FINANCIAL TIMES

اعتراضات على التفكير الجماعي

اعتراضات على التفكير الجماعي

في شهادته البرلمانية الحماسية الأسبوع الماضي، ألقى دومينيك كامينجز، كبير مستشاري رئيس الوزراء السابق، باللوم على كثير من الأشخاص والأشياء المختلفة لفشل المملكة المتحدة في محاربة كوفيد - 19 بما في ذلك التفكير الجماعي.
من غير المرجح أن يقوم الفكر الجماعي بالرد عليه. فهو يتمتع أصلا بسمعة سيئة تعززت صورتها السلبية بما تثيره في الذهن من ممارسات، ويستخدم المصطلح كثيرا لدرجة أنني بدأت أخشى أن يكون لدينا تفكير جماعي حول التفكير الجماعي.
فلنعد إلى الوراء قليلا. اشتهر في عام 1972 في كتاب من عالم النفس إيرفينج جانيس. فقد كان مفتونا بفشل عملية خليج الخنازير عام 1961، حيث اتخذت مجموعة من الأشخاص الأذكياء تماما في إدارة جون إف كينيدي سلسلة من القرارات السخيفة تماما لدعم انقلاب فاشل في كوبا. كيف حدث ذلك؟ كيف يمكن لمجموعات من الأذكياء أن تفعل مثل هذه الأشياء الغبية؟
استعارة مفيدة من سكوت بيج، مؤلف كتاب "الاختلاف"، وهو كتاب عن قوة التنوع، هي فكرة صندوق الأدوات المعرفية. صندوق الأدوات الجيد ليس مثل صندوق الأدوات المليء بالأدوات الجيدة: 20 مطرقة عالية الجودة لن تقوم بالمهمة. بدلا من ذلك، ما نحتاج إليه هو التنوع: مطرقة، كماشة، منشار، مجموعة من مفكات البراغي وما إلى ذلك.
هذا واضح بما فيه الكفاية، ومن حيث المبدأ، ينبغي أن يكون واضحا في عملية اتخاذ القرار: تحتاج المجموعة إلى نطاق متنوع من الأفكار والمهارات والخبرة ووجهات النظر. ومع ذلك، عندما تضع ثلاث مطارق في لجنة التوظيف، فمن المحتمل أن يقوموا بتوظيف مطرقة أخرى. هذا الطابع المثلي -أن نصاحب أشخاصا مثلنا- الخطيئة الأصلية في اتخاذ القرار الجماعي، وليس هناك لغز حول كيفية حدوث ذلك.
لكن الأمور تسوء. إحدى المشكلات، التي بحثها كاس سنشتاين ورايد هاستي في كتابهما Wiser، أن المجموعات تكثف التحيزات الموجودة. نظرت إحدى الدراسات في المناقشات الجماعية حول الموضوعات التي كانت مثيرة للجدل آنذاك (تغير المناخ، والعمل الإيجابي) من قبل مجموعات في بولدر، كولورادو، وفي كولورادو سبرينجز ذات الميول اليمينية.
ضمت كل مجموعة ستة أفراد لديها نطاق متنوع من وجهات النظر، لكن بعد مناقشة تلك الآراء مع بعضها بعضا، اندفعت مجموعات بولدر بحدة إلى اليسار وتجمعت مجموعات كولورادو سبرينجز بشكل مشابه إلى اليمين، وأصبحت أكثر تطرفا واتساقا ضمن المجموعة. في بعض الحالات، كانت النظرة الناشئة للمجموعة أكثر تطرفا من وجهة النظر السابقة لأي عضو بمفرده.
أحد أسباب ذلك هو أنه عندما يكون الناس محاطين بأشخاص من العقلية نفسها، فإنهم يصبحون أكثر ثقة في آرائهم الخاصة. بمعنى أنهم يشعرون بالاطمئنان من دعم الآخرين. في هذه الأثناء، يميل الأشخاص الذين لديهم آراء مخالفة إلى التزام الصمت. قلة من الناس يتمتعون أن يغلبوا عدديا على الملأ ونتيجة لذلك، ظهر إجماع خاطئ، مع قيام المنشقين المحتملين بمصادرة أفكارهم واكتساب بقية المجموعة إحساسا بالإجماع في غير محله.
درست تجارب كولورادو الاستقطاب، لكن هذه ليست مجرد مشكلة استقطاب. تميل المجموعات إلى البحث عن أرضية مشتركة حول أي موضوع من السياسة إلى الطقس، وهي حقيقة كشفت عنها تجارب علم النفس "الملف الشخصي المخفي". في مثل هذه التجارب، تعطى المجموعات مهمة (على سبيل المثال، اختيار أفضل مرشح لوظيفة ما) ويعطى كل عضو في المجموعة أجزاء مختلفة من المعلومات.
قد نرجو أن يشارك كل فرد بكل شيء يعرفه، لكن ما يحدث غالبا أن يركز الناس، بشكل متكرر، على ما يعرفه الجميع بالأصل، بدلا من الكشف عن الحقائق المعروفة لفرد واحد فقط. والنتيجة كارثة في عملية صنع القرار.
تشير دراسات "الملف الشخصي المخفي" هذه إلى لب المشكلة: فالمناقشات الجماعية لا تتعلق فقط بمشاركة المعلومات واتخاذ قرارات حكيمة. فهي تدور حول التماسك -أو على الأقل إيجاد أرضية مشتركة للدردشة حولها.
عند قراءة كتاب شارلان نيميث بعنوان "لا، قوة الخلاف في عالم يريد الانسجام"، نجد أن أحد المواضيع أنه بينما تؤدي المعارضة إلى قرارات أفضل وأكثر قوة، فإنها تؤدي إلى الانزعاج وحتى القلق. الخلاف قيم لكن الاتفاق يجعلك تشعر براحة أكبر بكثير.
لا يوجد نقص في الحلول لمشكلة التفكير الجماعي، لكن سرد هذه الحلول يعني فهم سبب تجاهلها في كثير من الأحيان. الأول والأبسط تبني عمليات صنع القرار التي تتطلب الخلاف: تعيين محامي الشيطان الذي وظيفته أن يكون معارضا، أو يمارس العمل الجماعي الأحمر، مع مجموعة داخلية تتمثل مهمتها في لعب دور الفاعلين المعادين (المتسللين أو الغزاة أو ببساطة النقاد) وإيجاد نقاط الضعف. تشير الأدلة إلى أن العمل الجماعي الأحمر يعمل بشكل أفضل من وجود مدافع عن الشيطان، ربما لأن المعارضة تحتاج إلى قوة من حيث العدد.
هناك إصلاح أعمق يتمثل في ضمان وجود تنوع حقيقي في المهارات والخبرات ووجهات النظر في الغرفة: مفكات البراغي والمناشير وكذلك المطارق. يبدو أن هذا صعب للغاية. عندما يتعلق الأمر بالتفاعل الاجتماعي، فإن القول المأثور خاطئ: الأضداد لا تتجاذب. نحن نحيط أنفسنا دون وعي بأشخاص متشابهين في التفكير.
بالتأكيد، لا تكون العملية دائما غير واعية. كان من الممكن أن تضم حكومة بوريس جونسون جريج كلارك وجيريمي هانت، وهما من كبار نواب حزب المحافظين الذين يرأسون اللجان التي قدم لها دومينيك كامينجز شهادته حول التفكير الجماعي. لكنها لم تفعل ذلك. لماذا؟ لأنهما يختلفان معه كثيرا.
يمكن للمجموعات الصحيحة، مع العمليات الصحيحة، اتخاذ قرارات ممتازة. لكن معظمنا لا ينضم إلى المجموعات لاتخاذ قرارات أفضل. نحن نضم إليها لأننا نريد أن ننتمي. يستمر التفكير الجماعي لأن التفكير الجماعي يجعلك تشعر بالارتياح.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES