تقارير و تحليلات

السعودية تنجح في تقنين انكشاف محفظة استدانتها على الفائدة المتغيرة .. "الثابتة" تخفف المخاطر

السعودية تنجح في تقنين انكشاف محفظة استدانتها على الفائدة المتغيرة .. "الثابتة" تخفف المخاطر

أظهر رصد لـ"الاقتصادية" استمرارية السعودية في السير نحو استراتيجيتها الهادفة لتقليل نسبة انكشافها على الفائدة "المتغيرة"، التي تتبع مؤشرا تسعيريا استرشاديا، وذلك من 27 في المائة من إجمالي محفظة الاستدانة في 2018 إلى 18 في المائة بنهاية 2020.
ويأتي التقنين التدريجي المستمر على أساس سنوي بفعل منهجية "المركز الوطني لإدارة الدين" الرامية لتخفيف مخاطر العائد المتغير على محفظة الاستدانة العامة، علما أن نسبة الديون ذات العائد المتغير بلغت 22 في المائة بنهاية 2019.
وأظهرت وثيقة خطة الاقتراض السنوية، التي اطلعت عليها "الاقتصادية"، أن استحقاق جميع ديون العوائد المتغيرة سيكون بحلول 2027.
وبذلك تتمكن الرياض من احتواء تحديات الانكشاف على تقلبات أسعار الفائدة لمحفظة الدين القائم من خلال خفض نسبة أدوات الدين ذات العائد المتغير floating rate في محفظة الاستدانة العامة.
ومعظم العقود المالية المسعرة بالفائدة المتغيرة ترتكز على حركة الفائدة المعروضة بين البنوك السعودية (السايبور)، وكذلك سعر الفائدة المعروض بين البنوك في لندن (الليبور)، الذي يعد نظير "السايبور" للفائدة المقومة بعملة الدولار، حيث لا يمكن التنبؤ بمستقبل حركة الفائدة المتغيرة من حيث الارتفاع أو الانخفاض.
أما بخصوص الفائدة الثابتة، فأظهر رصد وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية" ارتفاع نسبة نمو الفائدة الثابتة من إجمالي محفظة الدين، وذلك من 73 في المائة بنهاية 2018 إلى 82 في المائة بنهاية 2020 بعدما كانت 78 في المائة في 2019.
ويعني تسعير أدوات الدين بفائدة ثابتة أن المستثمر يعرف حجم الفوائد، التي سيتسلمها خلال فترة معينة. وتميل الجهات المصدرة نحو الفائدة الثابتة من أجل إغلاق lock in نسبة العائد الثابت خلال الأوقات، التي تكون فيها أسعار الفائدة منخفضة.
أما أدوات الدين المسعرة بفائدة متحركة أو متغيرة، فإنه يعاد تسعيرها كل ثلاثة أو ستة أشهر بحسب بمؤشر القياس المستخدم.
والسعودية لديها سندات محلية بالفائدة المتغيرة وقروض بالفائدة المتغيرة، وتم التوقف عن إصدار أدوات، الدين السيادية بالفائدة المتغيرة في 2016 وتلك السندات المحلية مدرجة في السوق المحلية لدى تداول.
من ناحية أخرى، تعود السعودية غدا إلى أسواق الدخل الثابت المحلية وسط نجاحها خلال الربع الأول في طرق باب الأسواق العالمية والحصول على تكلفة تمويل متدنية، التي تتزامن مع تزايد نمو شهية المستثمرين المحليين تجاه الأوراق المالية، التي تطرحها بالسوق المحلية.
وساهم إدراج أدوات دين جديدة بالفترة الماضية وإقبال المستثمرين في زيادة متابعة المستثمرين لأداء آجال الاستحقاق التي تباينت في أدائها الشهري.
وتدير شركة "آي.إتش.إس ماركت" IHS Markit للخدمات المالية عشرة مؤشرات رئيسة وفرعية بسوق الدين السعودي، التي بدورها تساعد مديري الأصول المحليين في إطلاق صناديق متخصصة وبآجال متفاوتة للصكوك الحكومية.
على الجانب الآخر، كشف الرصد، الذي استند إلى بيانات المركز الوطني لإدارة الدين، نجاح السعودية في زيادة قاعدة المستثمرين الدوليين 12.4 في المائة خلال 2020 لتتجاوز بذلك نسبة زيادة المستثمرين الجدد في 2019 البالغة 10 في المائة.
ولامست الزيادة في قاعدة المستثمرين الربع على أساس سنوي بفضل تنوع مصادر التمويل وجذب مستثمرين جدد، حيث ظهر أثر تلك الخطوة جوهرية بعد انعكاسها إيجابيا على تسعير أدوات الدين الجديدة أو القائمة، التي تم إدراجها بالبورصات العالمية والسوق المحلية.

أفضل الممارسات
وينتظر أن يقود التوجه الحكومي لتقنين الاستعانة بالفائدة المتغيرة الشركات السعودية من أجل تتبع أفضل الممارسات الخاصة بإصدارات الدين، وذلك نظرا لأن الفائدة المتغيرة تغلب على إصدارات تلك الشركات مع أطروحاتها الخاصة.
ويرى خبراء بنك أوف أمريكا أنه "على الشركات أن تكون نسبة ديونها المسعرة بفائدة ثابتة ما بين 50 إلى 80 في المائة".
لكن أحد أهم العوامل، التي تسهل عملية التسعير هذه هي وجود مؤشر قياس Benchmark يسترشد به، وهذا ما أصبح متوافرا حاليا بالسوق السعودية.
وهذا المؤشر كان مفقودا في أسواق الدين السعودية لأعوام طويلة قبل أن يعاود الظهور أخيرا مع إصدارات ساما من السندات في 2015.

الاستراتيجية العامة للاستدانة
وتشير استراتيجية المركز الوطني لإدارة الدين المتعلقة بالاستدانة الحكومية إلى أنه لن تطرأ تغييرات مهمة على صعيد التنويع بين مصادر التمويل الداخلية والخارجية لهذا العام، حيث سيعزز التنويع بين مصادر التمويل الداخلية والخارجية قدرة المملكة على الوصول إلى رؤوس الأموال في الأسواق المحلية والدولية.
ولن تخضع سياسة التنويع للمركز بين مصادر الديون المستحقة إلى تغييرات مع استهداف نسبة تمثل 75 في المائة إلى 55 في المائة من الدين المحلي و45 في المائة إلى 25 في المائة من الدين الدولي.
وتأسس "مكتب إدارة الدين" بمسماه القديم في الربع الرابع من 2015، ويتمثل دور المركز الوطني لإدارة الدين في تأمين احتياجات المملكة من التمويل بأفضل التكاليف الممكنة على المدى القصير والمتوسط والبعيد مع مخاطر تتوافق مع السياسات المالية للمملكة، وتحقيق استدامة وصول المملكة إلى مختلف الأسواق العالمية وبتسعير عادل.

الطرح المحلي
إلى ذلك، تطرح حكومة السعودية غدا الإثنين إصدارها الشهري من الصكوك الادخارية الخاص بشهر حزيران (يونيو)، الذي تبدأ فيه باستقبال طلبات المستثمرين، الذين يبحثون عن الاستثمار الآمن والتوزيعات الدورية المضمونة بأدوات الدخل الثابت المتوافقة مع الشريعة، ويأتي الإصدار وسط مؤشرات على إقبال واسع من المستثمرين وتداولات نشطة بالسوق الثانوية.
ويتم تسوية الإصدار المحلي، الذي يعد السادس لهذا العام، الخميس من الأسبوع الحالي.
وقررت السعودية تحديث موعد إصداراتها الشهرية من الصكوك الادخارية، وذلك للعام الثاني على التوالي، بحيث يصبح الإصدار خلال الإثنين والتسوية تصبح الخميس.
ويستطيع المستثمرون الاطلاع على مواعيد الطرح المحدثة عبر صفحة مخصصة بمنصة "بلومبيرج"، تعرف اختصارا بـDMSA، وتتناسب تلك التعديلات مع أيام عمل السوق الدولية، فيما يتعلق بإعلانات الإصدار ومواعيد التسوية. وفي السابق كان موعد الطرح الأربعاء والتسوية تكون الإثنين.
ويحتاج العاملون في إدارات الخزانة للبنوك، وكذلك المؤسسات الاستثمارية من معرفة مبكرة لموعد الطرح من أجل تخصيص المبالغ المطلوبة في ظل تدني نسبة التخصيص واشتداد المنافسة بين المستثمرين على الإصدارات الحكومية.
الإصدار المحلي للسعودية يأتي في وقت تلجأ فيه دول العالم من الأسواق المتقدمة ونظيرتها الصاعدة إلى أسواق الدخل الثابت (بشقيها الدولية والمحلية) من أجل التعامل مع الالتزامات الطارئة على ميزانية تلك الدول للتعامل مع جائحة كورونا، التي تتزامن كذلك مع خطط تحفيز الاقتصاد ودعم الوظائف.
وأسهم انخفاض أسعار الفائدة في تخفيف حدة أثر خدمة الدين العام لتلك الدول، التي تستدين وتمنح المستثمر في المقابل دفعات دورية ثابتة على أجل الاستحقاق للسندات والصكوك، التي يتم إصدارها، وبخلاف الدول الأخرى، تتعامل السعودية مع الواقع الجديد للأزمة العالمية من مركز القوة.
وبخصوص الطرح المقوم بالريال السعودي، فإنه لا يعرف حتى الآن في إذا ما كانت جهة الإصدار السيادية تنوي إعادة فتح إصدار سابق أو طرح إصدار جديد بالكامل أو مزيج بين المنهجيتين.
وجهة الإصدار تملك خيار عدم التخصيص للمستثمرين بعد تسلم طلباتهم، كما فعلت في ديسمبر 2020، حيث يعد خيار عدم التخصيص أمرا طبيعيا ومتعارفا عليه في السوق المالية.
ويأتي الطرح المحلي بعد موافقة المقام السامي في مارس 2020 على زيادة نسبة الاقتراض للناتج المحلي من 30 في المائة كسقف إلى 50 في المائة، حيث تتوقع وزارة المالية ألا يتم تجاوز تلك النسبة من الآن حتى نهاية 2022.

استحقاقات 2021
وتبلغ قيمة الإصدارات العامة، المتوافرة بياناتها، التي يحين أجل استحقاقها هذا العام ما يصل إلى 23.8 مليار ريال، معظمها حان أجل استحقاقها من أدوات الاستدانة بالعملة المحلية.
وتنوعت مصادر التمويل، التي يحن أجلها ما بين سندات تنموية ومرابحات تنموية حكومية وإصدار دولاري واحد من السندات الخمسية. وبذلك يتبقى الإصدار الدولاري بقيمة 5.5 مليار دولار، الذي يحين أجل استحقاقه في أكتوبر المقبل، وفقا لمنصة "سي بوندز" Cbonds للبيانات المالية.
ويعد هذا الإصدار متميزا، لأنه كان من ضمن باكورة إصدارات السعودية من السندات الدولية في 2016، التي لاقت ترحيبا حارا من المستثمرين الأجانب. واستندت تحليلات وحدة التقارير الاقتصادية الخاصة بمواعيد آجال الاستحقاق على البيانات، التي حصلت عليها من منصة "فاكتست" FactSet للخدمات المالية.
يذكر أن لدى "فاكتست" واحدة من أشهر منصات التحليلات المالية، التي يستعين بها المجتمع الاستثماري العالمي من أجل تقييم الأوراق المالية وبناء القرار الاستثماري.
ويهدف المركز الوطني لإدارة الدين إلى الإسهام في وضع سياسة الدين العام للمملكة وتطويرها، وتأمين احتياجات المملكة من التمويل على المدى القصير والمتوسط والبعيد، وكذلك ضمان استدامة وصول المملكة إلى مختلف أسواق الدين لإصدار أدوات الدين السيادية بتسعيرة عادلة ضمن أطر وأسس مدروسة لإدارة المخاطر.
وذلك فضلا عن متابعة شؤون التصنيف الائتماني للمملكة بالتعاون مع الجهات الحكومية ذات العلاقة وتقديم خدمات استشارية، واقتراح خطط تنفيذية للأجهزة الحكومية والشركات التي تمتلك فيها الدولة ما يزيد على 50 في المائة من رأسمالها والمؤسسات العامة في مجال اختصاص المركز.
ويأتي بما في ذلك تجميع بيانات الدين العام المباشر وغير المباشر ومعالجتها ومتابعتها، والتفاوض حول إعادة هيكلة الديون أو إعادة تسعيرها أو إعادة التعاقد عليها، أو خدمات تتعلق بسياسات التحوط، أو إدارة علاقات المستثمرين في أدوات الدين العام، أو شؤون التصنيف الائتماني، أو غيرها من الخدمات ذات العلاقة.

تعداد الصكوك الادخارية
ويبلغ تعداد الصكوك الادخارية المدرجة 42 صكا، بنهاية أبريل 2021، وفقا لمنصة "سي بوندز" للبيانات المالية التي يستعين العاملون في أسواق الدخل الثابت بمنصتها من أجل تتبع حركة مؤشرات أسواق الائتمان العالمية، فضلا عن تقييم أداء السندات، التي يستثمرون بها.
وأظهرت وثيقة حصلت "الاقتصادية" عليها، أن السعودية تنوي تمويل عجز 2021 عبر الاعتماد 87.9 في المائة (يعادل 124 مليار ريال)على ثلاث قنوات للتمويل تشمل السندات والصكوك والتمويل الحكومي البديل.
ويظهر الصعود البارز هذا العام لأحد أعمدة التمويل القادمة لحكومة المملكة والمتمثلة في "التمويل الحكومي البديل"، لتصبح تلك الأداة المالية الحديثة إحدى الأدوات الرئيسة لتعبئة الموارد الخاصة بجمع التمويل ذي الصبغة التنموية.
ويشتمل التمويل الحكومي البديل على ثلاث أدوات تمويلية وهي تمويل المشاريع، وتمويل البنى التحتية، ووكالة ائتمان الصادرات.
وعلمت "الاقتصادية" أن خطة الاقتراض السنوية، التي أعدها المركز الوطني لإدارة الدين بالنيابة عن وزارة المالية، قد تطرقت لأبرز ملامح الخطة السنوية للاقتراض وصافي احتياجات الحكومة من التمويل المتعلق في العام المالي 2021.
ووفقا لميزانية السعودية لعام 2021، تقدر متطلبات التمويل للعام الحالي بمقدار 141 مليار ريال سعودي. وعليه تخطط وزارة المالية على تمويل هذا العجز بمزيج من التمويل بمقدار 124 مليار ريال، الذي يتضمن الحفاظ على تنويع مصادر التمويل المحلي والدولي في 2021 مماثلة في شكل كبير لعام 2020.
وقنوات التمويل ستكون موزعة على إصدار السندات والصكوك والتمويل الحكومي البديل. وأشارت خطة الاقتراض السنوية أنه سيتم تمويل العجز المتوقع المتبقي من خلال الاحتياطيات الحكومية.
وعن استراتيجية الاقتراض الخارجي للسعودية لهذا العام، فهي تتمحور حول التمكين من اقتراض معظم احتياجاتها التمويلية خلال النصف الأول، حسب أوضاع السوق، وذلك لخفض مخاطر التمويل، وإتاحة المجال للجهات الحكومية والقطاع العام لاختيار الوقت المناسب لإصداراتهم الخارجية خلال العام.

عن المؤشرات
وأطلقت شركة السوق المالية السعودية (تداول) خلال النصف الأول من 2020 وبصفة رسمية ثمانية مؤشرات "فرعية" لقياس أداء أدوات الدين السيادية من السندات الإسلامية، ولتلحق تلك المؤشرات الفرعية بالمؤشر الرئيس المعروف باسم "مؤشر ايبوكس تداول صكوك حكومية بالريال السعودي".
وتبع ذلك إطلاق المؤشر العاشر، الذي يغطي السندات والمعروف باسم "مؤشر ايبوكس تداول للسندات والصكوك الحكومية".
ومن أجل توفير خيارات متعددة للمستثمرين، تم إيجاد نسختين للمؤشرات العشرة تلك لتشمل الفئة الأولى "مؤشر السعر الخالي من العوائد المستحقة CPI" والفئة الثانية "مؤشر العائد الإجمالي، الذي يتضمن الأرباح المستحقة TRI".
أي أن الفئة الأولى من المؤشر تعني أن أداء المؤشر لن يضع في الحسبان التوزيعات الدورية التي سيتسلمها المستثمرون من توزيعات أدوات الدخل الثابت، التي سيستخدمونها لأغراض أخرى، في حين تضع الفئة الثانية في الحسبان إعادة استثمار التوزيعات الدورية بسعر المؤشر.
وينتظر لمديري الصناديق الاستثمارية، الذين يستثمرون بين 25 في المائة إلى 90 في المائة من قيمة أصول تلك الصناديق بالصكوك المقومة بالريال، أن تستفيد من تلك المؤشرات العشرة من أجل قياس أداء تلك الصناديق، مقارنة بأحد تلك المؤشرات ذات الصلة.
وتم تقسيم سلسلة مؤشرات "ايبوكس تداول للصكوك الحكومية بالريال السعودي" إلى عدة مؤشرات استحقاق فرعية، ما يساعد على تتبع أداء الصكوك الحكومية قصيرة وطويلة الأجل من أقل من عام إلى أكثر من عشرة أعوام.

وحدة التقارير الاقتصادية

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من تقارير و تحليلات