أخذ جميع الأسهم الجديدة التي تم تسليمها للموظفين أو المستخدمة في عمليات الاستحواذ بعين الاعتبار.
يبدو أن بعض الشركات، وبفضل الطفرة في أرباح شركات التكنولوجيا الكبرى، يمكنها حقا أن تحظى بكل شيء. فقد أنفقت شركة أبل ما يقارب 450 مليار دولار منذ بدئها بعمليات إعادة الشراء في عام 2013. قد ينظر مساهموها يوما ما إلى الوراء ويندمون لعدم المخاطرة بجزء من تلك الأموال في سوق جديدة بالكامل، مثل صناعة السيارات، لكن يشكك القليل منهم حاليا في مستوى استثمارها في مجموعة واسعة من التقنيات.
لقد تضاعف المبلغ الذي تخصصه شركة مايكروسوفت سنويا لشراء أسهمها أربع مرات منذ أن تولى ساتيا ناديلا منصب الرئيس التنفيذي عام 2014 - ولكن كذلك أمر إنفاقها الرأسمالي.
بالنسبة إلى الآخرين، فإن التهام أسهمهم كان له نتائج أكثر إشكالية. ذلك أن المبالغ التي نتحدث عنها تضع بقية الشركات الأمريكية في الظل. قامت كل من شركة آي بي إم لأجهزة الحاسوب وشركة أوراكل لبرمجيات الحاسوب وشركة إنتل لشبه الموصلات وشركة سيسكو لأجهزة الشبكات، بتخفيض عدد أسهمها البارزة تراوح بين 40 و50 في المائة منذ فقاعة التكنولوجيا.
وقد ساعد هذا، بدرجات متفاوتة، على دعم أسعار الأسهم التي كان أداؤها ضعيفا في سوق الأسهم الأوسع. وربما تكون قيمة شركة أوراكل قد ارتفعت بمقدار الربع فقط منذ بداية الألفية لكن، بفضل انخفاض عدد الأسهم، تضاعف سعر سهمها تقريبا.
ومن الصعب تجنب الاستنتاج أن بعض هذه الشركات أخطأت في وضع أولوياتها المالية، وأنه من خلال الفشل في وضع رهانات أكبر على الأسواق الجديدة، فإنها تلتهم نفسها ببطء. ويكون هذا أكثر وضوحا في بعض الحالات من غيرها. حيث أعادت شركة أي بي إم شراء ما يقارب نصف أسهمها منذ ذروة فقاعة التكنولوجيا، لكن سعر سهمها لا يزال تقريبا في المستوى نفسه الذي بدأ فيه الألفية.
وقد تركها الفشل في الاستثمار بما يكفي في بداية عصر الحوسبة السحابية وراء الشركات الكبرى، ويبدو أن اللحاق بها سيكون أمرا صعبا. لقد انخفض الإنفاق الرأسمالي لشركة أي بي إم إلى 2.6 مليار دولار العام الماضي، وعلى النقيض من ذلك، استثمرت شركة أمازون ما يقارب 50 مليار دولار في النفقات الرأسمالية على مدار الـ12 شهرا الماضية، معظمها في مراكز البيانات والمستودعات الجديدة.
كما حدت إنتل من استثماراتها في وقت كانت فيه صناعة الرقائق تمر بطفرة تاريخية. وتحت الضغط لاسترضاء وول ستريت، زادت من عمليات إعادة الشراء إلى ما يقارب 40 مليار دولار بين عامي 2018 و2020، أي أربعة أضعاف ما أنفقته على عمليات إعادة الشراء في الأعوام الثلاثة السابقة.
لكن كلتا الشركتين قامت بإعادة ترتيب أولوياتهما في وقت متأخر. حيث تراجعت شركة أي بي إم عن سباق عمليات إعادة الشراء في عام 2014، مقللة من عمليات إعادة الشراء، قبل أن تتخلى عنها بشكل كامل قبل عامين. وقد وعد بات جيلسنجر، الرئيس التنفيذي الجديد لشركة إنتل، بإعادة توجيه الأموال تجاه الاستثمارات.
بالنسبة إلى شركة أوراكل وشركة سيسكو، كانت الآثار السلبية لبرامج إعادة الشراء الشديدة أقل وضوحا. لكن مع الحفاظ على مركزهما - وهوامش الربح العالية - في أعمالهما الأساسية، فقد جهدتا لمواكبة الأسواق الجديدة المزدهرة للتكنولوجيا.
وفي هذا الأسبوع، أظهرت شركة سيسكو علامات لإعادة ترتيب أولوياتها. حيث رفعت أهداف نموها وقدمت قضية أقوى حول السبب الذي ينبغي لأجله النظر إليها من قبل وول ستريت على أنها شركة شبكة برمجيات - قطاع نمو يزداد الطلب عليه. واعترف تشاك روبنز الرئيس التنفيذي لشركة سيسكو، أن الشركة قد تكون عرضة للانتقادات لعدم استثمارها بشكل أكبر في الماضي، وقال إنها لن تحاول بعد الآن زيادة أرباح السهم بشكل أسرع من الإيرادات.
لا يزال لدى شركة سيسكو على الأقل الأموال اللازمة لزيادة الاستثمار مع الاستمرار في إعادة رأس مال كبير للمساهمين. إن كثيرا من الآخرين لا يمتلكون هذا الرفاهية إذا كانوا سيستثمرون ليبقوا قادرين على المنافسة.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES