FINANCIAL TIMES

ما حدث في مختبر ووهان يهدد بآثار طويلة الأمد

ما حدث في مختبر ووهان يهدد بآثار طويلة الأمد

الأسئلة حول ما كان يحدث في مختبر ووهان قبل تفشي كوفيد - 19 تهدد بأن يكون لها تأثير طويل الأمد.

في عام 2004، وقعت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها اتفاقية مع مركز الأنفلونزا الوطني الصيني لمساعدة الصين على تحسين تحليلها لسلالات الأنفلونزا الموسمية. على مدى الأعوام العشرة التالية، تحولت المعركة ضد المرض. دربت الولايات المتحدة ما يقارب من 2500 عالم صيني وساعدت على فتح عشرات المختبرات في جميع أنحاء البلاد، وهو تعاون أثبت أنه فعال في تحسين فعالية لقاح الأنفلونزا الموسمية من 10 إلى أكثر من 50 في المائة.
الآن، يشعر العلماء بالقلق من أن التعاون من هذا النوع يتعرض للتهديد، إذ يقع تحت الخطر بسبب الشكوك المتبادلة بين الحكومتين التي تفاقمت بسبب الخلاف الأخير حول ما إذا كان كوفيد - 19 قد أتى من تسرب من مختبر في ووهان.
قال الدكتور أنتوني فاوتشي، كبير المستشارين الطبيين للرئيس جو بايدن، لـ "فاينانشيال تايمز": "لقد تعاملنا مع العلماء الصينيين لعقود وعقود بطريقة تعاونية للغاية. سيكون عارا على الصينيين والولايات المتحدة والعالم بأسره إذا توقف ذلك".
يصنف مؤشر نيتشر العلاقة العلمية بين الولايات المتحدة والصين على أنها العلاقة الأكثر خصوبة أكاديميا في العالم.
ازداد حجم البحوث المشتركة التي تم إجراؤها في العقد الأول من القرن الـ 21، مع انفتاح الصين واستثمارها أكثر في قدراتها البحثية العلمية.
وبين عامي 2005 و2017، قفز عدد الأوراق البحثية التي كتبها باحثون أمريكيون وصينيون في مجلات عالية الجودة ستة أضعاف، وفقا لبحث قاده كونج كاو في كلية إدارة الأعمال في جامعة نوتنجهام في الصين. ووجد البحث نفسه أن عدد العلماء في الولايات المتحدة الذين كانوا سابقا في الصين تضاعف تقريبا من 2010 إلى 2017.
بعض الأعمال المنتجة بشكل مشترك غيرت العالم. بين عامي 1993 و1995، قادت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها مشروعا بحثيا في الصين وجد مستويات أقل من العيوب الخلقية لدى الأطفال حديثي الولادة الذين كانت أمهاتهم يتناولن حمض الفوليك لمدة 28 يوما قبل الحمل وبعده. ثم بدأت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية في مطالبة مصنعي المواد الغذائية بإضافة حمض الفوليك إلى المواد الغذائية الأساسية مثل الخبز والدقيق والأرز. ونتيجة لذلك، انخفض معدل العيوب الخلقية عند الأطفال حديثي الولادة في الولايات المتحدة بنحو 1300 سنويا.
قالت ديبورا سيليجسون، الأستاذة المساعدة في العلوم السياسية في جامعة فيلانوفا ومسؤولة سابقا في وزارة الخارجية: "لم يكن هذا البحث ممكنا في الولايات المتحدة، حيث يذهب الجميع إلى طبيب خاص وتكون البيانات غير منظمة بدرجة أكبر".
كذلك تحققت نجاحات في مجالات بحثية علمية لا علاقة لها بالصحة. منذ عام 2009، عملت الدول معا في مشروع لتحويل المفاعلات النووية الصينية من استخدام اليورانيوم المخصب المستخدم في صنع الأسلحة إلى درجات وقود أقل بكثير التي لا يمكن سرقتها واستخدامها في الصواريخ الباليستية.
مع ذلك، كانت عناصر البحث الأخرى أكثر إثارة للجدل. غالبا ما تتهم وكالات إنفاذ القانون الأمريكية الصينيين باستخدام مشاريع تعاونية لسرقة التكنولوجيا الأمريكية الحساسة. في العام الماضي، اتهمت الولايات المتحدة تشارلز ليبر، رئيس قسم الكيمياء والبيولوجيا الكيميائية في جامعة هارفارد، بالتستر على حقيقة أنه كان يحصل على 50 ألف دولار من جامعة ووهان للتكنولوجيا.
أثار الاعتقال احتجاجات من أقران ليبر، الذين قالوا إن مقاضاته كانت غير عادلة وتثبط التعاون العلمي بين الولايات المتحدة ودول أخرى. لكنها كانت جزءا من حملة أوسع من إدارة ترمب، والمعروفة باسم مبادرة الصين التي تهدف إلى التخلص من الباحثين في الولايات المتحدة الذين كانوا يساعدون على نقل الأسرار العلمية إلى الصين.
رغم أن مبادرة الصين قد تعمق التعاون في الأعوام الأخيرة، حتى بعد انتشار الجائحة. وجد تقرير صادر عن كارولين واجنر، الأستاذة المساعدة في الشؤون العامة في جامعة ولاية أوهايو، أن عدد الأوراق البحثية الأمريكية الصينية التي تبحث تحديدا في فيروسات كورونا قد زاد في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2020. وانخفض حجم العمل التعاوني في وقت لاحق من العام التالي لأمر بكين بمراجعة جميع الأبحاث المتعلقة بكوفيد من الحكومة قبل نشرها.
الأسئلة حول ما كان يحدث في مختبر ووهان قبل تفشي كوفيد - 19 تهدد بأن يكون لها تأثير طويل الأمد. كثير من الخبراء انتقدوا حقيقة أن الولايات المتحدة كانت تمول إجراء بحث محفوف بالمخاطر في الآثار المحتملة لفيروسات كورونا المرتبطة بالخفافيش على البشر في مختبر ووهان وتساعد فيها -حتى لو لم يكن هذا البحث بالضرورة سبب الجائحة. كانوا قلقين خصوصا عندما تم الكشف عن أن بعض هذا العمل قد تم تنفيذه على المستوى الثاني من السلامة البيولوجية، وهو ما يعادل تقريبا مكتب طبيب أسنان في الولايات المتحدة.
قال مارك ليبسيتش، أستاذ علم الأوبئة في جامعة هارفارد: "لا يمكن السماح بحدوث هذا النوع من العمل الذي تم تنفيذه على مستوى ثان من السلامة البيولوجية. يجب أن يؤدي ذلك إلى إلغاء تمويل عملك وأبحاثك. كانت هناك بعض ممارسات السلامة الفظيعة للغاية التي يجب إيقافها".
ومع ذلك، يشعر البعض بالقلق من أنه حتى المجالات الآمنة نسبيا للتعاون العلمي يمكن أن تكون في خطر. أوضح دينيس سيمون، المدير التنفيذي لمركز سياسة الابتكار في جامعة ديوك: "يوقف مسؤولو الجامعة الآن جميع أنواع المشاريع لأنهم خائفون من العناوين الرئيسة التي تشير بأي شكل من الأشكال إلى أن علماءهم يشاركون في أي شيء غير قانوني".
وحذر آخرون من أنه من خلال التركيز كثيرا على المنشأ المتنازع عليه لجائحة فيروس كورونا، يمكن أن تعرض الولايات المتحدة نوع العمل الذي قد يساعد على منع الجائحة التالية للخطر. قال سيليجسون من جامعة فيلانوفا: "ما تظهره أبحاث الأنفلونزا أن مراقبة الفيروسات مهمة للغاية. البحث المشترك بين الولايات المتحدة والصين حول فيروسات كورونا للخفافيش سيكون أكثر أهمية بعد هذه الجائحة، وليس أقل أهمية".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES