FINANCIAL TIMES

"تايجر كبز" .. كيف بنى جوليان روبرتسون سلالة صندوق التحوط؟

"تايجر كبز" .. كيف بنى جوليان روبرتسون سلالة صندوق التحوط؟

"تايجر كبز" .. كيف بنى جوليان روبرتسون سلالة صندوق التحوط؟

كان هدف روبرتسون هو العثور على أفضل 20 سهما للشراء وأسوأ 20 سهما للمراهنة عليها من خلال البيع على المكشوف.

عندما تسبب انهيار أركيجوس كابيتال في إحداث فجوة تزيد قيمتها على عشرة مليارات دولار في مجموعة من البنوك، برز سطر واحد في سيرة مؤسسها بيل هوانج: "تايجر مانجمنت".
قبل انهيار شركة الاستثمار الخاص في مارس، كان هوانج شخصية غامضة اشتهرت بإقراره بالذنب في تهم الاحتيال الإلكتروني عام 2012. وقد ذهل زملاؤه المستثمرون من أنه استطاع النجاة من ذلك لتأمين 50 مليار دولار في قروض من بنوك قوية للغاية لتدعيم وتعزيز ما ثبت أنه رهانات مشؤومة.
لكن خلفيته كمدير صندوق سابق في تايجر وضعت هوانج الذي عمل في "تايجر مانجمنت" ومقرها نيويورك من 1996 إلى 2001 من ضمن أبرز أصحاب صناديق التحوط. كان هذا يعني أنه تعلم مهنته في مجموعة تشتهر بالعائدات المذهلة والمراهنات المركزة على الأسهم، حيث كان تحت رعاية جوليان روبرتسون، رائد صندوق التحوط في الثمانينيات. الفشل الذريع في "أركيجوس" يبرز كيف أنه بعد عقود من إغلاق تايجر أمام المستثمرين الخارجيين، لا يزال لدى ما يسمى تايجر كبز التابع لروبرتسون من المكانة المميزة ما يؤهله لفتح الأبواب أمام أرقى البنوك والمستثمرين في العالم.
قال سمسار رئيس في أحد البنوك التي خسرت أموالا من انهيار أركيجوس: "إذا كنت تنحدر من سلالة تايجر، فهذا يساعد على إقناع أي شخص بالتعامل معك".
هوانج هو الاستثناء الذي يثبت القاعدة في مجموعة من المديرين حققت مليارات الدولارات للعملاء. وبعضهم الآن من بين أعلى المستثمرين تقييما في العالم.
قال ديكسون بوردمان، الرئيس التنفيذي لشركة أوبتيما لإدارة الأصول، الذي عمل مع روبرتسون في شركة الوساطة Kidder, Peabody & Co قبل أن ينشئ روبرتسون صندوق تايجر عام 1980: "لا يوجد متجر في تاريخ إدارة الاستثمار أنتج عددا أكبر من الأشخاص الهائلين".
ينتشر تأثير تايجر عبر التمويلات العالمية. نحو 200 من شركات صناديق التحوط تستطيع أن تتبع أصولها إلى تايجر مانجمنت، وفقا للمستثمر LCH Investments. وهي مرتبطة إما خلال الزمن في صندوق التحوط الأصلي، المجموعات الـ 50 أو نحو ذلك حيث قدم روبرتسون رأس المال الأولي لإطلاق أعمالهم، أو ما يسمى بالأشبال "الأحفاد" الذين انفصلوا عن شركات الخريجين. فقط صندوق التحوط التابع لجورج سوروس، Soros Fund Management يقترب من احتضان هذا العدد الكبير من اللاعبين الرئيسين في الصناعة، وفقا لـ LCH.
حتى الآن، لا تزال الرابطة قوية بين روبرتسون الذين تحت رعايته، وغالبا ما يشغلون مناصب مماثلة. قال روبرتسون، 88 عاما، لصحيفة فاينانشيال تايمز في مقابلة نادرة: "بيل هوانج صديق جيد، وأنا أعرف بيل جيدا. أعتقد أنه ارتكب خطأ وأتوقع أنه سيخرج منه وسيواصل العمل على الفور".
هل ساعد نسب هوانج المميز في "تايجر" بإقناع البنوك بإقراضه هذه المبالغ الكبيرة من المال؟ قال روبرتسون "لا أعرف. لا أستطيع الإجابة على هذا السؤال". رفض هوانج التعليق من أجل هذا المقال.
كان سجل تايجر استثنائيا، مع 14 عاما من التفوق على السوق الأمريكية مدفوعا بصفقات لافتة للنظر مثل بيع النحاس على المكشوف أثناء تراجعه عام 1996 أو المراهنة على البات التايلاندي في العام التالي. وحقق متوسط عوائد سنوية يزيد على 25 في المائة باستثناء الرسوم بين عامي 1980 و2000، عندما أعاد رأس المال إلى المستثمرين. رفض روبرتسون احتضان أسهم الإنترنت خلال ازدهار الإنترنت في أواخر التسعينيات وخسر 19 في المائة عام 1999 قبل أن تثبت وجهة نظره في النهاية أنها صحيحة.
قال دانيال ستراكمان، مؤلف كتاب جوليان روبرتسون: Julian Robertson A Tiger in the Land of Bulls and Bears.: "بطريقة غريبة يلامس جوليان روبرتسون أصولا تحت الإدارة بتريليونات الدولارات نظرا لوجود عدد كبير جدا من الأشخاص الذين عملوا معه بشكل مباشر أو غير مباشر".
يجادل بعض المعلقين بأن الهالة حول "تايجر كبز" مبالغ فيها أو تراجعت في الأعوام الأخيرة، وبعض الأساليب التي كانت رائدة في الأيام الأولى في "تايجر مانجمنت" أصبحت الآن شائعة. في الآونة الأخيرة، على سبيل المثال، كان كثير من هؤلاء المديرين متفائلين بشأن أسهم النمو الأمريكية وهي تداولات إجماع خلال فترة أدى فيها التيسير النقدي غير المسبوق إلى ارتفاع أسواق الأسهم. لكن قلة هم الذين يستطيعون التشكيك في نجاح بعض الأشبال الأصليين.
قال جيم نويمان، كبير مسؤولي الاستثمار في ساسكس بارتنزر التي تقدم المشورة للعملاء بشأن استثمارات صناديق التحوط: "معدل نجاح العالم الكلي ليس بعيدا عن معدل نجاح مجتمع صناديق التحوط. لكن الصناديق التي نجحت على المدى الطويل كانت ناجحة بشكل غير عادي ومرنة في الأسواق المتغيرة".

ترتيب "طاولة الملك"

يظل كثير من الأشبال أصدقاء حميمين مع بعضهم بعضا ومع روبرتسون، وقد طوروا أساليب استثمار مماثلة تعلموها منه. وهو نهج مخادع بسيط: استخدام البحوث الأساسية لشراء أفضل الشركات والمراهنة ضد الأسوأ.
أخبر روبرتسون "فاينانشيال تايمز" أن عملية التوظيف الصارمة كانت أساسية. وقال: "أعتقد أنهم كانوا أشخاصا موهوبين وقمنا بملاحقتهم بطريقة مدروسة ومخطط لها للغاية. تم انتقاؤهم بعناية فائقة".
قال فيليب لافونت، مؤسس شركة كوتو كابيتال، واحدة من أبرز شركات تايجر كابز التي تدير 50 مليار دولار، إن تركيز تايجر على توظيف "الأشخاص الذين كانوا على دراية جيدة بدلا من المختصين" كان بمنزلة "الصلصة الخاصة" التي "أوجدت ثقافة من الأشخاص الذين كانوا منافسين وفضوليين ومنفتحين".
كان اللاعب الرئيس في هذه العملية الدكتور آرون ستيرن، وهو محلل نفسي عمل في أدوار مختلفة في الشركة بما في ذلك كبير الإداريين التشغيليين لمدة 30 عاما. كان الدكتور ستيرن، الذي توفي في أبريل عن 96 عاما، خبيرا بارزا في اضطراب الشخصية النرجسية وكتب كتابا مؤثرا عام 1979 بعنوان Me: The Narcissistic American.
قال بوردمان من أوبتيما: "كان ستيرن رجلا رائعا تماما. سيكون من المبالغة القول إنه كان مسؤولا عن نجاح جوليان ... لكنه كان الشخص الذي حدد من ينبغي أن يكون هناك، ومن ينبغي أن يكون على طاولة الملك".
استعان روبرتسون بالدكتور ستيرن في أوائل التسعينيات لتطوير طريقة منهجية لتكرار النجاح المبكر لشركة "تايجر مانجمنت" في توظيف محللين شباب موهوبين، وكان يعتمد حتى ذلك الحين على غريزة روبرتسون. الاختبار للمتقدمين كان يتألف من نحو 450 سؤالا واستغرق أكثر من ثلاث ساعات.
قال روبرتسون: "كان مهما للغاية لأنه قدم أداء جيدا حقا ... أعني أسلوب التوظيف الذي استخدمناه".
يمكن أن تشمل الأسئلة اختبار Rorschach، الذي تم تطويره عام 1921 لاكتشاف الاختلالات العقلية. كما صمم ستيرن الاختبارات حيث لا يتمكن المتقدمون من التلاعب بها من خلال تقديم الإجابات التي اعتقدوا أن تايجر يريدها.
قال مدير محفظة سابق خضع للاختبار: "كانت بعض الأسئلة مفتوحة. كانت على غرار: هل من المهم أن تنسجم مع فريقك أم تتحداهم؟ هل تفضل أن تكون على صواب عقليا لكنك تخسر المال أو أن تكون مخطئا من الناحية الفكرية مع إنقاذ عملية التداول؟"
كان الهدف تحديد كيف يفكر المتقدمون أو يخاطرون أو يعملون في فرق. كانت العملية نتاج عصرها، كان الموظفون بأغلبية ساحقة من الذكور وليس هناك "نمرات" بارزة فيما يظل حتى يومنا هذا صناعة كثيفة الذكور. ومع ذلك برزت عملية التفكير على أنها غريبة. بدلا من مجرد محاولة العثور على الأشخاص الأكثر ذكاء، بحث تايجر عن الأشخاص الذين يتمتعون بقدرة تنافسية عالية وتفوقوا في مجالات مثل الرياضة.
قال أليكس روبرتسون، نجل جوليان ورئيس تايجر مانجمنت اليوم: "بمجرد أن يحصل شخص ما على قدر معين من معدل الذكاء، لم يكن ذلك مناسبا كما تعتقد لنجاحه".

وجهان للعملة

عمل المحللون الأصغر سنا جنبا إلى جنب مع أقرانهم الأكثر خبرة لتعلم مهنتهم. عمل الجميع بجد، والبعض كان يعمل حتى 14 ساعة في اليوم ويعملون أيام السبت. قامت الشركة ببناء صالة ألعاب رياضية، يزورها جوليان يوميا، في الطابق العلوي من مقرها الرئيس 101 Park Avenue لمساعدة الموظفين على التخلص من التوتر.
قال لي إينزلي، مؤسس شركة مافريك كابيتال: "كنا محللين صغارا ومحللين ذوي قدرة تنافسية عالية، نتنافس ضد أشخاص في شركات أخرى عملوا لمدة سبع ساعات في اليوم واعتادوا على تناول وجبات غداء مكونة من كأسين من المارتيني".
كانت الشركة حريصة على تشجيع المحللين على مشاركة الأفكار وتحديها بشكل غير رسمي، وغالبا ما يتجولون في مكاتب بعضهم بعضا لمناقشة الاستنتاج بشأن سهم معين. مكتب جوليان الخاص في الزاوية، وهو حاوية زجاجية في الطابق العلوي، لم يكن بها باب -وهو شيء مصمم لتشجيع موظفيه على التحدث معه. قال لافونت من "كوتو": "يمنحك جوليان في وقت مبكر القدرة على التركيز على أن تكون صادقا فكريا".
"في كل شيء كان يضطرك إلى رؤية كلا الجانبين من النقاش. لم يكن هناك متعصبون على الإطلاق -كل عملة لها وجهان. إذا اعتقد جوليان يوما أنك أصبحت رافضا للجانب الآخر من القصة، فحينئذ ينظر إليك على أنك غير مستعد- لأنه كان ينظر إليك على أنك قصير النظر أو ضيق الأفق في أسلوبك" بحسب لافونت.
كان للدكتور ستيرن دور رئيس في حل المجادلات بين المحللين وشرح كيفية إدارة جوليان للشركة. قال أليكس روبرتسون: "كان شخصا رائعا مختصا في الحلول وحلالا للمشكلات. وكان يحرص على تكاتف الجميع معا كفريق واحد".
لم تتحول كل الأشبال إلى أصحاب صناديق مثل "فايكنج" أو "كوتو" أو "تايجر جلوبال". بصرف النظر عن هوانج، الذي وصفه أحد المستثمرين الذي قابله في "تايجر مانجمنت" بأنه متكتم للغاية وغريب، فقد قام آخرون مثل توم فاشيولا، صاحب تايجر شارك وسكوت فيليبس صاحب لاتيمر لايت من بإغلاق أبوابهم في الأعوام الأخيرة.
على عكس جوليان روبرتسون، لم يكن الدكتور ستيرن محبوبا بشكل عام في إدارة تايجر، كما قال المطلعون. كشخصية قوية ومهيمنة، يمكن أن يثير الاستياء من مقدار التأثير الذي كان يمارسه على مؤسسها. قال شخص مقرب من الشركة: "بعض الناس رأوه على أنه مدرب لجوليان".
قالت بيتي لي، زوجة المحلل النفسي، التي وصفت الاثنين بأنهما صديقان دائمان، إن ستيرن "كان يحب العمل جنبا إلى جنب" روبرتسون، ولا سيما في الأمور الخيرية مثل الأبحاث الطبية وإصلاح التعليم.

نهج طويل الأمد

تشتهر "تايجر مانجمنت" وأشبالها بنظرتهم طويلة المدى وأبحاثهم المتعمقة حول الشركات، والتحدث إلى العملاء والمنافسين لاكتساب نظرة ثاقبة. كان هدف روبرتسون هو العثور على أفضل 20 سهما للشراء وأسوأ 20 سهما للمراهنة عليها من خلال البيع على المكشوف. كان لدى تايجر عادة رافعة مالية بحدود 100 في المائة، ما يعني أن تعرض السوق الإجمالي قد يصل إلى 230 في المائة.
في حين أن التقييمات كانت مهمة، فقد يكون ذلك في كثير من الأحيان ثانويا لعوامل مثل موقع الشركة في الصناعة والعوائق التي تحول دون الدخول. قال لافونت: "لم يتم بناء أطروحة الاستثمار قط حول ما إذا كانت الشركة ستحقق أداء جيدا أو سيئا خلال الربع التالي. بل كان دائما تركيزا طويل الأجل، على أفق زمني من ثلاثة إلى خمسة أعوام".
جرى اتباع نهج مماثل من قبل الأشبال مثل شركة "تايجر جلوبال" برئاسة كولمان، ولافونت، ومافريك برئاسة إينزلي الذين أدى دعمهم لشركات التكنولوجيا التي يمكن اعتبارها مكلفة وفقا لمقاييس التقييم التقليدية إلى تحقيق مكاسب ضخمة. وقد توسع الثلاثة جميعا ليشملوا شركات خاصة سعيا وراء فرص أوسع.
المستثمرون الذين وقعوا مع كولمان عندما أطلق تايجر تكنولوجي، واسمها الآن تايجر جلوبال، في عام 2001 بعمر 25 عاما سيحصلون على 43 مرة ضعف استثمارهم الأولي. قال كولمان إن إرشاد روبرتسون منح الأشبال "الثقة لتحمل المخاطر عندما حددنا فرصا فريدة".
وقال أشخاص مطلعون على الشركة إن شركة "ماتريكس كابيتال" التي يمتلكها ديفيد جويل وجمعت نحو مليار دولار فقط من المستثمرين، نمت إلى ما يقرب من سبعة مليارات دولار من خلال مكاسب الأداء.
قال بيير هنري فلامان، مستشار استثمار أول لدى مان "جي إل جي"، جزء من مجموعة مان لإدارة الاستثمارات المدرجة. "قدرة جوليان روبرتسون على توظيف محللين شباب، وتدريبهم على الاستثمار في الأسهم والسماح لهم بالازدهار كشركات منفردة أمر فريد، نظرا للنجاح الذي حققه كثير من تايجر كبز. سيكون هذا إرثه".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES