FINANCIAL TIMES

كيف حقق الادعاء فوزا صعبا في قضية مقتل فلويد؟

كيف حقق الادعاء فوزا صعبا في قضية مقتل فلويد؟

كيث إليسون، المدعي العام لولاية مينيسوتا.

من المعروف أن الحصول على إدانات جنائية ضد أفراد الشرطة أمر صعب، لكن لأن أنظار العالم مركزة على قضية جورج فلويد، تمكن فريق من المحامين في ولاية مينيسوتا من تحقيق ذلك.
يعزو خبراء إدانة الشرطي السابق في مينيابولس، ديريك شوفين، إلى الأدلة القوية ومزيج مناسب من الاتهامات والموارد القانونية الوفيرة. تمكن المدعون العامون أيضا، في قضية مشحونة عاطفيا، من التعامل بشكل جيد مع الوضع الصعب في قاعة المحكمة بين الشفقة المزعجة والتأييد المفرط.
قال بريان هايز، الشريك في شركة هولاند آند نايت للمحاماة، الذي كان في السابق يتولى إدارة القسم الجنائي في مكتب المدعي العام الأمريكي في شيكاغو "كمدع عام، يمكنك أن تبدو عاطفيا فوق الحد، أو ملتزما فوق الحد، وترغب في الفوز بشدة فوق الحد، لكن ليس هذا هو جوهر الموضوع. نريد أن (...) نكون قادرين على شرح السبب أنه يفترض في الأدلة التي لدينا تحقيق الفوز، لكن في نهاية اليوم، كل شيء يتعلق بالأدلة".
كيث إليسون، المدعي العام لولاية مينيسوتا، حذر عندما تولى الدور القيادي في الادعاء قبل عشرة أشهر من أن الإدانة لن تكون سهلة.
ركز إليسون ممارسته القانونية على الحقوق المدنية وأعمال الدفاع قبل الترشح لمقعد في الهيئة التشريعية لولاية مينيسوتا، ثم الكونجرس الأمريكي، حيث أمضى أكثر من عقد في بناء الجناح التقدمي للحزب الديمقراطي.
ترك مقعده في الكونجرس بعد خسارة معركة طاحنة لرئاسة اللجنة الوطنية الديمقراطية في عام 2016. وانتخب لتولي منصب المدعي العام لولاية مينيسوتا في عام 2018، ليصبح أول شخص أسود وأول مسلم يشغل منصبا على مستوى ولاية مينيسوتا.
وقع الاختيار على إليسون لتولي قضية شوفين بعد أن أثيرت مخاوف بشأن المدعي العام في المقاطعة، الذي عادة ما كان يقود الفريق، لكن لم تكن له خبرة سابقة في إجراءات الاتهام في القضايا الجنائية قبل منصبه الحالي.
بعد صدور الحكم الثلاثاء، أشاد أليسون بالفريق الذي جمعه للنظر في القضية، "سيقول معظم هؤلاء الأشخاص إنه من السيئ تجميع فريق يتكون كله من أمثال مايكل جوردان - حيث لن يرغب أحد في تمرير الكرة". لكن "هذا الفريق كانت تلك هي قوته الحقيقية، تقاسم العبء، وتمرير الكرة، ومعرفة أننا جميعنا معا أكثر ذكاء من أي فرد منا وحده، وقد نجح ذلك".
"جيش" من المحامين ساعد الادعاء، كما قالت آنا يوم، محامية الدفاع الجنائية في سان دييجو، كاليفورنيا. قسم فريق الادعاء العمل بشكل فعال - إعداد 38 شاهدا للمحاكمة خلال 11 شهرا - واستخدام محامين مختلفين في مراحل مختلفة من المحاكمة، وهو خيار لم يكن متاحا لإريك نيلسون، الذي كان محامي الدفاع الوحيد عن شوفين في قاعة المحكمة.
التناوب أضاف طاقة إلى قاعة المحكمة وترك انطباعا أكثر "ديناميكية" على هيئة المحلفين. قالت يوم، "عندما تكون لديك مجموعة جديدة من العيون وطاقة جديدة، فلا شك أنها تجعل الأمر أكثر ديناميكية بكثير بالنسبة لهيئة المحلفين".
كان من بين اللاعبين الرئيسين في الادعاء محاميان خارجيان، جيري بلاكويل وستيف شلايشر، اللذان أدليا على التوالي بالبيان الافتتاحي للولاية والمرافعة الختامية.
شلايشر هو المدعي العام الفيدرالي السابق في مينيابولس ويعمل الآن في شركة ماسلون. أما بلاكويل، أحد مؤسسي جمعية مينيسوتا للمحامين السود، فإن من بين عملائه شركة التصنيع 3M وفاز بالعفو لرجل أسود ـ بعد وفاته ـ في قضية اغتصاب عمرها قرن في مينيسوتا.
كما ألقى بلاكويل الكلمات الأخيرة للادعاء إلى هيئة المحلفين، في كلمة دفع قصيرة بعد المرافعة الختامية من محامي شوفين، الذي جادل بأن وفاة فلويد كانت بسبب مرض في القلب، من بين عوامل أخرى.
قال بلاكويل لهيئة المحلفين: "مات فلويد لأن قلبه كان كبيرا جدا فوق الحد. أنتم سمعتم تلك الشهادة. والآن بعد أن رأيتم كل الأدلة وسمعتم كل الأدلة، فأنتم تعرفون الحقيقة. وحقيقة الأمر، أن سبب وفاة جورج فلويد، هو أن قلب شوفين كان صغيرا للغاية".
كان العامل الآخر في نجاح الادعاء هو نوع التهم الموجهة ضد شوفين، وفقا لباتريشيا براون هولمز، التي عملت مدعية خاصة في محاكمة رفيعة المستوى لأفراد شرطة في شيكاغو عام 2018.
بدلا من السعي للحصول على أخطر تهمة متاحة بموجب قانون ولاية مينيسوتا - القتل العمد - ركز المدعون على تهمة القتل غير العمد من الدرجة الثانية. هذا يعني أنهم لم يكونوا بحاجة لإثبات أن شوفين كان ينوي قتل فلويد عندما أبقى ركبته على رقبته لأكثر من تسع دقائق، فقط أنه كان ينوي ارتكاب اعتداء.
قالت هولمز، "لم يبالغوا في ذلك، ولم يتجاوزوا الحدود المعقولة".
استفاد الادعاء أيضا من أدلة قوية - على وجه الخصوص، لقطات فيديو مؤلمة لموت فلويد التقطها أحد المارة، كان المدعون يعرضونها طوال المحاكمة.
أشارت هولمز إلى أن البيان الصحافي الأولي الصادر عن إدارة شرطة مينيابولس وصف مقتل فلويد بالقول، "وفاة رجل بعد حادث طبي أثناء انخراطه مع الشرطة". أضافت الإدارة إن فلويد "قاوم" لكن "لم يتم استخدام أسلحة".
قال المدعون للمحلفين مرارا، "صدقوا عيونكم". من المحتمل أن تكون صدمة مشاهدة الفيديو تعمقت من حقيقة أن بعض المحلفين قالوا إنهم لم يكونوا يعرفون كثيرا عن القضية قبل اختيارهم للخدمة.
قالت هولمز، "هم اعتمدوا على هذا الفيديو كثيرا".
إلى جانب الطلب من المحلفين أن يصدقوا أعينهم، اتكأ المدعون على عبارات أخرى متقنة. قال بلاكويل في بيانه الافتتاحي إنه حتى عندما لم يعد فلويد يقاوم، فإن شوفين "لم يتركه ولم ينهض".
هذه العبارات القوية ذكرت يوم بالاقتباس الشهير للمحامي جوني كوكران خلال محاكمة أو جيه سيمبسون، حين قال لهيئة المحلفين إذا كان القفاز "غير مناسب، يجب أن تبرؤوا المتهم".
كذلك عادوا، مرارا وتكرارا، إلى طول الفترة التي بقي فيها شوفين جاثما بركبته على رقبة فلويد.
قالت يوم: "لا أستطيع أن أخبرك كم مرة سمعتهم يقولون (تسع دقائق و29 ثانية). وصل الأمر إلى درجة أن هيئة المحلفين لا يمكن أن تنسى ذلك".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES