FINANCIAL TIMES

تنظيف الأصول القذرة يحتاج إلى قوانين عادلة ونموذج "بنك سيئ"

تنظيف الأصول القذرة يحتاج إلى قوانين عادلة ونموذج "بنك سيئ"

عالم الشركات يعاني حاليا المراجحة التنظيمية الخضراء. حيث تزيد الحكومات الغربية الضغط على الشركات الكبرى لخفض انبعاثات الكربون.

قبل 12 عاما، كانت عبارة "البنك السيء" سائدة بين المستثمرين.
تركت الأزمة المالية عام 2008 الميزانيات العمومية للمجموعات المالية الغربية مسممة بأصول تفتقر إلى الملاءة - لكن لم يكن من الواضح كيفية تحديد ذلك أو إدارته. لذلك استخدمت كيانات مثل "يو بي إس" و"سيتي وأر بي إس" و"ويست إل بي" تقنيات مختلفة لتحصين هذه الأصول السامة في "البنوك السيئة". وكان الهدف هو توضيح المشكلة ومنع انتقال العدوى إلى الميزانية العمومية بالكامل - ثم التخلص من تلك الأصول.
غالبا ما كانت تجري الأمور بشكل جيد. ويسعى بعض الممولين الآن مثل لاري فينك الرئيس التنفيذي لشركة "بلاك روك"، إلى إحياء هذا المفهوم - وإن لم يكن من خلال قروض الرهن العقاري البنكية التي تفتقر إلى الملاءة، ولكن من خلال الأصول في الميزانيات العمومية لشركات الصناعة والطاقة التي تعد سامة من ناحية مالية وحرفية.
وعلى نحو أكثر تحديدا، أخبر فينك معهد التمويل الدولي أخيرا، أنه سيكون من المنطقي أن تنشئ الصناعة "بنوكا سيئة" يمكن من خلالها تحصين الأنشطة التي تصدر انبعاثات كربونية كثيفة، مثل الفحم الحراري.
وقد كرر الفكرة في اجتماعات مجموعة العشرين نهاية الأسبوع الماضي. كما أخبر مارك كارني، وهو مبعوث الأمم المتحدة الخاص للمناخ، المجتمعين أن فينك يعمل الآن مع جين فريزر الرئيسة التنفيذية لبنك "سيتي وأوليفر بات"، وهو الرئيس التنفيذي لبنك "أليانز"، لمناقشة كيفية تعامل الشركات الصناعية مع أصولها القذرة. ويكاد يكون من المؤكد أن تتم مناقشة هذه الفكرة في محادثات المناخ في غلاسكو في تشرين الثاني (نوفمبر).
هل ينبغي للمستثمرين وصناع السياسة دعم ذلك؟ الجواب، "نعم" - لكن بوجود المؤهلات. النقطة الأساسية أن مفهوم البنك السيئ ليس سوى ثاني أفضل خيار للتعامل مع تغير المناخ؛ تتمثل الفكرة الأفضل في إنشاء مجال تنظيمي متكافئ فيما يتعلق بكيفية تعامل الكيانات من جميع الشرائح مع الأصول السامة.
وتكمن المشكلة في أن عالم الشركات يعاني حاليا المراجحة التنظيمية الخضراء. حيث تزيد الحكومات الغربية الضغط على الشركات الكبرى لخفض انبعاثات الكربون. ما عليك إلا إلقاء نظرة على الإعلانات المتداولة في أوروبا الأسبوع الماضي. كما يطالب المستثمرون في الشركات العامة بالتصرف. وتقوم هيئات مثل مجموعة معايير التقارير المالية الدولية بإنشاء أطر محاسبية خضراء، التي تعهد قادة مجموعة السبع بجعلها إلزامية أخيرا. وقد دفع ذلك عديدا من الشركات العامة إلى تحديد تواريخ يأملون فيها أن يصلوا "صافي صفر" - أي خفض إجمالي انبعاثات الكربون إلى لا شيء.
الأمر مشجع للغاية حتى الآن. ولكن المشكلة تكمن في أن عديدا من الشركات المملوكة من قبل القطاع الخاص في الأسواق الغربية ليست للآن عالقة في شبكات المحاسبة هذه، أو تواجه المستوى نفسه من تدقيق المستثمرين.
وبالتالي، فهناك إغراء قوي للشركات المدرجة لبلوغ تلك الأهداف الصفرية الصافية عن طريق بيع أصولها القذرة إلى كيانات مملوكة للقطاع الخاص في الأسواق الغربية أو جهات أداء غير غربية. في الواقع، يعتقد مستشار الطاقة، وود ماكينزي، أنه منذ عام 2018، باعت مجموعات مثل "إيكسون موبيل" و"شيفرون" و"بي بي" و"رويال داتش شيل" و"توتال" و"إيني" ما يقارب الـ30 مليار دولار من أصولها القذرة لهؤلاء المشغلين - ويقدر وجود أصول بقيمة 140 مليار دولار للبيع.
هذا - بحق - يرعب دعاة حماية البيئة. حيث يجب إغلاق الأصول القذرة، وليس تحريكها للزوايا المظلمة. والأسوأ من ذلك، حقيقة أن هؤلاء الملاك الجدد يواجهون تدقيقا أقل قد يمنحهم حافزا أقل لخفض مستويات التلوث، ما يضر بالعالم ككل.
هناك حل واضح للغاية لهذا الأمر، على مجموعة العشرين أن تسرع في إيجاد مجال تنظيمي أكثر تكافؤا، ومعاملة رأس المال العام والخاص على حد سواء. كما يجب على المستثمرين في الشركات العامة أن يوجهوا اللوم على مثل هذه المبيعات للأصول.
ولكن يبدو من غير المرجح أن يحدث هذا في أي وقت قريب، أو أن شكاوى المستثمرين الغربيين وحدها ستوقف عمليات بيع الأصول المفترضة البالغة 140 مليار دولار. ولهذا السبب قد يكون نموذج "البنك السيئ" هو الخيار المطروح الأقل سوءا على الطاولة.
إذا تمكنت الشركات الغربية المدرجة في البورصة من وضع أصولها القذرة في وسائل كانت محصنة من ميزانياتها العمومية الرئيسة - ومن التزاماتها بشأن التصفية الصفرية - فقد يقلل ذلك من حوافز مبيعات الأصول السريعة.
ومن شأن هذا أن يمنح المستثمرين والحكومات مزيدا من الوضوح بشأن المشكلة، وقد يؤدي إلى إطلاق بعض السياسات المشتركة التي تشتد الحاجة إليها. ويتمثل أحد خيارات التعامل مع الفحم الحراري، على سبيل المثال، في أن تشتري الحكومات المناجم بأسعار منخفضة، وتغلقها بطريقة مدروسة، بينما تصنع شبكات أمان لمساعدة المجتمعات الضعيفة.
ولا يخلو هذا النهج من المخاطر والعيوب. فإذا تركت الأصول القذرة دون مساس في الكيانات المحصنة، دون بذل أي جهد لتقليل الانبعاثات، فلن يكون الأمر أكثر من مجرد تمويه أخضر. ولا ينبغي استخدامه لإضعاف محاولات إيجاد ساحة لعب أكثر تكافؤا.
ومع ذلك، فإن واقع الأمر أن عديدا من الشركات الصناعية وشركات الطاقة والمرافق والتنجيم تعيد بالفعل هيكلة نفسها لإنشاء بعض القيود على الأصول القذرة. وعلى سبيل المثال، "روسال"، وهي مجموعة الطاقة الروسية التي قامت أخيرا بفصل مصاهرها ومصافيها عالية الكربون إلى شركة جديدة، حيث يمكنها تركيز طاقاتها على تطوير مشروع الألمنيوم "الأخضر".
لذلك إذا أراد صانعو السياسة الغربيون والنشطاء البيئيون منع الأصول السامة من التسرب إلى الأماكن المظلمة، يترتب عليهم إيجاد طريقة أفضل للتعامل مع السم. البنوك السيئة ليست حلا كافيا. لكنها قد تساعد على تقليل مخاطر المراجحة التنظيمية التي ستضر بنا جميعا - حتى أكثر من عام 2008.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES